العودة للأمان في الطفولة
مفتقدة الاهتمام والاحتواء من البيت وده من صغري كنت أعوضه بالتعلق بالأكبر مني من المعلمات من الابتدائي للثانوي
وفي الجامعة كنت أتعلق بصديقاتي بس جاء عليَّ بضرر بالغ فبعده ما لقيتش صحبة تناسبني بعدها, بس مؤخراً بقيت مفتقدة الاحتواء بشدة وقلت لوالدتي بس هي معوضة كل احتياجها بالله فمش مهتمة بالجانب ده خالص بسبب سفر الوالد وبقيت أحلم بأني أحتضن رضيعة وأني أحكي لصديقة لغاية ما وصل بي التفكير أني أجيب التيتينة بتاعة الأطفال بس خفت تبقى عادة ما أعرف أتخلص منها
عمري 21 سنة
20/5/2017
رد المستشار
الابنة السائلة:
رسالتك تفجر قضية خطيرة، ومسكوت عنها تتعلق بأسلوب التربية، وبصوت العقل والنضج، وتصورات الذات والحياة في حياتنا ومجتمعاتنا.
يخلقنا الله مكتفين ذاتياً شعورياً، ونحتاج فقط إلى رعاية مادية تنسحب كلما تقدمنا في العمر، وهي تعاملنا كيف نكفل أنفسنا، ونشبع احتياجاتنا المادية بأنفسنا!!
الاهتمام والاحتواء والحب والرعاية كلها احتياجات نحن نشبعها بأنفسنا لأنفسنا، ونحن مؤهلون لذلك تماماً، ولا نحتاج إلى التعلق بشخص أو شيء خارجنا ليشبع هذه الاحتياجات الإنسانية الموجودة لدى كل شخص منا.
الحبل السري ينقطع بمجرد الميلاد، والحبال النفسية كذلك ينبغي أن تنقطع تدريجياً، وربما يكون سن البلوغ هو نهاية التعلق الممكن بمن حولنا لأننا عندها نكون مؤهلين، ولو عضوياً وفسيولوجيا، لإنتاج بشر جدد، ويمكننا بالتالي رعايتهم، وحماية نضجهم لكن ليس هذا هو الشائع في بلداننا، ولا في ثقافتنا، وبخاصة بالنسبة للبنات!! وتجليات هذه خطيرة في الحياة اليومية، وفي السياسة!!
بؤس التربية على التعلق والاعتمادية هو الشائع مما يخلق كائنات متطلبة تبحث عن الاحتواء من الخارج، والحنان، والاهتمام، ويخلق هذا نوعا من الجوع، وإدمان العلاقات التي تلبي لهن هذا الاحتياج، ولو بطريقة غير صحية!
تبحث الشخصية الاعتمادية عن متسلط رحيم في صورة امرأة أكبر سنا، أو زوج، أو غير ذلك، ولا تعرف غير أن تكون منقادة، مذعورة إلا في كنف أحد يحميها، وتشعر بالتالي بالخوف إذا خرجت من العلاقة الحمائية هذه!!
ولعل غياب الوالد ضاعف من المشكلة!!
تأملي هذه الكائنات التي تبحث عن العلاقات بأي ثمن، ومهما كانت تكلفة الإبقاء على العلاقة، لأن مثل هذه العلاقات بالنسبة لها تعني الحياة، وقطعها يعني نوعا من الموت لحين الحصول على علاقة جديدة، وهكذا!!
هذه كائنات مزعجة لمن يقترب منها، أو يقترن بها.
هذه كائنات تتغذى على الطرف الآخر، ولا تستطيع إقامة علاقات تبادلية متكافئة فيها مشاركة وتواصل، وليس اعتمادية وامتصاص!! ولا تستطيع الخروج من علاقة اكتشفت أنها مسمومة!!
لكن لا ينبغي الخلط بين الاحتياج لما تسمينه الاحتواء، والاحتياج للحميمية، لأن الأول منتظر منا إشباعه حين نهتم بأنفسنا، ونرعى أنفسنا، ونحب أنفسنا، ونعطيها الأمان، والحب كما نعطي غيرنا!!
أما الحميمية أو القرب من شريك فهو احتياج ناضج ويمكن إشباعه عبر إقامة علاقة، ولعله يحصل قريبا في حياتك على شكل صحي، وليس مقرنا بالتعلق!!
قدرتك على تحديد احتياجاتك غير المشبعة هي المدخل السليم إشباع هذه الاحتياجات. من منظور المدرسة التحليلية في علم النفس تبدو حالتك مثالية لما يسمونه التثبيت، وهي حالة من توقف النمو النفسي عند مرحلة ما، وفي حالتك يسمونها "المرحلة الغمية"، فما تزالين تتصورين الإشباع، واللذة، والأمان عبر المص!!
أرجو أن تكون إجابتي السريعة هذه مدخلا لك للمزيد من البحث في الأمر، واستكشافه، وشكراً لثقتك، وتابعينا بأخبارك .
واقرأ أيضًا:
نفسي عاطفي: مشكلات التعلق Attachment Problems
نفس اجتماعي: فراغ عاطفي
الموضوع الانتقالي الفطام..البطانية في شهر8
الموضوع الانتقالي: الفطام ... البلوفر أو البطانية ؟ م
الموضوع الانتقالي: الفطام ... البلوفر أو البطانية ؟ م. ومشاركة