السلام عليكم
السادة الأفاضل أشكر سيادتكم كثيرا باسم كل الأمهات والآباء على ما تقدمونه من استشارات لما فيه نفع لأبنائنا.
المشكلة الأولى:
ابني وعمره 7 سنوات بالصف الثاني الابتدائي عدواني بمعظم الأحيان، ويمكن أن يكون السبب في أنا أو في والده فإننا كثيرا ما كنا نقول له سابقا لا تدع أحدا يضربك أو يهينك، وذلك لنجعل منه إنسانا له كيان، فأدى به الحال الآن إلى أن أي شخص مهما كان كبيرا أم صغيرا يقول له شيئا ولو صغيرا يعتدي عليه، سواء باللفظ أو بالضرب، وقرأت كثيرا بهذا الموضوع بموقعكم بهذا الخصوص بل وحاولت كثيرا عمل الإرشادات التي قرأتها ولكن بدون جدوى.
المشكلة الثانية:
أنه كثير النسيان فحاولت معه بشتى الطرق وذلك أيضا عن طريق الردود على الاستفسارات الخاصة بهذا الموضوع، ولا أنكر أنه قد تحسن عن السابق، ولكن بعد أن ضربه والده على هذا، ولكني لا أريد أن يفعل أي شيء نتيجة الضرب، فأنا دائما أتناقش مع والده بهذا الخصوص، وفعلا بدأنا نعاقبه بطريقة الحرمان أو الخصام ويرجع كما كان بعد يومين أو أكثر.
المشكلة الثالثة:
وهي العداوة المستمرة مع أخته 3 سنوات، مع العلم أنها لا تقيم معنا، فهي مع والدتي، وتأتي معنا فقط في نهاية الأسبوع أو الإجازات وترجع ثانية.. مع العلم أيضا أنني أعطيه كثيرا من الحنان وليس محروما من أي شيء على الإطلاق.
ولكن لي ملحوظة وهي أن والده إذا كسر شيئا من أدواته أو نسي شيئا ما يقول له الآتي: "أنا بشتري لك كل شيء لم أحرمك من كذا.. أو كذا... أنا في مثل سنك لم يكن عندي كذا... أنا اشتريت لك ملابس مدرسية لم تكن لدى أحد" فأنا خائفة من أن هذا الكلام يربي عنده انطباعا خاطئا وهو أنه لن يكون إنسانا سويا كباقي الأطفال، مما سوف يؤثر بالسلب على شخصيته، ولكن كيف؟ لا أعرف. فقد حاولت كثيرا مع والده أن يكف عن هذا الحديث معه ولا يذكره دائما إن كسر شيئا أو فقد شيئا أنه اشتراها بكذا أو أنه دفع لها مبلغل كبيرل أو أنه كان محروما وهو صغير وأقول له دائما إنه طفل لا يستوعب هذا الكلام.
المشكلة الرابعة:
عندما يلعب مع أخته وتخطئ يضربها ويقول لها نفس الكلام الذي بالفعل نقوله نحن إليه وأنا أعرف يا سيدتي/سيدي أن الخطأ ليس عليه فقط، ولكن علينا نحن أيضا ولكن كيفية التعامل معه؟. محيرة فأنا. في بعض الأحيان ألجأ إلى أن أقول له مثلا سوف أترك البيت وأذهب إلى جدتك ولن أرجع له ثانيا.. وإذا به يتغير للحظات، ثم يرجع إلى مكان عليه من قبل مع العلم أن أخته هادئة الطبع وليس لها ميول عدوانية وتحب الضحك واللعب والمرح بعكس محمد تماما فهو يميل إلى أن يصبح رجلا وليس طفلا كما يقول.
أرشدوني بالله عليكم
أفادكم الله خيرا.
20/8/2017
رد المستشار
الوالدة الفاضلة: أهلا وسهلا بك. من الواضح أن الأزمة التي يمرُّ بها الولد الصغير هي أزمة عدم تناغم قبل كل شيء، بين تصرفاته التي قد تكون في الحدود العادية لطفل مشاكس؛ لأنه داخل على مرحلة المراهقة، وليس شرطا أن يكونَ لما سبق من تشجيعكم له على الرد وأخذ حقه أولا فأول دورٌ في ميوله العدوانية الآن فهي على أغلب الظن وإحسانه إنما هي ميول عابرة، فقط عليكم أن تحسنوا التصرف.
أيضًا سلوكه تجاه أخته -رغم عدم موافقتي بل ورفضي الشديد له- قد يكون مقبولا في صورته الأخف في ظل كثير من المفاهيم الاجتماعية السائدة التي تضفي على الطفل ما هو غير أهل له لمجرد أنه ذكر، فيتسيد أخته وربما يوما ما أمه أيضا في بعض الحالات المضحكة من فرط ما تحويه من الهم!
أما العداوة المستمرة لأخته ذات السنوات الثلاث فأمرٌ يحتاج إلى فحص وتدقيق لمثلث الأبوين الأخ أو الأخت والطفل المضطرب: فكثيرا ما يوجه الطفل عدوانيته تجاه الأخ أو الأخت اتقاء لعواقب تلك العدوانية حين يوجهها إلى وجهتها الأصلية وهي الأب والأم، بمعنى آخر فإن كيفية تصرف الأبوين (رد فعلهما) تجاه أفعاله وسلوكياته بوجه عام هو الصمام الذي يمكن عنده أن يتوقف سلوكه الضار لأخيه أو أخته، فإذا كان بمقدور الأبوين احتواء عدوانية الطفل تجاههما ما دامت في حدودها الطبيعية وعادةً ما تخرج في صورة أفعال يعرف هو أنها تضايقهم بشكل أو بآخر فإن كثيرا من هذه السلوكيات العدوانية يمرُّ عابرا على الأسرة، وأما إذا ما تميز الأبوان برد فعل عنيف مبالغ فيه لأن الطفل مثلا ضيع إحدى أدواته المدرسية، أو أهمل أحد واجباته، فإن الإحباط الناتج لديه يمكن أن يتحول إلى عدوانية تجاه بؤرة اهتمامهم المتمثلة في الأخ أو الأخت الأصغر.
وكي لا أطيل عليك فإن تعامل رأس المثلث (كوحدة واحدة) مع ما يبدر من فلتات من الطفل صاحب المشكلة هو المحدد الأساسي في معظم الأحوال لما يطال الأخ أو الأخت، فهل أنت وزوجك وحدةٌ واحدةٌ في هذا الدور؟ لعل معالجا نفسيا أسريا Family Therapist إن كان متاحا يفيدكما في ذلك.
وأنصحك أن تقرئي الروابط التالية من على موقع مجانين لأن فيها ما يفيدك إن شاء الله:
التهديد هل يحسن من سلوك الطفل؟
الطفلة المُرْهِـقَـةُ، وأمها الحائرة! م
طفل متذمر ولا مبالي
سرقةٌ وكذب وعدوانية: اضطراب التصرف
وأما مسألة النسيان فهي غير واضحة بأي حال من الأحوال في إفادتك وتخميني أنه ليس نسيانا إلا للأوامر التي لا يقبل هو بها، أي أنه يدعي أنه لا يذكر أنكم قلتم لا تفعل كذا، وهذا بالطبع نسيان واعٍ على أغلب الظن، ذلك أن النسيان الحقيقي فضلا عن كونه لا يحدث لمن هم في مثل عمره ومستوى ذكائه، فإنه لا يعالج أبدًا بضرب الوالد له، وأنت تقولين بالحرف الواحد: "ولا أنكر أنه قد تحسن عن سابق ولكن بعد أن ضربه والده على هذا ولكني لا أريد أن يفعل أي شيء نتيجة الضرب فأنا دائما أتناقش مع والده بهذا الخصوص".
يتضح هنا وبعد ذلك أنك ووالده مختلفان في آرائكما حول كيف يجب أن نربي ذلك الولد، وهذه قد تكون مشكلة في حد ذاتها خاصة في مثل هذا الزمان، وإن كانت قدرة الأم على الاحتواء والشرح كثيرا ما تجنب الأبناء آثار تعسف وتجبر وتفرعن الآباء، مهم جدا رغم اعتراضنا الشديد على أسلوب المنِّ الذي ينتهجه الوالد -هداه الله- مع الولد، فصحيح أنه سيترك في نفسه آثارًا سيئة، لكنها قابلة للإصلاح في معظم الأحوال بإذن الله، وأجدر بالأب لو تفهم وتمثل أنه يستطيع أن يجعل من عملية تربيته لابنه دعوة للإسلام لا تنفيرا منه مثلما قد ينتج لفترة عند المراهق.
ولنقل إن منَّ أبيه عليه ولومه وتقريعه عندما يخطئ أخطاء الأطفال العاديين قد يتسبب بالفعل في مشكلات، ولكنها ما تزال قابلة للعلاج والمداواة النفسية إذا انتبهنا لها، وأدرك الأب نفسه حقيقة دوره في الحياة وحقيقة حقوق الأبناء على آبائهم وهي موجودة في كتب الفقه. ولنقل أيضًا إن الطفل الذي لن يفهم سيشعر، وإن أسوأ المشاعر تأثيرا في نفوس بني آدم هي تلك المؤلمة المصحوبة بمعنى مبهم غير واضح الأبعاد. ما عليك.. أرى أنكما -الأبوان- تحتاجان إلى مقابلة مع أنفسكما أولا! واتفاقٍ ثانيا.
ذلك أن من الواضح يا سيدتي الفاضلة أن كليكما أنت والوالد في حاجة إلى اتفاق على مبادئ لتربية الولد، وكذلك بحاجة إلى معرفة كيفية التصرف مع ما قد تقبلان عليه بسبب دخوله مرحلة البلوغ والمراهقة المتوسطة وما بعدها، هل عرفتكم كيف ستتصرفون؟ أنصحك إذن بأن تفاتحي زوجك بوضوح في أمر هذا
الطفل، وأهمية الاتفاق معا وربما الاستعانة بمعالج نفسي أسري أو أحد خبراء التربية المتاحين، وتابعينا بالتطورات.