أود أن أقول أولا أنه ليست هناك بعثرة فيمكن أن يتحدث الإنسان عن شئون المجتمع سلبية أو إيجابية مجتمعة أو متفرقة وسأبعثر أنا أيضا وأتحدث عن الفصل الدراسي والتعلىم معا إلى جانب الدواء:
*بداية أود أن أتشرف بالحديث عن مقالة نشرت على موقع مجانين بتاريخ21 / 10 /2004 بعنوان الطب والدواء والأطباء مهزلة ولفت نظري إشارة الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي إلى بعثرة الأفكار ولا أختلف معه في هذا ولكنها ليست بعثرة أفكار بالمعنى ذاته بل هي عبقرية للأفكار، إذ أنها تسببت في طرح شيء بات مستترا وهو الفصل التعلىمي وذلك من خلال وصف الدكتور وائل لمقابلته مع مندوبة إحدى الشركات وهي تطلب منه رؤية صورة المعلمة؟!!!
وهي تسأله هل وصلك الموقف الصعب الذي تقف فيه المعلمة ثم إذا به يصله شيء غير الشيء الذي تتوقعه المندوبة، وبتلقائية شديدة يقول سيادته أن ما وصله هو نظافة الفصل وألوانه وقوله اللذيذ...... يبدو أنني قارنته بالفصول على أيامي والكلام للدكتور وائل بالطبع ولكنني أتخيله لا يبعثر الأفكار أبدا بل أنه من شدة معايشته لمعاناة المواطن المصري والعربي، ومحاولة التخفيف منها قدر المستطاع وهذا ما تشع به سطوره وليس بمجاملة.
ومن ثقل حمله بأعباء مجتمعه يأتي التعلىم والفصل التعلىمي بعفوية نادرة بين طيات كلماته الهادفة فيتحدث بداية عن مافيا شركات الأدوية وهذا ما ندركه جميعا، ثم يتدرج بالاسترسال إلى موضوع خطير ليس فقط الدواء وإنما التعلىم أيضا وهذا ما حقق عنصر الجذب وخطفني من نفسي عندما وجدته يتحدث عن أسعار الدواء الفلكية وحق وصول الدواء بشكل يتسنى للمريض العلاج من خلاله، ثم تتزاحم الأفكار في عقله وتتزاحم أيضا نوعيات المعاناة فيتحدث عن التعلىم أو الفصل التعلىمي ويقول أنه نظيف ومنظم ولونه جميل مثلا وأنا أقول له لا. لا. لا يا دكتور حضرتك فيما يبدو لم ترى فصول هذه الأيام بعد !!!
فهي مع الأسف واسمحوا لي أشبه بالحظائر ومأساة في حد ذاتها فالفصل الدراسي الذي تتحدث عنه قديما كان أسطورة بالنسبة للفصل الدراسي في هذه الأيام والنموذج الموجود بالصورة ما هو إلا صورة تماما مثلما نشاهد في أفلام السينما ؟!!!!
فمهما كانت درجة فندقة المدارس في مجتمعاتنا خاصة أو حكومية فلن تصل أبدا لتكون في هذا المستوى وعلى هذه الدرجة من النظافة الموجودة بالصورة أبدا ؟!!!
وإلىكم بعض صور المدارس والفصل الدراسي:
1 – فصل به 65 تلميذ والمدرس بالطبع فكيف يكون المستوى التعليمي وما هي درجة الاستيعاب في فصل كهذا؟!!
2 - وهذه مدرسة ينظفها الأطفال بأنفسهم لأن عدد العمال لا يفي باحتياجات هذا الكم الهائل من التلاميذ.
ودعونا من كل هذا بل ما يزيد الطين بلة أن الدروس الخصوصية التي أنتجها هذا التكدس أصبحت ضرورة وأصبح العبء أكبر على الأسرة، وهذا الموضوع غني عن التعريف لأنه جرح في كل بيت يئن ويعاني قسوة الحياة وقلة الدخل وكثيرا ما يفكر المسئولون في تجريم الدروس الخصوصية وأنا أقول لهم سنعطي أبناءنا الدروس الخصوصية في السوق السوداء أتعرفون لماذا!!؟ لأنه برغم مشروع الألف مدرسة الذي تبنته السيدة سوزان مبارك إلا أن المأساة مازالت قائمة، وأن أقصى إنجاز لهذا المشروع هو إلغاء الفترة الثانية فقط في بعض المدارس التي كانت تعمل بنظام الفترتين، والمتكدستين طبعا رغم النظام.
وبناء على هذه الصورة تتآمر الظروف من حيث الكثافة والمناهج المنهكة للطفل القاتلة لبراءته على أولياء الأمور. وهنا أتوجه بأسئلة إلى الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي: وهي
1– ألست معي سيادتك أن طفلا يري معاناة والديه وربما الضيق أيضا وخلافات وشد وجذب في المنزل لابد أن يذهب كارها إلى المدرسة ويتأخر علميا وعمليا.
2- ألست معي أن الطفل في هذه الآونة يعاني مشاكل وضغوطا نفسية لم تكن موجودة في الثمانينيات إذن فمن الظلم أن نقارن الفصل الدراسي هذه الأيام بالفصل الدراسي من عشر سنوات مثلا، فالأمر يزداد سوءا ؟.!!
3- ألم تر مرة هذه الصورة المؤسفة للفصل الدراسي في بعض المدارس الحكومية؟!!
وعن رؤية شخصية لي المدرسة أصبحت نادي التشرد العالمي. الطلبة يبدؤون اليوم في المدارس منذ الصباح الباكر، وكان عملي السابق بجوار إحدى المدارس الإعدادية للبنين وكان من المفروض أن تبدأ الحصة في الثامنة صباحا، ولكن نظرا لكثافة الفصول الزائدة الطلبة بعد أقل من نصف ساعة وفور أخذ الغياب يتركون المدرسة ويمتلئُ الشارع بهم، وما أدراك فلقد رأيت العجب فهذا طالب أمسك بطالب آخر وأخرج موس الحلاقة من فمه ويهدد زميله إن لم يعطه ساعته، فسيقطعه إربا.
وهذا طالب آخر يراهن زميله على من تتملكه الشجاعة ويستطيع الجلوس بين قضبان السكة الحديد أثناء مرور القطار ومن سيكسب الرهان!!!! جـــــــــــــــــــــــــنان
والفصل الدراسي كان يمكننا رؤيته من أعلى إذ أن هناك قمة الاستهتار في المدرس ويضرب أحيانا فيتجمع عليه الطلبة ويا لها من مصيبة إذا حاول المدرس أن يُقَوِّمَ سلوك الطالب (مع اعترافنا بواقعية فيلم: آخر الرجال المحترمين، في المؤسسات التعليمية على الأقل)، فعقاب الطالب معناه ضياع المدرس في بعض الأحيان أو التقليل من شأنه فبالله عليكم ما هي أسباب هذا.
**** وهذا موقف يدعو إلى العجب وهو أن إحدى الفتيات في المدارس الثانوية كان مدرسها شقيقي وأثناء الحصة انبعثت منها أصوات تشويش على زميلاتها وألفاظ نابية ثم زغاريد منها ولم أكن أصدق وكان أخي صاحب شخصية قوية وتمكن من السيطرة على الموقف، وأقصى ما فعلته المدرسة هو فصل الفتاة من المدرسة واستدعاء ولي أمرها وهذا جميل ولكن بعد أيام قلائل وصل والد الفتاة إلى المدرسة وصعد إلى الفصل الدراسي وقابل أخي وقال له بنتي سوف تعود للانتظام في الدراسة وإذا لم يعجبك هذا الوضع"إستقيل أنت"...... أنا سلطتي كذا !! وكذا.... تخيلوا ولي الأمر يشجع على الفجور رغم أننا نؤمن بالحكمة القائلة (قم للمدرس وفه التبجيلا...... كاد المعلم أن يكون رسولا).
فهذا هو الفصل الدراسي غاية في الأسف والفوضى معا وليس هناك أي وجه للمقارنة بينه وبين الفصل الموجود في الصورة على الإطلاق. إنه شبيه بمدرسة المشاغبين!! نعم لقد أصبحت واقعا. فمهما كان مستوى المدرسة خاصة كانت أو حكومية فهي تفتقر إلى التنظيم.
ترى أتعليم اليوم مثل تعليم الأمس؟!! لا وألف لا فرق ما بين السموات والأرض فبالأمس البعيد كان تغمرنا الفرحة إذا قابلنا المدرس في الشارع ونسلم عليه وكأننا رأينا كنزا علميا أما اليوم الطلبة يتغامزون على المدرس ولا يعترفون أن له قدرا من أساسه.
فنظرا لزيادة الكثافة وزيادة عدد السكان نشأ شباب بلا ثقافة ولا تنظيم إلا القليل منهم؟!!
وهنا يحضرني قول المولى عز وجل (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (الزمر : 9 ) صدق الله العظيم.
*أما عن المسئولين فيبحثوا عن إضافة مادة التربية الجنسية في المدارس فهذا جميل جدا في إطار ثقافة الجسد واحترام كينونة الإنسان ولكن لا بد أن تكون هناك الأرض الخصبة لهذا المنهج والبنية الأساسية الأخلاقية فمن يقول لا للثقافة ولكن في إطار خريطة وقائية أخلاقية دينية تتناسب مع مجتمعاتنا العربية وتنظم العلاقة بين الطالب والأستاذ. ولكن يا دكتور وائل أنا أعترف لك بأن عالمنا فعلا عالم ورق. ورق. ورق.
فالعملية التعليمية برمتها أصبحت ورقا بالفعل ففي سنوات النقل ينجح الطالب ويأخذ أعمال السنة إذا كان يأخذ درسا، وبعد عناء. أما إذا لم يتمكن من الدروس الخصوصية، فويل له سيظل يبحث عن ورقته في عالم من ورق كبير.
*وأخيرا أحلم بالآتي:
1 – أحلم بثورة تعليمية حقيقية
2 – إبراز دور الأسرة والتنسيق بين الأسرة والمدرسة في ضبط سلوك الطفل.
3 – أن تكون المناهج مناسبة للسن في كل مرحلة وتبرز إبداعات ومواهب الطالب.
4 – أن تكون هناك حماية حقيقية للمدرس فكما يوجد الحرص على التلميذ لابد من أخذ المدرس في الاعتبار.
وأخيرا يا سيادة الدكتور الفاضل هل تعرفت سيادتك على حجم المأساة فالفصل الدراسي فوضى وأتذكر عندما كنت طفلة كان المدرس يمر علينا في الفصل كل واحد على حدة لتوضيح ما لا يتم فهمه.
وحتى المرحلة الثانوية لأن عددنا كان معقولا المدرس الآن مجاهد في سبيل الله وشهيد الوزارة بإلغاء سلطة المدرس في الإسهام في تربية النشأ في هذه السنوات الخطرة ولا أقصد أبدا تعذيب الطفل بالتأكيد بل العقاب في حدود المعقول لكي يتحقق التوازن بين المنزل والمدرسة والتعاون في إخراج جيل مشرف علميا وأخلاقيا وليس مجرد حاصل على مؤهل باستهتار وغني بالجهل الثقافي.
**ويعلق الدكتور وائل أبو هندي على هذه المشاركة:
صديقتنا العزيزة أهلا وسهلا بك، وشكرا على مشاركتك، أنا أوافقك على كل ما جاء فيها، فقط أشير إلى واحدةٍ لم تذكيرها عن الحال الحقيقي لفصولنا الدراسية ومدارسنا، فالأمر أخطر مما أشرت إلىه، هناك مهلوسات يتم تعاطيها في مدارسنا، وليس البانجو فقط، فهناك الأقراص أيضًا، رحم الله أمتنا، ورفعها من سقطاتها السادرة، وأما المفارقة الثانية فهي أن ما دار بيني وبين المندوبة المشار إلىها في المقال، بعد ذلك كان أنها وصفت الفصل المعروض في الصورة بأنه فصل بسيط قصد منه أن يكونَ الفصل مصريا، ولكن الفصول الدراسية الآن تطورت جدا وأصبحت أنظف، حتى أنني علقت على قولها، بل وأمام كل طالبة شاشة كومبيوتر!، تخيلي، كان المفروض أن أسألها إن كانت تلقت دراستها في مدارس أجنبية؟؟؟
أشكر لك مشاركتك وأدعوك، وأصدقاء مجانين، إلى تدبر ما يبدو أنه خفي عن كثيرين من بين سطور المقال، لأن نتيجة التسويق لعقَّار ما بالشكل الذي يحدثُ لا يمكنُ أن تقوم به الشركات الأجنبية في بلادنا إلا من خلال من يتبنون أفكار تلك الشركات، وسننشر على مجانين قريبا مثلا من أمثلة خلق الشكوى تحت عنوان أزمة منتصف العمر عند الرجل!
وإقرأ أيضا:
د. وائل على كرسي الاعتراف للمرة الثانية / دكتور أحمد تجربة حياة / د .محمد المهدي واستغاثة أمة / عام على مجانين جعله الله خيرا للعالمين!