هل هي سادية؟!!
أنا شاب ومعي فتاة في العمل أصغر مني بعام وأنا أفكر بالارتباط بها, ولكن هناك أمر أريد أن أعرفه والأمر يتعلق بشكوكي نحوها على أنها شخصية سادية ((مع العلم أني قد قرأت كثيرا عن الاضطرابات النفسية أو الجنسية, فقد لاحظت أنها تحب مشاهدة الشجارات في الشارع بين الشباب أو مناظر العنف أو الاعتداء في المسلسلات أو الأفلام بين شابين ((اعتداء واحد على الآخر مع استسلام الآخر))..
لكن كل هذا لم يكن سببا لشكي هذا... معنا في العمل شاب لديه 16 عام .... ولاحظت نظرات إعجاب منه نحو تلك الفتاة مع العلم أنها أكبر منه بأعوام فالإعجاب من ناحيته فقط, وفي فترة وجود هذا الشاب معنا كانت هي الأخرى مرتبطة بشخص آخر من خارج وسط عملنا ((وكل هذا قبل أن أحاول أن أفصح لها عن إعجابي فقد وجدت أنه من الأفضل التريث وبالأخص أنها مرتبطة)),
المهم أنها كانت في إحدى الأيام وهي تمزح مع هذا الشاب ذي الـ 16 عاما استخدمت حذائها في ضربه ضربا خفيفا أمام أعيننا جميعا, وتكرر الأمر في هذا اليوم عدة مرات ولكنها توضح في ضربه ملامح حبها لتأديبه وجعله يسمع ما تقوله وطاعة كلامها, وأذكر أنه كان متوافقا معها تماما وأذكر أيضا أن في إحدى المرات كان عليه أن يجلب حذائها إلى قدميها بعد إلقائه عليه والذي لفت انتباهي موافقته وتجاوبه معها في كل مرة من المرات. واستخدمت أيضا يديها في الإشارة ورفع حاجبها وبعض النظرات في طلبها له بعدم الحركة من مكانه وقد مكث فعلا بمكانه ولم يتحرك إلا بعد أن أمرته هي ولكن هذه المرة كان أمام بعض الزبائن أيضا, وبعد ذلك حكت ما حدث لمن لم يكن موجود من زملائنا بهذا الوقت. وهذا ما جعلني أتأكد من كونه أيضا مازوخى.
ذكرت في إحدى الأيام لهذا الشاب ذي الـ 16 عاما أن شخصيتها قوية وأنه يحب شخصيتها القوية. بوقت لاحق أرتني إحدى صورها وهي تذكر لي مدى حبها لهذه الصورة لأنها ترى في هذه الصورة ملامح قوة شخصيتها بشكل واضح. وفي وقت آخر قالت أنها حينما تتزوج سوف تجعل زوجها هو من سوف يقوم بكل شيء وهي ما عليها سوى الراحة وتكرر قولها مرات ((ولكن من وجهة نظري قولها لهذا فحسب لا يوحي بكونها سادية في حال عدم وجود باقي التفاصيل التي قمت بذكرها للتو)). وفي مرة أخرى ذكرت أنها تتمنى وجود رجل وصفته هي بـ ((أنها تريده كالخاتم بإصبعها تحركه كما تشاء هي)).
كل هذا حدث في نفس الفترة التي كانت هي مرتبطة بها ((مع العلم أنها قد أنهت هذا الارتباط وهذا الارتباط كان بعلم أهلها وكان إنهاء الارتباط أيضا بأمر من أهلها لعدم تقدمه بشكل رسمي)). كل هذا لم يجعلني أخاف كما خوفى الكبير جدا عندما قالت لي مرة أنها عندما تنجب ((باعتبار ما سوف يكون بينها وبين الشخص التي كانت مرتبطة به)) أنها سوف تقوم بإذلال ابنها, خوفي ازداد بشكل كبير بعدما أوضحت وقالت أنها في شهوره الأولى ((رضيع)) من الولادة سوف تقوم بتأخير ما يريده الطفل من حليب أو طعام أو.. أو..أو.. فقط من باب إذلاله وسوف تقوم بمتابعته وهو يصرخ أمامها.
هذه كانت المصيبة الكبرى وهنا بدأت أفكاري بالتشوش ولا أعرف ماذا أفعل ولكني في النهاية لست بعالم للغيب ((العظمة لله وحده)) ولا بعالم أو طبيب نفسي لأؤكد مدى ساديتها فتركت لكم الكلمة الأخيرة للحكم
92/1/2017
رد المستشار
أشكرك يا "أنس" لثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية من خلال لجوئك للمستشارين على الموقع ليشاركوك مشكلتك ويساعدوك في تخطيها، منذ القدم واختيار شريكٍ للمستقبل ليس بالأمر السهل، وهو أمرٌ يشغل بال الكثيرين، فالزواج ليس ثوباً تشتريه مع إمكانية إرجاع القطعة أو تبديلها.. إنه ارتباط بين شخصين، ربما يدوم مدى الحياة!!
إذاً.. فاختيار شريك المستقبل، هل يكون خاضعاً لمعايير عقلية حتمية؟.. أم أنه يكون بناءاً على توافقٍ قلبي فقط؟!.. أم أنه ينطلق من القلب تحت مظلة عقلية واضحة وجلية؟!، فالإجابة على هذه التساؤلات هي من تجعل هناك فروق فردية بين الأشخاص في اختياراتهم لشريك الحياة، فالزواج يجدر به أن يكون بناءً حصيناً قائماً على أسس راسخة تمنع أي زلزال مهما بلغت قوته النيل منه. وإذا أبدلنا شرطاً جوهرياً عند الاختيار لنضع مكانه شرطاً جمالياً فإننا دون شك نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم :21] ..... هيا نتأمل معاً الآية الكريمة لنرى المعجزة الحقيقية فيما تحمله من معنى، فهي التي حددت الهدف الأسمى للزواج وهو الفوز بالسكن والمودة والرحمة، وهذه هي فعلاً مقومات الزواج الناجح، لأنه يلّبي الحاجات الأساسية للنفس البشرية، فالإنسان في مراحله العمرية المختلفة لا يستغنى عن أيٍ منها، ولما كانت هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي حملت هذا المعنى المُعْجِز؛ فلا يسعنا كي نحظى بما فيها من عطاء هو حلم كل شاب وفتاة، ألا نبحث في السنة المطهرة فقد ورد بهذا الشأن أحاديث عديدة ..
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ» الراوي: أبو هريرة (صحيح البخاري؛ رقم: [5090])، فالحديث يبين الصفات التي يبحث عنها جملة الناس ثم يقطع بأهم صفة يجب توافرها في الزوجة؛ ألا وهي أن تكون ذات دين كي تتحقق للشاب السعادة في الدارين.
يقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: «إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه إن لا تفعلُوه تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ» الراوي: أبو حاتم المزني (إرواء الغليل؛ رقم: [1868]).
أما قائمة الشروط التي نجدها موضوعة من قِبَل بعض الفتيان والفتيات فمعظمها تكميلية تجميلية وليست وظيفية، فالزواج يجدر به أن يكون بناءً حصيناً قائماً على أسس راسخة تمنع أي زلزال مهما بلغت قوته النيل منه. وإذا أبدلنا شرطاً جوهرياً لنضع مكانه شرطاً جمالياً فإننا دون شك نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. فعندما يشترط الرجل في المرأة الجمال أو تشترط المرأة في الرجل المال على حساب الدين إنما هو منتهى التفريط فالمال والجمال والجاه وكل هذه الأمور إنما هي مميزات قصيرة الصلاحية، غير مضمونة حتى على امتداد أعمارنا القصيرة؛ أما ما حدده الإسلام فهو لإقامة الدنيا والآخرة معا.
فماذا يُجدي الرجل إذا تزوج بامرأة جميلة لكنها عابسة الوجه لا تحمل نظراتها أي شعور بالرضا والتفاؤل كما أن كلماتها أبعد ما تكون عن مشاعر المحبة والتقدير! وماذا يجدي المرأة أن تتزوج برجل ذي مال وجاه لا يعرف لسانه إلى الكلمة العذبة أو اللمسة الحانية طريقا!
تذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ ومَن لم يستطِعْ منكم الباءةَ فلْيصُمْ فإنَّه له وجاءٌ» الراوي: عبد الله بن مسعود. (صحيح ابن حبان؛ رقم: [ 4026]). واحذر أن تغلق باب خير يفتحه الله لك بسبب أحلام المراهقة التي تلازم بعض الرجال! ولاتكن مثل أخينا الذي بلغ عامه الثالث بعد الستين ولا يزال يلاحقنا لنجد له عروسا تليق بمركزه الأدبي والاجتماعي
أذكرك ثانيةً بأن المولى الذي جعل السكينة والمودة والرحمة سبباً للوفاق أعلم بما يُصلِح لنا حياتنا: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، واحذر الدخول في تلك الدائرة المغلقة المعروفة بالتردد؛ فالتردد يسبب التأخير، وضياع الفرص يسبب مزيد من التردد.. وهكذا. وإنما الأمر يتطلب مزيد من التوكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
وكل ما سبق هو محاولة لتوضيح بعض المقومات التي تساعد على نجاح العلاقة الزوجية، والوحيد الذي يستطيع اتخاذ قرار الاستمرار أو لا هو أنت فعليك أن تعقد كفتي ميزان تضع بإحداهما مميزات الإنسانة التي تريد الارتباط بها وبالأخرى عيوبها وأنت الوحيد الذي سيقرر الاستمرار أو لا، وكذلك تكتب مميزات الانفصال عنها والنتائج المترتبة على ذلك وعيوبه والنتائج المترتبة عليه، وتتخذ القرار الذي لن يدفع ثمنه غيرك، مع تمنياتي بالتوفيق وتابعنا دوما بأخبارك.
ويضيف د. وائل أبو هندي الابن الفاضل "أنس" أرادت مجيبتك أ.د رانيا الصاوي أن تلمح لك على طريقة "واللبيب بالإشارة يفهمُ"... لكنها أغفلت أي كلام قد يجرح في من تتمناها زوجة وتقعد تراقبها من بعيد لبعيد أو من بعيد لقريب ... ولم تشر مجيبتك للاضطراب الواضح في تلك الزميلة وفيك أنت شخصيا.... وأعطتك كما من النصائح والمبادئ الدينية التي عساها تهمك وتعينك.
لكن كلمات يجب أن تقال خاصة وأن سؤالك محدد : "هل هي سادية" ؟ .... مهتم أنت بالأمراض النفسية كما تقول لكن يبدو أو أخشى أنك تتعامل مع شخصية مضطربة في وسط اجتماعي وبيئي مضطرب والموضوع أكبر من أن يكون مجرد شاب يتساءل عن سادية صديقته ! ... الموضوع الذي يحكيه شاب يبلغ من العمر 24 عاما يفكر في الارتباط بفتاة تعمل معه وهي يفعل ما تفعل تلك الفتاة المريضة ويقول ما تقوله في الصيدلية التي عن ما ستفعله في ابنها الرضيع ؟ أي نموذج أنثوي مريض صارخ الانحراف هذا؟ ويسألنا لأننا أهل الخبرة هل هي سادية ؟
لا يمكن الوقوف على أي تشخيص محدد استنادا إلى المعلومات الواردة منك يا أستاذ "أنس"... اضطرابات الشخصية والاضطرابات النفسجنسية وغيرها كله ممكن .... والوسط الذي تعمل فيه وسط مريض أيضًا... والقصص أو المواقف السادومازوخية التي سردتها هي فعلا كذلك لكنها لا تعني الكثير تشخيصيا حين تنقلها أنت لنا.... ونصيحتي أن تصرف نظر عن هذا الموضوع وتحاول بناء علاقات سليمة في بيئة سليمة إن استطعت إليها سبيلا ...... ونسأل الله السبيلا.
واقرأ أيضًا:
السادية - المازوشية أسطورة في الطب النفسي