الأخت صاحبه رسالة تلميذة مظلومة أو مجتمع مثقوب الضمير مهلل الذمم
أردت أن أحكي لك تجربتي لأني فعلا آمنت بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا
أنا طالب كنت غير متفوق ولكنى متوسط كانت لدى أمنية أن أدخل كلية الصيدلة وأنا من النوع ذي الإرادة القوية استجمعت كل تركيزي وذاكرت في مدة الثانوية العامة وتعبت فعلا حتى أحصل ما أتمناه وكان لي أصدقاء مستواهم أقل منى بكثير واستهتروا أيام الثانوية ولم يجتهدوا وجاءت الامتحانات لتكون الفيصل.
وحدث معي ما حدث معك بالضبط بل والأكثر أني في أحد الامتحانات لم أوفق في حل سؤال ورأيتهم بعد الامتحان يضحكون ويقولون لي: إحنا غشيناه وتوالت الامتحانات وأنا أكاد أنهار ، أنا اتعب وهم يغشون، وأصابني الاكتئاب مثلك بالضبط ولكني دعوت الله وأنا أبكي لأني لما جمعت مجموعي وجدته لا يصل إلى مجموع هذه الكلية وتمر الأيام وتظهر النتيجة وأجد مجموعي سبحان الله يأتي بالكلية وزيادة
واسأل عنهم وأجدهم فرقت معهم على شيء بسيط وبما أننا كنا علمي علوم ليس هناك وسط منهم من دخل كليه العلوم ورسب فيها ومنهم من دخل
كلية التجارة وهم حتى الآن يستغربون كيف حدث هذا لأننا كنا نراجع مع بعض امتحانا بامتحان وكنت لما أذهب إلى البيت وأحكي لأمي تتهمني بالتقصير!
واختلفت النظرة مثلك بالضبط وأنا والله أعلم لم أشمت فيهم بالعكس تمنيت لهم الخير وأيضا أقول لك أني يكفيني أني تعلمت أقوى معنى في هذه الدنيا الرضا عن الله والثقة في الله وصدق الله العظيم إذ يقول (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا)؟
30/9/2003
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا ونشكرك على مشاركتك القيمة، فروادُ موقعنا حين يشاركوننا بخبراتهم وآرائهم نكونُ بذلك مطمئنين إلى أننا نسير في الطريق الذي أردناه لهذا الموقع وهذه الصفحة بالتحديد، وهو أن يتواصل الجميع من ذوي الخبرات والأفكار ما بينهم بعضهم البعض ومع الأطباء النفسيين والاختصاصين النفسيين من مستشارينا.
وأما فيما يتعلق بمحتوى مشاركتك فإنها فضلاً عن دورها الداعم لصاحبة مشكلة مجتمع مثقوب الضمير مهلهل الذمم فإنها تشيرُ إلى أهمية الإيمان بأن الأجر الذي كفله الله سبحانه وتعالى لمن يحسن العمل لابد آتٍ، وما نود إضافته هنا هو أن مشكلة بني آدم ربما كلهم هو في ظنهم بأن الأمور هيَ فقط كما يرونها،
ومعنى ذلك أن من يحدثُ له منا حدثٌ مؤسفٌ أو على غير ما أراد وخطط فإنه يعتبرُ ذلك شرًّا كبيرًا ألم به، وعكس ذلك صحيحٌ أيضًا فعندما يجدا الإنسانُ أن الأمور تسيرُ كما خطط لها وأن النتائج التي يحصل عليها تجيءُ كما يريد فإنه يظن أن هذا هو الخير، مع أن هذا لا يصحُّ في أحيان كثيرة والله سبحانه وتعالى يقول : "َعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" صدق الله العظيم سورة البقرة الآية 216
وما أرمي إليه أنا من تعليقي على مشاركتك هو أن علينا أن نوسع من مفاهيمنا، وأن ندرك أن الأمر أكبر من أن نحصره على قدر فهمنا أو توقعاتنا نحن، فمثلاً قد لا يوفق الطالب الذي أحسن استذكار المواد بالفعل في الامتحان وقد يحصل على نتيجة أقل مما يستحق، إما لأن آخرين لم يخافوا ربهم وقاموا بالغش في لجنة الامتحان، أو لأن تصحيح أوراق الإجابة لم يكن كما يجب (وإن كنا نحمد الله أن ذلك الذي أشارت إليه صاحبة المشكلة ما يزال إن كان له وجود يحدثُ في أضيق الحدود)، باختصار فالمهم هو أنه حتى ولو لم تأت النتيجةُ مثلما هو متوقعٌ لها، فإن ذلك لا يعني أن الله لم يحسن الأجر لمن أحسن العمل، لأن حياتنا ما تزال ممتدةً وقد تثاب أو تحفظ على ما أحسنته وأتقنته ولم تأخذ الأجر الذي كنت تتوقعه عليه.
إذن فأمر تعلق العامل بنتيجةٍ محددةٍ لعمله فإن لم يحصل عليها فإنه يعتبر نفسه لم يحصل على أجر إحسانه لعمله إنما يعتبر من وجهة النظر الإسلامية فهما قاصرًا للأمور، وفي النهاية أكرر شكري لك على مشاركتك القيمة، وأسألك أن تواصل مشاركاتك كما أدعو الله أن يهدي الأخت صاحبة المشكلة إلى ما تستطيع به الخلاص من شعورها بالظلم (رغم أنها محقةٌ في ذلك الشعور)، ولكن عليها أن تتجاوزه وأهلا بك وبها.