المشكلة التي ليس لها حل..!؟
بالله عليكِ قولي لي أين أذهب؟ وماذا أفعل؟ السيدة الفاضلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا أعلم سيدتي من أين أبدأ فمشكلتي كبيرة والمشكلة الأكبر أنني أعلم أن ليس لمشكلتي حل. وحين كنت أتصفح موقع إسلام أون لاين وجدت إيميلك سيدتي فعزمت أن أحكي لك ما في نفسي لعلي أجد عندك الكلام الذي يزيل مرارة الأيام عني, ولعلي أزيح بعض
الحِمل من على صدري بالكلام، ويساعدني على أن أستمر في حياتي..!
مشكلتي يا سيدتي تبدأ من صغري، كانت أمي تفعل خطأ كانت تعتقده صغيرا وكانت ترى أنها سوف تصلحه. كانت أمي عندما تحتاج إلى مال تأخذ من مال خالي بموجب التوكيل الذي جعله لها خالي لكي تتصرف في أموره المالية حيث إنه يعمل بالخارج وهي تعمل موظفة في البنك الذي يضع فيه ماله، كانت تأخذ من المال على أساس أنها سوف ترده له. ولكن للأسف كانت تأخذ ولا ترد ومرة في مرة أخذ الدين يكبر وللأسف هي لا تدري العواقب مع أن والله والله والله أمي أكثر إنسانة محبة وحنونة وعطوفة ومؤمنه بالله.
وأنا أرى أن المفروض الذين يعاقبون على هذا نحن أبناؤها وأبي الذي طالما كان يعرف ما تفعله ولا يعترض ولا يساعد على شيء ويحزنني سيدتي أن أقول أنه كان سلبيا في جميع أمور حياتنا وكانت أمي هي الأم والأب عرضت نفسها لكل هذا ولغصب أخيها والله وحده يعلم ماذا يكون رد فعله لو عرف؟
والآن وقد فرغ المال وخالي سوف يعود الشهر القادم وأنا أرى أمي الحزينة وهي تذهب لكل من تعرف كي تقترض منهم المال وطبعا لا أحد يريد أن يقرضها كل هذا المبلغ الكبير، أرى مرضها يتزايد يوما بعد يوم ولا أستطيع أن أفعل شيئا لأمنع تلك الكارثة وعندما ذهبت لأبي أسأله العون وأطلب منه وأستحلفه بكل غالٍ لديه أن ينقذنا يقول لي ماذا أفعل لا أملك شيئا وغير أن هي التي وضعت نفسها.
فقولي لي يا سيدتي ماذا أفعل أكاد أموت من الخوف خوفي على أمي وخوفي أن تقابل ربها بهذا الحال وخوفي من الفضيحة أمام الأهل، حياتي كلها تتحطم أمام عيني ولا أستطيع أن أفعل شيئا. فقولي لي يا سيدتي ماذا أفعل؟؟؟ أذبل يوما عن يوم لا أستطيع الأكل والنوم تركت كل شيء حتى أصدقائي خسرتهم ماذا أفعل بالله عليك؟
أخيرا اعذريني يا سيدتي إن أطلت عليك ولكن أنت الأمل الوحيد الذي بقي أمامي، وجزاكم الله عني كل خير..
ريم..
30/5/2004
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أختي الحبيبة..
بداية أعتذر اعتذارا شديدا عن تأخري في الرد عليك، تأثرت كثيرا لكلماتك وإحساسك بالألم واللوم لنفسك؛ وتألمت أكثر لحال أمك التي لم تحسب للأمور حسابها.. أقدر كثيرا ألمك لحالها؛ وخفف الله عنكم كربتكم.. اللهم آمين.
ولكن حبيبتي لا أتفق معك أن مشكلتك ليس لها حل.. فليس هناك من المشاكل ما ليس له حل........"إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" صدق الله العظيم (يوسف: من الآية87) "، وحاشا لله أن نيأس من روحه وقد جعل بابه مفتوحا لكل من يسأله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) صدق الله العظيم (البقرة:186) فأدعو الله أن يفرج كربتكم؛ ويلهمكم صوابا..
وإن كانت رسالتك قصيرة لم تمكنني من معرفة كل جوانب الموضوع فلا أدري إن كنت راغبة في استكمال التواصل مرة أخرى لنستكمل معرفة تفاصيل مشكلتك؟ على كل حال سأرسل بتساؤلاتي وتصوري المبدئي، فإن أردتِ التواصل مرة أخرى فأهلا بك ومرحبا.
- كما فهمت من رسالتك أن أمر أخذ المال من خالك استمر لسنوات؛ الأمر الذي يبدو معه أن هذا المال هو كل ما لدى خالك من أموال جاء ليستردها بعد طول غياب؛ وبعد طول رحلة جمع لهذه الأموال.. فهل هذا صحيح؟؟!!
- هل هو رجوع نهائي من رحلته أم أنه يمكنه أن يعاود السفر مرة أخرى ليعوض بعض ما فقده؟ هذه نقطة هامة أرجو أن تجيبيني عليها.
والآن حبيبتي هيا نقلب الأمور على كافة وجوهها لنفكر معا: ماذا يمكننا أن نفعل الآن في هذا المبلغ الذي لا أعرف مقداره وإن كان يبدو أنه كبير؟!!
- هل يمكن أن تطلب أمك وساطة أحد أفراد العائلة ليصارح الخال قبل قدومه ربما أن تغير هذه الأخبار الجديدة رأيه فيقرر البقاء لبعض الوقت بالخارج؟ وفي نفس الوقت يزيح حرج المواجهة عن أمك. وتكون هذه الفترة بمثابة مهلة لكم جميعا لسداد هذا الدين أو بعضه على الأقل؟
- هل من الممكن أن تصارح أمك الخال المسافر وتطلب منه أن يقسط سداد هذا المبلغ؟
- هل يمكننا العمل المكثف حتى نحصل على بعض المال؟
- هل يمكننا اقتراض بعض المال من الأصدقاء والأقارب؛ والبنوك؛..؟
- هل يمكن أن ترسل أمك لخالك تستأذنه في قرض من ماله الذي لديها؛ أم تعتذر منه إنها بحاجة لبعض المال لمصاريف طارئة لديها؟
- هل يمكن أن تخفضوا جميعا مصروفاتكم لتوفروا جزءا من هذا المال؟
- هل يمكنكم بيع بعض ما لديكم أو كله لسداد هذا الدين: أي ذهب؛ أدوات كهربائية؛ كماليات في البيت؛ أشياء قديمة؛.....؟
هذا فيما يخص المال وسداده. وإن كان الأمر والمشكلة الحقيقية تتجاوز هذا العرض الطارئ الملح الآن وهو قدوم خالك بعد نفاذ المال.. المشكلة التي أرجو أن تفكري بها بعد تجاوز لحظتك الراهنة: ما الخلل الحقيقي في الأسرة؟ هل يمكنك أن تفعلي شيئا ما لإصلاح هذا الخلل؟
ما علاقة أبويك؟ وإخوتك ما عددهم وماذا يعملون؛ وما موقفهم من هذه المشكلة منذ بدايتها؟ ما حالتكم المالية؟ وهل أخذ المال لحاجة أم أنكم كنتم راغبون في العيش الرغد؟ هل كان الأب راضٍ عما يحدث؟
ما الذي دفع أمك لأن تتصرف هذا التصرف المستغرب؟ كيف ينصلح حال الأسرة التي لا نعرف موطن الخلل بها تحديدا؟
كيف نعمل معا على تجاوز هذه الأزمة بقلوب متآلفة وأسرة مترابطة؟
أتعرفين حبيبتي لماذا أضع أمامك هذه التساؤلات؟
لأنني أود أن تنظري للأمر بعيد عن التعاطف مع الأم؛ والنقد واللوم للأب. لأنك غدا إن شاء الله ستكونين مسئولة عن أسرة؛ وستكونين مسئولة عن الإبحار بأمان بهذه الأسرة وربما تعرضت لظروف مشابهة؟ فهلا نستفيد مما ألم بنا يوما؟ ترى ماذا سيكون فعلك؟!!!
أردت أن تتجاوزي الأزمة الراهنة وتفكري في مستقبل مختلف تكونين فيه من الإيجابية والقوة بمكان لا يسمح لك أن تسقطي في أي فعل غير محسوب؛ وإن كان الإلحاح هو إلحاح الرغبة في إمتاع أبنائك بمزيد من النعم الزائلة؛ التي تجر وراءها سيلا من المشكلات.
أنا لا أتهم أمك بطبيعة الحال؛ فلم تحدثني هي بنفسها على لسانها؛ ولم تقص هي حكاياتها؛ فما عرفت دوافعها؛ وما عرفت ما فكرت به وهون عليها تلك الفعلة؛ ولم أسمع منها ظروفها التي ربما لا يعلمها عنها حتى أقرب الأقربين إليها، فكل ما سمعته كان منك، ولذا لا يمكنني إلا أن أحدثك عن الجزء الخاص بك في المشكلة وهو دورك أنت وحدود مسئوليتك أنت؛ والعظة التي تحصلينها من الموقف لمستقبل أيامك إن شاء الله.
حبيبتي.. رغم عدم معرفتي بمرحلتك العمرية إلا أنني أرجو منك أن تفكري بطريقة مختلفة؛ فلا يمكننا أبدا أن نقلب المشكلة فقط لنرثي لحالنا ونجتر مرارة تبعاتها.. فالحمل الذي على صدرك لن يُزاح بالكلام والتنفيس فقط؛ وإنما بالفعل.
فعلينا أن نكف عن التفكير في المشكلة ذاتها لنتمكن من رؤية إمكانيات لحلها.. ودائما ما نفكر في الحلول التي يمكننا نحن بذواتنا أن ننفذها؛ هذه هي الإيجابية.. لا تفكري إلا فيما عليك أنت فعله.. فإن استوفيته فستجدين أثرا كبيرا له إن شاء الله.
ما أقصده هو أن: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" صدق الله العظيم (المدثر:38)، فأنت سؤالك أمام الله يوم العرض سيكون على ما فعلته أنت؛ وما أديت أنت "وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً" صدق الله العظيم (مريم:95)، فنحن سنكون أمام الله فرادى لنسأل عن أفعالنا وما عملته أيدينا.. وهذا يستدعي منا أن نفكر فيما نعمل؛ على أن هذا العمل يتضمن قطعيا الأمر بالمعروف خاصة للقريبين المقربين منا. "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" صدق الله العظيم (الشعراء:214).. ولكن تذكري دوما: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ" صدق الله العظيم (الغاشية:21و22) .. مما يعني أن دورنا فيما يفعله الآخرون النصح؛ والتذكرة دون قهر أو سيطرة. ودون لوم وعتاب لا طائل من ورائهم إلا تمزيق ما بيننا من روابط.
قومي بدورك مع أمك في حدود مسئوليتك: قللي من إنفاقك قدر الإمكان؛ وحُثي إخوتك على مثل ذلك؛ حاولوا أن تجدوا من الأعمال الإضافية ما يمكنكم أن تحصوا به على قدر من المال؛ حتى وإن كان هذا قليلا ولكنه يقدم لأمك دليلا على وجود داعمين حولها.
أمك تحتاج دعما معنويا؛ وتحتاج لمن يهون لها الأمر –رغم الخطأ الحقيقي الذي ارتكبته– فقدمي لها هذا الدعم: تعاطفي؛ حاولي التخفيف عنها؛ ومساعدتها على التفكير وتقليب الأمور على وجوهها عسى أن تتمكنوا سويا من إيجاد حلول جزئية تسهم في التخفيف من وطأة المشكلة الكبيرة بتفتيتها.
حاولي أن تصنعي من هذا الحدث فرصة للم شمل الأسرة والتكاتف على هدف واحد.. فإن قدرها الله لك فتكون خير ما صنعت يداك في هذه الحياة، اطلبي من والدك أن يساند أمك ولو مساندة معنوية، ولا تنتقديه أو تلوميه فأنت لا تعرفي موقفه ولا تعرفي من تفاصيل علاقاتهم إلا البادي لك؛ وفي علاقة الزواج كثير مما يخفى حتى على الأبناء.
حاولوا أن تفكروا معا؛ فهذا أدعى في التقريب بينكم؛ والتوفيق لحلول ممكنة بإذن الله.. على أن يزاح اللوم والنقد من طريق تواصلكم.. عساها فرصة لتتآلف القلوب وتتواصل من العمق. حبيبتي.. فكري في دورك.. وكيف يمكنك الاستفادة من هذا الحدث وتوظيفه لصالح الأسرة جميعا. هل هذا ممكن؟!!
أراه بإذن الله من الممكن "...... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" صدق الله العظيم (البقرة: من الآية216).. الجئي إلى خالقنا ورازقنا جميعا وثقي بقوله عز وجل: "إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً".
اللهم يسر عليكم حملكم؛ وخفف عنكم كربكم؛ وهداكم وهدانا إلى الصراط المستقيم.. والله المستعان على ما تصفون.. أرجو أن أطمئن على حالكم في أقرب فرصة ممكنة.. فنحن معكم.