وساوس
سلام عليكم
كنت فتاة مثل كل الفتيات أصلي وأصوم فرضي وأسمع الأغاني وألبس القصير... حتى جاء يوم وعزمت زملائي لحفلة ميلاد زميلتنا في بيتي وحضرنا فيلم رعب (يتكلم عن الرعب والخوف وأيضا فتاة ملبوسة... ) عند قدوم زملائي قد أعجبوا بي جدا وأطلقت عليَّ زميلتي بعبارات الغزل... وبدأت أصوات الأغاني تتعالى عندنا في المنزل وكانت للمرة الأولى تتعالى هذه الأصوات في منزلنا بسبب ميلاد...
عند المغرب ذات اليوم بدأت أشعر أنني لست بخير وقلت لأهلي أنا لست بخير ونمت الليلة واستيقظت في الليل خوفاً من الرعب وفي اليوم التالي استيقظت عادي جدا وجاء خبر وفاة امرأة عمي عند الصباح ولم أشعر بأي شيء عند الظهر انقطعت شهيتي عن الأكل، بدأت أخاف أن أصلي وحدي، ضاق صدري، بدأت أبكي، وبدأ معي وسواس الموت أينما ذهبت أشعر أنني سأموت وأحد يقول لي سأموت...
أخاف من أن أتكلم مع أهلي خوفاً من أن يتذكروا كلامي بعد الموت وأشعر ثقل في رأسي من الخلف وتنميل رأسي ووجع في الأطراف كالنخز وخاصة عند أصبع يدي اليسرى والكوابيس بالموت وغيره وأستيقظ وعلى الفور يأتي لي خاطر الموت أتعب جدا أبكي جدا جدا جدا ولا أرتاح حتى التزمت مع الله سبحانه وتعالى وبدأ يخف الوسواس شيئا فشيئا بعد الصراع معه ما يقارب السنة أو أكثر... بعدها بدأ معي وسواس أن أترك العلم الذي أتعلمه (العلم المدني) وأدخل أتعلم العلم الشرعي ولكنني لا أريد أن أترك دراستي أبدا وبعدها بدأ أيضا صراع مع نفسي لأنه علم شرعي وأقول في نفسي (معقول ربي بدو إياني أدرس علم شرعي) وبعدها قررت أن أعمل استخارة وكانت اليسر في تسجيلي في المدرسة وتفوقي فيها رغم المعوقات التي حصلت لزملائي أثناء تسجيلهم....
وبعدها بدأت في الصيف أن أحضر المحاضرات الشرعية والفتاوى وصارت الصلاة شيء عظيم عندي وكأن في رأسي منبه عن الصلاة كنت أفرح بهذا ولكن أتضايق لأن في رأسي لا يوجد إلا الصلاة الصلاة وليس كباقي الفتيات كأنه أصبحت كالهوس وبعدها بدأت معاناتي مع الصلاة أقطع الصلاة لأكثر من مرة حتى أصبحت كالوسواس القهري إذا لم أقطع النية أتألم كثيرا وأشعر في نفسي عدم الارتياح والضيقة وأرتاح حتى أقطعها وأتوسوس كثيرا ولكن لا أقطع فرض صلاة حتى جاء يوم قمت أتوضأ لأصلي صلاة العصر ولم أستطع أبدا وناديت لأخي علمني كيف أتوضأ من جديد وكيف أصلي بعد ما كنت أقف بضع الوقت أمام المغسلة أو أمام القبلة... وبعدها صرت أقف على المغسلة ولم أستطع أن أتوضأ أبدا وذهب وقت الصلاة وكانت أول صلاة تذهب عني بسبب الوسوسة وبعدها بدأت الصلوات تذهب من يدي واحدة تلو الأخرى وأبكي وأتألم جدا أنام وأتمنى أن لا يأتي الصباح بسبب الصلاة أصبحت أقفل علي باب الحمام وأتوضأ لأنني أقف طويلا لأبدأ وإذا فتحته يقولون لي أهلي يلا توضئي وأصبح أبدأ كرمالهم كرمال ما يحكوا عني شيء لأنني أستحي منهم وأظن أن هذا من أبواب الرياء فأغلق على نفسي وأقطع الوضوء عدة مرات والصلاة نفس الأمر أصلي بمفردي لا أستطيع أن أكبر وأحدهم معي لنفس الأمر وكل هذا أفعله غصبا عني لأنني أعشق أن أتوضأ أمام الجميع وسريعا وكل الأعضاء وراء بعضهم وأصلي أمام الكل وأكبر سريعا وأصلي بدون أن أقطع وأعيد حتى أصبحت أصلي بتعب شديد وأشعر بعد الصلاة بتعب شديد في جسمي وتركت الصلاة عدة أيام ثم رجعت لترتاح نفسيتي ثم أتركها ثم أرجع بسبب أنه جاء لي خاطر إذا تركتي الصلاة سيتكلمون عنك كثيرا ويقولون كنت هكذا وأصبحت لا تصلي...
حتى أصبحت أفكر أن صلاتي لهم وأصلي لكي لا يتكلموا عني وأجد في نفسي شيئا من هذا أحاول أن لا أفكر وأقول لا ولكنني أصدق لأنني أجد في نفسي شيئا وأخاف أن لا تقبل صلاتي لهذا تركتها وأقول أن أصلي لربي لأنه فرض ولأن الأفكار في عقلي لا أستطيع أن أصلي أبداً والصيام نفس الشيء وقراءة القرآن... ماذا أفعل ؟ بذلت كل جهدي لأبتعد عن كل هذا ولم أستطع وقال لي أبي قد تكون عين لأن أعراضها ظهرت معي عند وسواس الموت...
ولكنني الآن بلا صلاة وأصوم رمضان وأنا أجاهد في الإخلاص لله ولكنني أتعب كثيرا... ماذا أفعل ؟ قد تكلمت عن قصتي بأكملها لتعرفوها وتعطوا لي فتوى أرح بها قلبي؟ هل أنا حقا مرائية وهل أنا حقا أصلي وأصوم ... لأبقى في عيون الناس هكذا...هل يحل لي أن أصلي بدون وضوء عند عدم قدرتي على الوضوء علما أنني لا استطيع التيمم لنفس الأفكار... هل أنا علي عين ويجب أن أقرأ الرقية الشرعية؟؟ وهل يجوز إذا قطعت النية أكمل ولا أبالي فيها نظرا لحالتي؟؟
أفيدوني ولكم الأجر إن شاء الله
11/6/2017
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "سارة"
كان الله في عونك، فلديك وساوس من الدرجة الأولى في هذه السن الصغيرة! تنوعت ما بين وسواس الموت، وترك الدراسة، والصلاة (بأشكال مختلفة: التفكير الوسواسي بها، قطع النية، تركها بالكلية)، والوضوء، وأخيراً الرياء.
من الممكن أن يكون المحرك لهذا: (عين، وفيلم رعب متزامن مع موت قريبة)، ومن الممكن أن يكون غير ذلك. لكنه على كل حال استعداد وراثي، فهل في عائلتكم مصاب بالوسوسة؟
تعرفين أن هناك اختلالا في النواقل العصبية في الدماغ، تسبب الوسوسة، كذلك بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الوسوسة من الشيطان، ولا تعارض بين الأمرين، إذ يمكن اجتماعهما معاً: شيطان يغتنم خللاً في الجسم فيوسوس، وناقلات فيها خلل تزيد من استحكام الوساوس الشيطانية.
أظنك قرأت الرقى، أثناء مسيرة معاناتك، أليس كذلك؟ وهذا يعالج الأمراض الروحية والنفسية والجسدية على السواء. وإن لم تكوني فعلت فلا بأس أن تقرئي الآن.
ومن المشاهد أن العين إذا سببت أذية ما، وتم علاجها العين وإبطال شعاعها المؤذي، تذهب، لكن يبقى المرض (الجسدي أو النفسي) الذي سببته ويجب معالجته بالطرق المادية المناسبة.
أما وساوسك:
فأولاً: لست مرائية، بل هو وسواس شائع معروف منذ مئات السنين، يعاني منه كثير من الموسوسين، فلا تجعلي إبليس ينتصر عليك بسببه، الصلاة لا تبطل بالرياء، وتبرأ ذمتك وإن صاحبها الرياء، بينما تركك للصلاة بالكلية ذنب كبير، وتبقى الصلاة في ذمتك إلى أن تؤديها.
ثانياً: صحيح أن العلم الشرعي أشرف العلوم لتعلقه بالله تعالى وأحكامه، لكن الدنيا لا تستمر بدون العلوم الكونية؛ ومن فروض الكفايات وجود من يقوم بتعلمها، وحينها يفترض من العلوم الشرعية (على القائم بالعلوم الكونية) يفترض تعلم الأمور التي يحتاجها في حياته اليومية فقط، فإن زاد فهو خير.
ثالثاً: ماذا تعنين بقطع النية؟ إذا كنت في مرحلة: هل أقطع صلاتي أم لا؟ أو الرغبة الشديدة بقطع الصلاة (أريد أن أقطعها لكن لم تقطعيها بعد)، فهنا يمكنك الإكمال وصلاتك صحيحة. أما أن تصلي ركعة، وتقطعين الصلاة فعلاً، وتقومي بأعمال منافية لها، ثم تصلين أخرى ثم تقطعينها وهكذا...فهذا لا تصح به الصلاة، وعليك المقاومة وعدم القطع، والتزام العلاج السلوكي المسمى: (التعرض للمثير مع عدم الاستجابة)، التعرض لمثير ومحرك الوسوسة –أي الصلاة- مع عدم الاستجابة لوسواسك للرغبة في قطعها.
رابعاً: لا فائدة من الصلاة بدون وضوء، بل هو سيزيد المشكلة، فها أنت ترين أن الوسواس انتقل إلى التيمم، ولو تركت الاثنين لذهب الوسواس مقدمة أخرى من مقدمات الصلاة وشروطها. توضئي بأخف وضوء تستطيعينه بأن تفعلي الفرائض فقط (الوجه، اليدين، الرأس، الرجلين، كل منهم مرة واحدة فقط)، ثم صلي -كذلك- أخف صلاة تستطيعينها، دون إلزام النفس بخشوع ولا إخلاص، اتركي هذا، ولكن لا تتركين الصلاة، المهم أن تبقى الصلة مع الله، وتبرأ ذمتك من هذه الكبيرة، وتعالجين نفسك بهذه الطريقة (التعرض للمثير مع عدم الاستجابة).
خامساً: العلاج السلوكي لوساوسك: هو الاستعاذة زائد التعرض مع عدم الاستجابة. وبالنظر إلى شدة وساوسك، مع صغر سنك، كان الذهاب إلى الطبيب وتناول الدواء، أمراً لزاماً لا مفر منه. حاولي البحث عن طبيب يجيد العلاج المعرفي السلوكي إضافة إلى الدوائي...، فإن لم تجدي فلا أقل من تناول الدواء، مع الاستفادة من مقالات العلاج الذاتي للوسواس، والإجابات الواردة في الحالات المشابهة لحالتك على موقع مجانين.
والمهم أن تعلمي أن كل معاناتك لا تعدو كونها وسواس تافه... مزعج لكن لا يعني شيئاً ولا يترتب عليه حكماً.
أعانك الله تعالى وشفاك، وتابعينا بأخبارك.