ليتني كنت ضعيفة أو بلا وعي
عزيزي الدكتور قاسم
كان لطيفا منك أن تدعوني صديقة وهذا شرف لي، جعلتني أشعر بأن لدي مزية ترغب في صداقتي. وأشكرك أيضا لإطرائك الرقيق لأسلوبي وإن كان هذا يقلقني من أن رسالتي هذه قد لا تكون عند مستوى توقعاتك.
كنت يا صديقي أجلس مفكرة فيما يعتمل في صدري من عواصف وما شعرت أنه من الأفضل ألا يقال لأحد فإذا بي أتذكرك فجأة وأتذكر أنك اعتبرتني صديقة، وأنت لست مجرد صديق بل أنت صديق له مزيتين تجعلان التواصل أسهل فأنت طبيب نفسي مما يعني نصيحة أفضل والأخرى هي أن وجودك خلف هذه الشاشة يجعلني أكثر تحررا من حيائي الذي يمنعني من مناقشة متاعبي وجها لوجه مع أي مخلوق.
حين بدأت في الكتابة شعرت فجأة أن متاعبي هذه قد تكون تافهة ولكن حين تذكرت نفسي منهارة على الأرض أبكي وجدت الدمع يتجمع في عيوني. أن الاستعفاف مؤلم يا صديقي ولكن أي اختيارات أخرى هي اختيارات قاتلة وأني لأتعجب كيف لإنسان أن يضع كرامته وإنسانيته تحت حذائه ويسعى للزنا؟! أي من الفريقين أكثر قوة؟ هل هو من تغلب على رغبته في الحب والاحتواء والإشباع الجنسي أم من تغلب على صوت الكرامة فأشبع رغباته حد التخمة ولا يشعر بأي مشكلة في ذلك؟ سؤال ساذج أليس كذلك؟ أم هو الحقد عليهم؟
أحيانا أتسأل هل أتعفف تعفف حقيقة أم هو العجز؟! على أيه حال أعتقد أن بي مشكلة حقيقة. لا المشكلة ليست بي وإنما هي أزمة الرجولة التي تعاني منها بلدي. من قال أنه من الطبيعي أن آكل الميتة أن ألح علي الجوع؟ ولما علي أن أقبل من لا يملئ عيني من الرجال لأشبع ( مؤقتا) جوع نفسي لاحتواء من سأكذب على نفسي وأعتبره رجل ثم سأعود مرة أخرى لإدراك أنه ليس أكثر من ذكر؟
أسمع كلاكيع نوال السعداوي وأحلام مستغانمي تتحدث هنا وأجدني أبتسم في سخرية، ولكن صدقا أيهم أكثر جاذبية؟ رجلي الخيالي التقي القوي الذي يشفق من ارتكاب الحرام أم من أقابل من مستحلي أعراض المسلمين ومن يتعدون حدود الله؟ حسبنا الله ونعم الوكيل
ولكن السؤال هو: ما الذي جد عليك ولماذا النحيب؟ لأن الأمد طال يا صديقي وتعبت من التصبر. وإلحاح الاحتياج والوحدة أصبح فوق احتمالي حتى أني أعمل 17 ساعة يوميا ومازالت الأفكار تهدر في الخلفية طوال الوقت. ضاعت زهرة الشباب في الانتظار، أنظر لوجهي في المرآة وأفكر في أني كبرت ولم أسمع كلمة غزل وأمسك يدي بيدي الأخرى وأسالها متى ستحتضنها يد حبيب.
إن كثرة التفكير لعنة ابتليت بها، أعتقد أني كنت سأكون أكثر هدوءا إن كنت بعيدة عن محاولات الذكور من حولي وأيضا إن كنت استطعت أن أنزل بمستوى توقعاتي وآمالي للحد الأدنى. ولكني مؤمنة أن ما عند الله هو أفضل وأغلى وأن ذلك الفارس النقي في مكان ما يتألم هو الآخر وقد يكون هو الآخر في نفس هذه اللحظة يشكو الوحدة لصديق ويتصبر بأن عدم اليأس من روح الله حتما سيجعله مستحقا لرحمة الله.
مضطرة لأن أقوم الآن ولم أكتب كل ما في رأسي ولكني سأعود إليك عما قريب
حتى ذلك الحين أتمنى أن تجعلني في دعواتك :)
7/7/2017
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الأخت "سيفينا" حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد اختصرت في رسالتك القصيرة كل مبادئ الحياة، بمشاكلها وتساؤلاتها المتشعبة.
أأقدم أم أحجم؟ أأفعل أم أصبر؟...
وتستمر الحياة. ولا نشعر بالأيام وهي تنساب تحت أقدامنا انسياب الماء العذاب لنجد أنفسنا في خريف الكهولة وقد ضاعت من أمامنا فرصا كان بإمكاننا اقتناصها لإضافة يوم آخر على أيام سعادتنا.
لأنه حتى السعادة تهرم، والكآبة أيضا.
والحقيقة الأكيدة تبقى في أننا في رحيل مستمر لنصل إلى يوم التغابن فيقول البعض يا ليتني قدمت لآخرتي وآخرون يقولون يا ليتني قدمت لحياتي.
ويتساءل الجميع كما تسأل "سيفينا" ما هو الأفضل؟
التبتل أم الإفراط في الحب؟ التعفف أم الإسراف في القبض على الدنيا بشتى الوسائل. فالرزق مقسوم والعمر مقدر ومهما استعجلنا القرار فإننا لا نفعل سوى أن ندرك ما هو لنا بالحلال أم بالحرام.
المهم برأيي هو أن نعمل للآخرة التي هي خير وأبقى من دون أن ننسى نصيبنا من الدنبا، وأن نبتغي دائما ما لا يغضب الله. فهنالك دائما أساليب الحلال، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.
فيا ربي اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم.
وأدعو الله لي ولك بالتوفيق إلى ما لا يغضبه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ويتبع >>>>>>: خليتني ضعيفة أو بلا وعي ! م1