هل أستطيع؟
السلام عليكم، أحيانا أتساءل من أنا؟ من هو أنا؟ ما أنا؟ ماذا الحياة؟ وما يجب علي فعله في هذه الحياة؟ ما هو الحب؟ ما هو الشعور؟.... أنا أصبحت مختلط كلية.
أسرفت في ممارسة العادة السرية بقوة وشراهة وأدمنت المواقع الإباحية وأشاهد بكثرة فئة كبار السن والنساء الناضجات. حاولت التوقف عدة مرات وفي كل مرة أعود. لكن هذه المرة قررت التوقف عنها نهائيا وعدم العودة مهما كان لهذه العادة المدمرة والمواقع الشنيعة.
هذه العادة بدأتها من سن الثالثة عشر، فقد وجدت أبي غفر الله له منذ بداية إدراكي يشاهد الأفلام الإباحية ويتبع النساء. كنا نشاهدها أنا وأخي وأحيانا يبعثنا لشرائها وبعد ذلك اشترى جهاز استقبال والآن هاتف.
مررت بعلاقات حب من طرف واحد، كنت كل من أجدها جميلة أقع في حبها لكن لم أخرج أبدا مع فتاة في حياتي وأتكلم معهن فقط لكن في السنوات الأخيرة أصابني نوع من الرهاب والخوف من الجنس الآخر ولا أكلمهن إلا في العمل.
أشعر بفراغ عاطفي عميق وساحق وكبير، وجدت في هذه العادة السرية نوعا من الشيء الذي نقصني إن صح التعبير. أنا كثير التخيل وأحلام اليقظة، أتخيل أن لي زوجة وأولادا ونعيش في وئام وأمان وأحضنهم وأشبعهم حبا وحنانا.
قررت التوقف عن العادة لخوفي من الوقوع في الزنا. هل أستطيع الزواج والإنجاب خاصة وأني بخصية واحدة؟ هل سيصيبني العقم؟ هل سينجح زواجي إن تزوجت ووجدت من تقبل بي؟ فأنا لا أعرف التعبير عن الحب ولا أعرف التعامل مع النساء وأحيانا كثيرة أقول يجب أن أتزوج بفتاة مريضة نفسيا مثلي وعانت الاكتئاب وجحيمه حتى نعيش في تفاهم ونساعد ونداوي وندعم ونتحمل بعضنا البعض.
مررت بمراحل حزن واكتئاب وقلق ورهاب ولحد الآن. أتوتر عند الكلام مع امرأة وأختصر الحديث سريعا وأهرب، لا أستطيع النظر في أعين من أتكلم معه مطولا إلا في الأشخاص الذين أشعر معهم بالأمان، لدي وساوس ومخاوف كثيرا، أتخيل أن كل الناس ينظرون إلي ويضحكون علي خاصة في وسائل النقل الجماعية فأصبحت ما أن أدخل القطار أو الترامواي أخرج الهاتف من جيبي وأتصفح الإنترنت حتى لا تقع عيني في عين أحد خاصة وأن شكلي يخيل لي أني قبيح المنظر فقد تعرضت لحادث سقوط في الصغر من علو ثلاثة أمتار على وجهي وتعرضت لكدمات.
وأيضا لم أعش طفولتي مطولا مع والدي فقد ربتني جدتي وعشت معها في المدينة منذ عمر الثمان سنوات ووالديّ في الريف وأراهم فقط في العطل والمناسبات وأكلمهم هاتفيا. فلدي فراغ عائلي ولا أتكلم كثيرا مع أبي وعمي وهذا يقلقني...
أما أمي فأتكلم معها بطلاقة وأصارحها بكل شيء وبنسبة أقل أخي وأختي. لا أتدخل في شؤون الأسرة، معظم الوقت في غرفتي بعد عودتي من العمل. أنا ضعيف في التواصل والكلام مع الناس، لا أجيد التعبير عن أفكاري وما أريد الوصول إليه.
أنا منعزل ومنطوي إلى حد كبير، لدي أصدقاء محدودون نلتقي معا في الليل ونسهر. لدي رهاب لما أمشي في الشارع وأتحاشى الناس وأمشي في أقصى الرصيف وأبتعد وأغير الطريق إن لمحت فتاة أو امرأة قادمة. أنا لا أكره الجنس الآخر فشهوتي وميولي له طبيعية بل لدي خوف، ربما المواقع الإباحية هي السبب.
تعرضت لتحرش جنسي من ابن خالي لما كنت في سن الثانية عشرة وهو كان في عمر السادسة عشر حيث رقدنا في سرير واحد وقمنا بنزع ملابسنا وتبادلنا العناق والقبلات ومصصت قضيبه وأراد إدخاله في شرجي لكني رفضت ونمت ولا أدري إن أدخله وأنا نائم. وبعد حوالي ثلاث سنوات عاد وطلب مني مص قضيبه فرفضت وقلت له لقد كبرت وأصبحت أدرك وقام بالاستمناء أمامي. لكن بعدها نسيت الأمر كليا.
أما من الجانب الديني فأنا مقصر رغم علمي أنه هو الحل، لم أصلي منذ شهر وكنت أصلي وأترك من قبل وأحيانا أصلي جنبا، وأممت بالناس جنبا، أحلف بالله كاذبا، أنذر ولا أوفي. مررت بفترة كدت أن أقع في الإلحاد بسبب سقوطي في موقع شبهات لكن الحمد لله بحثت بعمق حتى تيقنت من أن الإسلام دين الله الحق والله خالق كل شيء.
أشعر بالذنب كثيرا، أشعر بتأنيب الضمير وأني كافر نجس ملعون معفون رجس جيفة وأن الله لن يغفر لي بسبب استهزائي وعظمة ذنوبي، أحيانا أقول أن ذنوبي أكبر من ذنوب إبليس لعنه الله. أحيانا أقول أنه يجب أن أدخل النار فأنا أستحقها وهي عدل من الله لي بسبب خزي ما فعلت من ذنوب.
فكرت في الانتحار كثيرا وعزمت فعليا مرات عديدة لكن أتراجع، خاصة عندما أكلم أمي وتنصحني بالتغيير وأني لو مت فستجن ولن تصبر على فراقي وخاصة أن جدتي (أمها) توفيت منذ عام وأنا أسمع لها وأطيعها أكثر من أخي وأختي. أجهش كثيرا بالبكاء على حالي وبعدي عن الله.
ذهبت لمصحة علاج الإدمان لكي أقلع عن التدخين فاستقبلني طبيب عقلي فحكيت أنه أريد التوقف عن التدخين واستغليت الفرصة بإخباره عن حالتي النفسية وطرح علي أسئلة وجاوبت وقال لي لديك رهاب ووصف لي clomipramine و stresam و sulpuren فشعرت بتحسن لمدة حوالي عشرة أيام وعادت الأمور بأسوأ بعدها وكنت خلال فترة تناول الدواء أنام كثيرا ومبكرا ودقات قلبي زادت وأصابني عسر البول لكن عاد كل شيء طبيعي بعد استكمال الدواء، وأعطاني موعدا بعد شهر لكن لم أعد وقال لي سأتابعك وأنظم لك حصص رياضة وحصص علاج سلوكي معرفي.
لا أدري، أنا مختلط وضائع تماما. خائف جدا من أي شيء، خائف من المجهول، متشائم، أسيء الظن كثيرا بالله وبالناس وفي معظم الأحيان النتائج تكون عكس ما ظننته وتكون جميلة. فقدت الشعور ببهجة الحياة ولذتها، أحس أني بارد وملبد.
أمامي مسؤوليات عظيمة، أعشق الإنترنت وأتمنى مطالعة كل مواقعه وكل الكتب في العالم وهو عالمي الذي أرتاح فيه. أريد أن أعبد الله وأطيعه وأقبل عليه وأقوم بأعمال الخير وأساعد الناس ويكون قلبي صادقا وصافيا.
لكني أشعر أني مسجون ومكبل ولا أستطيع التحرك أبدا وأني سبب كل الشر في العالم
فهل أستطيع التغيير ؟
23/11/2019
رد المستشار
أهلا وسهلا بك صديقي "رشيد" على موقع مجانين للصحة النفسية.
وأولا وقبل كلّ شيء نعم تستطيع أن تتغيّر، وتوبة الله على عباده سعَتْهُم كلّهم بكل ذنوبهم المتراكمة والمختلفة فكيف لا تسع شخصا واحدا ذنوبه وإن كانت كثيرة فهي لن تجمع ذنوب البشر كلّهم، إلا أنّ ما يمنعك من إدراك ذلك واستشعاره هو حالتك النفسية واكتئابُك واحتقارك لنفسك.
أسئلتك الوجودية في بداية رسالتك والعميقة جدا، تُظهر الجانب الحساس، تمنيك لقراءة كل مواقع الشبكة وكل كتب العالم يعكس جانب الكمالية عندك. أسئلتك تلك ليس فيها عيب، إلا أن تكون نابعة من قلق وجودي يُعيقك في حياتك ويمنعك من المُضيّ مرتاح البال دون أن تتوقف كل مرة لتتساءل الأسئلة ذاتَها بشكل أقرب للوسوسة والتنقيب الداخلي مع شعور بالاستغراب كل مرة من هذه الأسئلة.
بمعنى أنّك قد تطرح على نفسك هذه الأسئلة ولا تجد لذة في الإجابة عنها كالفيلسوف والمفكّر، بل هي مصدر قلق وعدم ارتياح بالنسبة لك، ولا تستطيع السير في حياتك متجاهلا لها، وتركز على اليوميّ. وغالبا هذا حالُك، قلق اجتماعي خصوصا مع الجنس الآخر، شعور بالضعف أمامه وتجنّب له، شعور كبير جدا بالنجاسة والذنب والدونية وتفكير في الانتحار..... يتجاوز التصور السليم للدين نفسِه الذي تحتكم إليه، مما يدلّ على أنّه ناتج عن اضطراب نفسيّ يشوّه لديك الواقع، يجب أن تخرج منه بسرعة بزيارة طبيب نفسي، وياليتك استمرّيت مع ذاك الطبيب الذي وعدك بمتابعة وجلسات علاج معرفي سلوكي وهذا شيء مبشّر، لكنّك للأسف تخلّيت بسرعة، وعُد له أو اذهب عند غيره لتخرج من قوقعة الاكتئاب والسوداوية، ثم تعالج الرهاب الاجتماعي لديك وتعالج الإدمان من الإباحيات والعادة السريّة.... آنذاك يُمكن أن تتحدث عن التغيير أو استعادة الإحساس بالحب والتقبل أولا، ثم الفخر بنفسك ثانيا.... ولا تتصور استقامة على ما تُريد من التديّن وأمور حياتِك وأنت على هذا الحال فأنت معطوب نفسيا والمعطوب النفسي لا يستطيع تحمّل التكاليف الكثيرة والمتعددة، ربما تتوهم أن الحل هو الإكثار من الطاعات والامتناع عن المعاصي كما يُخبرونك في المواعظ، لكن ما لم يُخبروك به (ولا يفهمونه) أنّ هذا نفسُه يحتاج قوّة نفسية وتدرّجا وحسم الصراعات النفسية المدمّرة أوّلا...... فهم يقدمون الالتزام الديني كحلّ سحريّ ومنبع للطاقة، وليس كشيء يحتاج طاقة !
أما بالنسبة لما فعلتَ أحيانا من الصلاة جُنبا وأمّ الناس كذلك، والحِلف كذبا وعدم الإيفاء بالنذور.... فأعتقد أنه كان في سياق حرج اجتماعي عجزتَ فيه (بصفتك مصابا بالرّهاب الاجتماعي) من إعطاء إجابة سريعة بالرفض ولم تجد طريقة للإفلات، فوجدت نفسك متحرّجا من الناس رغم وضعك.... ومن هنا مرة أخرى تعرف أن الثبات على المبادئ الدينية تحتاج قوة نفسية وتحررا من الضغوطات الاجتماعية، وليس أن تلك المبادئ تحرّرك ببساطة.
ما فعلَه أبوك شيء مؤسف ولا داعي للتعليق عليه فهو واضح الجهالة والسفالة، إلا أن استدراكك أنت لوضعك سيُجنّبك أن تقع في هذا ولو بالخطأ والصدفة مع أطفالك مستقبلا وهذه فائدة الاعتبار من أخطاء السابقين.
غياب مهاراتك مع النساء نتاج طبيعيّ لتقدير ذاتك المنخفض جدا وانعدام الثقة وأيضا لتهويل وتقديس "الجنس الأنثوي" أكثر من اللازم، للإباحيات دخل في ذلك لأنها تجعلُك متوتّرا ذو خلفيّة "فاجرة وغير بريئة" اتجاه أي احتكاك مع أي فتاة أو امرأة، مما يجعلك متوترا تموت خجلا من أفكارك واختزالك للعلاقة بينك وبين أي امرأة في الجنس..... بكلمات أخرى فأنت تُحمّل الموقف أكثر مما يتحمّل ولو كنتُ صافي الذهن مرتاح البال ربما لتعاملت بشكل أقل توترا مع النساء، لكن هذا يعكس جانبا واحدا فقط، وإلا فالرهاب الاجتماعي يعمل عمله أيضا. المهم أنّ تحررك من سجن التبجيل والتخوف من النساء له علاقة بتحررك من نظرتك الدونية لنفسك ومن الثقة في قدرتك على التواصل الطبيعي والأهم من ذلك قدرتَك على تقبّل شكل وجهك الذي يخلق لديك مشكلة كبيرة في فرْضِ نفسك على الناس والاختلاط معهم والشعور بأحقية الحديث معهم وإقامة علاقات إنسانية. وإن كان من الممكن أن تقوم بعمليات تجميل على وجهك سيكون ذلك رائعا جدا ومساعدا للغاية.
إذن يا عزيزي رشيد، زُر طبيبا نفسانيا بأسرع وقت وثابر وصابر وصبّر نفسك على العلاج ولا تتسرّع خصوصا مع الأدوية، فهذا خطأ يتكرر كثيرا، وإن لم يُعجبك طبيب نفساني فسيُعجبك غيره ولا ترفض فكرة الطب النفسي جملة وتفصيلا
وتمنياتي لك بالتوفيق والشفاء العاجل.