مشكلة أخي معقدة جداً
بسم الله الرحمن الرحيم ... أتمنى أن يتسع صدركم لما سأحكيه وأقسم بالله أنه حقيقي 100% ... أنا شاب من مصر من أسرة متوسطة فوالدي رحمه الله كان يعمل محاسباً ووالدتي تعمل مدرسة وكنت مجتهداً جداً في الدراسة وأثناء دراسة الثانوية العامة (2 ثانوي)كنا نسكن في شقة بالإيجار ووالدي قرر أن ننتقل لمنزل نمتلكه ولكنه يقع في إحدى القرى في بداية 3 ثانوي ونترك الشقة التي نستأجرها في المدينة حيث أنه أراد أن يعود لأصوله والعيش بالقرب من أبيه (جدي) وأعمامي بناءًا على رغبة جدي رحمه الله...
لم أرتح أبداً لهذا الانتقال حيث تختلف حياة المدينة تماماً عن القرية.. الناس تتحدث عن بعضها البعض كثيراً وتكثر الغيبة والنميمة والحسد وقد كنا في مستوى اجتماعي أعلى قليلاً من سكان القرية ورغم أن أكثرهم من أقاربنا لكن كنا نرى ما لا يسرنا من البعض... بالفعل لم أوفق في الحصول على مجموع عالي في 3 ثانوي رغم مجموعي الجيد في 2 ثانوي ورغم ذلك حمدت الله واعتبرت ما حدث ماضي وانتهى ودخلت الجامعة ...المشاكل بدأت تزيد في القرية مع أخي حيث بدأ يعرف أصدقاء السوء وعرف طريق التدخين ثم عرف بعدها طريق الإدمان ...
أخي يصغرني بـ 6 سنوات وسنُّه الآن 26 سنة بدأ أخي وهو في 1 ثانوي يتغيب عن البيت بانتظام وحاولنا أنا وأبي كثيراً معه لنعيده إلى الصواب لكن دون جدوى ... في هذه الفترة كنت في الجامعة ثم تخرجت ثم سافرت إلى الخليج في سنة 2007 وأخي كان متعثراً في الدراسة غير مهتم بها... في نهاية سنة 2008 اتهم أبي ظلماً في قضية قتل بعد أن تسبب أقاربنا في قتل أحد الأشخاص بعد مشاجرة وقد كان على خلاف كبير مع عائلتنا لكن أبي كان يرفض الضرب والعنف ولكن أقاربي أصروا على ذلك ثم اتهم أبي ظلماً وبعض أقاربنا في هذه القضية وحكم عليه ظلماً ب 15 سنة سجن (اللهم انتقم ممن دبر له هذه المكيدة)..
لاحظت على أخي الحزن الشديد وهذا شيء طبيعي في هذه الظروف وللأسف كان يلجأ للمخدرات للهروب من مشاكله وحاولت معه كثيراً لإخراجه مما هو فيه دون جدوى...كان لدينا مشكلة أخرى هي مشكلة ديون كبيرة على أبي لم نكن نعلم عنها شيئاً قبل هذه القضية وكل هذه الظروف دفعتني للعمل بجد والحمد لله تم سداد الديون وأصبحت مديراً لأحد الشركات في الخليج ومنذ عدة شهور توفي أبي في السجن والحمد لله على هذا الابتلاء وكانت مشكلات أخي تزداد سوءًا...
منذ حوالي سنة ذهبنا بأخي لأحد الأطباء النفسيين بعد مشكلات كثيرة يطول شرحها وأكد لنا أنه مصاب باضطراب وجداني ثنائي القطب بالإضافة لمشكلة إدمان المخدرات ويحتاج لعلاج سريع لكن مشكلته أنه عنيد جداً ويرفض العلاج ... مرتان فقط أرسلناه إلى مصحة نفسية بعد أن كان يصاب بحالة لا يستطيع معها البقاء بالبيت وكان يضغط بشدة للخروج بعد فترة من دخول المصحة وعند خروجه يكون بصحة جيدة ولكن بعد خروجه يعود كما كان...هو غير متدين ولا يصلى وينام كثيراً بالنهار ويسهر بالليل وبكل يوم أسمع عنه مشكلات كبيرة كتجارة بالمخدرات وغيره رغم أننا فتحنا له مغسلة سيارات حتى لا يحتاج إلى اللجوء إلى أي طريق غير سوي ولا أعرف ماذا أفعل خاصة أنه يعيش مع أمي وصرت أخاف عليها جداً منه
كيف أحل مشكلة أخي المعقدة ؟؟ ..
هل سيكمل حياته على هذا النحو ؟؟
12/3/2017
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع،
وجزاك الله خيراً على رعايتك لأخيك. ولكن لا تستطيع أن تحل مشكلته المعقدة ولا أحد يستطيع أن يحسم أمرها سواه. ما فعلته أكثر بكثير من الذي يفعله الكثير من العائلات تجاه أحد أعضائها تجاوز منتصف العقد الثالث من العمر، ولا يزال مصمماً على المسير في طريق الإدمان، ولا أحد يعرف نهاية الطريق. ساندته اجتماعياً ومادياً وصحياً. دخل المصحة وانتكس بعد ذلك، ولكن علاج الإدمان لا ينتهي مع دخول مصحة لشهر أو شهرين أو حتى 12 شهراً. الكثير منهم يحتاج إلى متابعة منتظمة من قبل طبيب نفسي أو معالج نفساني أو أحد أعضاء فريق طبنفسي يختص بهذه الأمراض.
التعامل معهم في غاية الصعوبة ولا يتوقف المدمن عن المراوغة والكذب والاحتيال بسبب إدمانه. خير ما يجب أن تفعله هو أن تشجعه لمراجعة فريق طبنفسي يحرص على مساندته في المجتمع، وهم أكثر علماً من غيرهم بصفات مرضاهم. ولكن القرار النهائي في الحصول على هذا العلاج والتعاون مع الفريق المعالج هو قرار المريض نفسه ولا تستطيع أن تجبره. هناك أيضاً حالتك النفسية أنت لا تتحمل مسؤولية علاجه لوحدك وربما حان الوقت أن يفهم بأن طاقات الأهل والأصحاب محدودة وإن سار في طريق ما فعليه أن يسير فيه لوحده. عملت ما فيه الكفاية وربما حان وقت نقل مسؤولية العلاج والبحث عن الشفاء إلى المريض نفسه.
رغم كل ذلك فإن الكثير منهم يتحسن، ويتوقف عن إدمانه حتى بدون علاج. يحصل ذلك حين يصحو المدمن من غفوته لسبب أو آخر بسب ظروف بيئية ونضوج عقلي. قد لا تقوى على التوقف عن مساندته ولكنك عليك أيضاً أن تقبل بأنه المسؤول الأول والأخير عن إدمانه ولا يمكن تبرير ذلك بأزمات الماضي. وفقك الله.