الورقة اللعينة م2
أفكار إيذاء الآخرين والدوامة التي لا تنتهي
في ضوء الاستشارات السابقة وردودها تبدو أن السمة الغالبة في حالتي المرضية هي الأفكار التسلطية الدخيلة التي تتلون حسب الحالة النفسية والمزاجية، فبعد أن استطعت التكيف والتعامل بصورة ما مع وساوس الأمراض النفسية فإذا بها تعود من جديد في صورة أفكار إيذاء الآخرين والعنف وكما هو متوقع فأنا لا أستطيع رؤية الفرق بين كونها مجرد وساوس وبين كونها نذيراً لفقدان السيطرة على النفس والقيام بارتكاب هذه الأفعال بالفعل!
وهنا يبدأ عقلي في اقتراح كم لا نهائي من السيناريوهات وأسئلة "ماذا لو" التي لا تفضي إلى أي إجابة شافية، ثم بدأت في البحث عن الاضطرابات النفسية التي يمكن أن ترتبط بالعنف بطريقة ما ووجدت أن معظم أعمال العنف يقف وراءها أصحاب الشخصية العدائية للمجتمع أو ال sociopath وبعض الحالات يتسبب فيها الشك الزوراني وحالات أخرى سببها ما يسمى بال mixed-manic وحالات أخرى سببها ما يعرف بالخلل الانفعالي المتقطع Intermittent explosive disorder بالإضافة بالطبع إلى دراويش الطوائف الدينية والمعتقدات المتطرفة، لكن ما لم أجد له أي إجابة هو لماذا قد يقدم أي شخص على ارتكاب العنف دون أي دافع؟ وما السبيل إلى التأكد بشكل قاطع من أنني لست عرضة لارتكاب مثل هذه الأفعال طالما تدور هذه الأفكار برأسي؟
وما السر وراء أن هذه الأفكار تتمحور حول إيذاء الأشخاص المقربين من العائلة فقط (الأطفال خاصة) وليس مع الغرباء؟ هل هذه هي طبيعة الوساوس من هذا النوع أم أنني لازلت في مرحلة مبكرة وسوف تشمل هذه الأفكار الغرباء أيضاً (كدفع شخص ما أمام عربة متحركة أو قطار مثلاً) في مرحلة لاحقة؟ هل أمثل خطراً على من حولي وعلى نفسي؟
من خلال ما قرأت يبدو أن الشخصية السيكوباتية تتكون في الطفولة والمراهقة ويُقال أنه من شبه المستحيل أن يتحول شخص طبيعي إلى معاد للمجتمع بعد سن الثامنة عشرة (لست متأكداً من دقة المعلومة) وأنا بالضرورة لا أمتلك أي أدوات تشخيصية ولست أهلاً للحكم على نفسي بشكل موضوعي فلا أستطيع نفي هذه الاحتمالية بشكل جازم، لكن ما يمكنني قوله بثقة أنني أشعر بتبلد غير طبيعي بالمشاعر ونسيت كيف يبدو الإحساس بالكره والحب والفرحة بل والحزن، والشاهد القريب على ذلك هو عدم إحساسي بالتأثر على خبر وفاة صديق وجار منذ الطفولة في حادث سيارة بالأمس وخلال جنازته لم أذرف دمعة واحدة، وأمضيت طول الوقت مندهشاً من هذا الحد من البرود والبلادة الذي وصلت إليه والذي لا أجد له أي تفسير (ربما إشارة بعض الأصدقاء أن ذلك ربما يكون عرضاً جانبياً لمضادات الاكتئاب) لكن يبدو هذا الإحساس بالتبلد متماشياً مع فكرة الشخصية السيكوباتية التي يميزها انعدام التعاطف empathy بشكل أساسي.
على الجانب الآخر ما قد يبعث على الشعور بالراحة المؤقتة هو إدراكي لوجود ميول وسواسية أخرى بجانب أفكار العنف، مثل التأكد مرات كثيرة من إحكام غلق الموقد والأقفال ومفاتيح الغاز، والقلق الغير مبرر حول سلامة أحد أفراد العائلة (الأطفال خصوصاً) في أوقات متأخرة وغيرها من الطقوس بالإضافة إلى تجربتي السابقة مع وساوس المرض النفسي مما يبدو متماشياً مع تشخيص الوسواس القهري بصفة عامة، لكن كما متوقع يتفتق ذهني باقتراح عبقري جديد ألا وهو ماذا لو أنني أعاني من الوسواس القهري واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع معاً؟!!!
عند الاستغراق في سيناريوهات ما بعد ارتكاب أي فعل شنيع كنتيجة لفقدان السيطرة على النفس يبدو المستقبل مظلماً إلى حد لا يمكن تصوره، فحتى مع وجود هذه الأفكار فقط دون تنفيذها لا أستطيع أن أرى في نفسي سوى "مجرم محتمل" سوف يقضي باقي حياته في السجون أو المصحات العقلية أو قد يقتل نفسه عند إدراكه لاحقاً لفظاعة ما أرتكبه!!!
أنا في حالة يرثى لها ولا أتحرك من مكاني وليس لدي رغبة في فعل أي شيء وكشخص بهذه الفظاعة لا أستحق حتى الطعام والشراب ناهيك عن ترتيب موعد مع الطبيب النفسي!
أريد نصيحكتم العاجلة بشأن الخطوات العلاجية والدواء المناسب لحالتي علماً بأن هذه هي الأدوية السابقة:
- نودب (استالوبرام) 10 مجم لمدة سنة تقريباً.
- ديباكين 500مجم + بوسبار 10مجم لمدة 3 أشهر.
- ستاتومين (بديل الفافرين) 100مجم لمدة 5 أشهر تخللها تجربة قاسية مع دواء الإيفكسور 75مجم لمدة شهر.
- الآن أتناول 5 مجم صباجاً من السيبرالكس لمدة تزيد عن 3 أشهر رغم نصيحة الطبيب بأخذ 20مجم يومياً، لكن الجرعات الأعلى من 5 مجم كانت تسبب القلق والعصبية فاكتفيت بجرعة الـ 5 مجم ولم تصادفني أي مشكلة.
في خلال 3 أعوام تناوبت على زيارة معالجة نفسية لمدة سنة وحوالي 6 أطباء مختلفين في خلال سنتين بمعدل 3 جلسات في المتوسط لكل طبيب إما رغبة في الوقوف على تشخيص دقيق أو لاعتبارات الإقامة خارج القاهرة وعدم توفر أطباء أكفاء في محل إفامتى
وأخيراً لاعتبارات اقتصادية حيث أنني لا أعمل الآن وليس لدي ما أنفقه على جلسات العلاج المكلفة جداً.
ولكم جزيل الشكر
4/12/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع مرة أخرى.
أشرت عليك في الاستشارات السابقة حول التمسك بسلوك مرضي وتاريخ اضطراب وجداني مزمن. رحلتك مع العلاج متعثرة فلا أنت ترغب حقاً بخلع ملابس اضطراب نفسي ولا هناك خطة علاج مقنعة معروضة عليك.
بعد حديثك سابقاً عن الفصام حان الآن الحديث عن الوسواس القهري والشخصية الوسواسية والشخصية المعادية للمجتمع. كذلك تشير في الرسالة إلى وجود أفكار إجرامية نحو أفراد العائلة والأطفال خاصة. التصريح عن هذه الأفكار يتطلب مراجعة طبنفسية عاجلة والحديث الصريح مع الطبيب المعالج فمهما كان إطارها فأنت تشكل خطورة على الآخرين.
وجود مثل هذه الأفكار سيلعب دوره في وصف العلاج ووضعك تحت رقابة الغير أثناء فترة العلاج. لو كنت تعيش في بلاد الغرب لتم إعلام السلطات الأمنية والاجتماعية لوضع خطة مراقبة لضمان سلامة الآخرين.
الأفكار التي تحملها هي أفكار خاصة بك مهما كان إطارها. لا أهمية لوصفها بأفكار تسلطية أو وهامية أو وسواسية وتتحمل أنت لوحدك مسؤولية حملها وعدم التخلص منها. يجب أن تضع هذه القاعدة الطبنفسية والقانونية نصب عينيك وتكثر من التركيز على سلوك المرضي الذي تتمسك به.
الميول الوسواسية التي تشير إليها في الفقرة الرابعة من رسالتك غير مقنعة ولا تقي الآخرين من أفكار العنف التي تحملها. جميع العقاقير المضادة للاكتئاب تميل إلى خفض عتبة التهور في الإنسان ولا يجب وصفها بدون عقار مضاد للذهان.
الموقع ليس هو البديل لمراجعة طبنفسية على أرض الواقع. بحثك المستميت عن تشخيص دقيق لا فائدة منه والطب النفسي يصيغ كل حالة بصورة خاصة تستهدف وضع خطة علاج طويلة المدى.
تمت صياغة حالتك في الاستشارات السابقة. هناك تاريخ لاضطرابات وجدانية أو اكتئابية مزمنة لم تستطع أن تتجاوزها بسبب ظروف بيئية. من جراء ذلك لم تتطور صفاتك الشخصية وتشعر بالضعف وعدم القدرة على مواجهة التحديات. مع غياب صياغة مقبولة لحالتك المرضية وخطة علاج واضحة بدأت تتمسك بسلوك مرضي أشد ويلاً من الاضطراب النفسي نفسه. ليس لديك النية في خلع ملابس السلوك المرضي ومن جراء ذلك تبحث عن هذا التشخيص وذاك.
رحلة الشفاء لا تتم عن طريق الطب النفسي فقط وإنما في بناء حياة اجتماعية ومهنية وعاطفية وشخصية.
التوصيات:
- لا يود الموقع التعليق على العقاقير من جراء الأفكار التي تشير إليها
- لابد من مراجعة طبنفسية.
- لابد من الانتباه إلى حياتك الاجتماعية والعاطفية والمهنية.
- توقف عن البحث عن هذا التشخيص وذاك.
- لا يوجد أي دليل على إصابتك بجميع الاضطرابات التي تشير إليها. الشخصية المعادية للمجتمع تظهر صفاتها من عمر مبكر في النصف الأول من أعوام المراهقة والاضطراب الوجداني المختلط أمره شديد والخلل الانفعالي المتقطع خرافة طبنفسية إلى حد ما.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>>: الورقة اللعينة م4