أكره نفسي
أنا طالب في كلية الهندسة ليس لي أصدقاء رغم العدد الكبير الذي أعرفه حاولت كثيرا لكن دون جدوى ...المشكلة الأكبر هي الغيرة غيور جدا أشعر أنني أفضل شخص بين الجميع ولدي في داخلي ما هو أفضل منهم جميعا لكن لم تساعدني الظروف على خروجه ...
أرى أشخاصا أعرفهم يحصلون علي كل ما يريدون من محبة أشخاص والشهرة وكل ما يتمنونه ....عندما يصل شخص إلى مكانة أجد نفسي متحسرا (من الغبطة وليس أحسد)..أنا أفضل من هذا الشخص أنا لدي أفضل منه لأقدمه ولكن كيف أخرج الطاقة المحبوسة في داخلي ....أشعر أني أعيش في مكان غير مكاني مثل السمكة التي مجبرة أن تمشي على الأرض!!!! ...
حتى أصبحت أصدق الواقع وأشعر أن لا قيمه لي ولا مكان لي بينهم ولا مكان لي في هذه الدنيا وأني فارغ ...حتى أصبحت أرى أن لا مستقبل وإن كان فهو أسود وليست له ملامح ...بدأت أكره نفسي ....ومع عدم وجود صديق أبث له ما في داخلي رغم أنني لا أحب أن أذكر ما في قلبي إلى أي شخص وأحاول أن أظهر دائما أني قوي وبلا مشاكل وأخفي ما في قلبي من جروح ...
منذ فترة حاولت الانتحار مرارا لكن خوفي من الآخرة منعني ...أدمنت السجائر فترة قصيرة ثم ابتعدت عنها تماما ...أنا لست متكبرا أبدا ...عند بحثي على موقعكم وجدت نفسي عندي مرض دورات المزاج السكلوثيميا ...علاقتي بالله إما في القمة أو القاع أحيانا أصلي الخمس وقيام الليل وقراءة القرآن وأسابيع لا أدخل المسجد إلا لصلاة الجمعة ...
النوم والإباحية أصبحا مفري
أصبحت أعظم أمنياتي هي الموت لأتخلص من هذه الدنيا التي لم تنظر لي مثلهم
29/12/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله أخي "أحمد"، ومرحبا بك على موقع مجانين.
أولا أحييك على الإقلاع عن السجائر، فهي خطوة يعجز عنها الكثيرون. التحدي القادم هو الإباحيات، وقد تكون أجدر من غيرك في تركها كما تركت السجائر.
بالنسبة لانعدام الأصدقاء، لَمْ تخبرنا لماذا (في نظرك على الأقل) لم تستطع تشكيل علاقات وطيدة مع أقرانك، سواء في الكلية أو خارجها؟ هل بحثت عن أسباب موضوعية لذلك المشكل ؟ وهل يا تُرى صداقاتك عبارة عن صراع وازدواجية معهم مثل أن تكون محتاجا لصديق تفضفض له، وفي الوقت نفسه لا تبوح بما في قلبك لأحد ! وهل عدم البوح نابع من تمثيلك الرجل الحديدي وغياب جانبك العفوي والتلقائي مع الناس لدرجة لا تتشكل رابطة أخوية وتقرب وجداني ! فأنت تحسب كل خطوة وكلمة لدرجة تثقل كاهلك وتجعل الأجواء ثقيلة مع من تصادقهم ؟ أنا أتساءل معك فقط. ؟
بالنسبة لقولك أن الناس تأخذ ما تريد، وكأنك تتحدث عن مدينة فاضلة يا أخي "أحمد" ! هذا ما تتخيله، ولو اقتربت من الناس أكثر لسمعت شكواهم وأنينهم الخافت، وغالبا سيركزون على ما لم يملكوا كما تفعل أنت ويصفونك بأنك محظوظ أكثر منهم !! لا أحد ينال ما يريد من هذه الدنيا، إنما تحيزنا في الاستدلال وجهلنا بمعاناة الناس الداخلية والاقتصار على مظاهرهم وغياب الجانب الخفي عنا هو ما يحملنا على افتراض أنهم أفضل منا (كما يغيب جانبك الظاهر الذي يتجلد ويستغني عن الناس على جانبك الخفي الضعيف الذي يريد أن يفضفض !)
فأول خطوة ستقوم بها هي أن تكفّ عن المقارنات، وليس لأنك فرّقت بين الغبطة والحسد حتى تتجنب شيئا محرما ستعيش مرتاح البال ! لأنّك مع تجنّبك للمحظور الديني فإنك في محظور نفسي، تقارن وتتمنى ما عند غيرك وتتحسر وهذا شرّ أيضا.
أما ما تقوله عن الظروف، طيّب أنت تقول أن لديك أكثر مما عند الناس وتغار كثيرا وتظن نفسك أحسن منهم، أليست الظروف على الكل ؟ وإن كانت ظروف خاصة أعانت غيرك، فلا بد من وجود أناس مثلك أعاقتهم ظروف وتغلبوا عليها ولو بعد زمن، فليس كل الناس ولدوا بملعقة ذهب في أفواههم !
فهل غيرتك الشديدة تنسيك التأمل في أخطائك وفرصك التي فوّت وفي طريقة تعاملك مع واقعك وتجاربك الحياتية ؟ فهل تركيزك على نعي حظّك ووضع نفسك فوق الناس يجعلك بعيدا عن إدراك أخطائك ومواطن ضعفك (التي لا بد من وجودها بغض النظر عن تميّزك)؟ ماذا ستقول بخصوص بناء علاقات الصداقة ؟ علما بأن ظروف بناء الصداقة بسيطة ومتاحة للكل، خصوصا أنك تذهب أنك تدرس بكلية، لماذا إذن لم تكون صداقات، أهي الظروف مرة أخرى أو شيء فيك أنت ؟! وبما أنك تعتقد أنّك أفضل من غيرك بكثير، فلماذا من هم أدنى منك استطاعوا تكوين صداقات في حين عجزت عنها أنت ؟
هذا يدعونا للتأمل معا في مصدر ودافع الغيرة هنا ؟ هل هو إحساس بالاستعلاء على الناس، فإذا ما عاملتهم الدنيا معاملة خاصة عكسك أنت، شعرت بأن كبرياءك جُرح وأن الدنيا لا تعرف قيمتك، وأن الناس لا تعرف قدرك، لدرجة أنّك تضع الحواجز والجدران بينك وبينهم حتى عجزت (دون أن تعرف) عن تكوين صداقات وأنت بعمر 19 !؟
أو أنّ شخصيّتك كمالية perfectionist لدرجة أنّك لا تشعر بالتفوق إلا إن رأيت الآخرين في "وضعية الفشل" ! قد تسأل ما علاقة الكمالية بهذه الصفة، العلاقة تكمن في الشعور بالدونية عند أدنى خطأ وفشل، مما يشعر الكمالي بالوحدة والاحتقار للذات وعدم الاطمئنان، وما إن يرى الفشل على الآخرين (ولو كان بعيدا عن مجاله ولا يخصه) يعطيه رسالة مريحة لتشابه الناس معه وأنه ليس الوحيد. وأتساءل هل تميل للانتقاد الشديد للناس بسبب معاييرك العالية ولا يرضيك إلا القليل من النماذج بين الناس ؟ وإذا أضفنا صعوبة انفتاحك على الآخرين (درع سميك لتجنب الجروح والأحكام) والخوف من الفشل في العلاقة أو تقييم الناس لك أو رفضهم، وأيضا إرادة تحكّمك المطلق بمشاعرك وضعفك وأحاسيسك وتصرفاتك (وهذا ليس صحيا إن تأملت) سترفع هذه السمات الثلاثة احتمالية كونك شخصية كمالية تعاني من التسويف procrastination (ربما) لذلك تفوتك فرص تطوير ذاتك واستغلال الفرص وتضيع عليك أهدافك.
حاول أن تتأمل ذاتك بعيدا عن التقييمات والمعايير، ضع لائحة فيما نجحت فيه بالمعايير المجتمعية الطبيعية (إن نجحت مثلا في الكلية ولو بنقطة ضعيفة فهذا نجاح، ولا تسمه فشلا بوضعك معيار النقطة الممتازة) جاهد نفسك واتبع برنامجا للإقلاع عن الإباحيات واقرأ عن مخاطرها وتلاعبات منتجيها (لتكوين معرفة نقدية تجاهها تجعلك أقل انبهارا وتأثرا بها)
إن عجزت عن ذلك راجع طبيب نفسية ربما يشخص لك بدايات اكتئاب (بسبب الإفراط في النوم). ولكن لن تخرج من دوامة الاكتئاب هذه بالدواء فحسب، بل بتعديل صورتك الذاتية ومعاييرك اتجاه نفسك واتجاه الناس والحياة عموما. مهمة صعبة لكنها ضرورية
وأتمنى لك التوفيق وراحة البال، وتابعنا بأخبارك