حبي وأمي
يا رب ساعدني آخذ القرار السليم، وأتمنى تساعدوني لثقتي الكبيرة في هذا المكان أكثر من مرة.
أنا متزوج من سنتين وعندي ٢٤ سنة. القصة بدأت من ٥ سنين، عرفت بنتا وحبينا بعض وتطورت العلاقة لمعاشرة كاملة ولم تعد عذراء، لم يكن من الممكن الزواج وقتها لانهاء المشكلة بسبب ظروف كثيرة. عشنا مع بعض في شقتي في غياب أهلنا عيشة كاملة لمدة ٤ سنين شفنا فيهم الذل والخوف من الفضيحة ومن المستقبل، وذلك حتى تخرجت واشتغلت بوظيفة مرموقة جدااا وعاد أهلي من السفر فاتحتهم بموضوع الزواج ولكنهم رفضوا بشكل مرعب لاختلاف المستويات جدا وعدم التكافؤ نهائيا وهي حقيقة وكان الرفض متوقعا.
لم يسمح لي ضميري بترك البنت بفضيحة تواجه المجتمع فتزوجتها رسمي دون علم أهلي لمدة سنة حتى اكتشفوا الأمر، طردوني من البيت وأخذوا مني كل شيء، سيارتي وفلوسي بالبنك وطلبوا مني التنازل عن ممتلكاتي وعن حقي في كل شيء، ورضيت وتنازلت بإرادتي وقبلت بحياة حقيرة ذليلة بعد أن كنت الأفضل والأرقى متمتعا بكل رفاهية الحياة، الحمد لله.
قاطعوني جميعا، أمي وأبي وأخي وأخواتي، لا يردون على اتصالاتي ويرفضون فتح الباب إذا ذهبت لهم. آذوني في عملي كثيرا وفي حياتي وفضحوني واشتكوني لرؤسائي في العمل وزملائي وأقاربنا، وطلبهم الوحيد لإعادة العلاقة وصلة الرحم واسترداد كل حقوقي هو أن أطلق زوجتي.
هذا الوضع الآن منذ سنة تقريبا وأنا صابر ومتحمل عسى الله يغفرلي ويكفر ذنوبي، وزوجتي متحملة معي وصابرة وراضية.
الاختيار صعب، إما أختار أهلي وفرحة أبي الذي لا أستطيع العيش بدونه وأرضي أمي وأسترد مكانتي الاجتماعية والمادية في الحياة وأطلق زوجتي التي صبرت معي كثيرا. وإما أن أتمسك بها وأكمل حياتي في جحيم وعذاب.
ما يزيد الأمر سوءا أنها فعلا غير مناسبة لي ولا يوجد تكافؤ، فتفكيرنا مختلف وأسلوبنا مختلف وحياتنا مختلفة وهي أقصر مني بحوالي 42سم، ولكن بيننا عشرة طويلة وعميقة في ظل ظروف قاسية وبيننا أحلام وحياة رسمناها وعشناها بعد تعب وشقاء وتحدي لكل الناس.
كما أنها للأسف من أسرة فقيرة ووالداها منفصلان وظروفها صعبة، وكنت أنا أمانها واستقرارها الوحيد، فإذا طلقتها لن تجد الأهل الطيبين والأسرة الكريمة التي تحتويها وأكون مطمئنا عليها. القرار الأنسب هو الطلاق ولكني ما زلت متعلقا بها وأحب ذكرياتنا وأحلامنا، وهي لم تقصر في حقي أبدا ومخلصة جدا، كما أني أشفق وأعطف عليها من كل ماعانته وسوف تعانيه، ولا أستطيع الحياة دون أهلي بهذه الصورة وأمي مستمرة في إيذائي. أحس أني ضعيف وذليل في الدنيا دون وجود والدي في حياتي.
حاولت أقرب بين الأطراف ولكن فشلت تماما، وأشركت بعض أقاربنا لمحاولة إقناع أهلي ولكن فشلت. طوال هذه الفترة، عامان وأنا أحاول وأفشل...
أختار أهلي وحياتي ونفسي وأرضي والدي وأكسب وضعي ومستواي وكل شيء وأخسر ذكرياتي وقلبي لأن ده قرار العقل ولأن الموضوع خاطئ من البداية؟
هل أتحمل قراري وأفعالي وأكمل وأتمسك بزوجتي رحمة بها وعطفا وأكون قد دمرت نفسي وحياتي وأهلي؟
يا ليت حجب السؤال للحفاظ على الأعراض.
15/4/2016
رد المستشار
صديقي؛
لا شك أن صلة الرحم وعلاقتك بأهلك من أهم ما يمكن ولا شك أيضا أن الإنصاف والعدل لا يقلان أهمية وإن كانا قد يكونا أهم. يقول الله في كتابه العزيز "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" صدق الله العظيم الآية 135 من سورة النساء
هناك ما يثير العجب في رسالتك، مثلا إرتباطك بزوجتك مع أنه لا يوجد تكافؤ بينكما ووجود أحلام وعشرة طويلة وعميقة واختلاف في التفكير والأسلوب والحياة، كيف تجتمع هذه المتضادات؟ وكيف أحببتها؟ وما الذي جذبك إليها؟ وكيف بدأت ومتى أصبحت معلومة أنها أقصر منك بـ 42 سم ذات أهمية؟
موقف أهلك عجيب أيضا، كيف يكون زواجك سببا لكل هذا العدوان والعنف المستمر؟ وكيف يعتقدون أنك لن تكون غضبا ناحيتهم وجرحا منهم حتى لو انصعت لحكمهم المتعسف؟
قد تكون هناك تفاصيل لم تذكرها تبرر موقفهم ولكنه موقف خال من الرحمة لو كان وصفك صحيحا ولو كان موقفهم مبنيا على عدم التوافق الاجتماعي فقط.
أعتقد أن الأمر سوف يحسمه إحساسك الحقيقي، إن كنت تريد الاستمرار مع زوجتك من باب الشفقة على حالها أكثر من اقتناعك بها كزوجة وكأم لأطفالك إن رزقتما بأطفال معا، فلا شك أن من الأصلح أن تطلقها وتكسب أهلك بدلا من أن تعيش معها وأنت كاره لها ولو بعد حين، لا مانع في هذه الحالة من الاستمرار في الإنفاق عليها بعد الطلاق رفقا بحالها إلى أن تتزوج بآخر أو إلى أن تجد من عمل ما يمكنه توفير حياة كريمة لها..... وبهذا تكون قد كسبت من جميع النواحي: أرضيت أهلك وأرضيت ضميرك.
إن كنت مقتنعا بزوجتك وبالاستمرار معها بالرغم من موقف أهلك واختيارهم للقطيعة، فمن الأصلح أن تستمر في محاولة إقناعهم بصلة الرحم فقط في الوقت الحالي وربما في المستقبل البعيد يمكنك إقناعهم باستعادة ممتلكاتك وحقوقك، وإن لم تستطع فمن الممكن أن تصنع لنفسك مستقبلا ماديا مبهرا وفيه ما يفوق ما تخليت عنه بالمناسبة، كيف أخذوا منك كل شيء؟ ولماذا تنازلت إن كان شرطهم لصلة الرحم هو الطلاق؟
عليك بالوقوف وقفة صادقة تماما مع نفسك لكي تعرف ما هو إحساسك واقتناعك الحقيقي، إن كذبت على نفسك فلا أمل في أي شيء، وإن صدقت مع نفسك فسوف تكسب نفسك وهو أن تكسب كل شيء، قال السيد المسيح عليه السلام "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" وقد نهى عن وحذر الإسلام في القرآن والسنة من الظلم وشهادة الزور لنفس السبب.
أنصحك أيضا بمراجعة معالج نفسي ذي حيادية عالية لمناقشة هذه الأمور والوقوف على موقفك الوجداني الحقيقي والعميق.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب