هل هذه هي النهاية؟
سؤال جاء في الكثير من إيميلاتكم والنهاية بالطبع تساوي المجهول ومن الطبيعي وفي الظروف الإنسانية وليس اللا إنسانية أو الاكتئابية أن نجد أنفسنا نفترض وجود نهاية سعيدة ولكن هذا لا يكفي فالمطلوب منا العمل على تسهيل حدوثها وهذا هو التفاؤل كما عرفه العلماء. طريقة في التفكير وفي نفس الوقت فعل.
عادة ما نتعامل مع التفاؤل على أنه طريقة في التفكير بمعنى رؤية الأشياء من جانيها الجيد ولكن يجب أن نضيف الفعل.فالتفاؤل ليس الفكرة الإيجابية لأن التفاؤل واقعي بينما الفكرة الإيجابية لا واقعية.مثلا لو عرضت علي فيلا على النيل في جاردن سيتي بمليون جنيه سألجأ إلى محامي لأتأكد من أن العملية سليمة والأوراق مضبوطة أما إذا كان عندي تفاؤل ساذج، غير واقعي فسأفترض أنها منحة إلهية, لن أتيقن من كل الإجراءات القانونية وأجازف بأن يضيع علي شقا العمر!
إذن ما هو التفاؤل الجيد؟ إنها مسألة توازن كما يقول رائد العلاج المعرفي "آرون تيموثي بيك" فهو يقدر الرقم بثلثين للأفكار الإيجابية مقابل ثلث للأفكار السلبية كأساس لانتظام سير المزاج. والقاعدة هي 66/33، أي تفاؤل خفيف. إن أفكارنا السلبية ضرورية لأنها تحمينا وتسمح لنا بالبقاء واقعيين.
إن الأشخاص الذين يكونون عند نسبة 50/50 لا تكون معنوياتهم جيدة، ويمكن أن يكونوا متشائمين بعض الشيء، متشككين ومترددين، ولا يجرؤون على الانتقال إلى الفعل. يجب أن نفهم جيدا أن التشاؤم يسانده الكسل والتراخي وأن التفاؤل ينمو بفعل النشاط، والسؤال هل أسلوب التفكير والنشاط يكون فطريا؟ وفي حدود قراءاتي، لا توجد دراسة تثبت القابلية الوراثية أو العائلية للتفاؤل. في المقابل تبين أن هناك عاملا وراثيا بالنسبة لاضطراب المزاج شديد الندرة والذي يتميز بتبادل نوبات اكتئاب خطيرة ونوبات نشوة واغتباط مهووسة يكون كل شيء فيها ممكن ومرحلة النشوة هذه ترتبط بنوع من التفاؤل المرضي اللاواقعي والذي يمكن أن يؤدي إلى كوارث.
كل منا لديه بالتأكيد مجال وراثي ولكن الإنسان يضيف عليه بالتدريب معطيات من البيئة المحيطة به ثقافية كانت أو اجتماعية أو تعليمية والتي ستمكننا من تطوير نوع التفاؤل أو بالعكس التشاؤم.
وبوضوح، حسب المواقف التي نتبناها، يمكننا تعديل وظيفة مخنا. وكيف يتم هذا التدريب؟ دراسة لمارتين سليجمان، عالم النفس السلوكي اهتمت بما يسمى "العجز المكتسب" فتم تقسيم فئران إلى مجموعتين: وضعت المجموعة الأولى في حوض به سائل معتم وفي أسفله جزيرة لا تراها الفئران. ظلت الفئران تعوم حتى اكتشفت الجزيرة تحت أقدامها فتمكنت من الراحة والصمود.
المجموعة الثانية وضعت في حوض به نفس السائل المعتم ولكن بدون جزيرة.ظلت الفئران تعوم حتى خارت قواها. ثم وضعت المجموعتان في حوض بلا جزيرة والنتيجة؟! عامت المجموعة الأولى مرتين أكثر من الثانية على أمل أن تجد الجزيرة أما الفئران التي لم تجد جزيرة في المرة الأولى فقد توقفت سريعا عن العوم. كانت تعرف أن هذا لن يجدي. إذن لو كانت لدينا تجارب نجاح بفضل جهودنا فإننا نخلق بنفسنا لنفسنا تفاؤلنا الخاص.
اقرأ أيضاً:
كله يشبهللو...وأنا تبع نجيب محفوظ / اللهم أعطني قوة المُستَغني