قصر القامة ففشل الهوية فسمات الحدية**
اكتئاب وجنون هل أبدو طبيعية حتى ؟!
أنا طالبة في السنة الأخيرة من الثانوية علمي، طولي 140 وهو من الأشياء التي قد سببت لي عُقدة نفسية، فأنا أتمنى أن أكون أطول! فلطالما تمنيت أن أكون بحدود 170-175! ولكنني لم أصل للـ150 حتى!
أما بالنسبةِ لنومي فأنا الآن حتى وإن شربتُ 10 أكواب نسكافيه واستيقظتُ متأخراً صباحاً فإنني ليلاً ما إن أضعَ رأسي على وسادتي أنام! وحتى إن لم أكنُ أشعر بالنعاس، ولكن قبل سنة من الآن كنت لا أنامُ جيداً إذ أنني حينها كنت مصابةً بنوباتِ هلع حرمتني من النوم وانتهى بي الأمر بالخوفِ من النوم! إلى أن تغلبتُ على الأمر نهائياً، وأما شهيتي فهي جيدة، ففي السابق كنتُ حين أحزن أو أنزعج لا آكل أما الآن حتى ولو توفي قريب لي سآكل كل ما أراه أمامي !.
أما بالنسبة للأفكارِ الغريبة فأنا أفكرُ كثيراً في العيشِ في غرفة مظلمة وباردة أُراقبُ السقف فقط دون أي حراك ! .. أريد أن أعيش هكذا حتى نهايةِ عمري وأيضاً حالياً أصبحتُ أفكر في أن المشاكل تركض ورائي وأن لا أحد يعاني من المشاكل مثلي! وأنني مهما فعلت وفعلت وفعلت فلن أعيش مرتاحةً أبداً وكذلك منذ سنوات أعاني من شيءٍ غريب وهو حينَ أصادق شخصاً تأتي فترة أكرهه فيها وأستغل أي شيء لجعلنا ننفصل، فقد كنت أحب أصدقائي يومين وأكرههم شهر والآن قد تخلصتُ منهم جميعاً !!.. وأيضاً أصبحت أحس بالأمان أكثر حين أكون وحيدة بدون أصدقاء وأحس بشعورٍ أفضل كما أنني أحب الجلوس بالمنزل والجلوسَ مع نفسي.
سلوكي الغريب الوحيد هو أنني أحب الدُمى المحشوة الصغيرة! أما بخصوصِ النظافة فأنا أعتني بنفسي لدرجةِ أنني أستحم مرتين يومياً ولكن لا فائدة إذ أن رائحة العرق أحسها تفوح مني لدرجةِ أنني أخجل من أن يقترب َ مني أحد حتى !.
لم أمرض عضوياً قط إلا بالتهابِ أذن ظل لسنوات والآن قد تعالجت منه، وقد مرضت السنة الفائتة روحياً إذ أنني كنت مُصابةً بمس شيطاني.
وبخصوصِ الاكتئاب فأنا مكتئبة في كلِ الأحوال بدأ منذ بداية ِعام 2016 بسببِ فشلي في اختبار الرياضيات والذي كان بسبب ردةِ فعل أهلي القاسية إذ أنهم يقدسون الدرجات وبعدها بدأ الأمر يتطور والآن أعاني من الاكتئاب في كل وقت لِدرجةِ أنه لا يوجد ما يسعدني، فقد أصبح ما يسعدني سابقاً لا يسعدني الآن !! .. وألوم نفسي على أسخفِ الأشياء! .. ويظل هذا اللوم لعدةِ أيام !.
أرغبُ في الانتحارِ كثيراً إلا أنني لم أجرب ذلك فعلياً خوفاً من الموتِ والخلود في جهنم إلا أن الفكرة تأتي في عقلي كثيراً، وفي الماضي في فترة من 2016 كنت أشعر بالراحة حينَ أجرحُ يدي بجرح خفيف من ظاهرها!! ولكنني الآن توقفت عن هذا لأنني وعدت أختي بعدم القيام به.
لدي وساوس، فحين أرى يد بها حناء تبدأ تخيلات قبيحة تأتي لعقلي لا أدري لماذا، وأيضاً أرى أقداماً مدهوسة مفتتة وما إلى ذلك، يظل الأمر لدقائق، ويؤثر على كل شيءٍ حولي !.
تصوري عن نوع مساعدتك لي؟ في الحقيقة لا أدري حتى إن كنت تستطيع مساعدتي فأنا ما أفعله الآن ليس إلا مجرد فضفضة.
وأيضاً أملك أفكاراً غريبة مثل أن الله خلقني ليعذبني وأنه لا يسمعني وأنه يتلذذ بإيقاعي في المشاكل ِوأن لا يسمع دعائي ولا يستجيبه !! .
في الحقيقة حالياً أفكر جديا في تركِ الدراسة ولكن أهلي يمنعونني! ولم يسمحوا لي بذلك، كرهتُ كل شيء لا أحس بالسعادة في الحقيقة أريدُ أن أشعرَ بشعورٍ جيد على الأقل وليس على السعادة .
27/9/2017
** أرسلت هذه الاستشارة إلى أ.د سداد جواد التميمي بعدما تأخر أ. حسن خالدي في الرد فأسعفنا سداد كعادته دائما وظهر رده أولا... وبعدما وصلنا رد حسن ها نحن ننشره كمشاركة مستشار.
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله أختي "ميرا". وأهلا بك على موقع مجانين ونعتذر لك عن التأخير.
بخصوص ما تصفين من أعراض وتاريخ مرضي (نوبات هلع، واكتئاب، فقد أصبح ما يسعدني سابقاً لا يسعدني الآن، اضطرابات النوم، اللوم المَرضيّ، والتفكير في الانتحار..) كل ذلك ينبئ باكتئاب مرضيّ واضح التشخيص مع القلق. وما تقومين به من إيذاء نفسك قد يكون جراء الاكتئاب أو عرضا من أعراض طيف الوسواس،
وراجعي هذه الاستشارات:
سلوك الضرر بالنفس Self-Injurious Behavior
عقاب النفس أو جلد الذات: لم تذكري كيف؟
وما قلتِ بخصوص الاستحمام ورائحة العرق الماكثة (مع أنك تستحمين مرتين في اليوم ! ولم تقولي لنا مدة الاستحمام) ينبئ بوجود وسواس نظافة أو وسواس حسجسدي بخصوص رائحة العرق، والتي هي عادية في معظم الأحيان إن لم تكن منعدمة في من يستحم مرتين يوميا. وأيضا ما تثيره الحناء من أفكار.. لكني أتساءل عن "رؤيتك" لأقدام مدهوسة، فأنت تقولين "أرى" ولم تقولي "أتخيل" فهل يعني أننا انتقلنا من مجرد وساوس لأعراض ذهانية (رؤية ما لا يوجد في الواقع) ؟ إلا أن يكون هذا في وقت نوبات الهلع التي وقعت لك فيدخل في إطار تشوه الإدراك والانفصال عن الواقع. أنت من سيحدد ذلك في متابعاتك.
بالنسبة لما تقولين عن علاقتك بالناس وبنفسك، فهي علاقة واضحة من الأذى والإيذاء. فأنت في نظرك لا تستحقين حياة هانئة سعيدة، لذلك تتصورين نفسك جالسة في ظلمة مظلمة باردة تحملقين في السقف حتى يأتي أجلك، طبعا هذه أفكار سوداوية تنجلي بإذن الله بعد ذهاب الاكتئاب والتعافي منه، لكن لا تنسي أن إدمان الأذى وأحاسيس التعذيب النفسي قد يؤخر العلاج، فهو من السلوكيات الخاطئة. لأنك كل مرة تريدين فعل مجهود للخروج من بوتقة الحيرة والضعف والكآبة، ما إن تجدي عائقا حتى تفري عائدة إلى ما أدمت عليه وتقولين : "أنا لا أستحق أصلا أن أثابر ولا أستحق الخير.. وما حصل لي من عراقيل أستحقه لأنني دخلت ميدانا ليس لي".
ولعل هذا ما يقع لك مع أصدقائك، في الأول تحاولين التعايش مع الوضع وتتصادقين معهم، ثم بعد أن تعيشي معهم مواقف معينة، تأتي الوساوس لتفرض عليك نظرة وإدراكا معينا للمواقف، ويكتشفون "حقيقتك السخيفة" كما تظنين. فتكون ردة فعلك التراجع ومقت ذاتك، الذي يخرج على شكل مقت للآخرين وعداء لهم. وفي الحقيقة أن هروبك وقطع علاقاتك هو شعور بعدم الأمان معهم وعدم القبول. فترفضين نفسك في إطار تلك العلاقات قبل أن يرفضوك هم، فتتألمين أكثر، لأن إيلامك لنفسك أسهل وأخف من إيذاء الناس لك.
مع بقاء احتمالية أفكار ضلالية بخصوص المواقف الاجتماعية، أفكار زورانية يعني، فيها تأويلات مشوهة لما يحصل، وادعاء معرفة نيات الناس بشكل يقيني، وأنهم يقصدون إيذائك وإذلالك من هذه الكلمة أو تلك الحركة، مع أنهم بريئون من ذاك. لكن يبقى مجرد احتمال يؤكد أو ينفيه طبيبك النفسي الذي يجب أن تزوريه.
أما ما قلت عن الأفكار الخاصة بالله فاطمئني تلك مجرد وساوس عقدية تقتحم عليك ذهنك. فلا تكترثي لها. والله تعالى أكبر وأعلى من أن يستمتع بتعذيبنا يا أختي، إنما بغيُنا على أنفسنا، بغي موجّه لذواتنا أو بغي موجه للناس. والله من علينا وأعطانا كل الأسباب، وخطؤنا في استغلالها ولو بشكل لا نعيه، يخرج لنا ما ترين من مآس وآلام، وهذا من نعمة التربية ومجالاتها التي يضيعها الآباء، كما فعلوا معك لما حطّموك بسبب درجة في الرياضيات فبقيت الرياضيات وضاع الإنسان ! وكما يفعل من ملك السلاح فتسلط على رقاب الناس ظلما وقتلا. وما تفعلينه أنت أيضا في قسوتك مع نفسك وإيثارك لتعذيبها وإيلامها بدل الخروج من تلك الظلمة والصبر على ما تلاقيه عينك من الضوء الذي لم تألفيه (السعادة، تقدير الذات، إثبات الوجود...إلخ)
فكون الضوء نافعا جميلا، لا يعني أنه لا يؤلم ولا تدمع به الأعين التي ألفتْ الظلمة ! فتأملي واختاري بقوة وعزم أي الألمين تحاربين. ألمٌ أوّله سكينة وراحة وآخره عذاب وضياع يبقى ويمتد (البقاء وحدك، اللعب بالدمى المحشوة البكماء التي لا تنتقدك ولا تفهم تناقضاتك التي تخافين أن يكتشفها الناس !) أو ألم أوّله حرقة وفزع وآخره شفاء ورضى وقوة تبقى وتمتد.
ولم تخبرينا عن مرضك "الروحي" والمس الشيطاني ! وما حصل لك أثناءه وما هي الأعراض التي كانت فيك، لأنها مهمة في التشخيص. ولا تنسي إخبار طبيبك بها وبكل ما حصل.
ولا أنصحك أن تتركي المدرسة، لأنه حل هروبي فقط. سيزيد من مأساتك، صابري عليها، مع ضرورة زيارتك لمختص نفسي يقوم معك بعلاج معرفي سلوكي يعدل فيه أفكارك ورؤيتك للحياة وطرق تعاملك مع ذلك.
أما الطول، ماذا أقول لك. ليس كل ما تمنيناه ندركه هذه حقيقة واضحة جدا، لكن تتفاوت نفسيات الناس في تقبل ذلك النقص والحرمان، وقبولك بطولك ومعرفتك أنك بقصرك ستجدين في الحياة متسعا بعيدا عن معايير عارضات الأزياء والمقارنات اليومية. وأنك إن قبلت نفسك سيقبلك الناس، وأنك ستجدين شريكا هو أيضا ذو قامة قصيرة، والكل ينهل من هذه الحياة ما يناسبه، لذلك خلقها الله متعددة متنوعة فله الحمد، فلا تحرمي نفسك مما "طالك من النعم" بسبب ما ما قصُر عندك من الطول.
وأتمنى لك الشفاء العاجل على أن تكون الخطوة القادمة خطوة جدية لطلب العلاج والتغيير، وليس مجرد فضفضة تخبرين الناس كلهم بأنك تتعذبين، ثم إن سمعوا وتأسفوا، تعودين لتعذيب نفسك بأحاسيس الذنب والنقص والاعتزال، فأنت لست مجنونة بل مجرد مريضة ينبغي أن تطلب العلاج. وهو موجود يا "ميرا".
وإليك بعض الروابط:
خلطة قلق واكتئاب: وساوس وعصبية دائمة
خلطة اكتئاب × قلق × وسواس