مشكلة عائلة
السلام عليكم، مرحباً يا دكتور كيف حالك، أتمنى أنك بخير.
أنا عمري 15عام و7 أشهر, أود أن أقول مشكلة تعرقل حياتي، وأنا ما أملك مصغي ولا فاهم لمَ, لذلك لجأت لهذا الموقع؛ كوني إنسانة غريبة مو معروفة بالضبط يسهل عليّ إخراج ما في قلبي.
مشكلتي: أنا أعيش مع والديّ وأختي فقط في البيت، والدي دائماً مشغول لا أراه غير بضع دقايق في اليوم, بينما أمي امرأة كبيرة، معقَّدة، ليست قنوعة على أي عمل، وعصبية جداً طوال اليوم بدون مبالغة. أما أختي 21 عاماً، تعاني من إعاقات كثيرة في جسمها منذ 5 سنين مضت, وقعت من أعلى الدرج فأدى إلى اعوجاج في فقرات الظهر، وتعاني ضعف بصر وأصلاً تعاني ضعفا بالقلب, وكثير من الأمراض غير ذلك.
أمي إذا شافت أختي في ذي الحال تغضب وتنشد أعصابها وتنهار, لأن ابنتها صارت هكذا، وأختي ضعيفة البنية، والقلب، إذا شافتها أمي بهذه الحال تنهار وتكتئب بسرعة، هذه الحالة كل يوم على مدى خمس سنوات، أنا عندي مريضين في البيت ما أقدر عليهن, إذا رحت لأختي قالت بعدي أمي عندي، إذا رحت إلى أمي تقول لي بعدي أختك عني, وأنا ما أقدر أعرف لا أمي ولا أختي.
أنا عليّ أمور البيت كلها النتظيف، طبخ، واجبات كل شيء، وأهم شيء الدراسة أنا عندي نهاية مدرسة, وأرغب ان أحصل على معدل عالي, حتى أدخل كلية طب, وهذا الشيء من حقي صح؟ بس أنا ما أقدر حتى أدرس, فعقلي مشوش، يعني خمس سنين وأنا بهذا الروتين لو الحال يتحسن لصبرت وخلاص بس الحالة بتسوء أكثر فأكثر بمرور الأيام، وغالباً ما أمي أو أختي تتكلم معي كلاماً ما أحب أسمعه, أنا أجاملهم وما أخليهم يحسون أني تضايقت من الكلام, بس أنا ما أحبه ولا أقدر أحبه.
كل يوم عمل شاق، لا عندي علاقات اجتماعية لأني مرتبطة بأمي وأختي, ولو كنت أفقد السيطرة على حياتي نهائياً، كل يوم أسمع كلام مو حلو ما أحب أسمعه، وصَلت الدرجة إني مليت من حياتي, ولا أريد أمي ولا أختي وحتى ما أريد أعيش أكثر. هذا الجرح بقلبي يؤلمني أكثر الأوقات, أهوِّن على نفسي, وأقول هذه نعمة بها حكمة من ربي تبارك وتعالى, حتى يختبرني، بس مرات تجاوز الحدود يعني أنفجر ما أتحمل لذا لجأت لكم.
آسفة على الإزعاج هذه نبذة عن حياتي كتبتها, عسى ولعلَّ شوي أرتاح، وشكراً من أعماق قلبي لكل شخص قرأ وتفهمني.
25/8/2016
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
أهلا بك معنا وأعانك الله على ما تحملين من مسؤوليات وشرح صدرك. لا أحد يختار معاناته ولكن رب العالمين الرحمن الرحيم يختار لنا ما يناسبنا من ابتلاءات، وطبعا من حقك أن يكون لك وقت لمتابعة دراستك وتحقيق أحلامك.
تحتاجين للقيام بعدة خطوات كي تتخلصي من عسر المزاج الذي ينتابك في مواجهة ظروف حياتك الذي تعبرين عنه بشعورك بالملل من حياتك وذلك قبل أن تصابي بالاكتئاب. تحتاجين لتحديد قيمة ما تفعلين وقيمة من تفعلينه لأجله كي تذكري نفسك ولتجددي طاقتك على القيام به. لن أحدثك بالطبع عن بر الأم وحقها فيبدو من سطورك أنك يافعة رزينة، ولن أحدثك أيضا عن قيمة اختك وما تمثله من إحسان للأرحام المعلقة بعرش الرحمن، سأحدثك عن الأسرة وقيمتها من الناحية النفسية.
تبرز أهمية الأسرة ليس فقط من خلال كونها الدائرة النفسية والاجتماعية الأولى بل في أنها الأشد تأثيرا وقيمة في حياتنا، لا يمكن للإنسان الانسلاخ نفسيا عنها حتى وإن استطاع أن يبتعد عنها جسديا. إدراكك لمكانة الأسرة في النفس سيساعدك على تحمل المسؤولية عنها حتى وإن تحول دورها وأصبحت مصدرا للمعاناة بدل الرعاية. تشير دراسات التعامل مع الضغوط أن التعامل مع ضغوط الأسرة عادة ما يكون بقبولها والاستسلام لها. لا تفكري فيما تفعلين لأسرتك بل تقبليه لأنه لا يوجد أمامك خيار آخر. تذكري أن العطاء أحد الحاجات الأساسية للإنسان والتي بسببها يحرص على العلاقات الاجتماعية، نعم يحتاج الإنسان أن يعطي كما يحتاج أن يأخذ.
ذكري نفسك بأنك الآن أكبر وأكثر قدرة على تحمل المسؤولية من لحظة بدئك بتحملها من سنوات مضت، وظفي خبرتك التي اكتسبتها عبر السنوات في التخفيف من عبء الأعمال، مثل ترتيب المهام حسب درجة أهميتها، وتقسيم المهام الصعبة إلى أجزاء ممكنة. اسع لطلب الدعم الاجتماعي، هل من أقارب يمكنهم أن يساعدوك في تحمل العبء النفسي لرعاية أسرتك فيساهموا بتسلية والدتك والتخفيف عن شقيقتك، أو يزيدون الانسجام بينهن، ابحثي عن مصادر للدعم الاجتماعي بين الأقارب والجيران بما يتناسب مع ظروف حياتك.
بارك الله وأجرك على تقدمين من مساعدة لاسرتك ولكن لا بد أن تهتمي بنفسك كما تهتمين بأسرتك فأنت أيضا جزء من مسؤولياتك لا يجب أن تغفلي عنها. وزعي وقتك بين أسرتك ونفسك، جزء من وقتك الخاص يجب أن يخصص لدراستك، وجزء آخر ينبغي أن يكون لتجديد طاقتك وعلاقتك الاجتماعية مع زميلاتك في المدرسة وقريباتك وجاراتك ممن هن في مثل عمرك، شاركيهن الاهتمامات والمناسبات، بعض الوقت اجعليه لممارسة هواية تحبينها كي تجددي طاقتك للقيام بمسؤولياتك.