منذ سنوات طويلة بدأت رحلة أبحث فيها عن طريق الله تعالى بشكل أعمق مما اعتدت، فبدأت أستمع إلى القرآن بقلبي وأبحث عن معانيه، أقرأ، وأبحث عن القلب السليم، والنفس المطمئنة، أذهب إلى المساجد لأخالط أهل الدين وأتعلم منهم، وقدوتي سابقا والآن هو سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه.
والآن أشعر بأن الألم يعتصر قلبي على حال خير أمة أخرجت للناس.
قال لي أحد المنتسبين لهدي النبي صلي الله عليه وسلم: (أجمع العلماء على أنه لا يجوز خروج المرأة من البيت إلا لضرورة)!
فسألت نفسي، هل هؤلاء العلماء يروجون لفكرة بقاء المرأة تابعة منكسرة وعاجزة عن تحمل مسئولية نفسها فضلا عن غيرها؟
هل السبب هو الخوف من أن تصبح كيانا مستقلا عن التبعية، فمن الممكن أن تصبح شيئا مذكورا؟ أم أنه الخوف من نضج المرأة وتطور فكرها وتحرر روحها وحينها من الممكن أن تفكر وتقرر وتختار؟ وهل ذلك سيهدد قوامة الرجل السطحي؟
ويا ليت قومي يعلمون؛
هل رد ابنة شعيب بأن سبب خروجها هو أن أباها شيخ كبير، هو البرهان والدليل على أفضلية بقاء المرأة في البيت؟
عذرا أيها العلماء الأجلاء، فلقد ميزني الله بعقل وقلب وروح وأستطيع أن أفتي نفسي بما يناسبني بمرونة وبدون التقيد برأي معين.
هل خروج المرأة للتفاعل الإنسانى لا يعد ضرورة؟ أم ينبغي أن تظل حبيسة الجدران في بيت أبيها في انتظار ابن الحلال؟ وإن لم يحضر فيا حبذا لو خرجت إلى القبر مباشرة وحينها سيمتدحها المجتمع لأنها فتاة محترمة ومتدينة!
تبا لمجتمع لا يرضيه حال إلا القيل والقال.
قلبي موجوع يتألم.
ويا ليت قومي يعلمون؛
وللأسف بعض الدعاة إلى الله تعالى يسيرون ضد الفطرة والإنسانية، ويتباين متبعوهم وهم ممسكون على الجمر، فيصمد البعض متبعا متألما صابرا، ويلحد آخرون، وقليل من عن الحقيقة يبحثون.
ويا ليت قومي يعلمون؛
الدين أعمق كثيرا من ترديد أو اتباع كلام الشيخ وكأنه قرآنا منزلا "خاصة وإذا كان الشيخ يأخذ بالأحوط" فقد يكون هذا الأحوط مناسبا لشخص ما في وقت ما ومكان ما ولكن لا يجب تعميمه فيأثم من يخالفه.
أيها المشايخ: إن كنتم تقصدون طمس الحق وإضلال الخلق، فحسابكم عند الله،
وإن كنتم مخدوعين، فأفيقوا لأنكم تضلون وتضلون.
فكم فتنتم باسم الدين؟!
ولو كانت الأمور تقاس بحسابات البشر ما دخلت البغي الجنة بسقياها الكلب، فأين أنتم من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟ وكيف تصدرون الأحكام على من لا يتبعونكم وكأنكم طريق النجاة الوحيد؟
أيها المشايخ الأجلاء: ما كان ضد الفطرة لا يستمر أبدا، ولا يلبث أن يزول، فنور الحق واضح جلي.
سأخبركم بقصة ولكن كونوا منصفين: لي زميلة اقترضت من البنك لزواج أختها وأخيها، بعد موت أبيها، ومن عادات قريتهم بإحدى محافظات الوجه البحري بمصر ألا ترث الابنة، فقولوا لي بالله عليكم: هل لهذه الأخت التي زوجت أخيها وهو لا يعمل نصف ما يرث؟ هل لأنه الرجل وله القوامة فله الضعف؟ أم أن الوضع هنا مقلوب عن مقصد الشرع؟ وحتى النصف فليس لها الحق في الحصول عليه لأنها أنثى!!، أم نقول لها لا يجوز خروجك إلا لضرورة؟؟
أيها المشايخ الأجلاء، منتجكم الفكري عن النساء سطحي معوج، ويدمي العين والقلب، فأرى من ترضى بالهوان وتغفر فسوق زوجها الذي يجاهر بالكبائر خشية أن تلعنها الملائكة!
سأسألكم فأجيبوني:
لماذا تريدون أن يظل المتدين يحترق في الدنيا بنار الشعور بالذنب حتى وإن لم يقترف السيئات؟ هل هذا هو معنى العبودية عندكم؟ فكم فتنتم باسم الدين!
تشبهنا بنساء الأنصار في اللباس ولكننا تأخرنا عن عصور الجاهلية في العيش بكرامة وإنسانية، فلماذا؟
تدعون الناس للعبادة خوفا من عذاب القبر والنار وليس قربا لله ومحبة وإجلالا له سبحانه وتعالى
سيشعر بغرابة كلامي المتحضرون، وسيستنكره أصحاب المصالح والسطحيون، ولن يشعر بمرارته إلا المنصفون.
ويا ليت قومي يعلمون؛
فلقد علمت مهمتي في الحياة وهي إحياء الانسانية والعودة إلى الفطرة الحقيقية، ولن أرضى بالإنسانية بديلا كما علمت من ربي ومن النبي الكريم.
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت:41)
واقرأ أيضاً:
عندنا فرح / وكسرها........ / حياة الأيامى
التعليق: سأخبركم بسبب ترديدي ل:" يا ليت قومي يعلمون " :
قال الله تعالي في سورة (يسّ) :
"وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ، وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِي، إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِي، قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ"...
فلقد اعتبره الناس رجلا غريبا إلا أنه كان يدعو إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وتمنى أن يعلم قومه مآل الحق.
والآن أرى وبكل أسف تعدد الآلهة، ليس في السجود للأصنام وإنما في اتباع الأهواء، حتى وإن كان هذا الاتباع مخالفا للحق.
إلا أن الحق يبقى ظاهرا قويا لا يطمس أبدا فحتى وإن طال ليلة فلابد لشمسه أن تسود.
اللهم اهدنا إلى سبيل الرشاد.