مجانين
السلام عليكم أنا رنا أعاني من مشكلة في عدم تقبل دخول أحد لحياتي منذ أن تعرضت لخيانة أقرب صديقاتي، في ذلك الحين لم أجد أحدا يقف معي ويواسيني على ما حدث معي، حتى والدتي كانت بعيدة كل البعد عني ولم تفكر حتى في سؤالي عما حصل لأصل لهذه الحالة النفسية التي أنا بها الآن
حاولت مرارا وتكرارا أن أقترب من زميلاتي ولكن تقلبات مزاجي تجعلني أبتعد عن الجميع.
أنا كتومة لا أتحدث عن ما يحزنني كثيرا ولكني أرجو ممن حولي أن يستمع لي وأن يفهم ما أقول لأن دائما ما يفسرون نيتي خطأ، خذلت كثيرا وأريد حلا يعيد ثقتي في من حولي
ثقتي في نفسي تهتز دائما عند كل موقف يحزنني وأبدأ التفكير في الانتحار أو الدعاء بأن أموت،
لا أشعر أن أحدا يهتم لأمري ولا يفكر بي أشعر بالوحدة والحزن دائما
26/7/2019
رد المستشار
السلام عليكم وأهلا بك أختي "رنا" على موقع مجانين للصحة النفسية.
رغم قِصر إفادتك إلا أنّها كافية لمعرفة الخلل بشكل أقرب للصواب، وأن معاناتك مع الثقة في الناس منذ تعرضت للخيانة ما هي إلا جزء من مشكلة أكبر عندك، وما كان إلا تراكمات لسمات شخصية لديك، ولنرتّب معا ما قلته عن نفسك واصفة إيّاها:
- كتومة قليلة الكلام ولا تعبرين عن مشاعرك وعن رأيك أو عمّا يضرك
- سلبيّة passive تنتظرين أن يلاحظك الناس ويلاحظوا معاناتك ويتقرّبوا منك دون جهد منك
- متقلّبة المزاج مما يصعّب عليك ربط علاقات اجتماعية.
- لا تُحسنين التعبير عن نفسك وعن مشاعرك فيُسيء الناس فهمك دائما
- تقديرك لذاتك estime de soi (وهي غير الثقة بالنفس confiance en soi) تهتز عند كل موقف ضاغط ومحزن
- تفكير سوداوي لدرجة تمني الموت والتفكير في الانتحار.
ثم نضيف على ذلك كله تغرّبك في بلد آخر، مما قد يُحيلنا على اضطراب تأقلم وتوجّس من "الغريب المصريّ"
لكن المهم عندنا هي سماتك الشخصية التي تخبرنا أنّ مهاراتك الاجتماعية ضعيفة للغاية مع تقدير ذات منخفض ربما يحملك على التشكيك في نيات الناس، أو الشعور بالضيق والتوتر والتهجّم في حالة لم يعاملك أحد كما تحبين، وطبعا المعاملة التي تطالبين بها (حسب شخصيتك) هي معاملة خاصة ومراعاة كبيرة لمشاعرك المُرهفة.
وأنا أفترض أنّك تُطالبين الناس بفهمك ومراعاة مشاعرك لكنّك لا تبذلين طاقة لفهمهم ومراعاة مشاعرهم والتقرب منهم ! صحيح؟ لأنّك من فرط تمركزك على معاناتك وعلى أحاسيسك السلبية وإدراك المواقف من خلال ضعفك وحساسيتك لا تنتبهين لما يحتاجه الناس والعلاقة معهم من تيقّظ ومهارة ولباقة وصبر.
وجملتك هاته: (ولكن تقلبات مزاجي تجعلني أبتعد عن الجميع) فأنا أتساءل هل تبتعدين بسبب تكدّر مزاجك، أم أنّ تقلباتك المزاجية تجعل الناس تبتعد عندك؟ هل تبتعدين وتعتزلين الناس لأنك تعين أنّك لا تطاقين، أم بسبب أنّك تخافين من أن يحكموا عليك بطريقة سيئة فتفضلين الإبقاء على صورة جيدة ووقرة لك؟
أتساءل معك لأن معرفة الجواب مهمة في تحديد سلوكاتك مع الناس، فقد يكون حكمك على نفسك أكثر قسوة من حكم الناس عليك، فتفضلين أن تتجنبي الناس كعقاب لك وتفاديا لأي تعليق أو نظرة جارحة.
لذا فالحل الذي سيعيد لك الثقة في الناس لن يكون إلا عبر معالجة نفسك، والعمل على تقدير ذاتك مع مختص (ولا بد) وعند بناء صورة إيجابية عن الذات فتتغير الكثير من إدراكاتك وسيمكّنك ذلك من اكتساب مهارات جديدة أو تعديل الطرق القديمة في التعامل مع الناس. عندما ستخرجين من سجن نظرتك السلبية وتأويل حركات ونظرات وأقوال الناس كأنها تآمر عليك أو احتقار أو كراهية لك، ستنظرين ببصيرة أخرى لكل المواقف الاجتماعية.
وفي النهاية من الضروري زيارة مختصّ نفساني (psychiatre ou psychothérapeute) ليُقيّم سمات الشخصية التي تحدّثنا عنها، بمعطيات أوفر من التي قدّمتِ لنا، فالتشخيص مهم هنا للنظر في كيفية العلاج والتعديل، فهل هناك اضطراب شخصية أو مجرد تقدير ذات منخفض مرافق للاكتئاب أو اكتئاب حاد تسبب في كل هذا.
الخلاصة هي أن الحل يبدأ من معالجة نفسك وليس شيئا ترقيعيا أو مجرّد حيلة تستخدمينها. لكنه من الممكن البدأ بمجاهدة نفسك للتعبير عن ذاتك دون خوف من التقييم، عبري عن نفسك، عن مشاعرك الجميلة قبل الكئيبة، لأنّ الناس لا تحب أن تسمع ما يُحزنها ولا تحب أن يُلقي الناس عليها همومها، فلا تكوني نكديّة التفريغ ولا تكبُتي مشاعرك السلبيّة حاولي إيجاد توازن ما. والأهم أن تكون لديك القدرة على الإنصات للناس كما تحبين أن يفعلوا فالعلاقات الاجتماعية أخذ وعطاء أيضا ومن يأخذ فقط سرعان ما يتركه الناس لأنه "مستنزِف".
وأتركك مع بعض المقالات والاستشارات وأتمنى لك الخير والسلامة:
أهمية تقدير الذات
انخفاض تقدير الذات وطريق التوكيدية !
ضعف تقدير الذات + رهاب ووسواس واكتئاب
الاكتئاب
الاكتئاب والقلق الاجتماعي يقتلني م. مستشار