حلول عملية لطبيبة يائسة!
استيقظت للواقع بعد سنوات
كنت طفلة بريئة، أعيش مع أمي المربية المثقفة وأبي الحنون اللطيف الأكاديمي، وأختي الكبيرة المذهلة وأخي الصغير الخبير الحكيم والأصغر العبقري.
كنت الأكثر براءة وطفولية لم يكن مستواي العلمي أقل منهم وكنا جميعا متميزون نتنافس بالشطرنج وبالحروف المتقطعة، كان المنطق والنقاش أساس تربيتنا، كبرنا ومازلت أؤمن أن التركيز على الطريق وحفظ الأماكن وأسماء الأشخاص ليست من مسؤوليتي، كان نظري ضعيفا فاحتجت إلى نظارة وكان يضايقني شكلها وعادة ما أتركها وهذا ما جعل تركيزي على ما أريد أو ما يهمني فقط، كانت لدي صديقات وكنت من الذكيات في المدرسة والحركيات ومن ذوات الشعبية، لأن أخلاقي وإخوتي بشكل عام مستمدة من مباديء أمي وأبي الجليلة.
كان الوضوح والعاطفية سمة من سمات عائلتنا الشهيرة، كنت ذكية ومن أشطر الطالبات وأكثرهن اجتهادا وكانت درجاتي تتفاوت من شهر لآخر لأني لا أحافظ على المركز الأول ولم يهمني ذلك، الأهم أني أشارك وأتجاوب وأجذب إعجاب المدرسات، أعود إلى المنزل وتركيزي محدود مهما حاولت أن أوسعه، أختي كانت ذكية ولماحة وتتحمل مسؤوليتي، وكنت أعتمد عليها وفجأة أفجائهم وأفاجئ نفسي بنصيحة أو إشارة أو توجيه ذكي وخطير، كان رأيي منطقيا ورؤيتي للأمور شاملة القلب والعقل، أناقش بتسلسل وأوصل فكرتي بروية، أتحرك بسرعة وأتصرف تصرفات مميزة، كنت أحير أمي كثيرا فأنا ذكية جدا وآرائي ذكية وتصرفاتي بريئة جدا وعفوية ولست لماحة أبدا!
وصلت إلى الثانوية العامة وكنت بدون أختي حينها، واضطررت أخيرا أن أعتمد على نفسي، كانت أيام صعبة أرهقت عقلي بحفظ الطرقات والتعامل مع المواصلات، لتتكون شخصية مستقلة مترافقة مع مسؤولية الثانوية العامة .
كانت تسحبني المدرسات ليعرفونني فيما بينهن فهن واثقات أني سأكون من أوائل الجمهورية، وإحداهن قالت أسأل الله لي بطول العمر لأراكي عالمة فيزياء.
جاءت النتيجة الثانوية مخيبة لأمالهن وآمال أبي كانت 89 % تقبلتها بدون أي حزن وكان تقبلي تصرف غريب فقد كان مجهودي كبير !
هنا بدأت مشوار جديد مشوار التخصص، تقدمت لامتحان القبول بكلية الطب برغبة الجميع وليس رغبتي فقد كنت أعشق علم الذرة وتفكيري بعيد عن الواقع فلا خيار موجود اسمه علم الذرة!
تقدمت وقرأت ولم أقبل وكأنه ثاني إختبار لعقلي فشلت فيه لكنني لم أحزن وكل شيء مر بشكل عادي، سجلني أبي موازي وتخصصت بكلية الطب البشري وبدأت مشواره العجيب بكتب انجليزية ومصطلحات صعبة وبرغم أن تلك الأيام مرت كرؤيان إلا أنني كنت أنجح بكل الامتحانات، كان نصف زملائي وربما أكثر يرسبون وكنت أنجح بدرجات مقبولة وجيدة، لا أدري ما هو مستواي لكني كنت مجتهدة بالحضور وبالمذاكرة وبنفس الوقت طبيعة منزلنا الاجتماعية جعلتني لا أغيب عن الأهل والجيران والمناسبات، كنا أنيقات ونهتم بملابسنا وتصرفاتنا وبنفس الوقت دراستنا كنت أقرأ أكثر من أختي لكنها كانت وبعد إهمال طويل تلخص ما قرأته أنا ببساطة، وتذهلني!
في السنة الرابعة خطبني شخص محترم كان الأمر صدمة لي مازلت في قوقعة الطفولة لم أعتقد أني وصلت لمثل هكذا مرحلة!
تم زواجي منه والجميع يحسدني على زوجي ودراستي لكني كنت بحلم لا أدري أين أنا.. لم أكن بوعيي، بعد زواجي بأسبوعين حملت وبعدها بأسبوعين وقع أبي ذو الـ 43 عام إثر جلطة قلبية كبيرة، كان متأثرا بعد زواجي وبوقتها شعرت وكأنني وقعت بصدمة.
كانت صدمة كبيرة في يوم العيد اتصل علينا أخي يقول أبي بالمستشفى ذهبنا إليه كان تخطيط قلبه كالميت، لكنه بالعناية المركزة، كانت أختي تبكي وتصيح كالمجنونة والعالم ما إن سمعوا عن أبي جاءوا إليه من كل صوب ودار كان محبوبا لأعلى الدرجات المستشفى كأنها مظاهرة مزدحمة بالقلقين والمحبين، إخوتي.. أمي مذهولين وكنت عاقلة!
كنت متماسكة.. كنت أحافظ على أختي من أن تتصرف بحماقة أكثر، وأحضن أمي خوفا عليها، نجا أبي من تلك الجلطة بفضل الله، لكني لم أنجُ.
فمن يومها أصبحت أراه وهما، حلما.. لم أعد حنونة عليه.
أشعر وكأننا فراغ، تعلقت بأمي أكثر، مررت باكتئاب شديد، أعطيت كل حبي لزوجي كنت أفكر بطفلي، عاد أبي للمنزل وكنت أتجنب البقاء بجانبه لا إراديا، كان يتحسس مني لكني كنت أحمله مسؤولية أي شيء يحصل بالبيت.. كنت قاسية وأنا العاشقة له.
حدثت أستاذي في طب النفس حينها فأخبرني هذا بسبب صدمة الجلطة المفاجئة لرجل سليم وبسبب الحمل، فترة وستزول، بعد شهرين مرضت خالتي وكانت أم لنا تأتي لزيارتنا لأشهر ونعود إلى بيتها معها، كانت حمى وألم بالعظام وصل حملي لشهره الرابع حين ظهرت نتيجة فحص الدم لديها وأخبرونا أنها مصابة بلوكيميا خطيرة!
كانت صدمة مذهلة، بعدها بأيام سافرت إلى مصر للعلاج ومن وقتها تجنبتها أو بالأصح نسيت شكلها.. لم أحزن عليها ولم أتأمل عودتها ماتت خالتي الجميلة الأنيقة الكوميدية كان طعامها لذيذ وحذر من المسرطنات كانت حنونة ولم يكن ينقصها بحياتها شيء ولم تكن مريضة بشيء!
ولدت وأصبحت أم وكانت امتحانات البكالوريوس، لم أكن أجمع المعلومات وأربطها ولم أشخص خالتي ولا أبي ولا أي مريض يمر من أمامي وكنت أنجح..!
أنهيت دراستي وسافرت مع زوجي للأردن وعشت عاما من الغربة الجميع كان متأثرا وقلقا علي من الغربة بسبب تعلقي بالجميع، لكنني
ذهلتهم وذهلت نفسي بأني لم أتأثر..
أحدهم وصفت له وضعي وتوتري وقلقي على كل التفاصيل فوصف لي علاج اسمه ريكستين وكان علاج مفيد جدا وجعلني أثقل وأكثر رزانة لكنني لم ألتزم به وأصبحت آخذه وقت توتري فقط.
تسجلت بعدها بتخصص نادر وصعب القبول وقدمت باختبار قبول بمستشفى كبير وانقبلت.. لم أكن لأثق بنفسي أن أنقبل بمنافسة كبيرة خارج حدود أرضي.
بدأت أداوم منذ شهرين... لكنني فجأة أجدني وكأنني بدأت أستيقظ من فترة غياب طويلة، لا توجد تجارب ببالي، أخطئ كثيرا، أنظر إلى زوجي وابنتي باستغراب كيف أني استطعت وكيف استوعبت كل هذا؟
لدرجة وأنا أنظف خلف أذني وقفت أنظر ياااه معقولة هذا المكان يتوسخ وكنت أنظفه على طول؟ وكأنني جديدة على التجارب البدائية والصغيرة بالحياة!
صرت أعصب على بنتي، أضايق زوجي وكل تصرفاته السيئة التي مضت ولم أراها حينها أتذكرها وأعيدها له، أعدت الذاكرة كيف كنت صبورة؟ كيف لم أركز أن فلان ظلمني وفلان فعل معي هكذا..
أما علميا فأنا أقرأ ومستمرة في القراءة كطالبة ثانوية بدأت أتتخصص، وكأنني لم أمر بفترة بكالاريوس.. وكأنني نسيت كل شيء فيه، أنذهل من أصدقائي الذين يشخصون الحالات السهلة والصعبة، مذهولة من الجميع كيف يربط المعلومات بعقله كيف يركزون؟! وكأنني طفلة أنظر لهم بإعجاب ولأبسط الأمور..
ثقتي أن هناك شيء خطأ
ثقتي أن هذا الخطأ لابد أن يعالج وأبحث عن فهم لحالتي هل هو غباء أم مشكلة نفسية أحتاج بشدة أن أكون مستوعبة للواقع ولدراستي
مؤثرات إضافية بشخصيتي:
*لا أخفي أني مررت بمرحلة دراسة الوجود بعد البكالريوس، وعمقت تفكيري فيه وفهمت سر وجودي وهذا ما يجعلني أريد أن أواصل وأتعلم، وكانت فكرة الوجود مؤثرة في لمدة وأعتقدها عدلت مساري للأفضل.
*أنا في بداية حمل الآن.
*كنت من الثوار الأشداء المخلصين والوطنين وأصابني يأس شديد وندم لما آلت إليه الأمور الآن.
وجزاكم الله ألف خير
16/3/2018
رد المستشار
أيتها الأخت الكريمة
نشكر لك استخدامك للموقع وأتمنى أن أفيدك
لقد رجعت إلى الاستشارة الأولى بعد قراءة هذه الاستشارة فوجدتها أكثر تحديدا مما كتبت لنا هذه المرة، لم أستطع أن أضع يدي على احتياجاتك مني كمستشار.
ماذا تريدين تحديدا بل من أنت؟ أين تسكنين؟ ماذا تفعلين؟ كم لديك من الأبناء، في المرة الأولى كنت طالبة متفوقة وزوجك رجل صالح وجيد وتعيشين في كندا ولديك مشكلة مع الامتياز. هذه المرة دخلت كلية طب بمجموع 89% !! فهمت من رد فعل اسرتك أن هذا المجموع لا يتوافق وتطلعاتهم لك ثم تدخلين كلية طب ثم تنجحين بينما نصف دفعتك يرسبون!! هل يحدث هذا في كندا أم اليمن أم مصر؟ تتحدثين عن علاج نفسي تتعاطينه عند اللزوم اسمه الريكسيتين. هل تقصدين الباروكسيتين؟ من وصفه لك ولماذا ومتى؟
كثير مما كتبت يشبه الخواطر والاسترجاعات الممزقة غير ذات الصلة إذ أنك على الصفحة البيضاء تقودين المقابلة إلى حيث تريدين وحيث تريدين لا يقودني أنا كمستشار إلى رد يقنعني ويشفي حيرتك.
أعتقد أنك بحاجة لمراجعة طبيبك النفساني والتواصل معه وجها لوجه ومساعدته على تحديد احتياجاتك في العلاقة العلاجية وتحديد أين يكمن الخطأ الذي تقصدينه في رسالتك.
وفقك الله وتابعينا بأخبارك.