الإحساس بالوحدة – القبول – الإلحاد – انهيار المعبد
سلام عليكم .. أتمني لو دكتور سداد هو الذي يرد علي في الاستشارة لو أمكن .
بكتب الرسالة ديه في يوم إجازتي الأسبوعية, الصبح .. خرجت لوحدي .. رحت أبعد مكان أقدر أروحه وكان الجو وقتها صعب وريح عالية .. رحت مكان مناسب ولكن كنت منزعجا أن المكان فيه ناس تعرفني .. محبتش يشوفوني وأنا لوحدي بالشكل ده ويحكموا علي أني غريب الأطوار ... بالليل خرجت مع أسرتي لمدة ساعة أكلنا بالخارج في مطعم من اختيارهم بالقرب من والدتها.. بعدها فضلت زوجتي أنها تقضي باقي اليوم مع أختها وأهلها .. رجعت وإحساس الوحدة قاتل لي. بس بحاول أتقبل الموضوع ده..
خناقات كثيرة مع زوجتي أني عايزها تقضي وقت أكثر معي .. أنها تنام معي في السرير.. أنها ماتتأخرشي مع عائلتها أو أصدقائها بالخارج وأنا في البيت لوحدي .. أني أقضي وقت أكثر مع الأولاد .. لكن هي تفضل أكثر المكوث مع أهلها أو صديقاتها .. هي شايفة أني أعاني من مزاج متقلب .. معظم الخروجات بتشتكي من عبوسي ومزاجي المتقلب .. ومش بتحب إنها تعاني من الموضوع ده بالذات .. آخر مناقشة معها أني عايز أفضفض معها وأشتكي لها. لكن هي مش مستعدة إنها تكتئب ثاني مني. النقاشات تتكرر بدرجات مختلفة لكن دون فائدة ..لدرجة أني مش حكرر النقاش تاني.
إحساس الوحدة عندي من وأنا صغير جدا .. المهارات الاجتماعية المتواضعة .. الانزعاج (بطريقة ملفتة للنظر) من أي صوت عالي .. الإحراج (الشديد) من الغرباء .. الكسوف والخجل اللي ممكن يوصل إلى بكاء بسهولة .. الهدوء الشديد جدا . . ما زلت أنا مثل هذا ولكن بدرجة أقل. الموضوع مؤثر بشدة على المستوى الاجتماعي – العائلي – المهني. ومش لاقي حل.
مع مرحلة المراهقة كانت المشكلة أكبر وخصوصا مع عدم وجود أصدقاء إطلاقا.. إحساس الوحدة بيكون صعب جدا. عدم الإحساس بأني مرغوب من الناس بيكون صعب .. بيكون في نوع من الرفض للأشخاص اللي حواليّ .. مش عارف السبب. هل لأنهم هم رافضيني أنا الأول ؟ هل لأني أخاف جدا من صفاتهم السيئة في نظري .. هل لأني مش بفهم هزارهم وطريقتهم .. أو مش بتقبل عيبوهم .. أو إحساسي أني مختلف أو متميز عنهم .. كل ده وراد.
اللي زاد الطين بللا, مرض أمي العقلي من وأنا طفل, نوبات الصرع, التهيؤات, عمليات جراحية في المخ متكررة, العلاج الكيميائي ثم الموت .. البيت مفكك جدا .. والدي كان بيتعب في الشغل كثيرا (حسب ما فهمت بعد كده) .. وكان واقف جنب أمي حتى في مرضها .. لكن كان له علاقات نسائية كثيرة, شخصيته طاغية علي جدا .. وكنت أخاف منه جدا. كل ده وأنا سني صغير ومش مدرك للأمور .. مش مدرك حاجات كثيرة في انفعلالاتها اللي غصب عنها أو تخاريفها .. أو حتى رد فعل أبي..
دخول الكلية كان أسوأ .. كان ممكن أقطع الحديث مع شخص وأمشي بدون استئذان مجرد لإحساسي أنه غبي (أو عدم قدرتي على التواصل معه أو معها ) .. أصدقاء قليلين جدا .. ممكن تقول غريب الأطوار .. كنت أوقات أسمع كلمات من أساتذتي أو زملائي زي مبدع .. ذكي ..لكن مكنتش بقدر أجيب درجة كويسة في الامتحانات بسبب الاكتئاب.
بعد التخرج لجأت لمساعدة أحد الأطباء النفسيين .. كانت شكواي ليست "الوحدة" .. ولكن كانت البكاء بدون أسباب... أوقات كان في تهيؤات سمعية أو أفكار (تحس أنها تخاطر أفكار أكثر ما هي أفكار وسواسية .. مثل أعرف أن شخصا ما في بيعمل كذا, ويطلع الصوت ده صح فعلا .. وكان شيئا مرعبا لي) .. كوابيس .. وكنت بشتكي كمان من تواصل على الإنترنت مع مثليين جنسيا (أني سالب أو مؤنث) ولكن بدون عمل علاقة في الواقع. كان تشخيصه أن عندي اكتئاب فقط وأني ببعد عن الدور الذكوري وبتجه للإناث تضامنا مع الوالدة نظرا للظلم اللي هي كانت فيه .. وصف لي أدوية مثل زولام وأنفرانيل .. تحسنت كثير بعدها خصوصا مع تكوين الأصدقاء. التواصل مع المثليين قل بشدة ولكن شاهدت لحظات وقوع كثيرة.. الطبيب سافر.. وخفت أكمل مع طبيب آخر .. وحسيت أني مجرد سلعة أو مريض وليس إنسان ....
كانت العلاقات مع البنات سيئة جدا .. من ضمن أسبابها عدم شعوري بالرجولة الكاملة.. عدم نضوج الشخصية لاتخاذ القرارات المناسبة. عدم وجود المهارات الاجتماعية لفهم الشخص والتعامل معهم خصوصا مع مجتمع مصر اللي فيها التواصل غير مباشر ومليئ بالخداع والالتفاف. خطبت أو ارتبطت كذا مرة وفشلت طبعا .. اخترت في الآخر بنت طيبة القلب وبسيطة .. علشان تتأقلم مع مشاكلي.
بعد الزواج .. المسافة بتزيد ما بيني وبين زوجتي وبيني وبين أولادي.. أحس أني منعزل جدا .. مش فاهمهم بسهولة. تعبان جدا .. جنسيا مش بحس أني رجل بمعني الكلمة .. في بداية الزواج كانت العلاقات قليلة وقصيرة..كنت مش مقتنع بها كزوجة أو صديقة .. بعدها دخلت في فترة طويلة من الشات مع المثليين ..وقفت وكملت ووقفت وكملت وهكذا .. وكان بدون علم زوجتي طبعا .. وبعدها زوجتي اخترعت فكرة مختلفة في الجنس أنها تكون هي المتحكمة وتضرب وتلعب براحتها .. وبعدها أنا اخترعت فكرة مختلفة جديدة أن أتخيل أنها تستعرض جسمها أمام الرجال.. وأن أحدا يمارس معها .. لم أستغرب أنها انبسطت جدا .. بالعكس بقت بتطلب الجنس كل يوم, وهي كانت بتستمتع جدا لدرجة أنه ممكن تجيب شهوتها كذا مرة.. وأنا بعدها (وخلالها) أحس أني يتم تدميري من الداخل وأني أعاني نوعا من الإذلال قوي جدا ومش عارف أبطله. هي بتطلب الكلام ده بذكاء بدون ما تثبت أنها هي اللي عايزة .. لكن طبعا أحس فرقا كبيرا في شهوتها.
كذا مرة أتجسس على زوجتي أكتشف أنها تتكلم مع شباب.. حتى لو كان هزار .. لكن هزار غريب .. واجهتها أول مرة بغضب وعنف ... وكان ردها إنها غلطانة .. المرة الثانية بعدها بكذا سنة .. كان ردها هو الذي يتصل وهي بترفض إنها تقابله .. وأنا كان نقدي "أنت ليه بتهزري أساسا معه أو تردي عليه" .. وكان رد فعلي خناقة مع الشاب ده بدلا من لومها.
صورتي وأنا صغير .. الطفل الصغير المنبوذ .. اللي شكله جميل وشعره طويل زي البنات .. اللي مش عارف يتكلم ولا يلعب مع باقي الأولاد .. اللي كل ما يتلكم أهله ما يسمعهوش وكأنه مش بيتكلم أساسا .. بتبقي ساكنة جوايا.. نفسي أتحرر منها بس مش عارف .. صورة مرض أمي وتعبها ..مؤلمة جدا .. مفتقد دور الأم جدا .. وبدور عليهم في كل شخص حولي .. مش عارف أكون في صورة رجل قوي زي أبي.. ولو عملتها مرة .. مش بكررها..
مش بعرف أنام مع مراتي كأني رجل .. ولو عملتها مرة. مش بعرف أكررها .. بحس بتأنيب ضمير بعدها. أني لا أستحق أن أكون رجلا..
أنا أشعر بملل من كثرة الشغل .. من كثرة العلم. من كثرة القراءة .. حاسس بغربة شديدة .. لأن مجتمعي مش بيقدر الكلام ده .. مش عارف حتى أتذوق صوت الموسيقي اللي الناس بتسمعه حوالي ... وبحس أن الناس بتضحك علي وشايفاني غريب الأطوار أني بسمع موسيقي مختلفة. أحس أني موضع نقد أني ممكن أقرأ كتب في الكافتريا بدلا من الجلوس مع صديق أو صديقة .. أنا كمان زهقت من نفسي ..
رحت لاثنين أطباء نفسيين من فترة بسيطة .. بسبب أني حسيت أني أعدي الحدود وأؤذي أولادي وزوجتي خصوصا في العصبية .. بعد أول جلسة (هل جلسة واحدة كافية) كتبوا أدوية اكتئاب ووسواس قهري.. الطبيب الأول قال لي أني في مرحلة متوسطة من المثلية. وكان مصمم أني بتجيلي وساوس فيها شتيمه في الذات الإلهية. مع أن مفيش .. وكان رده أني بنكر .. وأني أعاني من وسواس جنسي .. ونصحني أني مرحش لطبيب ثاني لأنه حيقول نفس الكلام .. فبلاش تضييع وقت ..
رحت للطبيب الثاني قال لي أنه صعب بعد العمر ده أغير حاجة زي كده .. لكنه حيحاول (لأنه شاطر جدا) من خلال الأدوية وجلسات العلاج الجماعي .. بس السكة صعبة بعد السن ده.. وأن الموضوع معروف لأن ديه حالات معروفة حتى لو مش كل الأعراض واضحة .. بصراحة مع تناولي لأول جرعة من الدواء .. حسيت بتعب شديد جدا .. وضغط عالي جدا .. نمت كذا يوم في السرير.. بعدها رحت للطبيب مرة ثانية. وبخني جدا جدا. وقال كلام مش ظريف .. كنت حاسس أنه هو اللي مريض مش أنا. وأنه محتاج حد يطمئنه.. ومكررتش المحاولة ثاني.. ومش حابب أكرر مع الأسلوب ده.
جربت أسلوب الحياة الصحي. الأكل الصحي, الرياضة, التأمل .. إلخ .. فعلا قلل كثيرا من التوتر. وزاد كثيرا من إدراكي لنفسي ومشاعري .. قلل كثيرا من الهجمات والوسواس أني أدخل أعمل شات مع مثليين ..
حاليا أتواصل مع زوجتي .. أطلب منها تساعدني .. كل اللي بطلبه منها أنها تقرب مني .. تسمعني .. لكن أحس بنقد شديد. وأنها مش مستعدة تسمع شكوى مني علشان هي مش حابة تكتئب .. حاسس بألم مضاعف. رغبة في البكاء.. لأني مجرب الاكتئاب قبل كده .. فأنا قريب من الرغبة في الانتحار بمسافة ليست كبيرة .. اللي مانعني فقط خوفي على الأولاد ..
حاليا حاسس بوحدة شديدة .. مليش مزاج أو رغبة أني أدخل مجال المثلية ثانية .. بطلت فرجة على البورنو .., ولو فتحته بقفله بطريقة تلقائية .. يمكن مع تغيير أسلوب الحياة, التغيير بقى أسهل بكتير .. لكن مش عارف أغير من موضوع الوحدة. أحس أني ميت من جوا .. حاسس أني بعيد عن زوجتي وعن أولادي وعن عائلتي وعن زمايلي في العمل .. وخايف أدفع الثمن غالي للسجن اللي أنا فيه ... إحساسي أني أكثر "إنسان" عن أني "ذكر" .. أو مزيج ما بين الذكر في أمور والأنثى في أمور أخرى .. أكره الجنس .. صدقني كل أملي أني أقعد على كرسي مع صديق أتكلم براحتي .. لكن مش عارف.
مؤخرا نصحني شخص ما بأني مشكلتي غير متقبل المجتمع .. وأني لازم أبدأ بتقبل نفسي بعيوبها .. بدأت والله .. وكانت صعبة. بقيت غاضب جدا عن نفسي وعن مجتمعي وعن كل شيء..
أتمني مساعدتك فعلا..
25 يناير 2020
25/1/2020
رد المستشار
شكراً على رسالتك المفصلة وثقتك بالموقع.
بما أن التفاصيل والشرح في غاية الوضوح فإن الأعراض التي تعاني منها هي ما يلي:
١- إدراك – معرفي يميل إلى عملية زورانية غير ذهانية.
٢- إدراك – معرفي يميل إلى الغرابة في التفكير وخصوصا بما يتعلق بالهوية الجنسية الجندرية.
٣- تنظيم وجداني يتميز بضيق مساحته كما هو واضح بالتعامل مع زوجتك الفاضلة.
٤- نوبات من الغضب والانفعال تعكس كذلك عدم التنظيم الوجداني.
٥- أعراض مزاجية تتميز بالإفراط العاطفي.
٦- الشعور بالقلق المزمن.
٧- انخفاض عتبة التثبيط مع استعمال الإنترنت.
٨- تاريخ شخصي عن صدمات مركبة في الطفولة مع مرض الوالدة وتأزم العلاقات مع الوالد.
٩- الميل إلى العزلة.
١٠- ظهور المشاكل النفسية في عمر مبكر.
الصراحة هناك تشخيص واحد لا غير لحالتك النفسية وهو اضطراب الشخصية Personality Disorder.
اضطرابات الشخصية عموما مصدرها عوامل وراثية وبيئية مختلطة تلعب دورها في تنظيم كيمياء الدماغ لفترة طويلة وحرجة وخاصة في مرحلة الطفولة. رغم حديثك عن طباع الوالد ولكن غياب الأم العاطفي هو العامل الأقوى. انتقالك إلى مرحلة جديدة في الحياة عن طريق الزواج لم يفلح إلى الآن في مساعدتك على تنظيم شخصيتك وجدانيا ومعرفياً وإدراكياً.
الطريق إلى الأمام هو أن تدرك أولاً بأن المشكلة التي تعاني منها تحتاج إلى تنظيم إدراكي معرفي جديد. البحث عن هوية جنسية جديدة وتوجه جنسي جديد عملية غير صحية لأن مصدرها اضطراب شخصيتك بسبب الماضي الأليم.
هناك الحاجة إلى السيطرة على أعراضك الوجدانية مع استعمال عقاقير تستهدف الأعراض ولكن العقاقير ليست هي الحل الوحيد ولا تساعد على وصولك خط الشفاء.
العلاج الصحيح يتضمن ما نسميه تنظيم استراتيجية التواصل والعلاقات بين المراجع ومعالجه النفساني. الأهم من ذلك هو تنظيم العلاقة بينك وبين زوجتك والبحث عن حل لمشاكلك ومشاكل الوحدة العائلية والتي تشمل زوجتك وأولادك، والانتباه على عدم تكرار ماضيك في الطفولة معهم. تتحدث معها بصراحة وبصورة منتظمة ويتم الاتفاق على جدول فعاليات ونشاطات مشتركة وتطبيع العلاقة الجنسية ونبذ الجنس عبر الإنترنت.
هناك دور للعقاقير كما أشرت أعلاه مع جرع ضئيلة وليس عالية لمضاد اكتئاب وموازن مزاج. دور العقاقير مساند لعملية التواصل وليست البديل.
إذا كان هناك معالج نفساني كفء تتصل به بصورة منتظمة وأحيانا أنت وزوجتك فذلك يساعد جداً.
لا تستلم لاضطراب شخصيتك ولا تدمر حياتك العائلية.
وفقك الله.