لخبطة فكرية بين التكبر والتواضع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا دكتور
بالبداية أود أن أشكر كل القائمين على هذا الموقع الأكثر من رائع وجزاكم الله ووالديكم خيرا وجعلكم من أهل الجنة
حالتي :
أنا عمري (18 سنة) طالب ثانوي، أنا حياتي في راحة وهنئ (الحمد لله) وأخلاقي طائع لله ولوالداي، أحترم كل الناس وأبتسم كثيرا أمام الناس، إذا لدي مال في جيبي واجد شخص محتاج أعطيه بدون أن يسأل، لا أتكلم عن ما أملك من أموال أمام فقير حتى لا أجعله يحس أنه لا يملك شيء، ولا أتكلم عن أبي وحبه لي أمام يتيم، وأشياء في طباعي إلى الآن هي موجودة !
لكن الآن أحس شيء في عقلي يرشدني إلى الأسوأ
-مثال1: أن أبتسم وأمازح شخص في الشارع (فيحدثني هذا الشيء) فيقول لي أنت خائف من هذا الشخص (وأنا لست كذلك) فأقوم بالتكبر على هذا الشخص حتى أثبت لهذا الشيء أنني لست خائف..
-مثال2: أن أعمل معروف لشخص (فيحدثني هذا الشيء) فيقول لي أنت خدام لهذا الشخص وأنت خائف منه وأنت لم تفعل هذا المعروف لذاك الشخص قبل مده من هذا المرض..
-مثال 3: أن أفعل شيء في المنزل مثل (تمشيط الشعر)
إذا سرحت شعري كما اقتنعت أنا (فيحدثني هذا الشيء) أنني فعلت هذا التسريحة خوفا من شخص فأقوم بعمل تسريحه أخرى من أجل أن أثبت له .
-مثال4: إذا كانا شخصان يتكلمان عن ثمن ملابسهما وأنا خارج عن محادثتهما (فيحدثني هذا الشيء) أنت خائف أن تتكلم أن سعر لباسك أغلى من لباسهم، فأقوم بإخبارهم وأنا لا أريد أن أدخل في موضوع لست فيه ..
-مثال 5: إذا مازحني شخص أنا في العادة أتمازح وأضحك معه (فيحدثني هذا الشيء) فيقول لي هذا الشخص ينزل شخصيتك .
-مثال6:إذا حدث شيء في الماضي (فيحدثني هذا الشيء) فيقوم هذا الشيء بتحريف ما حدث وأنا أعرف الشيء الصحيح،، لكن أنا أقوم بالتبرير له وأعرفه وأثبت له حتى يزيل القلق.
-مثال7 : إذا جلست مع شخص نتحاور (فيحدثني هذا الشيء) فيقول لي لقد أخبرته أشياء سيئة عن نفسك لقد أفشيت السر له،، وأنا أعرف أننا في موضوع أخر فأقوم بقطع الحوار والانسحاب وإذا أردت أن نتحدث أقوم بالتسجيل في الهاتف حتى أنني لا أستمع للتسجيل وأقوم بحذفه ..
-مثال8: إذا ذهبت إلى السوق لأشتري ملابس أو أي شيء فأريد شراء شيء واحد ثمين (فيحدثني هذا الشيء) يقول لي أنت خائف من هؤلاء الناس أن تشتري كمية كبيرة فأقوم بإثبات وأشتري كمية
-مثال9: إذا تشاجرت مع أحد وأنا أعرف ماذا قال لي وماذا قلت له (فيحدثني هذا الشيء) لقد أعانك وأنت لم تقول شيء فلو حدثك ذاك الشخص الفقير لقمت بإهانته وأنا أعرف الحقيقة.
-مثال10:إذا كنت أمشي في الشارع (فيحدثني هذا الشيء) أنت لا تمشي بتكبر أنت خائف من هؤلاء الناس فأتكبر.
-مثال11:إذا كنت أستخدم الهاتف جانب شخص (فيحدثني هذا الشيء) فيقول لي إذا لم تفتح موقع إباحي جمبه فأنت خائف. وأنا ليس من أخلاقي أن أفعل هذا ففعل المعصية عظيم والإفشاء بها أعظم فأحاول أن أثق في نفسي ولا أفعل شيء من هذا الكلام فأحدث نفسي إذا لم أفعل كما قال، سوف يأتي بكلام وقلق في عقلي وهذا يزعجني فأقوم بعمل ما حدثني..
وإذا أردت أن أشكر أخلاق وأفعال شخص أفكر إذا فعلت سوف يأتي بأفكار تقلقني
وإذا تكلمت مع أحد فالوسوسة تقولي أن هذا الشخص ضربني وهزئني وأنا أعرف انه لم يحدث شيء وكلما أثبت له الصح كلما يدخل في أفكار أسوء
فأنا أدقق في كل شيء حتى أفعل شيء لا يرضيني
فأنا أجعل له فرصة يحدثني في كل موضوع ويحرف أشياء لم تحدث فأحاول أن أثبت له رغم أنني أعرف الحقيقة لو سمحتم عرفوني كيف أبعد هذا الشيء عني قبل أن أجعله يغير أطباعي نهائيا حتى إذا نصحني شخص بتأخير وقت الصلاة فيجعلني هذا الشيء أن أسرع بوقت الصلاة غضبا من الشخص ذاك وحتى انه جعلني أتوقف عن الصلاة
الله أملي والله الشافي
الحمد لله دائما وأبدا
11/5/2018
رد المستشار
شهر مبارك. وكل عام وأنتم والأسرة الكريمة بخير
في ختام رسالتك ذكرت الوسوسة (وإذا تكلمت مع أحد فالوسوسة تقولي أن هذا الشخص ضربني وهزئني وأنا أعرف أنه لم يحدث شيء وكلما أثبت له الصح كلما يدخل في أفكار أسوء).. فعلا ما تعانيه هو الأفكار الوسواسية التي سيطرت عليك وأصبحت أسيراً لها من كثرة التفكير فيها ومحاولة وقفها.
سوف أعطيك فكرة بسيطة عن الوسواس التي تتعلق بحالتك والأفعال القهرية
إن كلمة الوسواس في الأدب العربي والكتابات القديمة عن الأمراض النفسية تعني الخوف من المرض، أو القلق على المرض والانشغال الزائد بالصحة، وأحيانا توهم المرض والاعتقاد الجازم بوجوده رغم عدم وجود دليل على ذلك والتي يقابلها حاليا hypochondriasis بالإنجليزية.
وقد وردت كلمة الوسواس في القاموس العربي الطبي الموحد كترجمة لكلمة obsession الانجليزية، وهو عرض نفسي يحصل على شكل فكرة أو دافع، أو تخيل متكرر رغم مقاومة المصاب له، ويكون محتواه عادة مزعجا. أما كلمة القهري فقد وردت كترجمة لكلمة compulsion أو compulsive، وتعني عرضاً نفسياً يتميز بالقيام بعمل action أو طقوس rituals، (وهي سلسلة من الأعمال) بصورة قهرية، أي برغم مقاومة المصاب، وأحيانا بصورة متكررة. وغالبا ما تجتمع الوساوس والأعمال القهرية معا، ولذا سميت الحالة الوسواس القهري. وبعض الكتب العربية تستعمل كلمة التسلطي بدل القهري. (يمكنك أن تقرأ للأستاذ الدكتور وائل أبو هندي عن الوسواس القهري).
فأنت لا تعاني من الأعراض القهرية بل من الأفكار الوسواسية.
أما الشخصية الوسواسية obsessional personality يتميز أصحاب هذه الشخصية بأنهم يهتمون جدا بالسيطرة على تصرفاتهم وعلى محيطهم. وتراهم حذرين، مفكرين، متعمدين وغير عفويين، جافين، ليست لديهم روح النكتة، ويهتمون بدقة الألفاظ أو اللغة، وخاصة في الحالات الشديدة. وهم يؤكدون اهتمامهم بمنطقية الأشياء على حساب العواطف والحدس، وكنتيجة لذلك تظهر عليهم الجدية والبرود العاطفي. ومن ناحية أخرى تتوفر لديهم الأمانة وحيوية الضمير والتشبث بالهدف والاعتمادية. وبالإضافة إلى تقيدهم وسيطرتهم على أنفسهم فإنهم يحبون أن يلزموا الآخرين بهذا النظام والسيطرة ويكونون عنيدين إذا ما خالفهم أو تحداهم أحد. كما أنهم يلتزمون بالعدالة والأمانة ويحرصون على ما يملكون ويصرفون أموالهم بحرص واضح. إن هذه الشخصية لا تعني أنهم أكثر استعداداً للإصابة بمرض الوسواس القهري، كما أنهم من الشخصيات التي تساعد المجتمع على النظام والاستقرار ولا تسبب لهم هذه الصفات أية معاناة شخصيا إلا إذا وصلت درجة عالية من التطرف.
ولتشخيص الوساوس يجب أن تحقق الوساوِس المعايير التالية:
(1) أفكار أو اندفاعات أو صور معاودة ومستديمة، يختبرها المريض، في وقت ما أثناء الاضطراب باعتبارها اقتحامية (تطفلية) وغير مناسبة وتسبب قلقاً أو ضائقة واضحين.
(2) ليست الأفكار أو الاندفاعات أو الصور مجرد انشغالات قلقية مفرطة عن مشاكل الحياة الواقعية.
(3) يحاول المصاب تجاهل أو قمع مثل هذه الأفكار أو الاندفاعات أو الصور أو تعطيلها بأفكار أو أفعال أخرى.
(4) يدرك المصاب أن الأفكار أو الاندفاعات أو الصور الوسواسية نتاج عقله (ليست مفروضةً عليه من الخارج كما في غرز الأفكار).
أما الأفعال القهرية: هي أعمال عقلية واعية وسلوكيات متكررة جبرية استجابة لأفكار وسواسية لتخفف أو تمنع القلق والإزعاج الناتج عن تلك الأفكار, ولا يستطيع المريض مقاومتها, وهى تستحوذ عليه لفترة طويلة, وهو غير راضٍ عنها من جراء تكرارها، لكنه مقهور على استمرار عملها والقيام بها. (ملاحظة: بعض الناس يعانون فقط من الأفكار الوسواسية ولكن بدون أفعال قهرية. أنت لا تعاني من الأفعال القهرية بل من السلوك القهري).
فيما يتعلق بحالتك فان الوساوس, أي ما تعانيه من أفكار اقتحامية (اي تحدثك, كما تذكر ف رسالتك) وغير مناسبة وتسبب لك قلقاً أو توتراُ.فإنك لا تقوى على دفعها أو منع تكرارها، بل تلح عليك و تحاول جاهداً مقاومتها دون جدوى، وكلما قاومت هذه الأفكار تزايد عندك القلق، رغم علمك يقيناً أنها أفكارك وهي ليست دخيلة عليك، وأنها تافهة ومع ذلك فإنه تضطر للتفكير فيها لا إرادياً، حتى إنه لتصاب بالقلق بالاكتئاب إذا ما تبين لك أن عملك ومستقبلك سوف يتأثر نتيجة لذلك.
لاحظت في رسالتك أن أفكارك الوسواسية تصاحبها بعض من السلوك القهري خاصة للسيطرة على القلق والإزعاج الناتج من هذه الأفكار والخوف من تنفيذها، (مثال 11:إذا كنت أستخدم الهاتف جمب شخص (فيحدثني هذا الشيء) فيقول لي إذا لم تفتح موقع إباحي جمبه فأنت خائف. وأنا ليس من أخلاقي أن أفعل هذا ففعل المعصية عظيم والإفشاء بها أعظم فأحاول أن أثق في نفسي ولا أفعل شيء من هذا الكلام فأحدث نفسي إذا لم أفعل كما قال، سوف يأتي بكلام وقلق في عقلي وهذا يزعجني فأقوم بعمل ما حدثني..), (مثال 8: إذا ذهبت إلى السوق لأشتري ملابس أو أي شيء فأريد شراء شيء واحد ثمين (فيحدثني هذ الشيء) يقول لي أنت خائف من هؤلاء الناس أن تشتري كمية كبيرة فأقوم بإثبات وأشتري كمية). أي أنه سلوك قهري compulsive acts وليس فعلا قهريا: أي أن تبقى الحالة الوسواسية داخل نفسك ما دامت في نطاق الأفكار والصور والدوافع ولا يمكن لأي شخص آخر معرفة حدوثها عندك الا اذا تكلمت عنها. والسلوك قهري يصعب أو يستحيل إخفاؤه وعادة ما يقتصر السلوك القهري على وقت يكون المريض لوحده خشية الإحراج, مثل فتح موقع إباحي أو ذهابك إلى السوق للشراء كما ورد في رسالتك.
تشمل مُعالجةُ اضطِراب الوَسواس (القَهري) مُعالجةً دوائية ومعالجة نفسية عادةً. وتتضمَّن الأدويةُ شائعة الاستخدام أنواعاً مختلفة من مُضادات الاكتِئاب. إن أكثر الأدوية دراسة هو الـ Clomipramine الذي ثبتت فعاليته وكذلك الدواء المسمى Fluvoxamine . وقد أدى استعمال هذه الأدوية إلى تخفيض شدة الأعراض بنسبة تتراوح بين 30-40%. ولقد أضيف مؤخرا علاج الـ Fluoxetine وله نفس درجة الفعالية التي للـ Clomipramine إلا أنه يخلو من الأعراض الجانبية المضادة للكولين مثل جفاف الفم والإمساك. إن الأدوية المذكورة تخفف أو تزيل الأعراض وليس لها مفعول شفائي curative ، وعادة ما تنتكس الحالة إذا توقف العلاج، ويحصل الانتكاس خلال سبعة أسابيع من التوقف.
. أما العلاج النفسي الداعم supportive psychotherapy والذي يتضمن:
- توضيح المرض وعلاجه،
- التعاطف مع معاناة المريض،
- تشجيع المريض،
- إعطاء الأمل بالشفاء.
وهناك كذلك الع.س.م أو العلاج السلوكي المعرفي وهو أفضل الخيارات.
لا تقلق واطمئن فان حالتك ليست من الصعوبة في علاجها. عليك أن يستشيرَ طبيبَا على الفور. تستطيع المُعالجةُ أن تمنحَك الراحةَ حتَّى للأشخاص المُصابين بأشدِّ حالات اضطراب الوَسواس القهري