الحيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدايةً أشكر القائمين على هذا الموقع، أما مشكلتي فهي كالتالي !
في هذا العالم الكبير، أشعر أنني تائهة، وحيدة ربما، لا أعرف ماذا أريد، ولا ما سأكون.. مشتتة دائما، مترددة، أستصعب اتخاذ القرارات، حتى أبسطها!
دائما أخاف أن أقوم بشيء خاطئ، أو أن لا يكون قراري صائبا.. فأفكر وأفكر وأفكر، ثم لا أصل إلى نتيجة، قراراتي غالبا ما تسبقها الحيرة، وبعض من هذه القرارات التي اتخذتها لا أعلم إن كانت صحيحة، قد أندم على اتخاذها، ولكن لا يوجد حل بعد ذلك، فدراستي الجامعية خضعت لهذا التردد، فحتى الآن لا أعلم إن كان هذا القرار صحيحا أم لا، ربما ندمت على عدم الاختيار الصحيح، فأنا لم أقم باختياره بإرادتي، وإنما تحت تأثير وضغط عائلتي ...
وجدتني في هذا المجال رغم أنني لا أحبه كثيرا، الآن وأنا في آخر فصل دراسي أتمنى لو أنني درست المجال الذي أحب، ولكن المشكلة الأخرى أنني غير متأكدة مما أحب! فكيف أعرف ما أريد !؟
أين أنا في هذه الحياة !
ما هو دوري !
أشعر أنني أملك الكثير لأبدع به، ولكنني لا أجد المكان المناسب، أو الاهتمام والتقدير ... " مواهب مدفونة " أحاول كثيرا ولكنني أفشل أحيانا فأشعر بالحزن ..
حساسة جدا، أحزن لأبسط الأمور وقد لا أتمكن من ضبط مشاعري أو إخفاء دموعي.. أنا قوية ولكنني ضعيفة أحيانا، يتملكني الغضب عندما لا يستوعب الآخرون ما أريده منهم، قيادية ولكن مشكلة الغضب تتملكني أحيانا
أبحث عن نفسي فلا أجدها
أتمنى أن أعرف أين هو مكاني الصحيح، أن أتمكن من ضبط مشاعري وأفكاري، أن أكون على يقين مما أريد ..!!
شكرا
18\9\2017
رد المستشار
أنا أصدق تماما أن الرد على أسئلة من نوع "من أنا"، "ماذا أريد" صعب جدا! وكذلك أصدق أننا أكثر كثيرا من مجرد ما نفعله من الظاهر من مهام، وأدوار، ومسؤوليات! فلدينا مشاعر، وأفكار، وتصرفات، وهوايات، ووجهات نظر، ومساحات تأثر تختلف فيما بيننا، وعلاقات على رأسها علاقتنا مع من خلقنا، ومصادر إبداع متنوعة ومتباينة، وغرائز وتفاعلات معها، والكثير، والكثير،
وكلما كنا في طفولتنا في حالة استقرار نفسي، وعاطفي، وجسدي، وحصلنا على احتياجاتنا من المحضن الأصلي- والدانا- كلما تمكنا أكثر عن غيرنا من الوصول لإجابات تلك الأسئلة، والحقيقة الأكثر وضوحا؛ أن معرفتنا لتلك الإجابات تحتاج لوقت، وجهد، ووعي بأنفسنا عن قرب، وكأن الإجابات تتبلور بمرور الوقت من خلال رحلة كل واحد منا في تلك الحياة من خلال ما يمر به من خبرات، لذا حتى يصل لك كلامي بشكل أكثر وضوحا؛ سأترك لك تلك النقاط من خلال خبرتي:
1- الدور... الهدف... الأثر... النفع... الكون... مساحات ضخمة كبيرة يتم تحديدها بل وتبدأ بمعرفتك لنفسك الحقيقية، ومعرفتك لنفسك يحدث فيها كل هذا التشويش والتردد في الغالب بسبب نوع التربية التي تعرضت لها؛ فلقد وجدنا أن الأم-أو الأب لو كان تأثيره أقوى- التي تنتقد كثيرا، أو تقارن كثيرا، أو التفصيلية،
أو التي ترهق أولادها بالكمال، والمثالية، أو المترددة، قليلة الخبرة، أو المستكينة الخاضعة بدرجة كبيرة حين يكون أطفالها، أو أحدهم "حساس" يرتبك نفسيا، وقد يتحول فقدانه لاحتياجات محددة منها، أو منهما-الوالدان- للشعور بالتيه، وعدم الوقوف على أرض ثابتة، وعدم القدرة على اكتساب مهارات تحمل الإحباط.
2- أهم ما يقدمه الوالدان لأبنائهم "الاحتياجات النفسية"، هذه الاحتياجات هي ما تجعل الطفل قادرا على تحديات الحياة، والتواصل معها، ومع نفسه بشكل صحي، منها أن يصل له منهما أنه "مهم"، أنه "فارق في حياتهم"، أنه "متشاف كما هو "أنه يستحق"، أنه "مقبول دائما"، أنه "يستحق الحب بدون دفع ثمن هذا الحب بتنازله عما يرغب فيه، أو بالطاعة، أو الخوف من زعلهم"، ورغم أن الوالدان يحبان أولادهم، ويخافان عليهم؛ إلا أنهما قد يضلان الطريق الصحي لتحقيق ما يشعرون به تجاههم.
3- فالحل إذن سيبدأ باستكشاف الاحتياجات التي حدث فيها نقص كبير لديك سبب لك هذا التشويش بجانب ما ذكرته من أنواع التربية، وهذا الاستكشاف جزء مهم من رحلة التغيير؛ لأنه يجعلك تقتربين من احتياجاتك، ومشاعرك، وهو مهم لتحديد ملامحك الحقيقية التي لم تتعرفي عليها بعد؛ لتبدئي في "طلب" تلك الاحتياجات منهما لأنه حقك بطرق هادئة لبقة.
4- تحتاجين جدا بلا أدنى جدال أن تسمحي لنفسك بأن تخطئي! وأن تتعلمي من خطئك؛ فبداية التخلص من التردد، هو قبولك أن تخطئي، وأن تصدقي أننا نتعلم من الخطأ، ولا يوجد، ولن يوجد إنسان لا يخطئ، ورفضك للخطأ؛ سيعطلك، ويجعلك في حالة عجز، وليس معنى حديثي هذا أن الخطأ جميل، ولكنه طبيعي، بل ومطلوب أحيانا لنتغير!.
5- كذلك تحتاجين بقوة التخلص من مشاعر الذنب "الزائدة" بلا أي داعي؛ لأنها تعطلك، وهي مناخ مناسب جدا للأمراض النفسية.
6- اختبري اختيار وأكملي فيه تحت أي ظرف وكوني مستعدة؛ لتحمل نتائجه، واختاري أمور صغيرة كاللبس، الطعام، القراءة، زيارة أماكن، وبمرور الوقت وسعي اختياراتك مع تحمل مسؤولية التعلم.
ما أقترحته ليس سهلا، ولكنه طريق التغيير الحقيقي، فإن لم تتمكني من القيام بتلك الخطوات؛ فلا مفر من تواصلك مع متخصص نفسي يساعدك على طرق التغيير، وتعلم طلب الاحتياجات وفهمها، وقد لا يجد بدا من اقتراح علاج دوائي يساعدك؛ فلا تتكاسلي حتى لا تزداد معاناتك.
ويتبع >>>>>: من أنا؟ أين أنا ؟ .. م