التفكير في المشاكل! والبيت!
السلام عليكم
صباح/ مساء الخير
أنا نادمة حقاً لأنني لم أكن أعرف هذا الموقع من قبل! بل إنني استفدت منه في أشياء كثيرة، فشكراً لكل من ساهم هنا ولو بشيء بسيط.
الآن أود الإعلام بمشكلتي
لا أدري هل هي كثرة التفكير الزائد أم ماذا!
ولكن أنا فتاة مصرية ولكن أعيش في السعودية نظراً لعمل أبي، عمري 18 وأنا الأكبر بين إخوتي، بعدي أخت تصغرني ب5 سنوات تقريباً، وبعدها أخ يصغرني ب15 سنة أيضاً ...... أنهيت الثانوية من حوالي شهر تقريباً بمعدل 100٪ الحمد لله! أنا إنسانة اجتماعية جداً ومحبوبة من الجميع ولله الحمد، لدي ذكاء اجتماعي وأعرف أن أصرف أموري
ليس لدي أمراض سوى الجيوب الأنفية -منذ ولادتي- وأيضاً اكتشفت في الـ 16 من عمري أن لدي القولون العصبي-علماً بأن أعراضه كانت معي قبل الـ 15 من عمري تقريباً-وأعتقد أن لدي دوروية المزاج (الفرح انقباضية) فلدي أعراضها التي قرأت عنها ولكن تغلب علي حالة الفرح عند الانشغال بأي شيء ربما يكون مزاجي في الصباح سيء جداً، ولكن عندما أقابل زميلاتي في المدرسة وأنشغل بالدراسة والحصص أنسى ما كنت عليه وأرجع بشوشة كعادتي والكل يعرفني بهذه الضحكة الدائمة
حالتي الدينية:
الحمد لله أصلي وأصوم وأقرأ وأحفظ القرآن أحياناً
وتارةً أتقرب جداً وأخشع بدرجة عالية وأحياناً أخرى أصلي صلاةً عاديةً خالية من الخشوع عندما أقرأ القرآن أتساءل تساؤلات كثيرة حول كل آية وأبحث عن معناها وقصتها-أحياناً فهمي الخاطئ قبل البحث يصيبني بصدمة في ديني، ولكن تتبدل هذه الصدمة باطمئنان عند معرفة المعنى الصحيح-، وأيضاً أبحث في موضوع الأديان وأقارن بينها وبين الإلحاد وأقرأ بعض الكتب تخص هذا الموضوع
علاقتي بأمي عادية وأساعدها وأبرها في شؤون المنزل ولكن أحياناً تحصل بيننا مناقشات حادة في مواضيع عديدة وأكون أنا دائماً معترضة على كل شيء.
علاقتي بأختي ليست عادية نوعاً ما، نتشاجر كأي إخوة في العالم ولكن وقت الجد وعندما تحتاجني أكون بجانبها وأدافع عنها حتى الموت ولا أرضى بأي كلام يطعن فيها، دائماً أختي تجلب لي المشاكل وأنا أتصرف فيها وأساعدها، وأهتم لأمرها جداً، أبكي لأجلها ولا أبكي لأجل مشاكلي! وأحياناً أتعب لدرجة أني أتمنى الموت لها، فهي تجلب المشاكل لأسرتي وأبي يسخفها دائماً ولا يحل تلك المشاكل أو ينقلب على أختي بالمعاملة السيئة التي تصل للضرب
علاقتي بأخي الصغير ذو الثلاث سنوات جميلة جداً وأحبه بأسلوب مبالغ فيه، وآمل أن يكون هو سندي وظهري مستقبلاً
علاقتي بأبي كانت سيئة عندما كنت صغيرة من معاملة سيئة ومواقف لا أريد تذكرها، الآن علاقتنا عادية نوعاً ما، أعتقد لأنني عندما كنت صغيرة كنت أتحمل الإهانات ولا أعرف أن أرد على أحد أو أدافع عن نفسي
ولكن مع مرور الوقت وانتقالي من مجتمع إلى آخر في المدرسة تحديداً عندما ذهبت إلى المرحلة الإعدادية (المرحلة المتوسطة) بدأت أثق بنفسي كثيراً واكتسبت خبرة كثيرة في التحاور مع كل الشخصيات التي قابلتهم في حياتي.
الآن سأعود إلى مصر وألتحق بالجامعة هناك، المشكلة هي أننا لا نملك منزلاً أو نملك ولكنه لأمي، في الحقيقة أمي عملت في كل شيء لكي تبني هذا البيت من أساسه إلى الآن، ولكن بقي تجهيزه بالأجهزة والأثاث وما نحو ذلك، أما أبي فلديه شقة بغرفة واحدة وصالة ومطبخ وحمام في بيت أهله، بالتأكيد لن ننام أنا وإخوتي الثلاثة مع أبي وأمي في هذه الغرفة الواحدة! بالإضافة إلى جدتي أم أبي، فمعاملتها سيئة جداً، مع أننا لم نفعل لها شيئاً، الآن صرنا نكرهها بسبب تلك الحركات، بالتأكيد لا أحد يلومني طالما هناك سبب! لكن أبي يلومني! لكن أغلبه دائماً في الرد فيغير الموضوع!
حسناً آسفة على الإطالة ولنعد لموضوعنا الأصلي
بيت أمي جميل شكلاً ولكن المنطقة التي هو فيها ليست بذلك القدر، بيت أمي ليس في عاصمة أو مدينة معروفة، هو في مدينة جانبية تقريباً، تلك المدينة بجانب المدينة التي يوجد فيها بيت عائلة أبي وجامعتي إن شاء الله أريد أن أحس أن أبي مهتمٌ بنا قليلاً! هناك أناس في نفس عمله ولديه أطفال أكثر منا ومسؤوليات أكبر ومع ذلك لديهم بيت يذهبون إليه!
علماً بأن مستوانا المادي متوسط وبإمكانه الادخار، فمصاريفنا قليلة جداً مقارنةً براتبه، يمكنه الادخار لكنه دائماً يصرف ماله في أشياء تافهة: سيارة، جوال (موبايل) ... الخ في نفس الوقت أفكر مستقبلاً لو جاء أحد لخطبتي، بالتأكيد لا أريد أن أريه تلك الشقة ولا أريده أن يتعرف إلى عائلة أبي تلك!!!
أبي يعمل في الخارج ولم يفعل لنا شيئاً! لا أدري والشقة الإيجار التي في السعودية ليست أسوأ من ذلك، فهي غير مهيأة للعيش الآدمي تقريباً، أبلغ من العمر 18 عاماً ولا يوجد لدينا صالة بأثاث في شقتنا! وأبي غير مهتم
لماذا أنا!؟
أعتقد أن هذه الأفكار فقط لأنني أخذت الإجازة وليس لدي عمل أقوم وأنشغل به!؟ ولكني الآن أقوم بأعمال المنزل من طبخ وتنظيف وغيرها، لا أدري تعبت من التفكير، لا أريد أن أفكر...... بالذات أن هنالك شخص معجب بي ويريد الزواج، أفكر أحياناً أن لا أتزوج، كيف سيكون رد فعله إن رأى شقتنا في السعودية؟ كيف سيكون رد فعله إن رأى شقتنا في بيت عائلة أبي؟ كيف سيكون رد فعله إن عرف بكل هذا!
وأحياناً أخرى تأتيني ثقة عارمة في نفسي أن من يريدني لن ينظر إلى مثل هذه الأشياء، فأنا لا ينقصني شيء على المستوى الشخصي مثل الشكل أو العلاقات الاجتماعية وغيرها ولله الحمد، بالإضافة إلى أني لا أحتاج إلى أحد بجانبي طوال الوقت فلن يفرق معي ردة فعله كثيراً، وعلاقاتي مع الناس أتظاهر فيها بالقوة، ولا أهتم لمشاكل أحد
ولكني في الحقيقة أذهب إلى شقتنا وأنهار في البكاء إن اشتكت لي زميلتي من شيء في حياتها وأظل أدعو لها طوال اليوم! أنا في الحقيقة هشة جداً لكن لا يهمني ما دام هذا لم ولن يظهر لأحد أهم شيء أن لا يعرف أحد هذه الحقائق أنا فقط، أنا دائماً مع نفسي
أريد أن ألتحق بمنحة في دولة في شرق آسيا وأترك عائلتي وكل هذا الهم، أتمنى حقاً أن أنقبل في هذه المنحة أتمنى من كل قلبي، أذهب وأنخرط في الدراسة والبحث العلمي وأتحمل مسؤولية نفسي لوحدي، لكي لا ينشغل بالي سيكون هذا أفضل أنا متأزمة من الموضوع لقد سئمت
آسفة إن أطلت
ولكن ماذا أفعل! في كل شيء!؟
8/6/2017
رد المستشار
الابنة السائلة: شكرا على هذه الفضفضة التي فتحت أمامي باباً للغواية أن أصف لك حيرتي إزاء بعض ما يصلني من رسائل مثل رسالتك!!
هل الاتساق مع المحيط الأسري والاجتماعي هو المعيار الأهم لتحقيق السلام النفسي، ولو على حساب الاستكشاف والاتساق الذاتي الداخلي؟! بتفصيل وتشخيص أكبر: ما يدور في رأسك هو عبارة عن حزمة الأسئلة التي هي مطروحة في رؤوس أغلبية البنات في مثل سنك، فهل نجتهد معك في الإجابة عليها أم نستطلع معك أسئلة أخرى قد تكون أهم، ولكنها مهجورة، يكاد لا يطرحها أحد؟!!
تعالي نجرب:
من أول العنوان تظهر ملامح التفكير الشائع الذي يرى أو يتوهم للحياة الطيبة نموذجا متخيلا غامضا بحيث يصف كل ظروف وأحوال ليست مثل "الكتالوج" بوصفها "مشاكل"!!
راجعي سطورك لتفهمي ما أقصد، ولقد قرأتها عدة مرات بنوع من التأني والتدقيق لعلي أعثر على "المشاكل"، فلم أجد سوى ظروف عادية لفتاة عادية، وفي الحقيقة فإن وصف ظروف حياة كل منا بأنها "مشاكل" يكون بداية مزعجة نختارها في التعامل مع هذه الظروف!!
تفاصيل حياتك هي المادة التي تعلمين بها وعليها وعن طريقها تنضج شخصيتك، وتبنين عالمك الخاص، وهي ليست مشاكل، ولكن مجرد مواضيع متاحة أمامك لتتعلمي شيئا، أو لتدربي على مهارات التعامل مع الحياة عبر تأمل التفاصيل، وتجريب التفكير، والتقدير، والتنفيذ والتطوير المستمر.
مثال:
سكنك في مدينة "جانبية"، وانتقالك من بيئة إلى أخرى مختلفة هي فرص تنفتح أمامك للتدرب على تنظيم أوقاتك وأحوالك، والتكيف المرن مع معطيات جديدة مختلفة عن المألوف لديك، ولكنها في الوقت ذاته يمكن رؤيتها ووصفها – تبعا لثقافة منتشرة على أنها "المشاكل"!! والاختيار لك في الرؤية والتقدير والاعتبار.
مثال آخر:
أختك الصغيرة المراهقة هي جزء من حياتك، ووجودها من فرص حياتك للتأمل والتعلم حول كيفية تفاعل هذه الشريحة العمرية مع الظروف المحيطة، وكيفية التعامل الأمثل معها، وهي حين تسلك سلوكا معينا إنما تسلكه بحثا عن إشباع احتياج ما، هو احتياج مشروع وإنساني، ولكن ربما الطريقة ليست الأمثل دائما.
مراقبة سلوك أختك، وتفاعلك معها، وتفاعلها مع محيطها يمكن أن يزودك بخبرة واسعة جدا في الحياة، ولكن اعتبار هذه الوجود "مشكلة" هو ما يجعلك تتمنين موتها أحيانا!!
وحتى تمنيك موت أختك يمكن اعتباره "مشكلة" لأنه يخالف المفروض أو المتوقع أو ما ينبغي أن يكون، ولكن أيضا هو في حقيقته شعور يعبر عن رغبة في تحقيق الراحة والسلام النفسي، وإنهاء "المشاكل" لتعيشي حياة :سعيدة" خالية من المشكلات!!!
جانب آخر أود أن تتأملي معي تفاصيله.
يمكنك مثل آخرين أن تعتبري الحياة هي منزلك وأسرتك وعائلتك، والجامعة التي تدرسين فيها، و"مشاكل" كل جزء من هذه الأجزاء، وأغلب من حولك وحولي يعيشون الحياة هكذا: من البيت للجامعة، ومن الجامعة للبيت مع شيء من الترويح المحدود في المدن، وشبه المنعدم في الأماكن البعيدة عن صخب المدن، وحتى حياة الجيرة، أو أصدقاء الدراسة فهي قاحلة جرباء، وبالتالي نهرب غالبا إلى الفضاء الاليكتروني بحثا عن التواصل، أو الاستمتاع.
آخرون، وإن كانوا قلة، يبحرون في عوالمهم الداخلية تأملا ودهشة، وقبولا لأنفسهم كما هي، وبحثا عن احتياجاتهم الإنسانية لإشباعها دون اعتماد على غيرهم، أو لوم على ظروفهم، أو تقصير ذويهم!! كما يبحرون في عوالم الشعر، والفن، والرياضة، والموسيقى، والتاريخ، والفلسفة، وثقافات الشعوب، وطبائع النفوس والبشر، والقراءة النهمة المنظمة، والترحال بين اللغات، والأفكار، والبحث في الأديان، والمذاهب، والمعتقدات!!
وأنت وحدك ترسمين حدود حياتك، ومساحة تفكيرك وتأملات، ونوعية أسئلتك، واهتماماتك. قد تختارين أن تكون نظرتك للإنسان وللحياة مثل نظرة كثيرين حولنا يرون أن الإنسان هو ما يملك من شقة، وسيارة، وجهاز هاتف نقال فخم "أحدث موديل"!! والشكل، والهيئة، والملابس، والمعارف المهمين، والمكانة الاجتماعية المرموقة هي معايير التفاصيل بين الناس كما يرى البعض، وربما يكونون الأغلبية ولكن نفس الأغلبية تعيش تعيسة، وفي "مشاكل" لا حصر لها، بينما يمكن أن تختاري أن تنظري لنفسك وللناس نظرة أخرى تهتم بالجوهر، وأبعاد أخرى للحياة، ومن شأن هذه النظرة المختلفة أن توفر لك سلاما نفسيا، وتوازنا رائعا، وانسجاما مع الحياة والطبيعة، ولكنها ستحرمك من أغلب القبول المجتمعي الذي سينظر إليك بوصفك "مختلفة"، وربما يراك "مشكلة"،
وهذه هي المسألة التي بدأت بها، وحاولت التفصيل فيها بأمثلة:
هل ستختارين التكيف مع محيطك بحيث تطرحين على نفسك أسئلته، وتنشغلين بهمومه، وتعيشين "مشاكله"، وتحلمين مثله بحياة خالية من "المشاكل"، أم ستختارين التفاعل النشط مع كل ظروفك تقبلا لها، وتعلما من دروسها، ومحاولة للفهم، والنضج، واليقظة!!
الهدف الخفي، والسعادة المنشودة هل هي في الخلود والتخلص منها، أو السعي الدؤوب، والحلم المستمر، والسعي المستمر في وسط "مشاكل" الحياة؟!
أم هناك حياة مختلفة، وسعادة مختلفة؟!
تابعينا بأخبارك، وشكرا لثقتك، وثناءك، وتواصلك.
ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة السائلة أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعدما تفضل به أخي د. أحمد عبد الله ألا أن أذكره وأحيلك للاستزادة والاستفادة إلى ملف العائدون من الخليج وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين.