تعلمت منذ وقت ليس ببعيد أن الشفافية المطلقة سذاجة مطلقة وذلك من خلال قراءاتي في مصادر نفسية غربية عن العلاقات الزوجية والإنسانية فأحسست أنني قد نضجت وحَلَلْتُ الكثير من أزماتي حين كنت أمنع نفسي عن المواجهة والمصارحة مع المحيطين بي ثم تظل مشاعر تؤرقني حول الجبن والتخاذل وعدم الوضوح التام مع الآخر.
بالأمس طرقتْ بابي جارتي نادية ابنة المنتج الراحل الشهير حلمي رفلة. ونادية عاشت فترة ليست بقليلة من حياتها في كندا ثم عادت إلى مصر لتواجه أفكارا وممارسات لم تتعود عليها.
ما حدث أن نادية جاءتني طالبة أن أطلب من إحدى زميلاتي في التلفزيون المصري التي قالت في أحد البرامج المعروفة التي تذاع على القناة الأولى والفضائية المصرية أن المطربة شريفة ماهر هي التي غنت في فيلم رابعة العدوية وبالطبع جميعنا نعلم أن أم كلثوم هي الصوت الذي تغني في الفيلم وبالطبع نادية كانت تنتظر وببساطة أن أنفذ طلبها لكني أعتذرت لها بعد ثوان من التفكير بأن زميلتي قد لا تتقبل نقدي فاستغربت غير قادرة على فهم أين توجد المشكلة فأوضحت لها طبيعة النفوس في مصر وعدم تقبل النقد ببساطة ثم إن زميلتي بالتأكيد لن تقدم اعتذارا أو تصحيحا لمعلومة فنية خاطئة ليس عن تعالٍ ولكن لأن مفهوم الاعتذار والتصويب ليس منتشرا في إعلامنا وفي تصوري كما شرحت لها أن القائمين على البرنامج لن يتقبلوا الفكرة وإلا لتوقفنا عن بث برامج جديدة لأن التصويبات ستستغرق كل ساعات الإرسال.
وبالأمس أيضا طلب مني صديقي إبراهيم عيسى بأن أتخلى عن رفضي للأسلوب المتبع في التدريب داخل قطاع الأخبار حرصاً على صداقتي مع رئيس القطاع والزملاء والعيش والملح ويكفيني تجميد التحقيق الذي أُجري معي لمجرد أني عبَّرت عن وجهة نظري وعدم توقيع خصم من مرتبي أو رفعي من نشرات الأخبار.
حاولت أن أتفهم طلب إبراهيم ،لكن لم أستطع لأن التدريب الذي أراه تجريباً وإهداراً لطاقاتنا واستخفافاً بخبراتنا وعقولنا مع كل احترامي للقائمين عليه مازال مستمراً ولإيماني بأن الصداقة لا تتعارض مع الاختلاف وأني لم أخطئ عندما صدقت أن المطلوب هو التغيير والإصلاح والتطوير والانفتاح على الرأي الآخر على شاشاتنا الرسمية والتي تستلزم الحوار والإدارة الديمقراطية الشفافة داخل المؤسسة. وسؤالي هل أنا مازلت على شفافيتي المطلقة التي هي سذاجة مطلقة.
اقرأ أيضا:
خلاص..يعني..خلاص / مرثية على أبواب اللجان الانتخابية