هل وجود زوج يرعى أمر مستحيل؟؟
درست هذه السنة قولا لأحد الفلاسفة وهو "الأنبياء والفلاسفة والسياسيون مجموعة من المرضى يريدون شفاء المجتمعات".. طبعا كوني إنسانة مؤمنة فأنني أزيل كلمة أنبياء من هذا القول ولكنني أجد أن كلمة الفلاسفة والسياسيين وربما أضيف لها _معذرة_ الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع.. الخ.....
دكاترتي الأفاضل تعلمون جيدا أنني صديقة موقعكم المتميز وأنني طالبة في قسم علم الاجتماع.
لكنني أقف لحظة لأقول لكم هل حقا نحن نستطيع مساعدة البشر... أنا شخصيا أكتشف دوما إنني مليئة بالمشاكل النفسية وبحاجة إلى من يساعدني, لكن هل من سيساعدني خالٍ أصلا حتى يستطيع ذلك...... هل حقا نحن نطبق الأفكار التي نطرحها على الآخرين.
أنا شخصيا أعاني من ضعف شديد بالنفس منذ سنوات بسبب تربيتي وفشلي الدائم في كل شيء وحتى الآن بعد أن تزوجت أجد نفسي فاشلة كربة منزل وأفشل دراسيا... وأشعر أنني من داخلي محطمة ومنذ 3 سنوات وأنا أحاول بناء هذه الذات التي هشمتها يد من حولي......اشتريت الكتب وقرأت في موقعكم المتميزة وراسلتكم ببعض مشاكلي وتابعت الأستاذ عمرو خالد، وإبراهيم الفقي وماهي النتيجة...... لاشيء!!!!!!!
يزداد فشلي ويزداد ضعف ثقتي بنفسي...... حتى تعبت من انتقادات زوجي الدائمة..... لم تفعلي هذا ولم تضعي هذا وقلت كذبا وتصرفت كذا... شعرت بعد زواجي أنني عدت في موضوع ثقتي بنفسي إلى تحت الصفر وتأثري يعني أنني أصلا لم أحقق شيئا...... وكل هذا لأنني لم أحظ بأم جيدة تربيني في نواح مهمة جيدا يجب أن تتقنها كل فتاة ستتزوج. فهل هذا ذنبي......؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
عزائي أنني أحاول وأحاول.لكنه لا يرى.لكنني مللت ومللت جدا وتعبت..... أريد أن أعيش حياتي.أن أكون حرة....... أكره أن أكون محاسبة على كل حرف وكل نفس وكل ضحكة.... عمري الآن 21 ولا أشعر أنني عشت حياتي التي أريد. فهل تخبرونني متى ذلك؟؟
إنني بدأت أفقد الثقة بكل ما أقرأ وكل ما أدرس لأنني وجدت أنني فشلت فشلا ذريعا..... أعاني من آلاف الأمور التي تزعجني: وما شخصه لي الدكتور محمد المهدي أطال الله عمره.... شوية قلق مزمن, شوية ضعف ثقة بالنفس, شوية افتقاد للحب والحنان الأسري, شوية عدم تركيز وشرود واكتئاب.......... أنا مللت من عقدي وأمراضي ومن نفسي وأشعر أنني كلما تقدمت بي السن كلما زاد ذلك.....
طبعا أنا لم أنجب أطفال ولست حاملا ولا أريد أصلا أن أنجب أطفالا..... أي طفل تظنون أنه سيتربى مع أم فيها كل تلك العلل وغير قادرة على إصلاح شيء,.,....... الماضي كله فشل ذريع وضياع وقت..... والمستقبل لن يكون أفضل من ذلك فكل محاولات إصلاحه فشلت.... وأب كثير الانتقاد لا يقبل إلا كل شيء كاملا وللأسف على طريقته.......
أنا تعبت جدا جدا جدا...... حتى أنني فكرت بأن أجرب تغيير ديني وتغيير مجتمعي وثقافتي لعلي أصلا أستطيع تحسين علاقتي بالله سبحانه وتعالى......... مللت من البكاء مللت من الفشل ومللت من الضعف.......
أريد أن أعود كما كنت في سنين حياتي الأولى المليئة بالثقة بالله والناس والنفس.
قوية ومندفعة للحياة.... محبة وحنونة وعطوفة....... ومقدامة تريد الخير للناس..... وتجد أسرة محبة........ صداقات وفيه.. شفافية مع الناس دون خوف....... اكره المجتمع الذي أراه الآن..... أريد عيون تلك الطفلة التي أشعر أنها انفصلت عني ولم اعد أراها...... أريد قلبها...... وصدقها...... وحبها....... أريد كل شيء كان فيها لأنه كان صافيا لم تعبث به أيد الخيانة والكذب ولم تشوه نفسها عذابات ال 12 الماضية...... فهل أجدها.؟؟؟؟؟
وهل أنتم حقا معافون أيضا........ عذرا إن كانت صراحتي جارحة..... لكنني مللت من اللباقة والذوق أيضا....... أنا صاحبة استشارات : القلق وانعدام الأمان ومتابعاتها طبعا......
وجزاكم الله خيرا......
31/12/2004
رد المستشار
عندما أبدأ في قراءة أي مشكلة فإن أول ما أقوم به هو ألا أقف موقف "المتفرج" من الخارج وإنما أدخل بين سطورها أعيش مع أحداثها حتى أستطيع أن أكون صادقة في تفاعلي معها والإحساس بها .. في كل مرة أفعل هذا باختياري وبكامل إرادتي:
ولكنك يا سيدتي في مشكلتك هذه لم تتركي القرار لي، بل أنك قد قمت بسحبي وجري –أنا وكل الخبراء الاجتماعيين والأطباء النفسيين– إلى داخل المشكلة عندما بدأتها "بالحكمة" التي تقول أننا (مرضى نريد شفاء المجتمعات)، ثم أنهيتها "بالسؤال" (هل أنتم معافون؟)..
الآن أنا أصبحت –رغما عني– داخل "قفص" المشكلة!!
في الحقيقة أنا لست معترضة لأني علي كل حال كنت سأفعل هذا: ولكني فقط أردت أن أحييك علي ذكائك وشجاعتك:
وأقول لك: الناس علي ثلاثة أصناف في تعاملهم مع حياتهم ومشكلاتهم:
• صنف يستسلم لمشكلاته حتى تحطمه وتفتك به
• وصنف يستمد قوته من هذه المشكلات فتزيده نضجا وخبرة لتعود بالنفع عليه في حياته وتقوده نحو النجاح
• وصنف لا تتوقف استفادته من مشكلاته عند حدود نفسه بل إنه يوجه هذه الخبرة والقوة نحو نفع الآخرين من حوله..
وهؤلاء هم الأنبياء والفلاسفة والأطباء النفسيون والخبراء الاجتماعيون "الناجحون" ولكن لا يوجد علي سطح الأرض صنف رابع بلا مشاكل!!
وأنا أدعوك أن تكوني من الصنف الثالث أو على الأقل لا تكوني من الصنف الأول!!
عندما سئل مخترع المصباح الكهربائي هل أنت نادم لأنك قد جربت سبعين طريقة لاختراع المصباح وفشلت جميعا؟!
قال: بل أني قد استفدت أن هناك 70 طريقة لا تؤدي إلى اختراع المصباح!!
أريد أن أقول أن الفشل مفيد!! فهو يرشدك إلى الطرق التي لا يجب أن تسيري فيها وإلى الأخطاء التي لا يجب أن تكرريها:
فتعالي نبدأ من هنا
1 – البداية... الله ثم نفسك
قبل أن تبحثي عن دعم زوجك أو الآخرين ابدئي من الله ثم نفسك.. صلتك بالله سبحانه وتعالي – تمنحك ثقة لا حدود لها لأنك تستمدين القوة من إله موجود، عظيم، بيده كل شيء ويرفع درجات من يشاء وهو على كل شيء قدير رحيم بعباده، صبور، ودود، لطيف: عليه يتوكل المتوكلون وهو سبحانه يحب المتوكلين فنحن نسعى للنجاح بكل جوارحنا ونتوكل على الله بقلوبنا ورغم كل سعينا وجهدنا إلا أننا نرجع إليه الأمر كله: نحن نستمد الثقة من الله عز وجل حتى مع ذنوبنا وأخطائنا لأنه سبحانه قد فتح باب التوبة الذي يصل بيننا وبينه سبحانه وكلما أخطأنا دخلنا من هذا الباب ليوصلنا إلى الله مرة أخرى ونعود إليه ونستمد ثقتنا منه فورا.....
وعندما تستعيدين ثقتك في الله، تأتي ثقتك في نفسك التي هي من صنع الله، والتي كرمها سبحانه وتعالي علي سائر مخلوقاته، وأسجد الملائكة لأبيك آدم عليه السلام، وجعله وذريته من بعده– خليفة الله في الأرض، ويستحيل أن يكون هذا الإله الحكيم العادل قد خلق "نفسا" –مثلك– بلا قدرات وبلا إمكانيات تؤهلها للنجاح، ننزهه سبحانه وتعالي أن يكون ظالما أو يكون مكلفا للإنسان بمهمة عظيمة– وهي تلك الأمانة التي عرضها علي السموات والأرض والجبال ثم لا يمنح الإنسان من القوة والإرادة التي تمكنه من القيام بمهمته:
ثقي في الله: وثقي في نفسك وابدئي من هنا...
2- افهمي نفسك لتثقي بها.
من المهم أن يفهم الإنسان نفسه وأن يكتشف قدراته ومهاراته، وذلك لنفع نفسه والآخرين.. فيكون له دور في الحياة وقيمة عند الله وعند الناس.. وأنصحك أن تقرئي عن الذكاءات المتعددة.. ما هي؟ واعلمي أنك إذا فهمت نفسك واكتشفت قدراتها، وبدأت تبحثين لنفسك عن دور في ظل هذه القدرات سيتغير وجه حياتك.
3- أين الآخرون
بعد ثقتك في الله وفي نفسك يأتي السؤال:- أين دور الآخرين؟ّ!
لابد أن تبحثي عن شخصية أو مجموعة ليدعم كل منكم الآخر، وتتواصوا بالحق وتتواصوا بالصبر: ويقول صلي الله عليه وسلم (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) البعيدة فلا تكوني وحك أبدا..
لماذا تكتفين بالاستماع لعمرو خالد؟ لماذا لا تدخلين علي منتداه في موقعه وتتعاونين مع هؤلاء المشاركين في المنتدى لتجمعكم مشاريع وأهداف وأفكار مشتركة ؟
لماذا لا تبحثين عن هذه الصحبة الصالحة في أي مكان؟!
أما زوجك .. فأنا أنصحك بأن تتعاملي معه بشكل متوازن لا تطلبي منه هو أن يساعدك في نجاحك " أنت" اعتمدي علي نفسك وحاولي أن تحسني من أوائل الواجبات، ولكن في نفس الوقت اعلمي أن هذا التحسن سيأخذ وقتا كما أنه لن يصل بك لدرجة الكمال لذلك لا تفرطي في حساسيتك تجاه انتقادات زوجك لأنها ستنال من ثقتك بنفسك ولكن تحسني بالتدريج دون أن تكلفي نفسك فجأة بما لا تطيق
4- الكمال لله وحده
أنت متميزة في أشياء فابحثي عنها وحققي النجاح فيها، أقل تميزا في أشياء فلا تجلدي نفسك وإنما أحبيها وارضي عنها واعلمي أن الكمال لله وحده، وكما أنه ليس منطقيا أن يكون إنسان فاشل في كل شيء فإنه أيضا ليس منطقيا أن يكون الإنسان ناجح في كل شيء...
وأخيرا أتلو عليك حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يحدثنا فيه أربعة نصائح عن طريق القوة يقول الحديث: (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كلٍّ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز.. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله، وما شاء فعل، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم.).
وأختم كلامي معك بكلمة تعلمتها من إحدى صديقاتي مؤخرا فهي لا تستخدم كلمة "مشكلة وإنما نستخدم كلمة تحدي" لتشعر بالأمل وبالإرادة.. والآن أدعوك أن تقبلي علي هذا التحدي مع نفسك.. والله معك..
واقرأ أيضًا:
قل تحدي, ولا تقل مشكلة: م