وسواس قهري
أولاً العذر عن عدم استطاعتي للتعبير جيداً، نشأت في أسرة متفككة لأبعد حد رغم وجود الأب والأم ومثل أسر كثيرة تهتم بالابن وتهمل البنت ولكن مكنش مجرد تمييز للولد عن البنت، كان تركيز مع الولد لدرجة أنهم ناسيين أن ليهم بنتين تانيين، إهمال لدرجة أنهما لا يعلمان أي شيء عنا، كانا مكرسين كل الاهتمام والحب وحتى المال لهذا الابن ولا يهتمان حتى باللبس الداخلي لأي من البنتين.
وعند إعياء واحدة منا لا أحد منهما يكترث حتى خوفاً علينا، عشنا الحرمان من أبسط الأشياء حتى يعيش أخي أحسن معيشة ومع ذلك عمري ما حقدت عليه رغم أنانيته المبالغ فيها وحبه لذاته وعدم اكتراثه لأي شيء من حوله إلا نفسه وتسخيرنا له حتى في الإهانة.
وعند وصولي لمرحلة الثانوية كنت في أسوأ حال يمكن أن يوجد عليه إنسان ولا أكترث لشيء من حولي كأني ميتة، أنظر لكل ما حولي ببلاهة وكأني لا أرى أو أسمع أحدا، لم أهتم بدراستي وكانت علاقتنا كأسرة أسوأ علاقة بسبب ظلم أهلي وسكوتهم عند ظلم أخي لنا وجملة أخي الشهيرة عند سؤاله لماذا يفعل هذا معنا وكان رده "ملكيش دعوة بأخوكي"
وكأنه يقول أنت شيء وهو شيء آخر وذلك عند شرائه لشيء وإعطائه له وقوله لأخي لا تعطه لإخوتك، كان الاهتمام به مبالغا فيه وكان إهمالهم لنا مبالغا فيه أكثر وأكثر، لدرجة أن الناس لم تكن تصدق أن هذا أخي وأنه شيء آخر غيرنا وذلك طبعاً من كثرة الاهتمام به وبشكله النظيف أو بعبارتنا الشهيرة"شكله ابن ناس أوي"
حُرمنا من اللبس ومن التنزه ومن العيشة بأكملها لأجل توفير ثمن ذلك كله له، لا أبالغ بكل ما أقوله فيوجد أكثر من ذلك، فكانوا يهينان أختي أسوأ إهانة بضربهما لها، للدرجة التي أبانت ذلك على وجهها وكل من ينظر إليها يعرف من عينيها كأنها "تقول لمَ هذا الظلم"
أما عني فقد ساءت صحتي النفسية والجسمانية ولا أجد اكتراثا لذلك، لا أبالغ عند قولي"عشت يتيمة وأهلي موجودين" ظهر عندي شعور بالتوهان وكأني أرى الناس من شاشة تليفزيون ولا أشارك معهم في شيء لا أرى ولا أسمع ولا حتى أتكلم.
ومنذ 4 سنوات أصبت بوسواس قهري مزمن كاد أن يفقدني أعصابي كنت أصحو على وساوس ويستمر ذلك طوال اليوم دون أن يفصل ذلك دقيقة، وسواس منذ الصحيان إلى النوم بدون راحة ثانية واحدة، وكانت هذه الوساوس عبارة عن شكوك في الذات وأني فعلت شيئا معينا ولكني أعرف أني لم أفعله، ولكني لا أقدر على دفع هذا الوسواس، واستمرت الفكرة تلو الأخرى وكل هذه الأفكار عبارة عن أحداث لم تحدث وأني فعلتها ولكن ذلك لم يحدث ولكنه الوسواس الذي أصابني بالشك في ذاتي بأن ذلك حدث فعلاً.
واستمر هذا الحال سنتين بدون راحة كنت أبكي بكاء حارا، أصرخ ولا أحد يسمع والغريب في ذلك أني لم أخبر أي أحد بما أشعر ولا حتى أهلي، وبعد السنتين لجأت لأهلي ليساعدوني ولكني لم أجد الاهتمام، فأخذت خطوة الدكتور النفسي وحدي ولكن ليس بسبب أني أريد العلاج من الوسواس فقط بل لأني أعاني منذ الصغر من اضطراب في الهوية الجنسية فأنا أشعر بأني ذكر وليس أنثى، وأمي كانت تعلم ذلك ولكن كانت دائمة النقد لي بسبب ذلك أمام الناس حتى أصبحت أعاير حتى من الناس وأصبحت فاقدة الثقة في نفسي ساذجة ومنكسرة وضعيفة الشخصية.
ولكن هذا الاضطراب كان سببا في ميولي الجنسية ناحية بنات من جنسي، ولم تكترث لي أمي إلا عند علمها بميولي الشاذة فهي خافت أن لا أتزوج وليس خوفاً علي فقالت لأبي وذهبا معي إلى الدكتور وصنف هذا الميل على أنه من ضمن الوسواس القهري ولكني أعلم أن ذلك شيئا وهذا شيء.
ومنذ ذلك اللحظة تغيرت معاملة أبي وأمي لنا وكأنهما شعرا بأنهما السبب، لا يوجد أيضاً اهتمام ولكن يوجد تفاهم ومعاملة حسنة عن السنين الطويلة التي فاتت والتي كانت منذ ولادتي، ولكني ظللت أتساءل لمَ كانا يفعلان ذلك? هل لعلاقتها السيئة بأبي وما رأته من خيانة وإهانة منه? أم ذلك بسبب عقدتها من أبيها وتركه لهم لزواجه من أخرى، وإذا كان كذلك لمَ كان ذلك معنا فقط وليس مع الابن أيضاً؟.
أما عني فأنا ما زلت ضائعة بسبب ما حدث لي من قسوة الأهل أم من قسوة الحب، فإنها بنت مثلي ولكني أحببتها، وجرحي منها لا يريد أن يشفى رغم مرور 6 سنوات عليه، وبسبب زهدي في الحياة وتوهاني وعدم إحساسي به فأنا دائمة الاستغراق في أحلام اليقظة، إما مستغرقة في الوساوس التي لا أستطيع التخلص منها إما في اللوم الشديد الذي أشعر به وجلدي لذاتي، فأنا فقدت القدرة على الحياة ولا أجد أحدا بجانبي.
أنا وحيدة ولا يوجد لدي أصدقاء ولا هوايات أستطيع اللجوء إليها، كما أني لا أستطيع التركيز وأشعر بالامبالاة حتى عند الامتحانات، ولا أدري ما يخبئه لي الغد فأنا لا أريد الزواج، أما عن الوسواس فقد أصبح الآن شكوكا في من حولي ووسواس مقارنة بالغير، وأعلم أن كل هذا ليس منطقيا ولكني لا أستطيع فعل شيء فإنه يتغلب علي في كل مرة.
أريد الاستشارة لأني لا أستطيع الرد على من يهينني وكأنه يوجد شيء ممسكا بلساني، فلا أحد يقدرني فأنا دائماً خيارٌ ثاني..
10/5/2018
رد المستشار
الابنة الفاضلة "Sara" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
الانحياز التربوي للذكر شائع ما يزال في بعض الأسر في مجتمعاتنا ... بعضه واعٍ وأغلبه غير واعي ... ولكن مستويات الشدة تتباين بشكل كبير ويندر أن نسمع عن مستويات تمييز ضد الإناث داخل الأسر كالتي وصلتها أسرتك كما يظهر جليا في إفادتك، يندر لكن ما نزال نسمع في عيادتنا تعبيرات تشي بوجوده وإن تخفى.... والله أعلم بأحوال الأسر التي تتحمل الإناث فيها صامتات لأنفسهن لائمات ولم يشتكين ولم يزرن طبيبا نفسانيا بعد.... ويعشن تحت مناخ من الإساءة المعنوية المزمنة والتي يمكن جدا أن تؤذي أكثر بمراحل من التحرش الجنسي الذي عقابيله أيما عقابيل. لكنني رغم كل ذلك أميل إلى الاعتقاد بأن الظاهرة في تناقص خاصة بعد الإنترنت وتطور أساليب الاتصالات ..... آلمتني سطورك حقا لكنني كأغلب الزملاء اعتدنا سماع ما يؤلم.... ثم الانتظار لاستماع ما يليه كعواقب أو عقابيل في حياة المريض أو المريضة...
بدأت قصتك مع أول العواقب في رأيك بما يصفه قولك (شعور بالتوهان وكأني أرى الناس من شاشة تليفزيون ولا أشارك معهم في شيء لا أرى ولا أسمع ولا حتى أتكلم.) وهذا عارض عابر نسميه اختلال الإنية له علاقة بالهلع أو الانفصال أو الوسواس القهري أو الاكتئاب.... أو غير ذلك .... ثم أيضًا لم توضحي بعدها إلى أين سارت بك الأمور؟!
ثم انتقلت إلى عنوان استشارتك كما اخترته أنت الوسواس القهري فقلت: (ومنذ 4 سنوات أصبت بوسواس قهري مزمن).. وكان شديدا حسب وصفك ومحتواه (عبارة عن شكوك في الذات وأني فعلت شيئا معينا ولكني أعرف أني لم أفعله،)... هذا نوع من أنواع الوسواس القهري نسميه الشك في فعل ما لم أفعل ... هذا عذاب مستمر.... وصدقت حين قلت (واستمر هذا الحال سنتين بدون راحة كنت أبكي بكاء حارا، أصرخ ولا أحد يسمع والغريب في ذلك أني لم أخبر أي أحد بما أشعر ولا حتى أهلي) ..... ليس الغريب حقيقة أنك لم تخبريهم إنما الغريب هو كيف لا يحس بك من تعيشين معهم ؟
(فأخذت خطوة الدكتور النفسي وحدي) تدل بوضوح على قوة إنسانية لا تتوفر لأغلب من في مثل سنك.... لكن لم توضحي لماذا انتظرت سنتين إذا كنت بهذه القوة؟..... المهم أنك أخيرا ذهبت إلى الطبيب النفساني
(ولكن ليس بسبب أني أريد العلاج من الوسواس فقط) وكأنه ليس كافيا كطلب للعلاج ! وتكملين ما يمثل بالنسبة لنا قفزة مفاجأة حدثت وسنك 21 سنة حيث تشيرين إلى ما بدأ معك من الصغر –ورغم ذلك لم تأتِ على أي إشارة إليه رغم أنك حكيت لنا كثيرا عن آلام تلك الفترة من حياتك ؟ وتكملين : (بل لأني أعاني منذ الصغر من اضطراب في الهوية الجنسية فأنا أشعر بأني ذكر وليس أنثي، وأمي كانت تعلم ذلك ولكن كانت دائمة النقد لي بسبب ذلك أمام الناس).... والغريب بالنسبة لك هو أن (الدكتور وصنف هذا الميل على أنه من ضمن الوسواس القهري ولكني أعلم أن ذلك شيئا وهذا شيء)... يعني وصلت إلى اتفاق مع طبيبك المعالج بشأن هذا الأمر أم أنك ذهبت لتعرفي التشخيص هناك بالفعل موسوسون باضطراب الهوية الجندرية ولكن..... ينتهي حديثك بعد ذلك عن الطبيب النفساني والعلاج.ومن الواضح أنك وطبيبك النفساني لم تنجحا في إنشاء وتوطيد علاقة علاجية رغم احتياجك الشديد لذلك.... ولم توضحي أنت إلى أين سارت بك الأمور؟!
ثم تبنين على ما هو غير واضح من معايرات تتعرضين لها بسبب معايرة أمك لك أمام الناس لتصلي لقولك (أصبحت فاقدة الثقة في نفسي ساذجة ومنكسرة وضعيفة الشخصية).... ماذا تقصدين لكنني أستطيع أن أستنتج أنك أقوى من ذلك إذ كيف في مثل ظروفك خطوت وحدك نحو طبيب نفساني ؟ تفاجيئننا بأن السبب كان (هذا الاضطراب كان سببا في ميولي الجنسية ناحية بنات من جنسي، ولم تكترث لي أمي إلا عند علمها بميولي الشاذة فهي خافت أن لا أتزوج)... مرة أخرى يقفز لنا موضوع بهذا الحجم فجأة كأن لم يكن موجودا بحياتك من قبل.
ثم تقولين (ومنذ ذلك اللحظة تغيرت معاملة أبي وأمي لنا وكأنهما شعرا بأنهما السبب، لا يوجد أيضاً اهتمام ولكن يوجد تفاهم ومعاملة حسنة.....، ولكني ظللت أتساءل لمَ كانا يفعلان ذلك?) ... بنت حلال تحاولين التبرير لوالديك جزاك الله خيرا وسامحهما ...
ثم تشتكين بعد قسوة الأهل(من قسوة الحب المثلي) ومن التوهان والزهد في الحياة وتقولين (دائمة الاستغراق في أحلام اليقظة، إما مستغرقة في الوساوس التي لا أستطيع التخلص منها، إما في اللوم الشديد الذي أشعر به وجلدي لذاتي، فأنا فقدت القدرة علي الحياة ولا أجد أحدا بجانبي)... والوحدة وانعدام الهوايات، وعدم القدرة على التركيز والشعور باللامبالاة حتى أثناء الامتحانات... هذا اكتئاب لا شك فيه حتى لو كنت تريدين الزواج !
ثم نعود إلى الوسواس فتقولين (أما عن الوسواس فقد أصبح الآن شكوكا في من حولي ووسواس مقارنة بالغير، وأعلم أن كل هذا ليس منطقيا ولكني لا أستطيع فعل شيء فإنه يتغلب علي في كل مرة) هذا كلام يحتاج إلى توضيح ما المقصود بالشكوك في من حولك ؟ هل في وجودهم ؟ هل في نواياهم ؟ أفعالهم ؟ فيم تشكين ؟ وما هو وسواس المقارنة بالغير ؟ .. وما معنى أنك لا تستطعين فعل شيء وهو يتغلب عليك كل مرة ؟ ماذا تكون النتيجة ؟ كيف يؤثر ذلك على علاقتك بمن حولك ؟
تتركين كل هذا يا "Sara" يا ابنتي.... وتختمين استشارتك بقولك : (أريد الاستشارة لأني لا أستطيع الرد على من يهينني وكأنه يوجد شيء ممسكا بلساني، فلا أحد يقدرني فأنا دائماً خيارٌ ثاني..) ... عن حالة أم سمة تتحدثين ؟ هل هي حالة مررت بها فلم تردي على الإهانة أم أنت غالبا هكذا ؟ هذا قد يكون جزءًا من اضطراب نفسي أو أكثر وطريق الخلاص منه إلى جانب العلاج الكامل بشكل عام هو تأكيد الذات فاقرئي ما شئت منه.
سؤال أخير أين هي عدم استطاعتك عن التعبير جيدا تلك التي تستشعرينها لدرجة أن تبدي بها الاستشارة ؟؟ أين هي بالله عليك يا "Sara" حياك الله على مجانين ... وأهلا وسهلا بك دائما معنا ... فتابعينا بالرد على ما سألناك ... ورمضان كريم