كيفية التخلص من الأثر النفسي للحروق؟؟
السلام عليكم أحب في الأول أشكركم على هذا الموقع الرائع في عرض المشاكل وحلها وأتمني أن أوفق في أن أجد حلا لمشكلتي بموقعكم
مشكلتي تبدأ منذ أن كنت بعمر السنتين فلقد أصبت بحرق في ذراعي الأيمن حتى أعلى الكف بسب عبثي في أغراض المطبخ فقمت بسكب الماء المغلي على يدي فذهب بي والدي إلى المستشفى ومع تردي الطب في مصر قام الدكتور بإجراء خاطئ أدى إلى تقييد حركة ذراعي في الاستقامة نسبيا وأقنعهم أنها سوف تزول مع الوقت وأقنعهم أن الحرق سوف يزول مع الزمن
وقد كنت وكان يسبب لي هذا بعض المشاكل النفسية في الحضانة وكان بعض زملائي ينفرون مني بسبب شكل ذراعي فقد كنت أضطر إلى ارتداء الملابس ذات الأكمام وأنا صابر على أمل أن مع الزمن وحين أكبر سوف يزول هذا الأثر ولكن الحمد لله كان هنالك لي بعض الأصدقاء في المرحلة الابتدائية ولكني كنت فاقد للثقة في نفسي.
وتطور معي الأمر في المرحلة الإعدادية والثانوية وأصبح هذا الأمر يشكل لي عقدة وأثر على نفسيتي وتحصيلي الدراسي فبحث لي أبي عن طبيب ووعدني بعلاج هذا الحرق ولكن حسبي الله ونعم الوكيل فيه فإنه زاد من سوء هذا الحرق وأصبح به العديد من الندبات وكان دكتور عادي في إحدى المستشفيات الحكومية ولم يكن لدى عائلتي الإمكانيات المادية للذهاب بي إلى أحد الأطباء المشهورين بالتجميل
وزاد الأمر معي صعوبة فلقد وجب علي تغطيتي ذراعي ويدي بحيث لا يراهم أحد يتأذي من المظهر وينفر مني فأصبحت أرتدي الملابس ذات الأكمام في الحر الشديد وكان تضيق علي وأصبحت لا أحتمل وكنت لا أحب الخروج من المنزل لتفادي ذلك مما أثر علي في حياتي الاجتماعية فلم أكون صداقات في تلك المرحلة وأثرت علي في تلك المرحلة تأثيرا شديدا
وأحيانا كنت أصاب بالاكتئاب الشديد وأرفض التحدث مع أي شخص وأحس بأن الحياة انتهت بالنسبة لي وكنت أتمنى من أن الله يسرع بأجلي لأني كنت لا أطيق ذلك فعلى سبيل المثال حرمت نفسي من الذهاب إلى المصايف وصالات الجيم ولعب كرة القدم وارتداء ما أشاء من الملابس خشية التعرض إلى نظرات الاشمئزاز والنفور التي أراها على وجه من ينظر إلي
وكنت أخاف من نفور الأشخاص مني وأن يأخد الأشخاص الذين أعرفهم صورة سيئة عني وأنا مع مرور الوقت التحقت بكلية الهندسة وفي علاقاتي مع الطلبة أرتدي دائما الملابس ذات الأكمام ولا أحد من زملائي يعلم أني مصاب بحرق في يدي فارتديت هذه الملابس حتى أبدو شخصا سويا ولا ينفرون مني واستطعت تكوين بعض الصداقات ولكني لا أستطيع الانغماس معهم في اللهو والخروج وممارسة الرياضة
ونسيت أن أخبركم أن ذراعي به اعوجاج ولا ينفرد تماما ولكن به بعض الاعوجاج فأقوم بوضع يدي بجيبي دائما لكي لا أظهر هذا العيب والآن مع مرور الزمن لا أعرف متى ستنتهي معاناتي ولا أجد حلا لها متى سأتوقف عن الاختفاء وإخفاء شيء كأنني أنا المتسبب بها كأني عامل مصيبة وأخبيها
وأحيانا أفكر في إنهاء حياتي ولكني أتذكر ربي وأقرأ القرآن فأحيانا أنسى هذا العيب وأحاول ألا أتذكره ولكني كل فترة يعود لي هذا الإحساس ويدخلني في اكتئئاب شديد فآمل أن أجد حلا عندكم.
كما أني أخاف أن ترفضني الفتيات للزواج بسب هذا العيب مع أني عائلتي وأصدقائي يشهدون لي بالأخلاق والتدين والانضباط
ما رأيكم ؟؟
25/6/2017
رد المستشار
تسالني متى؟، والمفتاح أنت من يحمله!؛ فلقد سجنت نفسك بنفسك طوال عمرك في سجن ذراعك تنتظر من يساعدك على الخروج متصورا أن مفتاحه معه، ولم يحدث، ولن يحدث ما دمت تتصور أنك لا تحمل مفتاح الخروج يا ولدي؛ فلقد اختزلت نفسك كلها كلها في شكل ذراعك، وكأنك ذراع محروق فقط!!.
اختزلت مشاعرك، وأفكارك، وكنوز نفسك، وتفوقك، وهواياتك التي تحبها، وكيانك كله في جزء من جسمك ترفضه!؛ ألم تفكرفي كيف سيقبلك جسدك وأنت تكرهه هكذا؟، ألم ترَ بعينك أنت بشرا متميزين لا يحملون الأيزو في الجمال والوسامة؟، ألم ترَ بعينك مئات الشباب الأسوياء خارجيا والمشوهين من الداخل؟، ألم يعجز مئات المئات من الشباب عن اللحاق بكليتك تلك؟.
أنت ظالم لنفسك ظلما كبيرا، وتسجنها بألف باب، وباب دون أن تعلم أنك السجان؛ فمن ستحبك ستحبك كلك بكل ما تحمله من مشاعر، وقيم، وأخلاق، وطموح، ولن تقف أمام ذراعك إلا من لن ترى منك سواه، فالأصدقاء، والزملاء، والأهل يحبونك أنت بكل ما تحمل كلمة أنت من معنى وليس ذراعك، فأنا أستطيع أن أدرك موقفك هذا حين كنت طفلا، أو مراهقا، أما الآن فما مبررك الحقيقي للبقاء في ظلام هذا السجن سوى أفكارك الخاطئة؟؟.
وحتى لا أظلمك كما ظلمت وتظلم نفسك، أرى أن والداك كانا مشتركين معك في احتفاظك بهذا السجن اللعين؛ فقد كان بإمكانهما أن يتعاملا معك بتلقائية، لتتعامل أنت مع نفسك بتلقائية؛ فيتعامل معك الآخرون بتلقائية حتى؛ وإن خرجت منهم نظرة فضول، أو استغراب.
ولكن أعود لك فأقول، آن الأوان أن تتحلى بمروءة رجولتك، وشجاعتها في قبول جسدك ليقبلك من حولك، وهذا كلام حقيقي علميا وواقعيا؛ فكلما قبلت جسدك بصدق تام عميق-دون تمثيل/أو اختبار-؛ كلما قبلك من حولك ببساطة لا تتخيلها؛ فلقد خلقنا الله تعالى أحرارا حتى مع القدر!؛ فالقدر الذي لا دخل لنا فيه نكون أحرارا في تعاملنا معه.
ولقد رأينا كثرا ولدوا معاقين في أقدامهم مثلا..فمنهم من تقوقع على نفسه، ورفض إعاقته، وكانت إعاقته هي مبرر موته حتى وإن زعم أنه ياكل، ويشرب، وينام، ومنهم من جعل إعاقته مبررا للحقد على من يمشي سويا وحرم نفسه من رؤية حكمة الله تعالى في ذلك عبر رحلته الكلية في الحياة، ومنهم من حصل على ميداليات ذهبية يعجز الأسوياء عن الحصول عليها ويخجلون من أنفسهم لضعف إرادتهم!!.
فنحن نختار يا ولدي ما نريده، وحين نحيا بصدق، ونكون أنفسنا التي هي أكبر بكثير من جسدنا؛ سيرانا غيرنا بعيون غير العيون السطحية تلك التي تعمل لها ألف حساب، وسيقبلنا، ويحبنا الآخرون كما نحب أنفسنا، وأنت بالفعل حر تماما أن تختار ما ستكون عليه حياتك؛ A271;نك حر..فك قيودك فلقد آن الأوان.