الطبيعي والعبيطي.. في العلاقات الجنسية م
الطبيعي والعبيطي.. في العلاقات الجنسية م1
هل الطلاق حل
أعلم أن الطلاق هو قراري وكل تبعاته هي مسئوليتي بمفردي ويجب علي تقييمه بشكل واقعي.. ولكن ما أردت توضيحه لي في الرد على استشارتي ليست هذه النقطة ..
طوال السنوات السابقة وهو ينكر وجود مشكلة ويؤكد أننا متوافقان وأنه لن يوجد من يحبني أكثر منه وأن ما أظنه من مشكلات هو مجرد تهيؤات مني نتيجة حساسيتي الزائدة!! أو أني بفكر كتير لأن مفيش أولاد!! رغم أن المشكلة من بداية الزواج.. وفي محاولات سابقة لطلب الانفصال وحتى الآن يظهرني أمام نفسي وأمام أهلي بصورة (اللي بيبيع) وهو (شاريني ومتمسك بيا)!! وإني (ظالماه) مما يتسبب في شعوري المستمر بالذنب تجاهه وأفكر مليون مرة وأشك في نفسي (إني أكون فعلا بكبر الأمور وبشوفها على غير حقيقتها)!!..
أصبحت أشعر بالفشل المستمر والحزن والظلم (نتيجة إني شايفة إني مظلومة وهو خلاني ظالماه).. إنني لا قيمة ولا وجود لي ومرفوضة.. أصبحت أشك في إحساسي وأفكاري ولا أعرف أين الحقيقة؟!..
إن كلامه يظهر عقلانيا ومقنعا لمن لا يعرف عن الموضوع أي تفاصيل لدرجة أنه (بيقنعني شخصيا أوقات) وهو أيضا يعرف أني لن أحكي أو أتكلم عن تفاصيل مشكلتنا نظرا لحساسيتها مما يقوي موقفه.. كما أني لا أستطيع التعبير عن نفسي بشكل كافٍ وأتحول لحالة من العصبية والتوتر أو الصمت الكامل والهروب مما يضعف موقفي أكثر.. أشعر بالضعف والسلبية والتخاذل مما يجعلها حياة لا معنى لها لا أستطيع تغييرها ولا يمكنني الاستمرار فيها وكأنني سقطت في بئر عميق ليس له نهاية. ..
أرسلت استشارتي هنا لأتكلم بحرية وآخذ رأيا حياديا ربما يتضح لي ما لا أراه.. هل هناك مشكلة لمجرد أني أشعر بوجودها وأراها؟ أم يمكن أن أكون خادعة لنفسي وأقدر الأمور بغير حقيقتها؟؟؟ أردت مناقشة أفكاره وتصرفاته لأكون واثقة أني غير متوهمة وأن ما يؤذيني نفسيا معه هو حقيقة..
أنا لست ملاكا وبي من العيوب ما أعرفها جيدا ولكن ليس منها ما وصفني به ورآه في.. إن ما رآه في هو عيوبه وكأنه ينظر في مرآة ويعكس الصورة تجاهي!! وكل الأحداث والحقائق يتم قلبها عند تفسيرها وتبريرها... كل ما حكيته في رسالتي السابقة سواءًا أحداث وقعت أو رأيي فيها هو حقيقة من وجهة نظري ولم يسبق أن شكك أحد أبدا في رؤيتي أو تقييمي للأحداث بالعكس يلجأ لي الآخرون حتى الأكبر مني ثقة في آرائي وأفكاري المتزنة.. فهل يمكن أن أكون على خطأ في أهم ما حدث في حياتي؟؟
ما أردت توضيحه لي ليس إذا ما كان الطلاق حلا أم لا.. ولكن:
مدى واقعية وصحة التفاصيل المؤدية لاتخاذ القرار ...
21/3/2018
رد المستشار
السائلة الكريمة:
جميل تواصلك وحرصك على استيضاح الأمور، ومرحبا بجولة جديدة في مسيرة البحث عن القرار الأنسب.
دعينا نبحث عن مواضع الخلل يا عزيزتي.
في رسالتك الأولى تصورت أن الخلل يكمن في جهل زوجك أو "استعباطه" في شأن العلاقة الحميمة فكانت الإجابة متوجهة في هذا السبيل، وفي رسالتك الثانية سرنا في اتجاه آخر عدت بعده تقولين أن ما تقصدينه هو شيء آخر فهمت أنا أنه صحة ما أسميته أنت التفاصيل المؤدية لاتخاذ القرار.
هل لدينا مصدر معلومات أو انطباعات أو تقديرات غير كلامك؟!
إذا كنت أصلا تشكين في أحاسيسك وأفكارك فعلى أي أساس يمكن أن نبني رأينا "المحايد"؟!
كيف نبني رأيا أصلا دون أساس، وكيف سيكون رأيا مفيدا، و محايدا إذا كان مصدرنا الوحيد متشكك ولا يعرف أين الحقيقة؟!
دعيني أزعم أن تقشير هذه الطبقة من الأسئلة والالتباسات ممكن أن يفيدنا حين نرى ما وراءه أو ما تحته من جذور أستكشفها معك من خلال كلماتك.
كررت أكثر من مرة أن لديك عيوبا تعرفينها جيدا، وليس من بينها ما يتهمك به ولم تذكري لنا هذه العيوب، بل تركت انطباعا قويا بأن ما يقوله هو عنك أهم من ما تعتقدينه أنت عن نفسك!!
دعيني أفترض أنك واحدة من ملايين تتم برمجتهم على فرط التقدير والاهتمام والاعتبار لرأي ذويهم، وبخاصة أهل أو جهة السلطة أو التحكم في علاقات تدور أغلبها في إطار أبوي متسلط نفقد فيه أصواتنا أو رأينا الشخصي الذي يعبر عن ذواتنا، ومصالحنا، وما يناسبنا لمصلحة كلام الناس، أو آراء من حولنا، أو أحكام المجتمع المحيط بنا.
تكتمل الصورة البائسة حين نقبل بوعي أو بغير وعي أن نفقد قدرتنا على التعبير عن أنفسنا ومشاعرنا وأفكارنا بحيث نتألم في صمت نفضله عن المواجهة أو الجرأة أو حتى ممارسة أبسط حقوقنا في الجهر بالحقائق، وهو قبول ضمني بدور الضحية تحت لافتات براقة ومحببة في ثقافتنا مثل حفظ أسرار البيوت، أو عدم الخوض في المسائل "الحساسة"، والحقيقة أننا نموت ببطء، ولكن صمت البراكين هذا يبدو أسهل من البوح!!
بعد فقدان الإحساس الواعي بالذات، وفقدان القدرة على التعبير عنها نفقد هويتنا بحيث تتلاشى الحدود الفاصلة بين الذات وغيرها، ويزداد الارتباك مع العجز عن اتخاذ قرار هو في الأصل يصدر عن ذات، لكن هذه الذات تم طمسها واستلابها، وبالتالي تجريدها من دفاعاتها بحيث تسقط فريسة لعدوان الانتهاك، وتشعر بالذنب تجاه الذئب الذي يفترسها بينما هي ما تزال تتساءل عن نواياه بل تتساءل أي رواية هي الصحيحة: ما تسرده هامسة في فضاء حر ؟ أم روايته هو المناقضة لروايتها!!
في قصة ذات الرداء الأحمر – كما أعتقد – تكتشف الفتاة خداع الذئب المتخفي في رداء الجدة قبل أن يفترسها، ومؤخرا قرأت مزحة دالة (نكتة) عبارة عن رواية نفس القصة الشهيرة، ولكن من وجهة نظر الذئب، وفي هذه الرواية المناقضة للقصة الأصلية يتبرأ الذئب من كل الاتهامات والجرائم، بل ويتهم الفتاة بإثارة المشكلات، واتهامه بدون وجه حق!!
تذكرت هذا مع تفكيري في رسالتك، وهمست لنفسي مشدوها: أن البعض يبدو أنهم يصدقون رواية الذئب!!
لست أنت فقط، ولكن ربما شعوب أو كتل جماهيرية بأكملها!! وهي مسألة تستدعي البحث، ومن تفسيراتها ما قبل عن ظاهرة: التوحد مع المعتدي – أي تبني وجهة نظره، ولو تضمنت عدوانا على الذات!! وسماها البعض متلازمة ستوكهولم.
إذا صح تحليلي فإن الخلل الأولى بالمعالجة هو ذلك التشوه الذي يصيبنا تحت ضربات وافتكاسات تربية حمقاء تتولى نزع أجزاءٍ مهمة من وجودنا الإنساني وتسلمنا ضحايا جاهزة للانتهاك في صمت!!
استعادة إحساسك بوجودك، وتعبيرك عن نفسك، وقدرتك على التمييز بين ما هو صوتك الداخلي الأصيل، وما هو تداخل من أصوات أخرى تتردد بداخلك فيختلط عليك أمرك، وتترنح خطواتك!
رحلة استعادة الوعي والهوية تستغرق وقتا وتحتاج جهدا، وليس في الحياة غيرها من رحلة!!
ربما توافقين معي أن هذه هي البداية السليمة لأنها إذا كانت الحقائق مشوشة، وتقديراتك موضع شك وتشكيك منك، فإن وجهات نظر الناس الآخرين المبنية على معلومات ناقصة، ومشوهة، ولا تتوافر فيها شهادة الطرفين بحكم صمتك!!
هذا المعيار أيضا مطعون فيه، ولا يصلح مرجعا ولا مرجعية!!
إذا كنت ترديدين حسما أسرع لمسألة العلاقة يمكنك هذا عبر كسر صمتك، ومراجعة مختص أو مختصة في الاستشارات الزواجية لعل هذا يوفر لك عينا ثالثة تنظر بحياد، وتستقصي بسماع روايتك، ورواية زوجك لنفس القصة.
وإذا كنت ترين ما تسمنيه عيوبك هي نفسها التشوهات الشائعة التي حاولت شرحها لك فإن الفرصة مفتوحة لبدء مسيرة الوعي واستعادة الإنسانية، أو المساحات المهدرة منها!!
لن أطيل عليك أكثر من ذلك، وسأنتظر رسالتك التالية.
ويتبع>>>>>> : الطبيعي والعبيطي..العثور على الصوت الداخلي م2