وسواس
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته/ جزاكم الله خيرا على هذا الموقع.
أنا أعاني من وسواس منذ زمن وكثرت لدي الشكوك حول مسائل أريد سؤالكم عنها،
-1 عندما أفكر في الماضي وأتذكر بعض المواقف فيقول لي شيء أنت لم تستغفر الله على هذا الذنب استغفر الآن وفي موقف آخر أنت لم تحمد الله على هذه النعمة قل الحمد لله فأحاول أن أتذكر الذنوب والنعم فأستغفر الله وأحمد الله عليها فأصير مشغولا بالماضي.
-2 عندما أكون في مجلس ويقول شخص نكتة في شخص آخر يقوم المجلس بالضحك وعندما أضحك يقول لي شيء أنت ضحكت من فلان واغتبته استغفر الله له
وأحيانا تقع لي هذه الحالة عندما يفاجئني شخص لم أكن أتوقع قدومه فأضحك.
-3 هل من قال شيئا يعتقد أنه وقع وبعد ذلك يتبين له أنه لم يقع هل هذا كذب؟؟
-4 عندما يسألني شخص عن شيء أعرفه فأقول له لا أعرف سهوا وبعد ذلك أجاوبه هل كذبت؟؟
-5 هل إذا غسلت ثوبا نجسا في الماء مع الصابون وتطايرت علي غسالته هل هذا نجس؟؟
أرجو إجابتكم بسرعة
وجزاكم الله خيرا
21/2/2018
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ترجو إجابتنا بسرعة، هذا حقك ولكن وجهي أسود من جميع من تصلني استشاراتهم... ولا أخفيك أن التوتر من القصف هذه الأيام، ومن الأخبار السعيدة، أذهب رغبتي في العمل والتفكير والكتابة... لا أذاقكم الله مكروهاً.
كلنا مقصرون يا "محمد" في حق الله عز وجل، لا نحسن حمدًا ولا شكرًا، نسأله سبحانه أن يغفر لنا.
لكن الله تعالى علم تقصيرنا وضعفنا، فدلنا على ما يرضيه ولا يثقل علينا، لا داعي لأن تتذكر كل نعمة وكل ذنب، يكفيك في الحمد أن تقول الدعاء المأثور: ((اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيء بَعْدُ)). يكفيك أن تجمل وتخاطب الله تعالى فتقول له: يا رب إنك قلت في كتابك العزيز: ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)) وأنا لا أستطيع إحصاءها، ولكني أحمدك عليها كلها...
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((سيد الاستغفار أن تقول: ’’اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت’’. قال: ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة؛ ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة)). ألا ترى أن الله تعالى لم يطالبك بالتفصيلات؟ قبل منك لتكون من أهل الجنة أن تجمل الاعتراف بالنعمة، والاعتراف بالذنب ثم تسأله المغفرة. لا تشغل نفسك بالتفاصيل ولا بالماضي، ولا تكلف نفسك ما لم يكلفك الله به.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ ((مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)) بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا [أي اهتموا لها كثيرًا]. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا». صغائر الذنوب يكفرها الله تعالى عنك بما يصيبك في يومك وليلتك حتى دون أن تنتبه أن ما أصابك كفارة لك! فلا تكثر من همك، ولا تتذكر مثل هذه الذنوب، فالله يكفرها لك على كل حال.
محاسبة النفس فضيلة، لكن إن شغلك تذكر ذنوبك عن ذكر الله وعن لحظتك الحاضرة فاعلم أنها وسوسة من الشيطان ألبسها ثوب المحاسبة كي لا تفطن لها، فما غرض الشيطان إلا صد الناس عن ذكر الله. لهذا أعرض عن التفكير وعن هذه الطريقة في المحاسبة واعلم أنه لا ثواب عليها، ومهما جاءت الفكرة إلى ذهنك دون إرادة لا تلتفت إليها واستعذ بالله وقل: أعلم أنك شيطان ولن أطيعك. وانشغل بشيء مفيد.
أما سؤالك: (هل من قال شيئا يعتقد أنه وقع و بعد ذلك يتبين له أنه لم يقع هل هذا كذب؟): طبعًا ليس بكذب، بل لو حلف في مثل هذه الحالة، ثم تبين له أنه مخطئ، فهذا يمين لغوٌ لا يؤاخذ عليه الإنسان.
ومن باب أولى ليس من الكذب، ولا مؤاخذة على ما ذكرته: (عندما يسألني شخص عن شيء أعرفه فأقول له لا أعرف سهوا وبعد ذلك أجاوبه هل كذبت؟)
نأتي الأن إلى آخر سؤال ذكرته، وهو مختلف عما قبله: (هل إذا غسلت ثوبا نجسا في الماء مع الصابون وتطايرت علي غسالته هل هذا نجس؟) مثل هذا السؤال عندما يصدر من موسوس فإنه يخفي وراءه سلسلة من الأسئلة حول أحداث ومعارك مع الوساوس. ولهذا فهذا سؤال ناقص لا تكفي فيه الإجابة التي تقال للشخص السليم!
الشخص السليم يكون متأكدًا أن ثوبه نجس 100%، ويغسله ويتطاير عليه من الغسالة ما يبلل ثوبه، فيخلعه ببساطة، ثم يسأل، فإذا قيل له: نعم هذه الغسالة نجسة، طهر ثوبه ونسي الموضوع، وتحرز في مرات قادمة.
أما الموسوس، فمنذ البداية: هل الثوب متنجس فعلًا أم النجاسة متوهمة بسبب الوسوسة؟ ثم: هل ما تطاير شيء يسير معفو عنه أم كمية فاحشة؟ ثم: عندما يحصل على الإجابة، هل ينتهي الأمر بغسل موضع النجاسة، أم يغسل الثوب كله مرارًا وتكرارًا، ويشعر برعب قاتل لأنه لا يعرف إلى أين طارت الغسالة أيضًا؟ وهل لمس ثوبُه شيئًا ما بعد أن خلعه؟ وهل تنجس الموضع الذي رمى الثوب عليه؟ وهل لمس الثوب بيديه، فتنجستا، ثم أمسك بعدها الباب والجدار ووووو إلى آخر ما هنالك من الأسئلة وأفلام الرعب التي لا تنتهي!
أنت ترى كم الفرق كبير بين حالة السليم، وبين ملحمة الموسوس!! فهل برأيك تصلح إجابة هذا لحالة ذاك؟ لابد أن لكل حال مقال، وأن الأحكام تختلف حسب الأحوال... ومثلك عليه أن يبقى بثوبه حتى إن طارت عليه النجاسة، وألا يغيره، ثم يصلي فيه ملتزمًا مذهب الإمام مالك رحمه الله بصحة الصلاة مع النجاسة (في أحد قولين قويين يجوز العمل بهما).
ثق تمامًا أنك إن لبست ثوبًا غارقًا بالنجاسة أسبوعًا أو أسبوعين، ولم تخلعه، فإنك لن توسوس في الطهارة بعد ذلك أبدًا!! وابق على مذهب الإمام مالك إلى آخر حياتك حتى لو شفيت...
إن أردت الشفاء فافعل ما نصحتك به، وأسأل الله تعالى أن يعينك...
واقرأ أيضا:
التوبة للمذنبين والاستغفار القهري للموسوسين
وساوس كفرية : احذري الاستغفار القهري
وسواس النجاسة والغسالة والبلل والجفاف
وسواس الشعور بالذنب! م
فرط الخوف من الذنب يضيع فضل الاستغفار