صديقي.. وأنا
في البداية أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي يستمر في خدمة الناس وإرشادهم إلى الطريق الصحيح. جزاكم الله خيرا. أما عن مشكلتي أقول:
أنا طالب في المدرسة الثانوية. علاقتي بأهلي وأصدقائي جيدة. لدي عدد قليل جدا من الأصدقاء فأنا لا أجيد مصادقة الجميع لكنني اجتماعي بطبعي ويظهر علي الخجل بعض الشيء في البداية.
عند قدوم عدد من الطلاب الجدد إلى مدرستنا أمضيت وقتا طويلا حتى اندمجت معهم. لكن في أحد الأيام وجدت واحدا منهم محزونا كئيبا. حادثته طالبا التخفيف عنه فرأيته تحدث إلي بسرعة كبيرة كأنه كان منتظرا أحدا يسأل عنه. تحادثنا وشعر بتحسن ثم شيئا فشيئا بدأت تقوى علاقتنا حتى أصبحنا من أعز الأصدقاء.
لكن كان به علة واحدة أنه دائم النوح والاشتكاء من الهموم على الرغم من سنه الصغير ودائما ما يقول أنه "مجروح" وأشياء من هذا القبيل. كلما سألته عن السبب ينفي معرفته به. حتى أنني في يوم فزت بمسابقة استوجبت سفري لإجراء بعض الامتحانات مدة 20 يوم. خلال هذه المدة كنت أعاني من ضغط دراسي هائل إضافة إلى الضغط النفسي الناتج عن الغربة. لكنه مع كل هذا لم يراع وضعي واستمر بشكواه وبث الطاقة السلبية. كنت أحتمل كثيرا وأعينه وأذكره بالتوكل على الله وكل ما في الحياة من إيجابيات إلى درجة لم أطيق فيها الاحتمال.
قررت أن أبتعد قليلا لأن هذه الصداقة بدأت تتبعني خصوصا أنه صار مدخنا "لينسى الهموم" على حد تعبيره.
المشكلة أنه انزعج من ابتعادي وبدل محادثتي أخذ ينشر كل ما كان بيننا على "فيسبوك" ويضع آخر منشوراته كلمة "مقصود". طبعا الأمر لم يزعجني بقدر ما أزعجني تعامله مع الموضوع وأنه شخص يحب "النوح" بالمعنى النفسي جدا جدا.
قطعت علاقتي فيه تقريبا بعد ذلك وأصبحت رسمية جدا، طبعا بعد أن حاولت أن أكلمه العديد من المرات.
صرت أحاول الحديث إليه كل فترة وأمد خيطا جديدا للعودة لكنه كان يقطعه بسلبيته المفرطة. إلى أن عرفت أنه التحق برفاق السوء حتى راسلني آخر مرة وقد كان سكرانا وفهمت من رسالته بعض الكلمات منها "كله بسببك" مما أشعرني بذنب هائل. لا أنكر أنني قد أكون مخطئا لكن بعد معرفتي بسكره والتحاقه برفاق السوء وتدخينه "كل ذلك بالسر عن أهله وقد حاولت نصحه الكثير من المرات" لم أعد أحادثه مطلقا.
كلمت والدته خاصة أنها تعتبرني مثل ابنها وأنا كنت أكن لها كل الاحترام. لم أستطع إخبارها بكل شيء أخبرتها فقط أنه ملتحق برفاق السوء ولهذا لم نعد أصدقاء. كما أوصيتها بأن تهتم به أكثر.
في النهاية أعود لأتذكر كيف كنا وكيف صرنا، لا أدري بماذا أشعر! هل هو شعور بالحنين؟ أم الذنب؟ أم أنني محق أو علي تجاوز الأمر؟
في كل مرة كان يغلبني الشعور بالذنب والندم خصوصا أنني أنا من قطعت العلاقة.
ما رأي حضراتكم بالموضوع؟ أرجو الإفادة.
14/1/2016
وصلنا من صاحب هذه الاستشارة قبلا : وسواس الشذوذ الجنسي والعادة السرية!
رد المستشار
أرحب بك "تيم" على موقعك الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، وأسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
الإنسان كائن اجتماعي ولا يستطيع أن يعيش منعزل عن الآخرين فإن وجود الإنسان في جماعة له ثمن، ولابد من الاحتمال والصبر على الآخرين، والحياة مدرسة يتعلم فيها الإنسان الكثير ويقابل أشكالاً وألواناً من البشر يختلفون في طريقة التفكير وفي أسلوب الحياة، ومن واجبنا أن ننمي الجوانب الإيجابية لديهم ونجتهد في نصح الآخرين حتى يتخلصوا من سلبياتهم، ولا شك أن هناك أسساً لاختيار الصديق، لابد للإنسان عامة والشباب خاصة أن تكون لهم علاقات وصداقات وأصحاب وأحباب يأنسون إليهم في وقت فراغهم ويساعدونهم عند شدتهم ويستشيرونهم فيما يلم بهم وهذا أمر قد جبلت وفطرت عليه النفس البشرية فلا يمكن لها أن تنفك عنه.
ومن المسلم به أن الناس يختلفون في اختيار الصديق والجليس باختلاف أفكارهم وآرائهم وطبائعهم وعاداتهم وميولهم.
إلا أن هناك ضرورة وجود وقواعد وأسس لاختيار الصديق، ونظرا لخطورة الصديق وتأثيره البالغ على الإنسان فإنه لا بد أن تكون هناك ضوابط وقواعد لاختياره وإلا أصيب الإنسان بالضرر، ولذا يحذر القرآن الكريم من صديق السوء في غير ما موضع من كتاب الله في إشارة إلى ضرورة اختيار الصديق وفق مواصفات معينة يقول سبحانه: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) سورة الفرقان: ٢٧، ٢٩) فتأمل حفظك الله كيف كان هذا الصديق والخليل سببا لدخول هذا البائس عذاب الله، وبعده عن رحمته.
الأصدقاء ليسو كلهم على درجة واحدة بل إنهم يختلفون فبعضهم أنت بحاجة له دائما وهذا أخطرهم وبعضهم تفرضه عليك الظروف وطبيعة الحياة وإن كنت لا تريده وبعضهم شر وويل عليك وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: الأصدقاء ثلاثة: أحدهم كالغذاء لا بد منه، والثاني كالدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت، والثالث كالداء لا يحتاج إليه قط.
وقال أحد السلف: الأخ الصالح خير لك من نفسك، لأن النفس أمارة بالسوء والأخ الصالح لا يأمر إلا بخير. ويقول الإمام الشافعي رحمه الله – (لولا القيام بالأسحار وصحبة الأخيار ما اخترت البقاء في هذه الدار).
معايير اختيار الصديق:
أقام الإسلام العلاقة الاجتماعية على المثل والفضيلة وعلى رعاية الأخوة بين المؤمنين وحفظ حقوقهم وحريتهم الشخصية وأعراضهم وأموالهم.
ولأهمية الصداقة والأخوة في الإسلام أنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات: قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات:10)
ولأهمية اختيار الصديق الصالح أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بصفات جليس السوء، حيث قال: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).
ومن هنا نصل إلا أهم معايير اختيار الصديق، وتتمثل في الآتي:
1- أن يكون صالحا
2- أن يكون على خلق حسن
3- أن يكون أمينا
4- أن يكون وفيا
5- أن يكون ناصحا
ومن الأمثلة الجيدة على أهمية اختيار الصديق الصالح ما نراه عند الناس الناجحين في حياتهم العلمية والعملية حيث أنهم وفقوا في اختيار الجليس الصالح، فنجحوا في جميع أمورهم، ولعل هذا يدعوك إلى أن تبحث عن الشخص الذي يتصف بتلك الصفات لتتخذه صديقا لك.
وأخيرا اعلم أن قضية الصحبة قضية دين وليست دنيا فقط وتأمل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
والصواب في علاقتك مع زميلك هذا أن تقدم له نصائحك وملاحظاتك على تصرفاته قبل فراقه حتى ينتفع بهذه الأشياء مستقبلا، وإذا كنت تتضرر من الاستمرار، فلا مانع من فض هذه العلاقة، وأرجو أن يكون ذلك بأسلوب مقبول ومتدرج حتى لا يؤثر ذلك عليه، وقول له في لطف لا تكثر الشكوى فإن فيها لونا من الاعتراض على حكم الله، والذي يكثر الشكوى للناس كأنما يشكو الرحيم لمن لا يرحم.
وقد أحسنت عندما حاولت التخفيف عليه، وهذا هو دور المسلم تجاه إخوانه، ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
والله ولي التوفيق
واقرأ أيضًا على مجانين:
صورته لا تغيب: التعلق المثلي
الحدود الطبيعية للحب المثلي مشاركة
الحدود الطبيعية للحب المثلى م
ويتبع >>>>>>>>>>>: أنا وصديقي ... هل أنا على صواب؟ نعم م