حياتي واقفة..
بحب دائما كلمات العقاب والتهديد مبحبش الإهانة أبداً ولا الشتيمة.. لكن بحب السلطة الأبوية.. دائما أسرح في خيالات من هذا النوع أتخيل زوجي المستقبلي يعاملني كابنته بحب ولكن دائما فيه عقاب وأوامر وتهديد بالعقاب... بحب رئيسي في الشغل أكبر مني ب5 سنين.. شاطر وطموح وبتعلم منه كثير في الشغل وفي نفس الوقت هو بيتعامل بمبدأ الثواب والعقاب وبيهددني كثير بالعقاب لكن مابيهمنيش وبيحترمني...
أنا بتعمد أغلط أو أقصر عشان أسمع منه التهديد بالعقاب أو عشان يزعقلي.... بقيت بحبه جدا ومش قادرة أتخيل حياتي من غيره.. هو بيمثل عندي السلطة الأبوية اللي أنا بتمناها.. أنا مش في باله ولا في دماغه ولا بيفكر يتجوزني ومفيش أمل ولا واضح من ناحيته أي حاجة تدل أن ممكن في يوم من الأيام يحبني أو يتجوزني....
كل مايتقدملي حد أرفض.... وحياتي واقفة تماماً مش قادرة أشوف حد تاني بسببه ومش متقبلة أبداً أني أتجوز شخص ميعاملنيش بالطريقة اللي هو بيعاملني بيها... أنا بتضايق من نفسي أوي وبحس إني أكبر من أني أعمل كده..أصبح كل هدفي في الحياة وأسعد لحظة بتمر علي هي اللي لحظة اللي بيزعقلي فيها
قرأت كثير إن ده طبيعي يكون في الست.. لكن هل أنا كده واصلة لمرحلة مرضية محتاجة علاج ولا لا؟؟ لأن تقريبا حياتي واقفة والعمر بيعدي
أنا عارفة الإجابة المثالية على مشكلتي دي.. سيبيه واتخطبي لحد محترم من اللي بيتقدموا.. لكن أنا مش عارفة أعمل كده
19/11/2018
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ "ريم" حفظه االله ..السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً ومرحباً بك على شبكتنا، ونرحب دائماً بتساؤلاتك واستفساراتك
الأخت الكريمة: يمثل الأب الحلقة الأقوى في دائرة الأسرة الاجتماعية، وله دور كبير في بناء شخصية الفتاة، كما أن له دور مهم جداً في أن تنمو الفتاة بشكل سليم، من خلال شعورها بالأمان والحماية والتزام الحدود، الذي يؤمنه لها الأب. الأهم هو العلاقة الأولى التي تراها الفتاة في منزلها من خلال التعامل بين والدها ووالدتها، فإن كانت الأم ضحية تسلط الأب فستتأثر الفتاة بشكل سلبي أيضاً، حتى وإن كان أبوها يعاملها جيداً.
وقد تصطدم السلطة الأبوية التي يمارسها الآباء بأحلام الفتيات، وتؤدي إلى رسم مستقبل فاشل لهن، وحياة بائسة، ما يعرضهن لمعاناة كبيرة، وللأسف فإن نسبةً كبيرةً من الآباء المتسلطين، منهم من تحركه العاطفة الأبوية، فيضرّب ابنته وهو يتخيل أنه يفعل الصالح لها، ومنهم من تحركه دوافع سلطوية ذكورية بحتة، قد تفضي إلى التأثير سلباً على الصحة النفسية والجسدية لبناتهم، وفي جميع الحالات تبقى الابنة هي الخاسرة الكبرى.
الأخت الكريمة: لم أجد في رسالتك تفاصيل عن طبيعة العلاقة بين والدك ووالدتك، والتي ربما يكون لها تأثير إلى حد كبير على استمتاعك بالعقاب والتهديد وتلقي الأوامر، ولكن حالتك بهذا الوضع دليل على إصابتك بدرجة من درجات الماسوشية، وهو اضطراب نفسي يتجسد في التلذذ بالألم الواقع على الشخص نفسه (أي التلذذ بتلقي العذاب سواء جسدي أومعنوي)، وهو منسوب إلى مازوخ الكاتب الروائي النمساوي،
وهناك أسماء متعددة يطلقها علماء النفس على هذا الاضطراب مثل الخضوعية، المازوخية، حب تعذيب النفس ....الخ، وبالطبع فإن هذا الاضطراب دليل على الانحراف عن الفطرة السوية،لأن الله خلقنا مكرمين، يقول تعالى في كتابه العزيز (ولقد كرمنا بني آدم)، كما أنه دليل على وجود نقص وخلل لديكي في تقدير الذات، فأنت تنظرين لنفسك على أنها لا تستحق التقدير والحنان والاحترام، ولكن فقط تستحق العقاب والتهديد وتلقي الأوامر بصوت عالي.
الأخت الكريمة: يصنف هذا الاضطراب في جملة الاضطرابات النفسية المتعلقة بالانجذاب الجنسي غير الطبيعي إذ يستمتع المصاب من خلال تعريضه للتعذيب المادي، أو النفسي، أو التعرض للعقاب أو الإهانة، أو عندما يعرّض نفسه لمثل هذه الأعمال، لهذا فإن استمتاعك بأن تنالي العقاب من رئيسك في العمل دليل على أن شعورك بالعذاب يثير فيك رغبة جنسية، ويمكن أن يكون هذا العقاب أو التهديد موجود بالفعل في الحقيقة والواقع أو من خلال الخيال كما ذكرتي في رسالتك، والغالب أن ينشأ هذا الميل من سن مبكرة، والغالب أن له علاقة بطريقة التربية والتنشئة.
وليس هناك اتفاق على أسباب هذا الانحراف، إلا أن المقبول أنه سلوك مُتعلم مُكتسب، ومن المعروف أن الاستمرار في هذه الممارسات في الواقع أو الخيال يؤدي مع الوقت إلى تأصل وتثبّت هذا الميل؛ مما يجعل تغييره صعبا. ومن النظريات المطروحة أن المصاب ربما تعرض في الماضي لسوء المعاملة الجنسية أو الجسدية، والتي ترافقت بالشعور بالمتعة أو الإثارة الجنسية؛ مما يجعله يطلبها من بعد، أو أن صاحب هذا الانحراف إنما يقوم به هروباً من الواقع من حوله.
وللماسوشية مستويات منها الخفيفة، والمتوسطة، والشديدة... الخفيفة هي ما يمارسها العامة دون إدراك كالأسماء المستعارة ذات الدلالات الحزينة، أو أن يكون الشخص مكتئب ويستمع إلى موسيقى حزينة تضاعف من ألمه النفسي، الماسوشية المتوسطة ترتكب مع إدراك لها مثل الممارسات المنتشرة كجرح الرسغ وترك الدم ينزف، أو الاستمتاع بالعقاب وتلقي الأوامر والخضوع والإهانة، أما الماسوشية الشديدة فهي ما يرتكب كسلوك قهري وأضرارها بالغة وأخطارها قد تفضي إلى الانتحار.
والعلاج –لا شك- ممكن، إلا أن تغيير وتعديل هذا الميل وهذه الرغبة ليس بالأمر السهل، والأمر أسهل عندما لا يكون قد وصل الأمر لمرحلة الممارسة والتطبيق الفعلي، وعندما يدرك المصاب بأنه على خطأ، وأنه يرفض الاستسلام لهذا التوجه المكتسب والمُتعلم، وعازم على التغيير، فسيخفّ عنه هذا الميل، طالما أنه يريد هذا وحريص عليه، وطالما أنه يبتعد عن الاستسلام لهذه الأفكار والخيالات، ولكن عليه أن يثابر على الرغبة في ترك هذا والابتعاد عنه، وخاصة مع الزواج من شخص متفهم، يعينه على الممارسة الزوجية الطبيعية.
ومما يعين كثيراً هو الابتعاد عما يمكن أن يثير هذه الرغبة من الميل عن طريق تقليل الخيالات، وعدم الاسترسال معها، وعن طريق الابتعاد عن صور الإنترنت والمسلسلات وغيرها مما له علاقة بمثل هذه الممارسة، فهذه الخيالات والصور كلها لا تساعد على التخلص من هذا التوجه وهذه الرغبة وإنما تزيدها شدة.
ومن الضروري في بعض الحالات مراجعة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي متخصص في الاضطرابات النفسية الجنسية؛ لإجراء العلاج النفسي المعرفي، والذي يكون بتوضيح أبعاد وأضرار هذه الأفكار، وذلك باستخدام أسلوب تصحيح الأفكار التلقائية، وهي الأفكارُ التي تُهاجمك أثناء التعامل مع رئيسك في العمل، وتوضيح النتائج السلبية لها، واستبدال الأفكار الإيجابية بها؛ مثل: التفكير في شريك حياتك المستقبلي، ومدى إحساسه بالعذاب والألم النفسي بسبب أفكارك السلبية المنافية للفطرة، وتأثير ذلك على استقرارالأسرة.
الطريقة الثانية: الضبط الذاتي، وهي أن تتعودي على الامتناع عن هذه الأفكار، مع توضيح خطورة الاستمرار فيها، وقد تفقدين كثيرًا من مشاعر السعادة في أو لا لأمر، لكن بمرور الوقت ستحصلين على أفكار مقبولة وسلوك أفضل.
الطريقة الثالثة: التعرُّض وعدم الاستِجابة، ويتم ذلك تدريجيًّا بمحاولة صرف انتباهك أثناء أوقات العمل التي تتعاملين فيها مع رئيسك في العمل عن العقاب أو تلقي الأوامر بصوت عالي، واستبدال مثير إيجابي به؛ مثل: التفكير في المهام أو الخدمات المميزة التي تقدمينها في بيئة العمل، ومدى استمتاعك بها ...الخ
فقط في حالات قليلة يمكن لبعض الأدوية أن تساعد وخاصة الأدوية التي تخفف الشهوة الجنسية أو مضادات الاكتئاب، ولكن الدواء ليس هو الحلا لأمثل، ولا شك أن العبادات من صلاة، وصيام، وتلاوة للقرآن، وكذلك الهوايات المفيدة كالرياضة، وغيرها، تصرف انتباهك إلى أمور أكثر إيجابية في حياتك.
فالحل هو أن تمسكي نفسك وتجاهديها؛ لتمنعيها من هذا الميل، ومن هذه الرغبة وأن تعتبري نفسك كأي إنسان آخر تراوده نفسه، إلا أنه يمنع نفسه ويقاومها لتتحرك حياتك وتستقيم -إن شاء الله تعالى - .
أرجو أن يكون في هذا ما يعين، حفظك الله من كل سوء.