دراسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أرجو إخفاء معلوماتي،
أنا طالبة في السنة الثالثة في كلية الطب،
بدأت مشكلتي من بداية دراستي للسنة الأولى حيث حصلت على منحة دراسية وكان للغربة وقع صعب وشق علي وكذلك الصحبة التي كانت حولي أختلفت كثيرا عن سابقتها فكانوا لا أصفهم بالسييئن بل لم أستطع التأقلم مع أفكارهم وميولهم خصوصا بأني عشت معهم في نفس المنزل، مرت السنة وكانت قاسية للغاية وحملت مواد للسنة الثانية بعد أن كنت من أوائل مدرستي على طول الصفوف الدراسية فدخلت السنة الثانية وكنت أعاني من خوف شديد من تكرار ما قد مضى وزعزعة في الثقة في النفس والكثير من الأفكار التي كنت أحاول السيطرة عليها وكانت تشكل عبئا كبير علي
ولجأت إلى الله كثيرا لكي يدلني على الطريق ويصبرني على المسير وانقطعت علاقتي مع أصدقائي السابقين لأني عشت مع محرم لي في نفس المدينة وأيضا فيما بعد حصلت مشكلة بيننا ف تركتهم، المهم في ذلك كله الحمد لله أكملت السنة الثانية بمعدل جيد مرتفع ونجحت في مواد أولى،
ثم دخلت على سنة ثالثة ووجدت صديقة رائعة فتحت لي آفاق رائعة في الحياة وتغيرت نظرتي لكثير من الأشياء وقسوة ما قد مضى (أي تعدل الكثير في حياتي) بفضل الله تعالى، هنا ليست المشكلة بل لشرح الحالة النفسية التي مررت بها.. المشكلة بدخولي ثالثة كانت السنة شاقة للغاية بطبيعتها وطبيعة الطب بشكل عام...
اجتهدت وذاكرت وعملت ما استطعت ولكن قدر لي بأن أعيد السنة، كلما راجعت حسابات نفسي وجدت بأني كنت حريصة على المذاكرة والحضور والإستماع لخير الدكاترة ووو.
والمشكلة التي واجهتها هي تعارض أفكاري فبرغم معرفتي للشئ الصحيح إلا أن وسوسة الأفكار تراودني نفسها التي حصلت لي في السنة الثانية خصوصا مع الضغط النفسي والضغط من حولي (الإجتماعي ووو) مع إني أدرك الصح ربما هو تردد ولكني شخصية قوية.
أنا أشعر بأن لا زال هناك أثر للتجربة الماضية عليّ نفسيا من ناحية القلق الزائد وتغير المزاج عند حصول الضغوطات للدراسة وغير ذلك... لا أدري بالضبط ماهي مشكلتي البعض يقول لي بأنها قد تكون طريقتي في المذاكرة... أنا أحاول التعديل لكن هناك شعور بداخلي يخبرني بأن الخلل نفسي... مع إني أحب كثيرا الطب وأسعى بأن أصل إلى المعالي برغم كل تعثر ولايمكن أن أتخلى عن حلمي ورغبتي في الأعلى دائما...
أتمنى أن يرد علي الدكتور أحمد عبدالله... قرأت كثيرا من ردوده وأحبذ رده.
شكرا لكم
13/12/2017
رد المستشار
الابنة السائلة:
شكرا على ثقتك ومتابعتك.
لاحظت من خلال رسالتك أنك ما تزالين تحت تأثير المحيط بك، وهذا متوقع على خلفية نشأتك في بيئة تقليدية حيث العائلة، والعشيرة، وأحيانا القبيلة تلعب دورا محوريا في تشكيل الزاج والسلوك، والأفكار، والاحتياجات.
الخروج من مجتمع يقوم على الحياة الجماعية حيث يكون مطلوبا من المرء أن يتسق وينسجم مع الشبكة الاجتماعية القوية التي تسانده وتحاصره في آن واحد إلى حياة المدينة الواسعة والمجتمع الأقرب إلى التفكك أو المجموعات الصغيرة يقتضي التدريب على الاستقلال والاعتماد على الذات في تدبير الأحوال مثل المذاكرة، وفي تكوين الأفكار، والاختيارات!!
يعني مطلوب منك إدارة مختلفة – عما تعودت – سواءا للوقت والمذاكرة، أو العلاقات والأنشطة غير الدراسية!
أتوقع أن التركيز في توسيع القراءات، واستيعاب المواد الدراسية أولا بأول، وعدم مراكمة الدروس، والتوازن بين النظري والعملي، وكذلك بين المواد المختلفة في السنة الثالثة هام للغاية، وهي سنة خادعة يعتقد البعض أنها استمرار لسهولة السنتين الأولى والثانية، بينما هي تمهيد جاد في الصعوبة، وفي المحتوى لسنوات البكالوريوس الثلاث!!!
استيعاب المواد عبر أكثر من طريق مثل سماع المحاضرات، والانتظام في السكاشن، وحضور مجموعات أو دروس تقوية عامة وخاصة كلها تصب في هضم المواد، وأكرر "أولا بأول" – دون مراكمة.
انتقاء الصديقات، وكذلك إدارة وقت الترفية، وأنواعه لا يقل أهمية عن إدارة الشأن الدراسي.
الانتقال من بيئة إلى بيئة مربك بطبيعته، واضطراب الدراسة المصاحب له متوقع أيضا.
المجتمع المصري حاليا يمور بأفكار واختيارات كثيرة مثل السوبر ماركت، وتنمية عقلية نقدية، وفلترة صارمة لما تريدين وما لا تريدين تبدو شرطا للسلام النفسي، والاستمتاع بهذه الفرصة المفتوحة للنضج الشخصي على خلاف الحياة محدودة الاختيارات التي تفرض أذواقا وألوانا شحيحة ومتقاربة، وحيث كل الناس متقاربون إلى حدود التشابه!!
نفس التحدي تقريبا يواجه الكثيرين ممن خرجوا من مصر إلى غربة أوسع في اختياراتها، وأسئلتها، وتحدياتها، وبعضهم يسير قدما في التكيف، والاندماج الإيجابي، وبعض يتعثر ويشكو!!
الأمر يشبه الانتقال من عقلية تدريب على الاختيار بين إجابتين إحداهما صائبة والأخرى خاطئة إلى الاختيار بين إجابات متعددة ومتدرجة في الصواب بحثا عن الإجابة الأصوب، أو الأنسب لك!!
إذن بعد ضبط الشأن الدراسي ابحثي أنت، واختاري أنت، وتعرفي أنت، واستكشفي أنت!!
بادري ولا تنتظري أن تأتيك الأفكار، أو الأنشطة، أو الصديقات المناسبات.
وربما يساعدك أن تتعرفي على بعض المقيمات أو العوائل من بلدك عبر النادي، أو المركز الثقافي الذي عهدته ينظم أمسيات شعرية، أو ندوات ثقافية، وقلوبنا معكم حتى تعود بلادكم أفضل مما كانت، وتابعينا بأخبارك.