الحيرة والخوف من المستقبل والوسواس م
لقد تغيرت كثيراً
لا أعلم كيف أبدأ مشكلتي, فتاة ملتزمة أرهقتها الظروف, غيرتها , إلى الحد الذي أصبحت فتاة هشة مرهقة منهكة,تموت كل يوم من فرط الخيبات,فتاة فقدت الحنان الاطمئنان والحب من الصغر,فتاة تشعر بأنها نصف امرأة نصف رجل,تعيش في مجتمع ظالم يحاسب الفرد على أشياء لا دخل له فيها,فتاة حبيسة أفكار وعادات وتقاليد صارمة........
قبل سنة كنت فتاة ملتزمة, أرتدي الحجاب كما أمرني به ربي, كنت أحفظ القرآن , وصلت من درجة القرب الشديد لله , للعشق الذي يتمناه كل فرد مؤمن, كنت أود أن أموت لكي ألاقي الله, لا كي أتخلص من الحياة كما البعض, لم أكن ملاك,فانأ أعيش في أسرة صغيرة لا أخوة لدي ووالدي مريض بالفصام,لذلك لم أشعر يوماً كيف يكون الأب وما معنى ذلك, أشعر بأن والدي رجل غريب مضطرة للعيش معه,شخص ظالم ولئيم ومؤذي للحد الذي أصبحت أكره فيه البيت, لا إخوة لدي, لذلك أشعر بأني المسؤولة عن كثير أشياء ليس من اختصاصي وإنما اختصاص الرجال, كنت راضية بقدري, كنت أتمنى أن أتزوج رجل يخلصني من تلك الظروف, ولكن عندما وصلت لهذا العمر أيقنت أني لا لن أتزوج,سلمت أمري ورضيت.
لكن ... دخل قلبي شاب لم أكن أحبه , لم تكن بيني وبينه علاقة, دخل قلبي دون استئذان , ولأني كنت في فترة أحتاج لأي شخص يكون في حياتي, فتاة تعاني الفقد وتشعر بالفراغ العاطفي, أصبحت أحبه , ظننته الفرج, لكن كان الابتلاء , في كل مرة كان يحاول أن يحادثني على الهاتف كنت أصده, وفي آخر مرة شعرت بنشوة الحب تدخل قلبي, لذلك استجبت بعض المرات للحديث على الهاتف, دون أي اعتراف مني أو منه, لكن فقط لربما كنت ألومه أحاول معرفته أكثر, دون كلام قبيح أو مغضب لله, وبعد ما تأكد من استجابتي , وعدني بأن يتصل علي هو, كنت قد تعودت عليه أن يتصل كل يوم, لم يتصل ولا أعلم ما السبب, لم أتصل أنا, انتظرت وانتظرت,لم أتصل حفاظاً على كرامتي,
انتظرت ساعات أيام أشهر لم يتصل, أصبت بالحزن كثيراً, لم أدر ما أفعل وقتها, لم أتصل, كنت أراه أحيانا مصادفة, أحيانا يتظاهر كأنه لا يراني, وأحياناً أن وقعت عيني في عينه يبتسم , لم أعد أراه ولا أي شيء بيني وبينه, كنت أنا من فرط غبائي وشدته قد بنيت أحلاما وردية في مخيلتي ككل الفتيات الساذجات, لا أخفي عليكم أني تعلقت به , ارتحت له , تمنيته نصيبي , أفجعني غيابه, حاولت التناسي بشتى المجالات, لم أعد أُعجب بأي صنف من الرجال, أحببته كثيرا وما زلت, على الرغم من أني حبي هذا تخف حدته.
لكن ولأني لم أرتح لأي خاطب في حياتي لأن كل خاطب كان يأتيني فيه علة لا أستطيع التماشي معها ولا توافق, وبما أنه حصل معه نوع من الانجذاب, تمنيته نصيبي, أصبحت مشغولة به, لم أنساه رغم أن هذا الشيء له سنة تقريبا, لكن لم أستطيع النسيان, لم أعد أحفظ القرآن ولم أعد أقوى كثيراً على حفظه, أصبحت حزينة, وصرت أسمع الأغاني بعد ما كنت أستهزئ بمن يسمعها, والمشكلة الأدهى هي أنني أصبحت أفعل العادة السرية, كل مرة أعملها أبكي أتوب ولكن أرجع, مللت من نفسي واستحقرتها, فتاة مظهرها ملتزم تفعل أشياء كهذه, لذلك لا أعلم ماذا أفعل لا شيء يقتل حزني هذا,أحيانا أقرأ سورة البقرة كل يوم لكنني لا أستمر, أمارس الرياضة لكن لا أستمر, أحاول أن أعالج نفسي لكي أنساه لكن لا أستطيع ولا أستمر في أي شيء, لا أدري ما أفعل, أشعر بأن لديَّ نقص, كنت أتمنى أن أكون زوجة صالحة وأُمَّاً لأطفال, فتاة ناجحة لكن لم أستطع .
أصبحت فتاة تسمع كل يوم كثيرا من الكلمات لأنها وصلت لهذا العمر ولم تتزوج, خجلة أنا من ربي لأني بهذه الصفات, لا أنا من أهل الدنيا ولا من أهل الآخرة, فتاة مجزئة من الداخل, أحياناً تراودني أفكار بأن أتصل أنا به ولكني أشعر بأني سوف أكون مهانة وسخيفة لذلك لا أفعل هذا, أكره كل صنف الرجال,
لا أدري ما أفعل, متعلقة أنا به للحد الذي أشعر به أن قلبي مشلول, سنة كاملة كافية لكي أنساه,
قطعت كل سبل الوصول إليه لكي أنساه لكن هيهات..... فماذا أفعل؟
8/3/2017
رد المستشار
أشكرك يا "مريم" على ثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، بادئ ذي بدء مجرد شعورك أن لديك مشكلة وتسعين لحلها فهي خطوة جريئة وصائبة وتشير أن لديك رغبة صادقة في التغيير والبحث عن حلول، بداية أشكرك على حرصك على الصلاح والتقى والعفة، وأنك لم تفعلي مثل ما تفعل الفتيات الطائشات حيث يلجأن إلى التعرف على الشباب بطرق غير مشروعة.
الزواج رزق من الله تعالى، يسير وفق قضاء الله وقدره، لا يستطيع أحد من الناس أن يتحكم به، وكل ما يدور في هذا الكون يسير كذلك بتدبير الله، وليس ثمة شيء محض صدفة، أو يسير لنفسه، يقول ربنا -جلَّ وعلا-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.
وقال -عليه الصلاة والسلام-:{قدَّر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء}، ولمَّا خلق الله القلم قال له: اكتب، قال وما أكتب؟ قال:{اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة}.
وقال -عليه الصلاة والسلام-:{كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس}، والكيس الفطنة.
ينبغي عليك أن تكوني موقنة بذلك، وعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره، فذلك جزء من الإيمان، وألا تتسخطي أبداً، فإنه من رضي فله الرضا، ومن تسخط فله السخط، يقول -عليه الصلاة والسلام-: {إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ}، فالزواج لا يأتي بشدة الحرص، ولا يفوت بالترك، فزواجك سيأتي -بإذن الله- في الوقت، والرجل الذي قدره الله لك، ولن تستطيعي أن تقدمي ذلك، وإن أنفقت ما في الأرض من كنوز، ولن يستطيع أحد أن يمنعك إن أتاك النصيب، ولو وقفت الدنيا كلها في وجهك.
ولكن يجب عليك أن تتغلبي على مشاعرك بقوة إيمانك بالله تعالى، ورضاك بقضائه وقدره، وأنصحك أن توثقي صلتك بالله تعالى، وأن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال المحافظة على الفرائض، والإكثار من النوافل المتنوعة، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة، كما وعد الله الذي لا يخلف الميعاد بقوله:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
ذنوب العبد قد تحول بينه وبين الرزق، كما قال -عليه الصلاة والسلام-:{وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه}، فأتمنى أن تجلسي مع نفسك جلسة محاسبة، وتنظري هل هنالك ذنب فعلتيه ولم تتوبي منه؟ وأنا هنا لا أتهمك بشيء أبداً، فلا يذهب بالك بعيداً، وكلنا أصحاب ذنوب، ولكن من باب محاسبة النفس، فكم من الناس من يرتكب الغيبة والنمية كل يوم، وكأنه في حال اقتراف ذلك الذنب يلعق عسلاً، ولا يلقي بَالاً لتبعات تلك الذنوب، وكم من الناس من ظلم أو عق والديه ولم يتب، ولم يستغفر الله، فتصبَّري وكوني قوية، ولا تُظهري ضعفاً أبداً، فالصبر عاقبته حسنة، ولك في رسول الله أسوة حسنة، حين كانوا يتهمونه بأنه مجنون وساحر، وتمثلي بقول الشاعر:
(وتجلدي للشامتين أُرِيْهمُ ** أني لريب الدهر لا أتضعضع).
الشخص الذي تعرفتي عليه ليس من نصيبك، فلم تتحسرين على فواته، وقد يكون غير الرجل المناسب لك؟ فتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة كما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، ويوم الأربعاء ما بين الظهر والعصر، وَأَلِحِّيْ على الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، واجتهدي في أن تتوفر فيك أسباب الاستجابة، وتنتفي الموانع، وكوني على يقين أن الله سيستجيب لك كما وعد بقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ}، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وأكثري من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له،
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له}.
واختيار شريكٍ للمستقبل ليس بالأمر السهل، وهو أمرٌ يشغل بال الكثيرين، فالزواج ليس ثوباً تشتريه مع إمكانية إرجاع القطعة أو تبديلها .. إنه ارتباط بين شخصين، ربما يدوم مدى الحياة!!
إذاً .. فاختيار شريك المستقبل، هل يكون خاضعاً لمعايير عقلية حتمية ؟.. أم أنه يكون بناءاً على توافقٍ قلبي فقط ؟!.. أم أنه ينطلق من القلب تحت مظلة عقلية واضحة وجلية ؟! فالإجابة على هذه التساؤلات هي من تجعل هناك فروق فردية بين الأشخاص في اختياراتهم لشريك الحياة، فالزواج يجدر به أن يكون بناءً حصيناً قائماً علي أسس راسخة تمنع أي زلزال مهما بلغت قوته النيل منه. وإذا أبدلنا شرطاً جوهرياً عند الاختيار لنضع مكانه شرطاً جمالياً فإننا دون شك نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم :21] هيا نتأمل معاً الآية الكريمة لنرى المعجزة الحقيقية فيما تحمله من معنى، فهي التي حددت الهدف الأسمى للزواج وهو الفوز بالسكن والمودة والرحمة، وهذه هي فعلاً مقومات الزواج الناجح، لأنه يلّبي الحاجات الأساسية للنفس البشرية، فالإنسان في مراحله العمرية المختلفة لا يستغنى عن أيٍ منها، ولما كانت هذه هي الآية الوحيدة في القرآن التي حملت هذا المعنى المُعْجِز؛ فلا يسعنا كي نحظى بما فيها من عطاء هو حلم كل شاب وفتاة إلا نبحث في السنة المطهرة فقد ورد بهذا الشأن أحاديث عديدة ..
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: { تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ } الراوي: أبو هريرة (صحيح البخاري؛ رقم: [5090])، فالحديث يبين الصفات التي يبحث عنها جملة الناس ثم يقطع بأهم صفة يجب توافرها في الزوجة؛ ألا وهي أن تكون ذات دين كي تتحقق للشاب السعادة في الدارين.
يقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: {إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه إن لا تفعلُوه تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ}
الراوي: أبو حاتم المزني (إرواء الغليل؛ رقم: [1868]).
أما قائمة الشروط التي نجدها موضوعة من قِبَل بعض الفتيان والفتيات فمعظمها تكميلية تجميلية وليست وظيفية، فالزواج يجدر به أن يكون بناءً حصيناً قائماً علي أسس راسخة تمنع أي زلزال مهما بلغت قوته النيل منه. وإذا أبدلنا شرطاً جوهرياً لنضع مكانه شرطاً جمالياً فإننا دون شك نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. فعندما يشترط الرجل في المرأة الجمال أو تشترط المرأة في الرجل المال على حساب الدين إنما هو منتهى التفريط فالمال والجمال والجاه وكل هذه الأمور إنما هي مميزات قصيرة الصلاحية، غير مضمونة حتى على امتداد أعمارنا القصيرة؛ أما ما حدده الإسلام فهو لإقامة الدنيا والآخرة معاً.
فماذا يُجدي الرجل إذا تزوج بامرأة جميلة لكنها عابسة الوجه لا تحمل نظراتها أي شعور بالرضا والتفاؤل كما أن كلماتها أبعد ما تكون عن مشاعر المحبة والتقدير! وماذا يجدي المرأة أن تتزوج برجل ذي مال وجاه لا يعرف لسانه إلى الكلمة العذبة أو اللمسة الحانية طريقاً!
تذكري قوله صلى الله عليه وسلم: {مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ ومَن لم يستطِعْ منكم الباءةَ فلْيصُمْ فإنَّه له وجاءٌ}
الراوي: عبد الله بن مسعود. (صحيح ابن حبان؛ رقم: [ 4026]).
وكل ما سبق هو محاولة لتوضيح بعض المقومات التي تساعد على نجاح العلاقة الزوجية، لترشدك للاختيار الأمثل لشريك المستقبل مع تمنياتي بالتوفيق وتابعينا دوما بأخبارك.