حلول عملية لطالب طب يائس
السلام عليكم ورحمة الله
أنا طبيبة عمري 26 سنة من بيئة متعلمة وناضجة لي هوايات عديدة أهمها وأجملها قراءة الكتب..
دخلت المدرسة في الخامسة من عمري, تفوقت وكنت من أذكى الطلاب طيلة حياتي, لكن درجاتي لم تكن بمستواي بسبب صفة التسرع في طفولتي, لكن ذلك لم يقلل أبدا من مستواي أمام مدرساتي, فقد كانوا يشيدون بذكائي, وعندما أنهيت المدرسة دخلت كلية الطب كنت معتادة على التميز والمشاركة والنشاط, لكن للأسف المناهج المقررة كانت الكتب العالمية والدكاترة لم يكونوا على قدر مسؤولية ذلك,
ومنذ أول يوم ونحن نواجه أسئلتهم التي شكلت لنا صدمة ما عدا من امتلكوا أخوة أطباء ساعدوهم ووجههوهم, أو الذين اكتشفوا الكتب المصرية والتفريغات, لكني جاهدت وكنت ضمن شلة بنات ناضجات ومن أذكياء الدفعة, وفي السنة الثالثة تقدم لخطبتي طبيب خريج متدين ومحترم ومن عائلة محترمة ومستواه المالي جيد فوافقت وتم الزواج وحملت فورا, وبدأت أفقد توازني العلمي..
ثقل على كاهلي الحمل والزواج مع الطب, إلا أنني وبرغم ذهابي للامتحانات وأنا قبل المخاض قد تفوقت وكان يأتي من حظي بالشفوي أطيب الدكاترة ودرجاتي كانت أعلى ممن هم أفهم مني، أما النظري فبدأت بمذاكرة النماذج وشخصيات الدكاترة، وساعدتني صديقاتي كثيرا رحمة لي, فكنت أقرأ معهم لكني لا أتذكر شيء وقت الامتحان وقد أخذوا بيدي وكنت آخذ منهم الإجابات وظلت درجاتي مستقرة ومرتفعة..
تخرجت أخيرا وأنا بحالة نفسية رديئة, فأنا لا أشعر أني طبيبة ولا يوجد بعقلي كل ذلك العلم الذي يجعل الناس أمامي يستشيروني ويقدروني, وحيثما ذهبت لي أفضل التعامل والاحترام الحمدلله, لكني أخجل من نفسي ومن تلافي الوضع، للأسف زوجي يحضر البورد في دولة أخرى, وما أن تخرجت خيرني ما بين الذهاب إليه أو البقاء لأنهاء فترة الامتياز؛ كانت بلدي تمر بحرب شديدة وحالة كئيبة وقد كنت بحالة زواج غير مستقر لمدة 4 سنوات يملؤه الحب لكن بغربة, فاخترت الذهاب إليه لعدم خسارة بيتي وزوجي وطفلي, وعلى أمل شراء سنة الامتياز الذي طبقت منها ثلثها وبرشاوي يمكنني أن آخذ شهادة امتياز..
الآن أنا في نقطة لا عودة فيها.. زميلاتي يخبروني أن الأمر طبيعي وبمجرد الاستذكار سأستذكر والتخصص هو الطب الحقيقي بينما الطب العام هو محطة لبناء الأساس، لكن لا توجد ثقة بنفسي مهما حاولت أن أشجع نفسي، زوجي يشجعني يخبرني أنه كان مثلي.. لكنني أتهرب من علاج أي حالة إلا إذا كانت رسائل حيث أبحث وأجتهد في الرد وغير ذلك لا أستطيع.
الآن فتحوا التسجيل في البورد وأنا في دولة دراستها قوية, ويحلم زملائي فرصة التسجيل فيها أو حتى زيارتها لأنها مكلفة معيشيا, بل ولدي فرصة أخرى حيث تعهد زوجي بأن يدرسني ويدفع تكاليف دراستي الباهظة هنا..
لدي هدف أن أكون طبيبة أطفال, لدي أهداف عظيمة أتمنى أن أكون مثل رفيق الحريري فأنهض ببلدي وأجتهد من مشروع صغير, الفرص تلاحقني ورب العالمين موفقني الحمدلله وهذا ما يزيد الهم والمسؤولية؛ نحن نعيش بلا أوطان وضروري أن أعتمد على نفسي وأثق أيضا أن الحياة دار عمل, وأن الفرص إذا جاءت لابد من استغلالها فهي هبات من حكمة الله, وأن هدف الحياة عمارة الأرض وإلا ما سخر الله للإنسان أشياء أعظم وأقوى منه..
لكني في طريق لا أستطيع شرح وضعي لأحد ولا أحد سوف يفهمني, أشعر أن طالب سنة أولى طب أفضل مني, أريد أن أدرس كل كتب الطب من سنة أولى لسادسة, ولا وقت أمامي..
وأحيانا أخرى أشعر بيأس, فالطب أمانة وأن أتنازل عنه خيرا من أن أغامر.. وأغلب الأطباء يموتون بنفس تخصصهم بسبب إهمالهم لحياة مريضا ما!
لا أدري كيف أفعل هذا امتحان القبول المكلف هو ذاته وكيف أتخصص كيف أستغل الفرص كيف أتصرف ماذا أقرأ ومن أين أبدأ، هل أقف سنة وأعيد قراءة كل شيء، أم أستغل الفرصة وأقدم وإن فعلت كيف أستعد؟ أم أستسلم أم أراجع الطب لا أدري ماهي حالتي أتمنى أن تشيروني وتنصحوني.
وجزاكم الله كل الخير
15/11/2016
رد المستشار
السائلة الكريمة والزميلة مستقبلا بإذن الله. هوني على نفسك. أنت في وضع جيد لكنك بحاجة إلى:
1- اتخاذ قرار جريء بخصوص دراستك ويجب أن يساعدك زوجك وأسرتك عليه على سبيل رد الجميل لقد وقفت مع زوجك لاكمال دراسته قبلا، وعليه الآن أن يقف بجانبك. الأهم أن تكوني مستعدة لمثل هذا القرار الذي قد يترتب عليه الرجوع لبعض الوقت لاستكمال دراستك أو أيا كان الحل الرسمي والأخلاقي لمشكلة تركك الدراسة.
2- لا أنصحك بدفع رشاوى واللجوء إلى وسائل ملتوية فهذا علاوة على كونه غير مقبول دينيا وأخلاقيا فأنه سوف يزيد من شعورك بالذنب والإحباط.
3- حاولي أن تضعي أهدافا عملية وقابلة للتحقيق على المدى القصير والمتوسط. كلامك عن رفيق الحريري وعمارة الأرض جيد لكن أشعر به ليس في موضعه. استعيدي دراستك واخدمي الناس في كل مكان.
4- ما زلت صغيرة. يمكنك أن تتعلمي وتتثقفي كل يوم. بعدك عن دراسة الطب لا يمنعك من أن تقراي في الطب وفي غيره أو تشاهدي فيديوهات تعليمية وما أكثرها حتى تصبح ظروفك مواتية وتصبحين على أول طريق المعادلة أو الممارسة الحقيقية.
5- نظمي وقتك جيدا وابدئي الدراسة من اليوم لو أحببت.
6- تحملي مسؤولية قراراتك الماضية والمستقبلية. قرار الزواج قبل اتمام الدراسة بتبعاته كان قرارك وقرار العودة للدراسة بتبعاته هو قرارك ولكل قرار مزايا وعيوب عليك أن توازني بينها.
وفقك الله وتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>> : حلول عملية لطبيبة يائسة ! م