أريد أن أعود لنفسي القديمة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته:اسمي سارة من مصر، وأعيش في السعودية، عمري 17 عامًا. مشكلتي بدأت منذ اليوم الذي يسبق رمضان هذه السنة، ذهبنا لشراء الحاجات للمنزل، وكنت على ما يرام، ولكن عندما وقفنا عند الكاشير نظرت حولي، وكان المكان مزدحمًا، وفجأة أحسست بأنه سيغمى علي، وشعرت بتنميل في جسدي، وغثيان لدرجة أنني كنت سأتقيأ، وأردت الخروج بأقصى سرعة، فأخبرت أختي بأن تأتي معي، ولكنها ظلت تسألني، لماذا؟ ولماذا قالت؟ ومن سيقف مع أمي؟ فوقفت مكاني لثوانٍ، ثم عدت لحالتي الطبيعية، عند عودتنا للبيت كان كل شيء طبيعيًا، وبعد السحور سهرت للساعة 7 تقريبًا، وقتها ذهبت لدورة المياه _أكرمكم الله_ وفجأة أحسست بدوار غريب، وانقطع نفسي، لم أعد أتنفس، وقلبي ينبض بسرعة شديدة، وشعرت بأن كل شيء أمامي أسود، كنت تقريبًا على وشك الإغماء.
خرجت بسرعة، وأصبحت أرتجف، شعرت وقتها بأنني سأموت، وأيقظت والدتي، وتحدثت معها، وهدأتني، ثم بعدها بساعة تقريبًا، أو أكثر ذهبت للنوم، نمت كثيرًا وقتها، وكنت أعاني من الصداع قبل حدوث هذا الأمر وألم في العين، بعد ذلك تتابعت الأعراض، وأصبحت لا أشعر بنفسي، بمعنى أنني أحيانًا لا أشعر بجسدي، أو أنني لست داخل جسدي، وأشعر بأن كل هذا غير حقيقي، وأنني في حلم، وأحيانًا بأنني سأفقد عقلي أو أنني سأُجن، وتأتيني أفكار بأنني سأفقد بصري، أو أنني سأموت الآن؛
وأشعر بالقلق من أي شيء، وأحيانًا أجهل ما أشعر به، وأشعر بالألم كل مرة في مكان جديد في جسدي، مرة أشعر بالألم في بطني، ومرة في قلبي، ومرة في رأسي، وهكذا دائرة لا تنتهي، ولا أخرج من المنزل إلا نادرًا، وأشعر بالخوف إذا ما ذهبت لأماكن مفتوحة أو واسعة ومليئة بالناس، حتى إن درجاتي انخفضت؛ لأنني لم أكن أذهب أيام المدرسة إلا أيامًا قليلة، أصبحت لا أطيق أي شيء، وأبكي قبل النوم، وأشعر بالحزن عندما أرى الناس تبتسم، وتستمتع بما هي عليه أتذكر وقتها كيف كنت أنا، أتمنى حقًا بأن أعود لنفسي التي كنت عليها، حتى إن والديّ أحيانًا يقولان لي "فين سارة بتاعت زمان".
كنت قبل ذلك بـ 7 أشهر تقريبًا أتناول دواء انتابرو للقلق والاكتئاب، وكانت المرة الثانية التي أعود إليه، ومنذ عدة أيام عدت إليه مرة أخرى قلت لنفسي يمكن أن يحسن حالتي، كنت أتناوله من قبل؛ لأن والدي أحضره لي بعدما سأل طبيبة عن حالتي حيث كنت دائمة القلق، ومن أي شيء.
ساعدوني رجاءً، ما الذي أعاني منه؟
أريد حقًا أن أعود لما كنت عليه من قبل،
وجزاكم الله خير الجزاء.
19/07/2015
رد المستشار
الابنة الحبيبة:
أهلا ومرحبا بكِ علي الموقع، وشفاكِ الله، وعافاكِ وساعدكِ على أن تتغلبي على معاناتك.
سأبدأ من حيث انتهيت (والدي أحضره لي بعدما سأل طبيبة عن حالتي، حيث كنت دائمة القلق ومن أي شيء) وهذا يعني بالنسبة لي أنك تحملت معاناتك _لا أعلم شهرًا أم سنة_ (منذ اليوم الذي يسبق رمضان هذه السنة) فهل تقصدين رمضان الحالي أم السابق؟ وأعتقد أنه السابق، حيث تقولين في نهاية رسالتك (كنت قبل ذلك بـ 7 أشهر تقريبًا أتناول دواء)، ولماذا لم يعرضك أهلك علي طبيب نفسي، واكتفوا بالاستشارة رغم معاناتك الواضحة وتدهورك الوظيفي؟! (درجاتي انخفضت). كنت أتمني أن أعرف الإجابة منك، وأرجو ألاّ يكون السبب هو الخوف من كلام الناس أووووو إلخ.
تعالي نناقش مشكلتك بهدوء:
تعرضت لنوبة هلع واضحة، وبلا سبب (وفجأة أحسست بأنه سيغمى علي، وشعرت بتنميل في جسدي وغثيان) قد يصاحبها رهاب الأماكن المزدحمة (كان المكان مزدحمًا) حيث إنك لم تشيري إلى علاقتك بالأماكن المزدحمة قبل حدوث نوبة الهلع الأولى.
طلبت المعاونة من أختك (فأخبرت أختي بأن تأتي معي، ولكنها ظلت تسألني لماذا؟) ورفضت؛ لأنها لم تعلم بمعاناتك.
اختفت النوبة تلقائيًا (فوقفت مكاني لثوانٍ، ثم عدت لحالتي الطبيعية) وهذا طبيعي، فنوبات الهلع تستمر من ثوان لدقائق، وتختفي.
تكررت النوبة مرة أخري في مكان آخر(لدورة المياه) وبأعراض مختلفة (أحسست بدوار غريب، وانقطع نفسي، لم أعد أتنفس، وقلبي ينبض بسرعه شديدة، وشعرت بأن كل شيء أمامي أسود، كنت تقريبًا على وشك الإغماء) واختفت كالسابقة، ولكن بعد مدة أطول (بعدها بساعة)؛ لأن الأعراض هنا كانت أقوى، وحدث انشغال فكري بها، ومحاولة تفسير الأمر.
قبل حدوث النوبات تتعرضين لإرهاصات (أعاني من الصداع قبل حدوث هذا الأمر وألم في العين) وهذا يجعلنا لا نستبعد وجود اضطراب الصرع النفسي كاحتمال وارد هنا، ولابد من نفيه من خلال عمل تخطيط للدماغ.
تكررت النوبات وهذا متوقع، واختلفت الأعراض (سأفقد عقلي أو أنني سأُجن، وتأتيني أفكار بأنني سأفقد بصري أو أنني سأموت الآن) وربما تحول الهلع إلي قلق عام إذا أصبحت الأعراض مستمرة، وليست على هيئة نوبات، وإن كنت أشك في هذا.
صديقتي أنت تعانين من اضطراب الهلع المصاحب لرهاب الأماكن المفتوحة، والمزدحمة (دائرة لا تنتهي وأشعر بالخوف إذا ما ذهبت لأماكن مفتوحة أو واسعة ومليئة بالناس) أدى لوجود خلل اجتماعي (ولا أخرج من المنزل إلا نادرًا) ووظيفي واضح (درجاتي انخفضت؛ لأنني لم أكن أذهب أيام المدرسة إلا أياما قليلة) وصاحبه اكتئاب ثانوي (أصبحت لا أطيق أي شيء، وأبكي قبل النوم، وأشعر بالحزن).
تناولت علاجًا ذاتيًا بناءًا علي مشورة أشك أنها من متخصص (أتناول دواء انتابرو للقلق والاكتئاب، وكانت المرة الثانية التي أعود إليه، ومنذ عدة أيام عدت إليه مرة أخرى قلت لنفسي يمكن أن يحسن حالتي) وهذا لا يكفي.
ابنتي:
تحتاجين أن تطلبي من والديك وبحزم أن يأخذاك إلي طبيب نفسي متخصص في العلاج النفسي، لأن ما تعانين منه يحتاج إلي تزاوج العلاج الدوائي مع جلسات العلاج النفسي؛ للتدريب علي مهارات التعامل مع الهلع والرهاب، ومناقشة أفكار القلق لديك، وتعديل أفكارك الأتوماتيكية التي بعثت على المرض، ودراسة شخصيتك، ومعرفة نقاط قوتك، وضعفك والحيل النفسية التي تستخدمينها؛ لمواجهة الضغوط التي تتعرضين لها، كل هذا سيحتاج حوالي ستة أشهر من العلاج المكثف، بعدها سيكون هناك مدة مماثلة من المتابعة، وبعدها تعودين كما تريدين (سارة بتاعة زمان).
وفقكِ الله، وتابعينا بأخبارك.
واقرئي أيضًا:
نفسي عصابي رهاب ساحة Agoraphobia
نفسي عصابي: نوبة هلع Panic Attack
نفسي عصابي: اضطراب هلع Panic Disorder
ويتبع ............: سارة ونوبات الهلع ورهاب الساحة م
التعليق: أنا مثلك تماما تجيئني نوبات هلع من الأماكن المزدحمة ونبضات قلب سريعة ولكن تغلبت عليها لأني تعاملت معها كأنها جرس إنذار خاطيء
وراحت وما كنت أخاف أنها تجيني ولا أستناها والحمد لله راحت عني