هل أنا ? bisexual : مشاعر من طرف واحد! م2
تعبت من المشاعر من طرف واحد
مرحباً، أشكركم على موقعكم المميز الذي قد أفادني. أتمنى أن يرد أ. حسن خالدي. على استشارتي. أنا فتاة عمري 26 سنة، كنت متفوقة في دراستي، جميلة، شخصيتي صريحة وواضحة، لا أعرف كيف أُجامل وأنافق وهذا سبّب لي مشاكل في عملي، كما أني خجولة وأتوتر في المواقف الاجتماعية لكن لا أدع خجلي يتغلب عليّ، صداقاتي قليلة لكن أحاول أن تكون عميقة، أهلي يحبونني لكن كانوا في مرحلة الطفولة لا يهتمون بمشاعري أمام الناس حيث كانوا يحرجونني بالكلام أمام الغرباء، أبي كان يعمل خارج البلاد منذ أن كنت في السادسة حتى السابعة عشرة من عمري، كانت علاقة أهلي متوترة وكان بينهم مشاجرات أغلب الأوقات عندما كنت في المراهقة والطفولة.
سأدخل في الموضوع: فترة الجامعة كنت معجبة بزميل دراسة كان في نفس دفعتي، كان معي في 9 محاضرات وكنت معجبة بصمت، كان يتطوع في الجامعة وكان مؤثراً بالرغم من شخصيته الخجولة، ويشبهني في كوني خجولة وهادئة، ويحب أغلب الفرق الموسيقية والألعاب والروايات التي أحبها. لم أفهم سبب تعلقي به وقتها، حتى مرة قرأت في جروب الجامعة أنه سجل في شعبة مادة فسجلت في نفس الشعبة بصعوبة حيث أن موقع الجامعة الإلكتروني ضعيف ولكني حاولت كثيراً، صديقاتي كانوا على علم بالقصة ومرة نصحتني صديقة بالتعامل معه ولكن وقتها أخبرتها أني لا أريد أن أحبه حتى لا أكرهه إذا سبب لي ألم وبكيت. هو أصلاً لا يتعامل مع بنات في الواقع (متدين) وكان هناك زميلة لي تعلق دائماً على منشوراته على الفيس بوك، كانت معنا في نفس المحاضرة وكنت ألاحظ أنها تتبعه بنظراتها، شعرت أنها معجبة به، كنت أشعر بالغيرة منها لأنه كان يتفاعل معها. بعد تخرجنا كان عنده حساب على ask.fm فأنشات حساباً وهمياً بأسماء أنمي (لم يكن أمامي خيار آخر) وأخبرته أني أحب نفس نوع الأغاني وطلبت منه أن يرسل لي الأغاني التي يحبها، كان يرسل لي كل يوم وهو كان يحب ذوقي في الموسيقى، ثم قلت له اسمي الحقيقي وطلب مني أعمل حساب على تويتر، وكان يتحدث معي كصديقة يخبرني عن همومه ويفضفض لي وكان يبدأ المحادثة في أغلب الأحيان، كنا نتحدث عن كل شيء وفي مرة فتحنا موضوع الـ crushes والأشخاص الذين كنا نعجب بهم من الطفولة.
أخبرني أنه كان عنده في الطفولة عدد لا يحصى من الـ crushes لكن في الجامعة استقر على بنت واحدة كان معجب بها، سألته عنها فقال لي "خمني" قلت له اسم البنت التي كانت تعلق له والتي كانت تتابعه في المحاضرات، قال لي "نعم، هي" فشعرت بضيق وتألمت كثيراً ولكن قلت له "أنا لا أعرفها جيداً لكن أشعر أنها معجبة بك أيضاً فقد كانت تتبعك بنظراتها في المحاضرة" بعدها توقفت عن الرد عن رسائله لفترة، عرف أني معجبة به وقال لي أنه نسي تلك الفتاة منذ زمن، استمر بمراسلتي كأن شيئاً لم يحدث، والصدمة أنه لم يعرفني بعد أن رأى صورتي على الإنستغرام، أخبرته "أنا الآن أشعر بالإحراج لمحادثتك خاصةً بعدما صارحتك بمشاعري لكونك لا تعرفني، أريد أن نتوقف عن مراسلة بعضنا، أنا أعتذر منك، أنا نادمة لإخبارك عن مشاعري فقد أفسدت صداقتنا" وقلت له "أنا أفكر كثيراً في كونك لا تعرفني، أفكر هل كتبت شيء غير مناسب، وإذا شيء ضايقك لا أستطيع معرفة ذلك، أنا لو لدي صديقة لا تهتم بي بالقدر الذي أهتم بها سأنساها بمرور الوقت، وأنا لا أتوقع منك أن تعجب بي وأنت لا تعرفني فهذا ظلم، والحياة الواقعية تمنحك فرص أفضل " قال لي" أنا لا أفكر أنك تحاولي أن أعجب بك، غيّري الموضوع "وأنا أكره طريقته هذه لأن كتم المشاعر مؤذي، ورجعنا نتحدث وقال لي "كما تريدين، لا تعتذري، سنتحدث عندما يشاء الله "كنت أعاني من صدمة بعدها، كيف قلبي تعلق بشخص لا يعرف بوجودي؟!
عدت بعد ثلاثة أيام وأخبرته "أني لا أنتظر منك أن تعجب بشخص لا تعرفه، فمستحيل أن يحدث ذلك، لكنني اعتدت على الحديث معك" خفّف عليّ الإحراج بأسلوبه ورجع يحكي معي. أنا أتحدث معه بعفوية وهو كذلك، كان صديقاً مقرباً ومستمتعاً جيداً، وكان يحكي لي عن مشاكله الشخصية من توتر اجتماعي ومشاكل في الشغل ومع أمه، وكنت أحب تعامله الجيد مع أخواته البنات.
كوني معجبة به لا أستطيع أن أكذب على نفسي أن المحافظة على صداقته أمر مرهق بالنسبة لي، يظهر في كلامي أنني معجبة به بين الحين والآخر مهما حاولت إخفاء ذلك، وعند حديثي عن المشاعر يقول لي "الله يحقق أحلامك" ويتجنب الحديث عن المشاعر، أخبرته أن هذه ليست صداقة بالنسبة لي فلا يوجد صداقة يكون فيها طرف أقوى، وأن نفسيتي تتأذى لأننا نظل نحكي وأنت لا تعرفني ولا يهمك أمري، قال لي "كيف لا يهمني أمرك وأنا كلما أرى صديقتك في عملي أو أي شيء يتعلق بك أخبرك، أنا لا أعرف التعبير عن مشاعري (ليس شرط حباً) وأني لست في ال friendzone وهو غير متأكد من مشاعره، وتفكيره منصب على العمل هذه الفترة "وكان يسأل عني كل فترة، ونصحني أن أسجل في دورة تؤهلني للعمل في تخصص آخر وسجلت فيها، وكان معي لطيف جداً وعرض علي أن يساعدني ويختبرني فيها بدون أن أطلب منه.
نحن نتراسل في كل الأوقات، ومرة أرسل لي في ساعة مبكرة جداً (4 الفجر) فسألته "لماذا أنت سهران؟" قال "احزري" فلم أحزر، قال لي "توقعت أن تصلني رسالة منكِ، كنت نائم عندما وصلتني على 10 مساءً".
مرة حكالي أنه يتعجب من نفسه كيف لم يلاحظني وأنا في نفس الدفعة وأغلب المحاضرات! ويقول أننا نفكر بنفس الطريقة.
وأول ما وقّع عقده مع الشركة أخبرني في نفس اللحظة، وكنا نحضر أنمي ونتناقش في القصص، ويسألني عن أمور خاصةً صورته الجديدة حلوة؟ وأخبرني مرة أن زميلته في العمل ثقيلة الدم لمست biceps (جسمه رياضي). كنت أشعر أنني شخص مقرب بالنسبة له، كان يكلمني كثيرا وفجأة لم يعد يسأل عني بعدما أرسلت صورة بعفوية، كنت أشكي من الصالونات وماذا كنت متوقعة المكياج وكيف كان، سألته "بطلت تسأل؟ أنا ازعجتك بشيء؟" فجاوبني "أريد أن أساعدك في التوقف عن الحديث معي لأنك حاولتي مرتين ورجعتي لي، وأنا علي إثم كبير بهذا الموضوع" وقال لي "أن الذي يريد أن يترك شخص فالمنطق أن يتركه بالتدريج" ولم يدعني أناقشه، كانت ردوده باردة، وقلت له "على راحتك، أنا ما بشوف إنه صحي نضل نحكي".
بعدها رجع يسأل عني كل أسبوع، بعدين كل أسبوعين وأكثر ويحكي معي بشكل رسمي يطمئن عن أحوالي وهل اشتغلت ولا لأ.
المشكلة أنا متعلقة به لدرجة أنه لما يرجع يسأل عني أرجع كأن شيئاً لم يكن، وأحس أني ما زلت أحبه حتى لغيت تويتر.
تم قبولي في العمل (عملي في نفس الشركة التي يعمل بها). بصراحة أكره ذلك لكن تخصصي الأصلي (هندسة ميكانيكا) فرص العمل فيه شحيحة جداً للبنات، رجعت لتويتر فقط لأخبره أني اشتغلت، كان يتعامل معي برسمية ويراسلني ينصحني.
وبعد أسبوعين سأل عني مثل الأول بس أنا صعب ما أُبيّن أني نسيته قد ما بحاول، أخبرته في آخر محادثة بيننا وكانت الساعة 11مساءً "من كتر ما كنا نحكي لما أتضايق أو يجي على بالي أحكي بتخيل أني بحكي معك" رد عليّ الصبح "الله يهدي بالك" غيرت الموضوع عادي وألغيت تويتر بعدها.
بتضايق لما أشوفه بالشركة لأنه لا يسلم عليّ حتى مع أنه يتكلم مع زميلاته عادي، أنا ما بروح على مكتبه بس بطلع كتير من مكتبي على أمل أني أشوفه، حتى مرة الحارس قال لي "بتدوري على حد؟". كنت بداوم بنفسية تعيسة جداً. أنا مستاءة من نفسي، صدمني لما قال لي "بدي أساعدك تبطلي تحكي معي لأنك حاولتي مرتين ورجعتيلي" حسيت أنه كان محرج مني طول الوقت عشان هيك ضل يحكي معي، معقول!! بس هو كان يبادر بالمحادثة. أنا تعلقت به زيادة لأنه عودني عليه، أنا مش عارفة أنا بحبه ولا أنا متعلقة بوهم، العلاقات الإلكترونية تعيسة، ما بتنقل الصورة الحقيقية ومملة، أنا بستاهل أحسن من هذا النوع من العلاقات وبستاهل حد يحبني.
عندي أمل أنه يرجع ونفسي أقتل هذا الأمل، وكتير بفكر بالموضوع مع أنه انتهى من سنة وهو أكيد تخطى الموضوع وأنا بمكاني.
انصحني لو سمحت.
3/7/2020
رد المستشار
أهلا وسهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية يا "سما"
أعتقد أن كل شيء بدأ بالتشابه في الأذواق الموسيقية والأنمي، مع تظافر شكله الرياضي (الذي يجذبك في الرجال كما قلتِ في إفاداتك السابقة) وكاريزميته، وأيضا في تقارب بعض سمات الشخصية: شخص خجول اجتماعيا مثلك لكنّه يفعل أفضل ما يمكنه للتأثير في وسطه ومواجهة تحديات الجامعة. غالبا ما يكون تشابه الأذواق والميولات دليلا وجدانيا قويّا على مناسبة الشخص لنا (أقول دليلا وجدانيا وليس منطقيا) ويكون ذلك مدخلا كبيرا للارتياح لذلك الشخص الغريب من الجنس الآخر، فدائما يكون الارتباط مدعاةً للتوجّس (والعلاقات الاجتماعية عموما)، لكن مع وجود نقاط مشتركة يتلاشى ذلك التّوجّس شيئا فشيئا. إحساس الراحة والاطمئنان هذا مشكلتُه أنّه يتحوّل بالاستنتاجات المتتالية إلى انطباعات وافتراضات قد لا تمتّ للواقع أو للشخص بصلة، بل لا تمتّ حتى لتوقعات الإنسان (قولك: "لم أفهم سبب تعلقي به" يوضّح ذلك) ويفقدُ دفاعاتَه بسرعة أمام شخصية "مثالية" يصنعها عن الآخر.
هذا الإعجاب الصامت عيبُه أنّه يقتات على تفاصيل صغيرة وعلى افتراضات متراكمة دون اختبارها في مواقف واقعية ربما قد تكون محبطة فتسدّ شهيّة صاحبتها أو صاحبها عن التمادي في أحلام اليقظة وبناء الافتراضات اللذيذة الواهمة، مما قد يُنهي أي تعلّق في بداياته.... شيئا فشيئا تتحوّل تلك التفاصيل والنقاط المشتركة لمادة نستلذّها، تتضخّم كل يوم ونُغذّيها بنظراتنا وانتباهنا للآخر وملاحظة ما يفعل ويقول وكيف يقوم بذلك، نحاول معرفة المزيد عنه، ونكتشف صفات جيدة ومريحة أكثر فأكثر لتصير دلائل جديدة على حُسن اختيارنا ومسارا لذيذا لما نهواه ونتمناه.... تبدأ مشاعر وأحاسيس الاستحقاق والتملّك تنمو، غيرتك من زميلته التي ترمقه ويتفاعل معها تجسيد لهذا التّملك الذي وجّهته إليه دون علمه...كلّ هذا ونحن نراقب ونبني أفكارا ومشاعر في صمت، بعيدا عن التحقّق والتثبّت الواقعي من "صلاحية العلاقة وإمكانيتها" فإن وصلنا لهذه الدرجة وقُمنا بصناعة شبكات وارتباطات بين أفكارنا ومشاعرنا، بيننا وبين الآخر، فإذا وصلنا لهذه الدرجة ثم عرفنا ما يصدمنا ويناقض نظرتنا هذه نتألم، نبكي، نشعر بالفراغ، نلوم الآخر، نلوم الحياة، والأهمّ يصعبُ علينا أن نحسم في قراراتنا وأن ننظر له كإنسان عادي كغيره من الناس لنستمرّ في الحياة من دون طيفِه.... فكلّ الناس يعرف كيف يُحبّ وقد يتعلّق دون سابق إنذار، لكنّ القليل من يعرف إنهاء علاقة حبّ وإعجاب لا طائل منها.
ما قلتُه فوق هو تطور طبيعي للمشاعر ونموّ اعتيادي لما نُسمّيه الحب، فمن نحبه يصعب علينا أن نراه بعين غير مُحبّة.... فالمشكلة ليست في هذا التطور، إنّما في الإحباط الذي يحصل لصاحب ذلك التطوّر، هنا تصير اللذة عذابا، والآمال آلاما.... وهذا ما حصل لكِ يا "سما" لكنّني أحيّيك إذْ كان قرارك ومطلبك الخروج من هذا المأزق. فائدة تأملك في هذه المراحل هي إمكانية قلب processus نوعا ما. إن عرفنا لماذا نطيل التفكير في شخص أو موضوع، لماذا نحن سُجناء لانطباع معيّن، يكون أسهل علينا مقاومته وتغييره.
لكني لا أستطيع أن أقترح عليك حلاّ أو خطوات عملية دون الحديث عن الجانب الاجتماعي عندك. في وصفك لنفسك قلتِ أنّك صريحة ولا تحبين المجاملات وصداقاتك قليلة وتفضلين العلاقات القليلة العميقة على العلاقات الكثيرة السطحية، ولديك بعض مظاهر الخجل الاجتماعي التي تحاولين إخفاءها، وأفترض أنّ مبادرتك في المواقف الاجتماعية ستكون ضعيفة أيضا.
غالبا يأخذ غياب المهارات الاجتماعية والتلقائية في العلاقات نوعا من "القواعد الوجدانية" أو التبريرات العقلانية مثل التي قدّمتِ، فلَمّا نعجَزُ عن التعامل السلس والمرِن في المواقف الاجتماعية نصف أنفسنا "بالصراحة وكراهية المجاملة" لتكون تفسيرا على أساسه نفسّر المسافات التي نضعها أو يضعها الناس بيننا وبينهم. أو نركّز على "عُمق العلاقات وعدم سطحيّتها" إذا ما كان صعبا علينا التعامل مع الغرباء كل مرّة وبذْل طاقة نفسية أكبر مما نبذلها مع من نعرفه، لأننا لا نتعامل بعفوية وارتياح في المواقف الجديدة، لذلك قد تُفضّلين أن تكون علاقاتك أعمق لأنها تُشعرك بالراحة والأمان بعد ما فهمتِ جيدا تطلعات وترقبات الآخر ولم تبقَيْ متوجّسة من خطأ يُساء فهمه.
فالغريب يضعُنا أمام مخاوفنا الاجتماعية وقلق الأداء الاجتماعي، عكس ذلك الذي نألفه، لذلك قد يكون الدافع الخفيّ عندك هو هروبك من الضغط الاجتماعي الذي تستدعيه العلاقات العابرة والسطحية لتجدي نفسك دون وعي "تمجّدين" العلاقات العميقة، وتعلمين أن الحياة لا تقوم على العلاقات العميقة فقط، بل أحيانا تكون العلاقات السطحية والعابرة أكثر عددا من العميقة وأكثر ضرورية منها. وإن غابت القدرة على "التواصل العابر والسطحي" سيكون ذلك بسبب أن المهارات الاجتماعية غائبة، أو تستهلك طاقة أكبر من المعتاد والطبيعي.
ومن هنا يأتي ضعف المبادرة، لأنّ المبادرة في المواقف الاجتماعية تحتاج "تخفّفا" من التعمّق والتأمل والتوجّس، يجب أن تكون تلقائية وينصب فيه التفكير والطاقة الذهنية على الموقف أكثر من "أحاسيسنا الداخلية" اتجاه الموقف.
هذا يؤدّي بنا إلى نقطة مهمة، وهي لما تحدّثت معه وجدت أنّك مجهولة بالنسبة له، صُدِمْتِ من حضورك الباهت أو المنعدم عنده، بالرغم أنّك لاحظته وأعجبت به وانتبهت لتفاصيله، عدم المبادرة ولو بشكل لا يوحي بأنّك معجبة به ترك هذه الهوّة الكبيرة بين توقعاتك وخيالاتك وبين واقعه. ورغم أنّك اكتشفت أنّه مُعجب بأخرى وأنه لا يعرفك، لم تبتعدي وكنتُ قد كوّنتِ كتلة مشاعرَ اتجاهَهُ، صعُب عليك تفكيكها. فحصَل أنّ استمرّيت بتغذيتها ولم تقطعي الأمل تماما، وكان تأدبُّه ومراعاته لمشاعرك ووقوفه بجنبك وتشجيعه لك عاملا إضافيا للتعلّق. وينبغي أن نُشِيد بشهامته وصدقه، فهو لم يُرد أن يستغل ثقتك ولا إعجابك واحترم نفسه بأنّ تهرّب من علاقة لا يُمكنه تحمّل تبعاتها. فهو قد حَسَمَ في أمره.
لا أعلم هل لا تزالين في الشركة نفسها التي يعمل فيها، لأنّ وجودك معه في المكان نفسه، سيُصعّب أمر نسيانه، وسيبدو دائما "في المتناول" ولو بشكل "وهميّ". لكن من جهة سيكون وجوده اختبارا جيّدا لصبرك وعزمك على تطبيق بعض الخطوات. لأنك تقولين قد مرّت سنة على هذا وأنت لا تزالين في مكانك، أفترض أن السبب كان استمرارَك في تطبيق بعض "طقوس المعجبين" وعدم منع نفسك من التفكير فيه.
كلام مثل هو عوّدني عليه فتعلّقتُ به ليس منطقيا، فأنت من تعوّدت عليه لأنّك تعطين قيمة "عاطفية" للتواصل بينكما، هو لم يكن محرجا في نظري هو كان يتحدّث معك عادي بحدوده وقاعده، إحراجُه بدأ لما شعر أنّك متعلقة به، لذلك لا يسلّم عليك ولا يتحدث معك، يريد أن تقنطي منه، لكنه الظاهر لم يفلح ! وبدَل أن تتراجعي، بدأت في التساؤل والتفكير عن "لماذا لا يسلم عليّ" "يُحزنني أنه لا ينظر إليّ".... وهكذا، فأنت من لم يلتقط إشارات "الرفض" منه ثم تعجّبت من حديثه معك بأدب كل تلك المدّة دون أن يكون متعلقا بك حقا.
لذا ستكون الخطوات العملية عبارة عن كبح الأفكار والتصرفات التي أبقت عليه حيّا في وجدانك لمدة سنة! لأنك فعلا تستحقين ككل شخص أن يحبّك أحد، ولا يُمكنك أن تُجبري أحدا على حبّك، وتستحقين أفضل من هذه العلاقات، فطبّقي الخطوات التالية بحزم:
- ستبدئين باعتباره غير مناسب لك، يعني تمارسين النقد على إحساسك الأول بالتقارب والتشابه، فليس كل "شبيه" مناسب.
- كلما جاءتك فكرة (اندفاع بتعبير أدقّ) برؤيته أو الاطمئنان عليه، فلا تطيعيه، لا تخرجي من مكتبك ولا تترقبي ظهوره في مجال رؤيتك، حاربي تلك الفكرة والاندفاع لآخر رمق.
- لا تستطردي في التفكير فيه وإن أتتك فكرة "كم هو مؤدّب"... "ياه كم هو أنيق".... فاقمعيها، وحاولي أن تبخّسي منها أو تجدين شيئا تنتقدينه فيه في الحين.
- إن كنت تحتفظين برسائله أو بحساباتك القديمة معه فاحذفيها ولا تقرئيها.
- إن كنتِ تشعرين أنّك خسرتِ أمام أنثى أخرى أو أمام زميلاتك (لأنه لا يكلمك عكسهنّ) فانتبهي ألا تقلبي المعركة معركة كرامة واستحقاق وغيرة مع الأخريات، لا يكون فيها هذا الشخص إلا وقودا لتلك المعركة ومجرد وسيلة !
- يجب أن توسّعي علاقاتك الاجتماعية حتى تخرجي من "طريقة الغطس" في علاقة واحدة تستنزفك وتأخذ منك طاقة ووقتا كبيرين، إلى طريقة أكثر "سطحية وعابريّة"، بهذا لن تبقي سجينة أحداث ماضية وستكون عندك أحداث جديدة يجب أن تتعاملي معها ستنسيك القديمة وتطوّر من مسارات حياتك وتفتح أبوابا أخرى للتفاعل.
- لا تربطي حياتك بشخص واحد، الحياة مليئة بالاحتمالات الكثيرة والمتعددة، من يسجن نفسه في احتمال أو احتمالين فقد حَكم على نفسه بالانحسار.
- حاولي الاشتغال على الخجل الاجتماعي لتصيرين أكثر "حضورا" في المواقف الاجتماعية، الحضور الباهت للمرأة يجعلها غير مرئية للرجال مهما كانت جميلة ومميّزة، لذا ليس من المُجدي تضييع الوقت في تمني علاقة جادة دون ترك بصمة في المواقف الاجتماعية. وسيأتي كل ذلك بشكل تلقائي. سيكون هذا من أجلك أولا ثم من أجل علاقة محتملة تريدينها.
- حاولي أن تطوري من نفسك أكثر وتفهمين معاييرك في الشريك المستقبلي، خذي دورات، شاهدي فيديوات جادة، اقرئي كتب، ربما تكتشفين أشياء وأشياء.
وأخيرا أقول لك لا تشعري بالخزي ولا العار من تعلّق بأحد لا يبادلك الشعور، هذا شيء طبيعي، يجب أن نواجهه وألا يصدمنا (حتى لا نبقى سجناء الصدمة) ونمرّ عليه كتجربة تُساهم في نضجنا واكتشافنا للحياة، ثم نمضي قُدما.
وإليك بعض الروابط:
حب أم تعلق؟ لاهذا ولا ذاك!
تعلقت! إذن اشطبيه من قائمة الأصدقاء