عدوة نفسك ؟ ربما، لكن شجاعة: أكيد! م
متابعة الحالة النفسية لفتاة تخشى الوحدة
تحياتي دكتور سداد وجميع مستشاري مجانين المحترمين، حضرتك تعرفني باعتباري إنسانة تعاني الوحدة وقلة الثقة بالنفس والخوف من العنوسة والحاجة إلى الحب، وسأتابع عرض حالتي لأنكم خير من فهمني.
بعد خروجي من الأزمة العاطفية الأخيرة قبل 4 سنوات تقريباً توقفت عن انتظار أي شخص وكرست جهدي كله للعناية بنفسي وبصحتي، شيئاً فشيئاً بدأت أتعافى، عالجت بشرتي وشعري وقمت بريجيم معتدل وبالرياضة فصرت رشيقة وجميلة ومن يراني يعتقد أن عمري 30 أو 29 واهتممت أيضاً بعقلي فكنت أُغذيه دوماً.
رغم الوحدة والتقدم في السن كنت متصالحة مع نفسي، وأصبح لدي شعور عالي بالاستحقاق: أستحق الاحترام والحب وكل ما هو جميل. من حين لآخر فقط أنتكس وهذا طبيعي فحاجتي لشريك حقيقي عالية جداً، أيضاً وكي أسيطر على الأمر كنت دوماً مشغولة وإذا لم أنشغل أساعد الناس وشعوري بأنني مخلوقة جيدة يُعوّضني قليلاً. أتابع باعتدال شديد مواقع التواصل الاجتماعي باسمي وصورتي الحقيقيين فليس لدي ما أخفيه ونشاطي كله ثقافي ولا أتواصل بالخاص إلا مع قليل جداً من الأصدقاء الثقات.
قبل شهرين تعرفت على إنسان من مجال عملي ومن بلدي ولكن من مدينة أخرى بعيدة عني، يبدو شخصاً ناضجاً ومحترماً، ربما هو في نهاية الخمسينات أو منتصفها. نيّتي الحقيقية هي التواصل المهني فقط ولكن فوجئت به بعد أسابيع قليلة يصارحني بحبه!
-عقلي يقول: هذا كاذب يحتمي بشاشة محموله ويرسل عبارات حب لا تكلفه شيئاً ولا يتحمل أيّة مسؤولية، إن كان صادقاً فسيحاول لقاءك على أرض الواقع وتوضيح نواياه.
-قلبي يقول: الجفاف العاطفي طال بي، أحتاج إلى حب، أريد الحب، ظامئة إلى الحب.
عقلي: كوني صامدة، هو مُتلاعب كيف يحبك ولم يرك واقعياً؟! صحيح شاهد صورتك وأنت فعلاً جميلة، لكن: حب دون معرفة حقيقية؟ هذا كذب. هل هذه قيمتك؟ هل أنت رخيصة ليحاول اصطيادك ببضع كلمات معسولة؟ حتى هاتفك لم يطلبه! لم يبذل حتى جهد التمهيد ومحاولة الاهتمام بشؤونك.
-قلبي: أريده أن يحبني، إنه يناسبني، أريد أن أشعر أن أحداً يهتم بي، معجبة جداً به، ثم إن جميع الناس يمدحونه وسمعته جيدة
-عقلي: اصبري ودعي الباب موارب، لو يحبك فسيعمل على تطوير العلاقة ونقلها إلى الواقع، وإلا سيخترع أي حجة ليهرب وقد يهرب دون أن يزعج نفسه بالتبرير... أو اسأليه مباشرة عن نواياه وأهدافه وعن وضعه.... أخبريه بصراحة أنك تريدين علاقة واضحة تنسجم مع متطلبات وقيم المجتمع.
-قلبي: كلا... ليس الآن، بل عندما نلتقي واقعياً (لاحظ دكتور: قلبي يخشى أن يعلم أنه متزوج أو أن نواياه عاطلة. قلبي جبان يريد الحب فقط، يريده مخدراً فقط).
وهكذا يتجادل عقلي وقلبي، وأطعت عقلي لأنه الأكثر إقناعاً فلم أرفض الحب ولم أقبله، وكنت صامدة وأرد على رسائله برسمية ولطف أيضاً ولكن حدث ما أخشاه: افتعل مشكلة تافهة جداً وقاطعني واستمر الجدل داخلي.
- عقلي: الحمد لله، بانت حقيقته، يقاطعك لسبب تافه جداً، من يحبك حقاً لن يهرب هكذا أو لعله يفتعل الأمر ليضغط عليك، إياك أن تقعي في الفخ، ستسقطين في نظري كثيراً لو منحتيه فرصة السيطرة عليك.
-قلبي: يبكي وينوح، كان عليك أن تكوني أكثر مرونة، ها قد ضيعت الفرصة. أنت وحيدة ولم تتذوقي فرصة السعادة التي كانت متاحة. ما قيمة الحياة دون حب؟! حتى لو فشلت العلاقة كغيرها فعلى الأقل أنت حاولت أن تكوني سعيدة.
عقلي: برافو عليك شطورة.-
-قلبي: ليتني اعتذرت في حينها وأنهيت المشكلة، ربما هو محق، هذا سوء فهم كان عليّ حله، كان عليّ الانفتاح أكثر، من يدري ربما كان أحبني أكثر وارتبط بي.
--عقلي: يالك من باىسة! ما الذي تعرفينه عنه؟ احتمال كبير يكون متزوجاً ويريد تجديد شبابه فقط، والشعور بأنه مرغوب، وهو ينتقم منك لأنك حرمتيه من ذلك الشعور. من يريد الارتباط لن يمنعه شيء، من يحب حقاً لن يسبب الأذى، من يهتم بك حقاً لن يهملك أبداً. ديري بالك من محاولة التواصل معه، لن تجني سوى الإهانة وإرضاء غروره.
قلبي: اكتبي له الآن صباح الخير. سيسامحك وتبدأ صفحة جديدة. -
عقلي: والله سأكسر يدك لو حاولت.-
وهكذا دكتور، يتصارعان وفطرتي الإنسانية تقول: أنت صح، وقد تصرفت كإنسانة محترمة لا تهدر عواطفها. ومع ذلك عندي شك سببه الحاجة الشديدة للحب: ماذا لو ظلمت نفسي؟ ربما خوفي الشديد من أن يجرحني أو يتخلى عني جعلني أتعامل بصرامة.
أتمنى معرفة رأيك كي يتوقف هذا الجدال والضجيج داخل رأسي، وبصراحة مطلقة: أكتب هذه الاستغاثة وعيني على الموبايل: لو أنه يتصل الآن فسأفرح كثيراً كثيراً وسأنسى كل العذاب الذي يسببه لي أو أسببه لنفسي. نعم أمنيتي أن يسأل عني، وحتى إن لم يعد لذكر الحب، سأشعر ببعض التعويض، سأقول أنه مهتم بي وهذه هدنة وسيحاول التواصل بالشكل الصحيح.
شكراً لحسن استماعكم
أنتظر الرد
11/3/2020
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
لابد أولاً من القول: يُسعد الموقع قراءة التحسن الكبير في أدائك الاجتماعي والتوازن النفسي.
ثانياً لم تظلمي نفسك، بل على العكس من ذلك تماماً. الشكوك والريبة تلعب دورها في بداية أيّة علاقة على أرض الواقع قبل أن تتلاشى ببطء ويتم إزاحة الشكوك بالثقة المتبادلة والاحترام المتبادل. بعد ذلك تتطور العلاقة إلى اندماج روحي وعاطفي ومادي.
العلاقات العاطفية عبر الإنترنت لا تختلف كثيراً عن العلاقات على أرض الواقع، وأحياناً تتطور بسرعة وبدون قيود لشعور الإنسان بالأمن المزيف والحصانة ضد الاحتيال. لا شك بأن هذا الرجل لو كان صادقاً جداً في مشاعره لحرص على نقل العلاقة من عالم الفضاء الغامض إلى عالم الواقع الصريح لكنه لم يفعل ذلك واكتشف أنه أمام آنسة ناضجة فكرياً وعاطفياً وهذا يفسر اختفائه الوقتي أو الدائم.
هذا الجدال والضجيج داخل الرأس مصدره تنافر معرفي يمر به كل إنسان وينتهي أمره تدريجياً، وانتظارك لجواب منه ليس بالغريب لأنك تفضلين حسم الأمور عقلياً وعاطفياً وهذه من علامات النضوج الفكري.
استمري في رعاية نفسك وامضي إلى الأمام.
وفقك الله.
التعليق: هذه المرة الأولى التي أمسك فيها قلمي وورقتي لكتابة ملاحظات لتطوير نفسي من هذا الاستشارة رغم تصفحي للكثير والكثير من الاستشارات ليل نهار.
أختي في الله أود أن أشاركك القول أنني في بداية العشرينات وأشعر بما تشعرين به تماما ! كأن القطار فاتني وكيف لي إشباع جوعي الأنثوي كما قالت إحدى الفتيات في إحدى الاستشارات، حتى أنني أصبحت أرغب برجال الأربعين وأحدث نفسي أنه لو تقدم لي شخص أرضاه في مثل هذا السن لن أرفض! فالأزمة ليست أزمة عمر في حد ذاته بل إنها الزهرة الأنثوية ومدى بقائها مزهرة أو ضامرة تريد الارتواء والتي تختلف من أنثى لأخرى،
أختي، إنني بعد تفكير طويل توصلت إلى أن مثيلاتنا عليهن التوقف فورا عن البحث عن الشريك، والالتفات لشيء ما غاب عن أذهاننا، ألا وهو محيطنا الأنثوي نفسه ؟ ما أقصده هنا هو عليك الانضمام لباقي الزهرات حولك والتخفيف عليهن وتعليمهن ما تعلمت ومشاركتهن أفراحهن وأحزانهن، فكونك انضممت لمجموعة من مثيلاتك ستتوصلن للحل بطريق أسرع إن شاء الله، كما قرأت ذات مرة لاستشارة مراهقة صغيرة تشعر بالذنب لتحدثها مع فتى في مثل سنها عن طريق الإنترنت، فأجابها المستشار بأن عليها تبادل الحديث مع مثيلاتها وما أحوجهن لبعضهن !
كم أتمنى من مجتمعاتنا الشرقية الالتفات لروح الجماعة في أي شيء، أبسطها عمل حلقات لتبادل الحديث والتجارب لجماعات يشترك كل منها في مشكلة واحدة مثل حلقات مصابي الإدمان التي نراها في الأفلام الأجنبية، وما شابهه من حل المشكلات الاجتماعية التي لا يلتفت إليها الكثير في مجتمعاتنا.
أختي أستطيع من خلال كلماتك قول كم أنت جميلة من الداخل والخارج، اصبري فالعيب ليس منك وفقك الله.