الوسواس القهري الكفري
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، في البداية أشكركم على تقديم المساعدة لكل من هو محتاج لها، وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم. أنا شاب عمري 22 عاما، أستطيع أن أقول بأن عائلتي ملتزمة دينياً ولله الحمد والمنّة، وقد تربينا على قيم الإسلام وتعلمنا تعاليمه بشكل ممتاز ولله الحمد. علاقتي بعائلتي ممتازة جدا ولا تشوبها شائبة بفضل من الله عزّ وجلّ.
قصتي مع الوسواس بدأت في وسواس الطهارة والوضوء، ثم انتقلت إلى الصلاة، ولكنني بفضل من المولى جلّ جلاله ثم مساعدة والدتي تمكّنت من التخلص منها، ولكنني انتقلت بعدها إلى ما لم أكن أتخيل بأنني سأتعرض له، إلى الوسواس الكفري والعياذ بالله، حيث بدأت تأتيني أفكار كفرية سيئة جدا لا يمكن التلفظ بها أو وصفها، وكانت تأتي بشكل تقنعني فيه بأنني أنا المسؤول عنها، فأدخل في دوامة الأفكار والكآبة ومحاولة دحض تلك الفكرة وإقناع نفسي بأنني عكس ذلك، فأحياناً أنجح وأحياناً أفشل..
بعد اشتداد الأمر عليّ، توجهت إلى معالج نفسي وعرضت مشكلتي عليه، فأشار عليّ بالعلاج السلوكي المعرفي، ولا أنكر أنني استفدت الكثير من هذا العلاج، ولكن الوسواس لم يتوقف هنا، بل زادت قوّته وحدّته، وأصبح التعامل معها صعباً، حيث أنني أصبحت أعطي معظم وقتي في دوامة الأفكار المتتالية والمتكررة التي تأتي إلي. بعض تلك الأفكار أستطيع التخلص منها سريعا وبسهولة، وبعضها أشعر بأنني أنا صاحبها بنسبة 100٪ ! وهنا تكمن المعضلة!
أصبحت أشعر بأنني أفكر بالفكرة الكفرية -والعياذ بالله- ثم أعود وأندم وأتكدر، وفي بعض الأحيان أتخلص من الوساوس باللجوء إلى الحديث النبوي الذي يقول أن الله سبحانه وتعالى تجاوز عنّا ما حدثت به أنفسنا مالم نقل أو نفعل، فهنا أهدأ قليلاً وأقول بأنني طالما لم أنطق بتلك الأفكار أو أفعلها فأنا ما زلت مسلماً. ولكن تعود الأفكار بقوة أكبر وأشعر بشكل جازم أنني صاحب تلك الأفكار.
ولكنني عندما أسأل نفسي: هل كان يمكن في يوم من الأيام قبل أن أكون موسوساً أن أفكر بتلك الأفكار؟ إجابتي تكون لا مباشرةً ودون تفكير .. ولكن الأفكار تعود وتزداد بقوة .. حتى أنني في بعض الأحيان أقوم بحركات لا إرادية في جسدي عندما تأتيني فكرة وأحاول نفيها، فهذا يعرضني للحرج في بعض الأحيان..
أعتذر عن الإطالة، وأرجو من حضرتكم مساعدتي في هذا المصاب، علماً بأنني مقبل على الزواج في غضون أشهر قليلة، وينتابني الخوف دائماً من أن أكون قد كفرت والعياذ بالله وأنا متزوج فأتعرض لحرج كبير.
شكراً لكم
وجزاكم الله خيرا
26/2/2020
رد المستشار
الابن الفاضل "جود كرم" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
تقول عن الوساوس (بدأت في وسواس الطهارة والوضوء، ثم انتقلت إلى الصلاة، ولكنني بفضل من المولى جلّ جلاله ثم مساعدة والدتي تمكّنت من التخلص منها) هذا يبدو جيدا لكن كان من المهم أن تخبرنا كيف؟ وبنسبة كم تخلصت منها.... والواقع أن اللفظ الأدق قد يكون انشغلت عنها بنوع ليس أقل خبثا وإن كان أكثر إيلاما وهو الوساوس الكفرية.
تقول أنك استفدت كثيرا من العلاج السلوكي المعرفي! والواضح أنها استفادة منقوصة لأي سبب من الأسباب.... فأي استفادة إذا كان كلامك التالي يبين عدم فهمك لمعنى التعافي بعد الع.س.م الناجح للوسواس (ولكن الوسواس لم يتوقف هنا، بل زادت قوّته وحدّته، وأصبح التعامل معها صعباً، حيث أنني أصبحت أعطي معظم وقتي في دوامة الأفكار المتتالية والمتكررة التي تأتي إلي. بعض تلك الأفكار أستطيع التخلص منها سريعا وبسهولة، وبعضها أشعر بأنني أنا صاحبها بنسبة 100٪ ! وهنا تكمن المعضلة!) هل قال لك معالجك طرقا للتخلص من الوساوس؟ أم علمك كيف تتفهها وتهملها وتتجاهل وجودها؟ الع.س.م الناجح للوسواس القهري يعني تدريب المريض على تجاهل الوساوس الموجودة... بناء على تفاهتها وعدم اللجوء لأي سلوك بهدف التعامل معها.... لكن لا يعد معالج سلوكي معرفي مريضه لا بأن الوسواس سيسكت عندما تنجح في إهماله بل الواقع أنه سيتفاقم مرحليا وسيلجأ لكثير من الحيل التي غالبا ستوقع الموسوس في بدايات تدربه على تجاهل الوسواس.
وأما محاولة التخلص من الوساوس بمجرد معرفة أنها وساوس فمعناه أنك ستمرر الفكرة على مرشح "فلتر" فكري هل هي فكرتي أم وسواس، فتقع في فخ التحقق الاستبطاني فتشعر كثيرا أن الفكرة منك وتسقط في المعضلة! كما تسميها.... سبب هذا هو عدم فهم طريقة العلاج.
اقرأ على مجانين:
معنى تتفيه الفكرة
الوسواس القهري : معنى التجاهل
التفتيش في الدواخل آفة الموسوس
وسواس التجديف الكفري والشك : معنى التكلم به ؟!
ثم أعلق على آخر فقرتين في إفادتك (ولكن الأفكار تعود وتزداد بقوة... حتى أنني في بعض الأحيان أقوم بحركات لا إرادية في جسدي عندما تأتيني فكرة وأحاول نفيها، فهذا يعرضني للحرج في بعض الأحيان..) هذا معناه أن قهورك في مواجهة الوساوس لم تعد تقتصر على القهور العقلية (نفي، إنكار، تصحيح، استغفار، استبطان للدواخل لمعرفة مصدر الفكرة إلخ) وإنما بدأت القهور الحركية.
وأما الفقرة الأخيرة (علماً بأنني مقبل على الزواج في غضون أشهر قليلة، وينتابني الخوف دائماً من أن أكون قد كفرت والعياذ بالله وأنا متزوج فأتعرض لحرج كبير).... والواقع أنه لا حرج عليك أصلا كان ولا سيكون فالله تعالي يقول (ليس على المريض حرج).
من فضلك تواصل مع معالجك أو من يكون متاحا وعليك الالتزام بما يطلبه منك مع أهمية أن تكون واعيا بضرورة المتابعة أثناء تطبيق العلاج السلوكي.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.