هل هذا من الوساوس القهرية ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على ما تقدمونه من وقتكم في الرد على استشارتنا..
استشارتي هي أنني لاحظت في الفترة الأخيرة كثرة تفكيري في خلق حياة أخرى لي، أقصد أنني أصنع سيناريو معين لحياة معينة في رأسي وأبدأ في الاسترسال بها إلى أن أنهيها كأنها قصة، ومن تلك السيناريوهات أن أهاجر من البلد ، أو أن أتزوج ومن ثم أنفصل، أو أن أتوظف وأتخيل حياتي ما بعد الوظيفة وهكذا..
بمعنى سيناريو كامل لقصة مختلقة أكون أنا بطلتها، وعادة هذه السيناريوهات ليست وردية وإنما جلها يكون ملحمي وبعضها يكون روتيني أي أتخيل يومي فقط وأنا في حال معينة.
هذه الحالة ليست بجديدة عليه فقد بدأت معي منذ سبع سنوات لكن لم تشكل مشكلة لدي لأنها كانت طفيفة ، أمَّا الآن فقد أصبحت تشكل مشكلة لأنها أصبحت تأتيني بكثرة وأصبحت أخذ وقتًا في الاسترسال في رسمها وكأنني أكتب قصة لها حبكة وحوارات ولا يهدأ عقلي إلا عندما أنهيها وعندما لا أنهيها تعود لتأتي من جديد لكي أنهيها، لا أعلم إن كانت حالتي واضحة لكم أم لا، لكنني حاولت شرحها كما أحس بها وهي مشكلة أزعجتني جداً، وأخذت من وقتي كثيراً وأصبحت أشعر بشعور طفيف بانفصال عن واقعي.
لا أريد أن أفكر في مثل هذه الأفكار أو أتخيل نفسي في مثل الظروف التي أرسمها أريد أن أعيش واقعي لا أن أتخيل، مع العلم أنني واقعية جداً بشهادة من حولي وأعيش واقعي لكن مع ذلك تأتيني مثل هذه الأفكار وتزعجني لأن صنع هذه السيناريوهات يؤثر على تركيزي خصوصاً أنني في الوقت الحالي مشغولة ببحث ماجستير فعلقي ليس فارغاً لكن لا أعلم ما المشكلة!! هل هو هروب من واقع ؟ لكن هل يعقل أن أكون هاربة من واقعي لمدة 7 سنوات ؟! هل هذه الأفكار تدخل ضمن الوسواس القهرية؟
هل أعاني من اضطراب نفسي؟ كيف أتخلص من مثل هذه الأفكار؟ خصوصاً أنه لا يمر يوم دون أن أختلق سيناريو وأنهيه.
شكراً جزيلاً لكم.
22/4/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله أختي "أضوى"، ومرحباً بك على موقع مجانين.
تتساءلين (هل يُعقل أنْ أكُون هاربة من واقعي لمدة 7 سنوات ؟!) ولِمَ لا ؟ وقد يهرب الإنسان "ببدنه" من واقع معيّن سنوات أيضاً ! والهروب في متاهات العقل والقصص والخيالات أسهل ولا شك. وهذه تُسمّى أحلام يقظة أختي "أضوى".
ألا تُلاحِظين أن القصص التي تتخيلينها وتكتبين مشاهدها، تصبّ في إنتاج صورة مثالية عن واقعك الذي لا يُرضيك بشكل مطلق؟ ولا أُقصد بالمثالية هنا الوردية، بل مثالية من ناحية توافقها مع حاجيّاتك تماماً، قصص تنتصرين فيها من جهة ما يؤلمك أو يُضعِفك أو يقهرك في واقعك، فسواء كانت ملحمية أو ورديّة، فهي تلبّي حاجيات نفسية للانتصار والظفر بشيء مفقود.
وسبع سنوات هي مدة "تدريبك" وليست بالهيّنة، فكانت السنوات الأولى غير السنوات الأخيرة من جهة حضور تلك الأفكار وتأثيرها عليك، فقد تمرّنت لمدة طويلة ودرّبتِ ذهنك على مثل هذا المجهود والنشاط. وقد يرتبط ذلك بشخصية قسرية وسواسية (وليس بالضرورة وسواس قهريّ ولكن في نطاقِه) تحفّز الذهن لاجترار الأفكار والقصص مع ما يرافقها من انزعاج وضيق في تجاهلها.
أحلام اليقظة هذه تعمل كآلية دفاعية تخفف من وطأة الواقع، ولكن تصير معيقة إن تجاوزتْ حدّا معيّنا، فتتغذّى النفس بها وتطمئن لها، وتصرف طاقتها للاستثمار فيها، على حِساب تضييع واقع وإصلاح مطلوب فيه، وتطوير لما هو مؤثّر فعلاً في حياتنا. وهذا شبيه باستثمار بعضنا في عوالم افتراضيّة (مواقع التواصل الاجتماعي أو الألعاب على النّت...) بكل وقته وعاطفته يتفاعل في علاقاتها أكثر مما يتفاعل في حياته الواقعيّة، وتؤثّر فيه أكثر مما تؤثر فيه العلاقات الواقعية.
وأحيلك هنا لبعض الروابط لحالات مشابهة، تحيلك إلى روابط أخرى:
لم تكن تعلم أن اسمها أحلام اليقظة !
أحلام اليقظة أحلى م اليقظة!
مريم وفرط أحلام اليقظة
أحلام يقظة تعويضية ووسواس قهري
هل أنت شخصيةٌ قسرية ؟
بين يقظة الضمير والشخصية القسرية شعرة
وطبعاً أنصحك بشدة بأن تبدئي علاجاً بالجلسات.