كيف أمحو من ذاكرتها مشاهد الموت والجرحى؟
بسم الله الرحمن الرحيم، نتيجة الانفجار الذي حدث من يومين, والذي أدى إلى موت وجرح العديد من الأطفال والنساء والرجال, وكان وقت الانفجار أثناء ذهاب التلميذ إلى المدرسة الحمد لله لم تصاب بأذى, لكنها لا تكاد تنفك تكرر ما حدث وما شاهدته وأصبحت كثيرة السرحان مع خوف شديد من الخروج من البيت وعدم النوم لوحدها, مع تكرار لا يكاد يتوقف لسرد أحداث الانفجار.....
ما أود مساعدته من حضرتكم هو ما هي الطرق التى أستطيع من خلالها جعلها تنسى ما شاهدته من مناظر الانفجار,
مع العلم أنني أخاف أن تترك المشاهد أثر على نفسيتها قد يؤثر فيها مستقبلا بطرق شتى
ولكم مني جزيل الشكر
23/11/2016
رد المستشار
أهلا وسهلا بك سيدتي الكريمة،
أرجو أن تهدئي وتطمئني كثيرا؛ فما يحدث مع ابنتك معروف علميا "بالذاكرة الصدمية"، والتي تعود في أصلها لكرب ما بعد الصدمة، وهو ببساطة شديدة، حين يتعرض شخص لأمر ضخم نفسيا عليه -حيث نختلف فيما بيننا- يحدث له خلخلة شديدة من الداخل تجعله يرتبك، وبعد فترة من الحدث يهدأ رويدا رويدا حتى يتخلص من ارتباكه، وهذا يحدث لأكثر من 40% ممن يتعرضون لحدث صدمي، والبعض يحتاج لتدخل نفسي ليتمكن من التخلص من هذا الارتباك، والبعض يبقى لديه آثار طفيفة لفترات طويلة بعد التدخل النفسي،
وهذا الارتباك يظهر في عدة صور تختلف باختلاف تركيبة الشخص النفسية نفسه، وبالمناخ الذي يحيط به من أشخاص يتفهمون وضعه النفسي، ويدعمونه، منها تكرار الحدث داخل ذاكرته مرارا وتكرارا، ولأ ابنتك صغيرة؛ فهي تحكي ما يتكرر في ذاكرتها فتسمعينه معها،
ومنها القلق الذي قد يصل للكوابيس الليلية، والتبول اللاإرادي، ونوبات فزع، وضعف في الانتباه، وسرعة الاستثارة، والبكاء، وكثيرا ما وجدنا أن بعض الحالات يحدث لها نفس الأعراض حين سماع أصوات عادية جدا؛ كغلق الأبواب، أو صوت جرس الباب، أو غيره لأنه يذكرهم بالحدث الصادم!، أو لأن مثل تلك الأصوات كانت مقرونة بالحدث الصادم وقتها، وغيره من تلك الأعراض، والآن ماذا تفعلين؟؟...
أقترح عليك تلك النقاط لتعيها وتستوعيبنها:
- كل تلك الأعراض تنتهي وحدها دون أي تدخل في أكثر من 40% من حالات "كرب ما بعد الصدمة".. هذه حقيقة.
-دعيها تتحدث دون أن تظهري سأمك، أو قلقك الشديد، وذكريها فقط أنها بخير ونجت مما حدث وأنها معك ومع أسرتها.
-كوني صادقة جدا معها في أسئلتها حتى لو قالت لك مثلا... لماذا فعل الله هذا في فلان، أو فلانة؟؟... فقولي لا أعرف، فقد نعرف فيما بعد، أو لا.
-كفي تماما عن الوعظ، والمحاضرات في حديثك معها؛ واستبدلي ذلك بطمئنتها، واحتضانها.
-ضعي بينك وبين نفسك وقتا لقياس مدى تحسنها؛ فلو ظللت هكذا لا تتحسن إطلاقا لمدة 3 شهور؛ فلا مفر من متابعتها نفسيا، أما لو لاحظت تحسنا لديها؛ فلتعطيها 3 أشهر إضافية.
- ليس معنى تفهمك، ودعمك لها.. أن تدلليها تماما؛ فهي الآن ضعيفة، خائفة، قلقة؛ فلتطمئنيها بدفء قبولك لها، وكما ذكرت لك، ولكن درجي معها عودتها لمكان نومها كما كنت تفعلين معها وهي صغيرة جدا حتى تتعود على نومها في مكانها بلطف، ولو تبولت لاإراديا مثلا؛ تجعليها تشارك في تنظيف مكانها، الخ.
-اقرئي في موقعنا في الاستشارات، والردود، وفي المقالات المتخصصة عن "الكرب ما بعد الصدمة" وستجدي ما يفيدك كثيرا، أو على الأقل يفسرلك حقيقة ما يحدث مع ابنتك.
-وأخيرا... إن لم تتمكني من فعل ذلك بتؤدة، وصبر فلا تتأخري في طلب المساعدة؛ فالمتخصصين في تلك المساحة يحققون نتائج كبيرة جدا في تحسن من حدث له "كرب ما بعد الصدمة".
واقرئي أيضًا:
اضطراب كرب وتوتر ما بعد الصدمة في الأطفال والمراهقين
كيف نشرح الموت للطفل؟؟