طرمرض أختي المزمن.
"بسم الله الرحمن الرحيم"
أرجو إفادتي في استشارتي ولكم مني خالص الدعاء..
أنا عندي أختي الكبيرة عمرها 47 سنة..
مطلقة بعد أن تزوجت لثلاث مرات لم تنجب خلالها..
المعذرة إن أطلت ولكن حتى أستوفي جميع جوانب المشكلة..
أختي هي البكر لاقت في صغرها تدليل من الوالدين، ثم بعد أن بلغت سنتان أنجبت أمي البنت الثانية، وبعدها بعام الولد، كبروا سوياً ثم التحقت هي وأختي الأخرى بالمدرسة.. كانت الصغرى متفوقة عليها في الدراسة.. مما أثار الغيرة، بعد ذلك تخرجوا من المرحلة الابتدائية والصغرى لاتزال متفوقة والتحقوا بالمرحلة المتوسطة.
أختي الكبرى لم تدرس إلا أول سنة ورفضت أن تكمل دراستها.. منذ بقاءها في البيت أصبحت تستثير المشاكل، وتفتري على كل من حولها، ولا تأكل إلا منفردة ترفض أن تجتمع مع أهلي على الأكل، لا تأكل إلا ما تطهوه بنفسها... بدأت علاقتها تتغير مع الوالد..أصبح يضطر لأن يضربها بسبب كذبها... في إحدى المرات اتهمت أمي في شرفها مما جعل الكل يتخذ منها موقف لافتراءاتها التي تمس بشرف من حولها... أصبحت تُعامل أسوأ معاملة، وصارت منبوذة من الجميع.
كبرت وأصبح عددنا 9 من الأولاد والبنات وكبرنا ونحن نتجاهل الاحتكاك بها، وقبل 20 سنة تقريباً من الآن سكن بجوارنا رجل وزوجته ولديه ولد وبنت، أُعجبت به وحاولت أن تصل له وبالفعل استطاعت فقد كانت زوجته تعاني من عاهه مستديمة برجلها مما سهل لها الطريق فأشار عليه زوج إحدى الجارات أن يتزوج أختي، وتقدم لها ورفض أهلي في البداية بعد ذلك وافقوا بسبب تهديداتها لهم بتركها البيت والهروب إليه.... تزوجته وبقيت شهر واحد وأعادها إلينا رافضاً اي وسيلة للصلح، وبدأ يكشف لنا تصرفات لم نكن نراها فأخبرنا بأنها أخرجت السكين في وجه زوجته، وأنها تذل نفسها له وتقول كلام خارج عن العقيدة فتقول من حبي لك لن أسجد إلا لك _وهذا أخبَرَتْـــنا به لاحقاً_
بقيت عندنا وازدادت نفسيتها سوء.. كانت دائماً تلبس الحجاب بعد طلاقها أصبحت تخلعه وتظهر شعرها غير ممشط تصرفاتها مريبة.. وتقول بأنها خرجت من عند زوجها عذراء.. بعد ذلك بخمس سنين تقدم لها آخر متزوج وزوجته بمدينة بعيدة، ويسكن هو وأمه... وافقت وتزوّجَـــــتْهُ وبقيت معه ثمان سنين وكلما ذهبت للفحوصات يقول الأطباء بأنها سليمة وزوجها بالطبع سليم لأن لديه طفل، وكانت تقول لنا بأنها دعت الله من جانب الكعبة أن لا يرزقها الأطفال، رغم حبها الشديد للأطفال.
أم زوجها لم تسلم من أذاها عذبتها وكانت امرأة كبيرة في سنها كانت تفتري عليها _هذا الكلام هي أختي التي اعترفت لنا به_ أي أنها تفعل كل شيء بإرادتها وتنكر في البداية بعد فترة تندم وتعترف.. طردت أم زوجها من المنزل ولكن بعد ثمان سنين لم يستطع أن يتحملها أكثر فطلقها، عادت إلينا وهي تتهم أمي بأنها السبب في طلاقها وأن جدي السبب في طلاقها من الأول... عاشت معنا بقية السنين... كانت متعبه جداً لأبي وأمي... أحياناً نذهب للعمرة تأخذ نصفها وترفض أن تكمل ونجهل السبب في ذلك..
تعرفت على شاب يصغرها بعشر سنين كانت تكلمه ونحن نسمعها ولكن تنكر ذلك وتحلف على المصحف.. وعدها أن يخطبها وتقدم ووافق أبي ولكن الشاب بعد أن رأها رفض أن يتزوجها.. أحيانًا تنام يومين أو ثلاثة متواصلة، وتتبول على الفراش.. وأحياناً نشم بها رائحة كريهة.. لا تهتم بنظافتها الشخصية... ومهملة في صلواتها... أحياناً تسهر أيام ولا تشعر بالنعاس..
أحياناً تصوم وتصلي وتقرأ القرآن وتكون حنونة على الوالدين.. وفجأة ينقلب الحال..
العام الماضي تقدم لها زوج صديقتها المتوفاة .. وتزوجته كان له ولد وبنت في العشرينات.. تزوجته وهي تحلف بأن تكون لهم كالأم ولكن ثلاثة أيام وبدأت بتعذيبهم فقد اتهمت الولد بأنه أراد الإعتداء عليها.. واتهمت البنت بأنها تتحدث مع أولاد.. وتحلف على المصحف أيمان الفجور.. ثلاثة أسابيع وطلقها خاف أن تفرق بينه وبين أبنائه.. بعد ذلك بدأنا نقنعها بالطب النفسي وأنه ليس عيب وذهبت للمستشفى مع أمي وأبي وبعد أن دخلت للدكتور وبدأ يتكلم معها أصبحت تبكي وتتهم أمي وأبي بأنهم أجبروها للمجيء وأنها لا تعاني من أي شيء وذهبت تركض للسيارة..
بعد ذلك عرضناها على شيخ قرأ عليها مرة وقال بأن معاناتها نفسية وتحتاج للطب لنفسي إلا أنها ترفض ذلك.. للأسف هي على عداوة مع الكثير من أفراد العائلة.. اتهمت زوجة إحدى إخواني بأنها على علاقة غير شرعية مع زوج أختي.. اتهمت ابن أخي وكان عمره 11سنة بأنه يحاول الاعتداء عليها رغم أنه طفل.. تحقد على أختي التي تصغرها، وتقول لماذا تنعم بالزوج والأبناء والوظيفة؟؟..
هذه حالة أختي التي عجزنا عن تفسيرها.. عندما بلغت الأربعين انقطعت عنها الدورة الشهرية لمدة ثلاث سنين والآن عادت إليها منتظمة..
أرجوا إفادتنا لأن أبي وأمي يعانون الكثير ويخافون عليها مستقبلاً كيف ستعيش؟؟
20/10/2017
رد المستشار
الابنة العزيزة: أهلا وسهلا بك.
مرةً أخرى تذكرنا حكايتك عن أختك الكبيرة بكيف يعيش مريض أو مريضة الاضطراب الذهاني (Psychotic Disorder) بيننا وكأن سلوكه سلوك عادي!! قابلٌ للتأويل والفهم.. أو حتى بغير فهم ربما نبقى نحاول الفهم قليلا ثم ننسى أختك يا بنيتي مع الأسف ضحية ليس فقط لاضطراب الفصام ولكن لتلك القدرة الاستيعابية الفائقة لمجتمعاتنا والتي لو أحسن استخدامها لمثلت خيرا كبيرا للمرضى النفسيين ليس أقل من الشفاء بإذن الله.
إلا أن هذه القدرة مثلما تسمح لنا باستيعاب الآخر المختلف ودمجه في المجتمع تورطنا -مع الأسف- في التكاسل عن إنقاذ المريض النفسي مبكرا بالقدر اللازم، ربما لأننا كمجتمعات لا دراية لنا بأعراض الاضطرابات النفسية –ولا أدري كيف؟- أو لأننا أصحاب موقف من الطب النفسي! رغم أن وصمة المرض النفسي: ليست من ثقافتنا!، الله أعلم بأسباب ذلك القصور فينا.
أختك أصيبت بالمرض النفسي مبكرا في حياتها –وهي في مرحلة الدراسة المتوسطة ( الإعدادية )- وتركت لذلك المدرسة.. وهي الآن في السابعة والأربعين من العمر ما شاء الله ولم تعرض على الطب النفسي بعد، وللإنصاف أقول أنكم حاولتم بعد حوالي 15-20 (من خمسة عشر إلى عشرين) عاما من معاناتها –ومعاناتكم- من اضطراب ذهاني، حاولتم عرضها على الطبيب النفسي فلم تمكنكم هي من ذلك!.
هذه حالة أختك التي عجزتم عن تفسيرها.
أختك ملأت الدنيا أفكارا وهامية (Delusional Thoughts) وسلوكيات غير متزنة –والله أعلم بالباقي- وأصبحت في عداء دائم مع معظم من تعرف من الناس، وأبوك وأمك يعانيان الكثير ويخافان عليها مستقبلاً كيف ستعيش؟؟ لكنهم باتجاه علاجها يتقدمون خطوة راجعين خطوتين -مع الأسف -.
ولتعرفي ما هي الفكرة الوهامية أقول لك باختصارٍ شديدٍ : عندما يعتقدُ شخصٌ ما اعتقادًا جازما (لا يتغير بالإقناع) بفكرةٍ لا تطابق الواقع المعاش، دونَ أن يكونَ لديه هو شخصيا دليلٌ منطقي عليها ( وليست مشاعر الشخص أو أحلامه دليلاً منطقيا بالتأكيد)، ودون أن يشاركه فيها الأشخاص من نفس بيئته وثقافته، فإن هذه الفكرة تسمى فكرةً وهامية (Delusional Idea) أو وِهاماً (أو ضلالا) (Delusion)،
وهذا النوع من الأفكار هو أحد العلامات البارزة في الاضطرابات الذهانية بوجه عام، وتصاحبه في أكثر الأحيان اضطرابات أخرى في الإدراك عبر الحواس تسمى هلاوس (Hallucinations) وأشهر هذه الهلاوس وأكثرها قيمة من الناحية التشخيصية هي الهلاوس السمعية؛ أي أن يسمع المريض أصواتا لا يسمعها غيره رغم أن هذا الغير موجود معه في وقت السماع، وأحيانا تغذي الهلاوس وهامات صاحبها فتسمع أختك مثلا أصوات من تقول أنهم يكرهونها تسمعهم وهم يدبرون لها أذيةً ما، فيصبح ذلك دليلا على صدق ما تقول-، طبعا أنت لم تشري إلى وجود هلاوس عندها لكنني فقط أخمن.
وبعيدا عن كل ذلك يا ابنتي.. أقول لك:
1- أختك تحتاج إلى تصرف حازم من جانب أولي الأمر في الأسرة من الرجال، بفصيح العبارة تؤخذ بالقوة أو بالحيلة إلى مستشفى طب نفسي لتنوم فيه.
2- أفهمي والديك هداهما الله أن انتظار اعتراف مريض ذهاني فاقد للاستبصار (Insight less) بحالته وموافقته على العلاج النفسي، انتظاره ليس إلا إهمالا في علاجه وإهانة له وليس احتراما لرأيه ولا لإنسانيته؛ لأن هذا المريض يعجز أصلا عن رؤية الخلل في تصرفاته.
3- إن لم يستجب والداك لذلك أو خافا من العلاج النفسي فلا حيلة لك ولا لغيرك فقط احفظي نفسك واسألي الله لها الشفاء،
وأهلا وسهلا بك دائما على موقعنا مجانين.
واقرئي ما تأخذك إليه الروابط التالية:
كيف يمكن التعامل مع الزوراني؟
والشك في نوايا الآخرين : التفكير الزوراني .
وبعد كل هذا الفصام : ساعدوا أخي؟
وأسمعهم ولكن من يصدقني: نحن نصدقك ولكن!