استشارة نفسية...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكلتي هي أنني أخاف كثيراً من سماع أسماء بعض الأمراض وإذا حصل وسمعت الاسم أخاف كثراً للحد الذي احلم بالكوابيس ليلاً وأحياناً يحصل لي أنني لا أريد أن أفعل شيئاً من رعبي وحتى أنه يصيبني الحكة في جسدي وتظهر لي حبوب في جسمي فالآن أنا أحاول أن أجنب نفسي ذلك بالابتعاد عن سماعها
أرجو أن تكون وصلت المعلومة كما أريد
ولكم مني جزيل الشكر
22/9/2018
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلاً وسهلاً بك على موقعنا مجانين، ما تعانين منه هو حالة شائعة في عيادات الأطباء النفسيين، وكثيراً ما نجدها في مرضى الوسواس القهري أو الرهاب النوعي كرهاب الدم أو وسواس المرض: بأشكاله وأصنافه أو غير ذلك من الاضطرابات النفسية، إلا أن المشكلة عندك تختص أكثر حسب تخميني بما تضفينه من قوةٍ على الكلمات (حتى ولو كانت أسماء أمراض فهي كلمات) قوتها في ما نفهمه منها، ولكنها لا تمتلك قوة سحرية بحيث أنك إذا سمعت من يقول سرطان فأنت معرض للإصابة به! هذا الخلط نسميه التفكير السحري عند الموسوسين:
وهو ذلك النوع من التفكير الشائع في بعض مرضى الوسواس القهري، والمسمى بالتفكير الخيالي أو السحري Magical Thinking، وهي طريقة تفكير يتسم بها بالفعل الكثير من الموسوسين؛ حيث تراهم يبالغون في توجسهم من عواقب أفكارهم، كما يضفون قوة سحرية على الأفكار وعلى الكلمات وكأنها تقوم بالفعل.
فهناك من مرضاي مثلا:
-1- من كانت تواتيه فكرة اقتحامية (أي تقتحم عليه وعيه دون رغبة منه)، مفادها أنه سيطلق زوجته أو سيقول لها "روحي وأنت طالق"، ورغم أنه لم يلفظ الكلمة مطلقا إلا أنه كان يطلب الفتوى من الفقهاء؛ لأنه كان يفكر هكذا: ما دمت قد فكرت في أنها طالق فقد تكون أصبحت طالقا بالفعل! وكان يطلب من الفقيه أن يسمع سؤاله ثلاث مرات، وأن يكرر الإجابة عليه بأن زوجته غير طالق وما تزال زوجته وحلاله ثلاث مرات أيضا، فهنا نراه يضفي قوة سحرية على أفكاره، كما نرى الأفعال القهرية المتمثلة في السؤال، وتكراره، وطلب تكرار الرد أكثر من مرة.
-2- تلك الأم المسكينة التي كانت تقتحم وعيها فكرة أن أحد أولادها قد أصابه مكروه وهو نائم في سريره، وتتسلط عليها هذه الفكرة؛ فترميها في حالة من التوتر الشديد الذي لا تجد الخلاص منه إلا بأن تقوم للاطمئنان على الولد في سريره، وهذا هو الفعل القهري لتتحقق من أن مكروها لم يصب ولدها، فإذا ما قامت بالتحقق، وعادت إلى فراشها داهمتها فكرة أنها قد تكون تسببت في خنق ابنها وهي تقبله أو وهي تغطي وجهه! فتقوم من فراشها للتحقق مرة أخرى من أنه يتنفس، ثم تطعنها الفكرة السوداء التالية: ما دمت فكرت في أنني قد خنقت ابني إذن.. فمن الممكن أن يحدث ذلك!
-3- ذلك الأب المسكين الذي بعد زواج ابنته الوحيدة، وبعد أول مكالمة تليفونية بينها وبينه التي اطمأن فيها عليها، داهمته فكرة أنه قد يمارس الجنس مع ابنته! ولم يستطع التخلص من هذه الفكرة رغم إيلامها الشديد له؛ فهذه فكرة اقتحامية تسلطية، ولكن أشد ما كان يعذبه عندما جاء لطلب العلاج كان هو "أنه ما دام تخيل نفسه يمارس الجنس مع ابنته؛ إذن فمن الممكن أن يحدث ذلك"، ورغم أنه لم يكن لديه أي تصور لكيفية حدوث ذلك غير ما حكاه لي من المذكور في التوراة افتراءً على نبي الله لوط -عليه السلام- من أن ابنتيه سقتاه خمرا واضطجعتا معه على ليلتين متتاليتين، وأنجبتا منه مؤابا وبني عمي (سفر التكوين، الإصحاح التاسع عشر) فمن الممكن إذن أن يفعل ذلك وهو مخمور، المهم هو أنه ما دام فكر؛ فإن ذلك قد يحدث أو كأنه حدث!
4- كثيرون وكثيرات كانوا يتجنبون النظر إلى أعلى أي بناية ينتظر أن يكون فيها أطباء لأنهم يخافون أن تؤدي رؤيتهم للوحات إعلان الأطباء عن أسمائهم إلى أن يمرضوا حسب التخصصات! تخيلي ! وهذا قريب منك فاسم المرض أي مرض هو كلمة تقال قوتها كلها أن توصل المعنى وليس أكثر.
وهناك من المرضى أيضا من يبالغون في عواقب عدم استجابتهم لأفعالهم القهرية، أو تراهم يفسرون الرابطة بين ما يفعلون من طقوس وما هي مفعولة لأجله بطريقة مخالفة للمنطق، وإذا ضربت هنا بعض الأمثلة فإن الأمر سيتضح:
1-أذكر واحدا من مرضاي الموسوسين كان يصر على أن التزامه بارتداء جاكت من الصوف في قيظ الصيف هو الضمان الوحيد لكي لا تصاب ابنته الموجودة مع زوجها في إحدى دول الخليج بالتهاب رئوي!!
2-وموسوس آخر كان يؤكد أنه لا بد أن يتلو أدعية معينة 20 مرة يوميا لتبقى أمة الإسلام في كل مكان بخير.
3- وطفل في العاشرة من عمره كان يقوم برمي كل أقلامه من الشباك ليلة الجمعة؛ لأنه بذلك يكون قد تخلص من كل الأخطاء التي ارتكبها طوال الأسبوع، ومحا أثر كل المواقف التي تصرف فيها بغباء!!
فإذا رجعت إليك فإن خوفك المفرط من أو عند سماع اسم مرضٍ من ألمراض هو فكرة اقتحامية تسلطية، تتبعها أفكار اجترارية، تتوالد وتتكاثر في رأسك، وكلها تحوم حول التقييم المبالغ فيه للخطر أو للتهديد المتمثل في اسم المرض، والنزوع إلى أداء أفعال قهرية استباقية تتمثل في التجنب، كذلك ففيه إضفاء قوة غير موجودة أصلا على الكلمات!
ومن الواضح في حالتك أيضًا أن الأمر يتعدى إلى الأعراض الجسدية المصاحبة للقلق، وبدرجة واضحة "حكة"، ويعني أن خوفك أو استجابتك الرهابية التجنبية شديدة الوطأة عليك وهو ما يجعل العلاج النفسي المعرفي السلوكي والعقَّاري مطلوبا مع إصرارٍ منك على مواصلة الجهد للشفاء،
وبداية اقرئي من على موقعنا مجانين:
وسواس المرض: التطير وخوف الموت م
عدم القدرة على مواجهة المرض : رهاب الأطباء
مشاركة في وسواس المرض
وهم المرض
خوف الموت المرضي
ثم اعلمي أن طرق العلاج أيا كانت طبيعة حالتك هي خلطة من العلاج السلوكي المعرفي العقَّاري وذلك بغض النظر عن كونك موسوسة بالمرض أو رهابية أو حتى مجرد مكتئبة وفي جميع الأحوال باستثناء وسواس المرض أو الاضطراب المراقي Hypochondriases، -الذي قد يطول علاجه- ستكونُ حالتك إن شاء الله قصيرة الأمد في علاجها، بل والله إن كانت الحالة أخف شدة من انطباعي الإليكتروني فإنها قد تكفيك عدة جلسات معرفية سلوكية، وما الشفاء على ربك بعسير، بارك اله فيك وتابعينا بأخبارك.