الفراشة حصرياً... ومساحة اللاقرار م8
بصيص
صفحة جديدة بيضاء تُملئ باعترافات ومشاعر بأملٍ يحتضر وبماضي يرفضُ التحول إلى مجردِ ذكرى، بمعاناة كلما قلتُ أنها ستتحول ذكريات للزمن القادم وجدتها حاضر يتسلل إلى المستقبل!!
قرأتُ أمانتكِ من خلال سطوركِ، فشكراً لكِ، بعدَ كرٍ وفر، وبعدَ الكآبة المستشرية، باشرتُ العلاج الدوائي تحتَ إشرافٍ طبي، والنتيجة ضعيفة لا تكاد تُذكر، كل هذا جعلني أتأمل بعُمق أنه ربما نواقلي العصبية بخير وأنني أخطأتُ التقدير، ففي جلسة العلاج الأخيرة توصلنا إلى أنني غير قادرة على أن ألتقي بنفسي، صدقت وآمنت فهذهِ كارثة! فما الذي يملكهُ المرء غيرَ هاتين الأناتين؟؟ وسألتني ما الذي يجعلني في حالة الرفض الدائم للواقع ؟ وفي حالة الهرب وأحلام اليقظة؟ لا أدري تمرُ علي مواقف كثيرة لا أعرف أيها جدير بأن يكون أحدث هذه المسافة بيني وبيني؟
في إحدى استشاراتي وبالتحديد "الفراشة م3" ذكرتي أن غضبي اتجاه للرب، اليوم فقط شعرتُ بذلكَ حقاً، فحينَ ضقتُ ذرعاً بوسواسي وقلقي، اندهشت بكمهما الهائل! فأنى لي كل ذلك، فلا أدري أهي أخطاء تربوية في زجرِ الأطفال عن اقتراف أفعال معينة يُهددون بالرب ويُصورُ الرب أنه فقط وفقط يُعاقب ويحاسب، فقلما تُذكر رحمتهُ وحبهُ وتكريمهُ لنا!! ولا أنفي هنا قُدرتهُ أو صفاتهُ عز وجلّ على الشدةِ في العقاب والحساب وإنما الخطأ في التصوير الذي ابتلينا به، بالرغمِ من أني لم أتعرض لذلكَ كثيرا من خلالِ أسرتي، ولكن ربما المحيط الخارجي الذي صور لي ذلك، وربما حساسيتي التي تلتقطُ المواقف بسهولة، المشكلة أنني عقلاً ومنطقاً أعي ذلك، ولكن فعليا لازالت المشاعرُ موجودة، بمفهوم أبسط أعلمُ أنها خطأ وكذبة قد اقترفها المجتمع، ولكن أجدني أني لا أتعاملُ معها على أنها كذبة أو خطأ، فيعود الوسواس والقلق وخاصة في الطقوس الدينية، وفي أحداث غيرَ هذه في حياتي وجدتني على هذا المنوال!! كيف أتوصل إلى المصالحة أو الهُدنة؟؟
كادت تبكيني عبارة د. يوسف المسلم في مقالهِ "أيها المبتلى بالوهم: الموهومون" وهي (يقولون لك / أنت ملك نفسك.
وأقول لك : أنت ضمن منظومة اجتماعية تشكل مرجعاً هاماً لقبولك فيها وتقبلك لمعاييرها، تحاول التغيير الأفضل، مع فهم المحيط ومراعاة المنطق العام.) فعن أي منطقٍ نتحدث ؟!! والموقع يضج باستغاثات من لم يجد احتواء أو انتماء لهذا المجتمع!!
وعلى ذكرِ المجتمع يوماً ما اتهمتُ أن من يرمي كآبته وحزنه على المجتمع بالتخلي عن مسؤوليته ، لكنني اليوم أتراجع عن هذا الاتهام مع رفضي لوضع المجتمع شماعة ، أنا لا أجدُ محفزاً للخروج من عُقرِ داري وللاحتكاك بالبشر رغمَ إلحاح الجميع علي بالخروج لعل هذه الكآبة تخفت قليلا، والسبب في عدم إيجاد محفز هو شعوري بالوحدة وشعوري بالغرابة والدهشة إلى ما آلت إليه حياة البشر، كلما مشيتُ في ردهاتِ هذا العالم وجدتُ هموماً يومية أو اختراع بعض الأحاديث ليمر الوقت أو القيل والقال، أو نزعةِ فضولٍ مستشرية في أحاديث نسائية مقيتة.
لا أدعي المثالية فأنا فرد من هذا العالم الكبير لا أقول أنني ملاك أو من كوكبٍ آخر ولا أقول أن الحياة قد خلت من الطيبين الأخيار، ولكن يا صديقة أصبحَ من الصعب اليوم إيجاد صداقة تبث إلى المرء قليلا من الدفء، أصبحَ هذا الأمر جزء من اكتئابي وهو عدم تأقلمي مع المجتمع.
("لو توقفت تلك الدائرة، وارتحت من صراع التفكير هذا" كيف ستعيشين؟ هل ستمضين قدما؟ هل ستتناغمين مع السلام، والراحة، والرضا؟؟ فلتكتشفي عائقك هنا) من كل هذا أنا أريدُ الرضا يا صديقة فهو مفتاحُ السلام والراحة، أما الدائرة لتتوقف علي أن أعرف على ماذا هي تستند لتدور، علي أن أوقف هذا الدوران اللعين، وهذا ما أسعى إليه.
علي أن أبوحَ لكِ بخوفي في اللحظةِ الحالية، وهو أن أفقد ذلك البصيص المتبقي.
وسلامٌ من اللهِ عليكِ
18/7/2017
رد المستشار
ترك بصيص النور يذهب هو قرارك ومسؤوليتك بلا منازع يا صديقتي فلا تتخيلي غير ذلك!! ولقد رأيت في تلك الرسالة عدة نقاط أحب أن تتعهديها، أولها، أن كثيرا جدا ما تكون قصتنا تدور حول أزمة "الوجود"، والتكيف مع المجتمع، ومرض وسوء المجتمع، بل والعالم وهي حقيقة ومؤثرة، ولكن أثرها يبقى هو الأقل في حقيقة الصراع، والمعاناة التي نعيشها!!
ولك أن تتخيلي أن حقيقة حقيقته تكمن في أول علاقتين حقيقيتين في حياتنا، ولهما بصمة عميقة بداخلنا-سواء أدركناها واعترفنا بها أو لا- وهما علاقتنا بأبينا، وأمنا!! فكلما كانت صحية مستقرة تقدم الاحتياجات -الحقوق- كلما تمكنا من التكيف الصحي مع ظروف، ومجتمع، وبشر، وعالم محبط متخلف مجنون خطر!!،
وأنت قلت نفس ما أقوله هذا بشكل ما ولكن تراجعت عنه، وأنا سعيدة جدا بتواصلك مع متخصص، وأطلب منك الصبر في جني ثمار هذا التواصل، ونتائج الدواء، ولا بأس من مراجعة معالجك في الأثر لتغييره، أو تعديل جرعته، ولكن لا تتركي العلاج؛ لأنك تستحقين السلام، والراحة النفسية، فلتعودي لدفاترك القديمة في وجود معالجتك؛ لتساعدك في العودة الآمنة التي تحميكِ من التعطل، أو الغرق فيها، أو التراجع، هيا أكملي، دمت بخير.
ويتبع >>>>>>: الفراشة حصرياً... ومساحة اللاقرار م10