أنا شاب في الثانية والعشرين من عمري، أعيش مع عائلتي في جو عائلي سعيد وهادئ، أحيا حياة صداقة في ظل أصدقائي الذين أحبهم و يحبوني، أنا في الجامعة أتخرّج هذا الفصل، أنا متفوق في الدر اسه، لكنني رغم هذه السعادة والاستقرار أعيش في جحيم بل إنه كابوس لا يفارقني لا في الليل ولا بالنهار.
إني أعاني من مرض دخل جسمي دون استئذان، فوجدت نفسي أميل إلى الرجال والشباب الذين يكبرونني سنا، رغباتي الجنسية تتجه صوبهم، فلقد تعرضت في صغري إلى الإغواء من قبل قريبي وقد كنت في العاشرة من عمري وكان هو في العشرين من عمره فمارسنا هذا العمل المروع، وكانت هذه صدمة ومفاجئة بالنسبة لي، بعد ذلك أصبحت أكره الذهاب إلى بيته بعد أن تكرر هذا السلوك منه.
وكبرت وكبر هذا المرض معي لكني لم أشعر به فعليا إلا في السنوات الأخيرة، لكنني وحتى الآن لم أمارس هذا العمل الشائن، حفظا لكرامتي وسمعتي وحفاظا على الصورة التي يحملها لي أهلي وأصدقائي، ولكني أجد نفسي في كل لحظة مهدّد أن أقوم بهذا الفعل لرغبتي فيه وعدم اقتناعي في نفس الوقت، فما هو العمل، أرجوكم… أرجوكم أن تساعدوني، فإنني لم أعد قادرا على التحمل والصبر فما هو العمل.
فأنا ليس لي بعد الله عزّ وجل إلا أنتم فلا أحد يعرف ما أنا فيه من مصيبة فأغيثوني أغاثكم الله يا أخوة الإيمان، ماذا أفعل؟ كيف يمكن أن أعالج نفسي قبل فوات الأوان؟، وخاصة أنني لا يمكن أن أخبر أحد من أهلي أو أصدقائي بمصيبتي فأنا لا أريد أن أهز الصورة الجميلة التي يحملونها لي في نفوسهم.
أريد أن أنوّه إلى إنني أميل إلى الإناث إلا أن ميلي إلى الذكور هو أكثر بكثير، كيف يمكن أن أعالج نفسي علاجا فعليا دون أن أخبر أحد؟ وإذا كان مكلف علاجي كيف يمكن أن أعالج نفسي بشكل مؤقت إلا أن أتوظف ويصبح معي نقود؟
أرجوكم كل الرجاء أن تساعدوني وتعيروا مشكلتي الاهتمام الكافي فأنا حقا أعاني وأتألم بشدة ولا أجد الدواء فأنا أحمل حملا لم أعد قادرا على تحمله ويشهد الله عز و جل على أنّ الأمر ليس بيدي، وأني أرغب في أن أعيش غدا حياة زوجية ملؤها السعادة كغيري من ذوي جنسي.
أخيرا أريد أن أعرف ما هي نسبة العلاج؟ وهل يمكن أن أتعالج على الإنترنت كعمل تشاتنج مع الطبيب مباشرة مثلا، وما هو اسم طبيب يعالج هذا النوع من الأمراض في الأردن.
شكرا لكم جزيل الشكر سائلا الله أن يوفقكم في تقديم الحل الأمثل لي ولمن يعانون نفس مشكلتي وإنقاذي مما ابتلاني به الله عز و جل من كرب، أنتظر حلكم بفارغ الصبر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
4/10/2003
رد المستشار
أخي السائل/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين،
الغريزة الجنسية أودعها الله فينا لتؤدي وظائف هامة للحياة أهمها التكاثر وعمارة الحياة.. وهي حين تسير في مسارها الذي قدره الله لها فإنها تؤدي إلى اشتياق الذكر للأنثى والأنثى للذكر في كل نوع اشتياقا يدفعهما إلى الاقتراب ثم الزواج لتتكون أسرة تعطي للحياة دفعة جديدة.
ولكي تتم هذه الرحلة ولا تتوقف أبدا فقد جعل هذه الغريزة مصحوبة بقدر عال من اللذة لكي تغري نوعي الجنس بالاقتراب والاقتران، ونظرا لعنفوان هذه الغريزة فقد جاءت الأديان كلها تنظم خروجها في مسارات صحيحة ومفيدة للفرد وللمجموع وللحياة، فشرعت الزواج ونظمت العلاقات داخل المجتمعات على أساس الحفاظ على هذه الغريزة في اتجاهها الصحيح.
ولكن للأسف الشديد يحدث خطأ ما (كما حدث معك) ويكون خروج هذه الغريزة في بواكيرها في اتجاه خاطئ (نحو نفس الجنس مثلا)، ونظرا لما يصاحب خروج هذه الغريزة من درجة عالية من اللذة فإن هذا المسار يتعزز ويتثبت مع تكرار ممارستها في هذا الاتجاه الخاطئ، وكأن هذه الممارسة المتكررة قد فتحت مجرى لهذه الغريزة القوية فاعتادت أن تجرى فيه دون سواه، وهذا ربما يضعف جريان الغريزة في مجراها الطبيعي الذي خلقت من أجله، وهذه هي الأزمة التي تعيشها أنت الآن، فأنت الآن في صراع بين رغبة قوية تذوقت طعمها بشكل خاطئ وبين قيمك وأخلاقك ودينك وكلها ترفض خروجها في هذا المسار، وأنت كما فهمت قد توقفت منذ فترة (لا أعرف طولها) عن ممارسة هذا الفعل ولكنك تشعر أنك على حافة الوقوع فيها في أي لحظة.
وما دمت قد توقفت عنها، ولكنك تعاني من إلحاحها فأنت الآن في موقف إلحاح وسواسي يمكن أن يساعدك فيه تناول بعض العقاقير التي تعالج الوسواس القهري يصفها لك طبيب متخصص في الأمراض النفسية في محل إقامتك ( ويؤسفني أنني لا يحضرني اسم طبيب نفسي أردني معين أدلك عليه) وهذا لن يكلفك الكثير ولكنه في نفس الوقت سوف يحمل عن كاهلك جزء كبير من هذا الإلحاح الذي يعذبك ولا تقدر على مقاومته أو احتماله.
يتبقى بعد ذلك جزء هام في العلاج وهو العلاج السلوكي، ولو كنت تملك تكلفته المادية فإنه يستحسن أن يكون تحت إشراف معالج نفسي سلوكي (ليس بالضرورة أن يكون طبيبا) يمشي معك في خطوات محددة حتى يساعدك على إعادة وضع هذه القوة الغريزية على مسارها الصحيح مرة أخرى، وهذا النوع من العلاج يتطلب صبرا وجهدا منك ومن المعالج، وهو في نفس الوقت مكلف، ونسبة نجاحه تتوقف على العوامل السابق ذكرها بالإضافة إلى كفاءة المعالج.
وبما أنك ذكرت أن إمكانياتك المادية محدودة في الوقت الحالي فعليك أن تخوض هذا الطريق العلاجي بنفسك مسترشدا بهذه التوجيهات العلاجية البسيطة التي أذكرها لك الآن:
1- عليك أن تعمق إحساسك بالمشكلة ودينامياتها كما شرحناها في بداية هذا الرد بحيث يزداد وعيك بها وحماسك لحلها دون الوقوع في أسر المشاعر السلبية التي تحطم إرادتك وتدفعك للسقوط مرة أخرى.
2- تأكد أن الإنسان لديه القدرة على مقاومة غرائزه والتسامي بها إلى أن يجد لها المسار الصحيح والشرعي بدليل أن غيرك من الناس يقاومون رغبتهم الشديدة نحو الجنس الآخر إلى أن يتزوجوا (وهي رغبة مساوية لرغبتك وربما أشد).
3- كلما تذكرت لذة هذا الفعل القديمة استدعي في وعيك عاقبته في الدنيا والآخرة لكي تعادل تلك اللذة المحرمة بالألم الذي يترتب عليها.
4- تذكر أن الغريزة الجنسية طاقة، وبالتالي فهي تخضع لقوانين الطاقة المعروفة بمعنى أنك إذا أغلقت المجرى غير الطبيعي أمامها فإنها بعد فترة من الصبر والاحتمال سوف تتجه نحو مجرى آخر متاح أمامها، ومن حسن الحظ أن لديك ميل إلى الجنس الآخر، صحيح هو ميل ضعيف الآن إذا قورن بالرغبة نحو نفس الجنس ولكن مع الوقت سيتسع هذا المجرى ويتعمق، وخاصة أنك على وشك التخرج ويمكنك التفكير (مبكرا) في الخطبة ثم الزواج في أقرب فرصة متاحة بحيث تهيئ مسارا جديدا وطبيعيا تتجه نحوه مشاعرك وغرائزك ولا تشعر معه بالذنب أو عذاب الضمير، وسوف تحتاج لوقت وصبر حتى تحدث ارتباطات ممتعة بديلة مع الجنس الآخر في علاقة شرعية، وتذكر أن أي معاناة تواجهها على هذا الطريق سيكون ثوابها من الله عظيم، واعتبر هذا نوعا من الابتلاء تصبر عليه لكي تؤجر بسببه.
5- وبما أن ميلك يكون نحو الذكور الأكبر سنا فربما يحمل هذا الميل إشارة أنك محروم من حنان الأب، فإذا كان ذلك صحيحا فحاول الاقتراب من أبيك لتشعر بحبه وحنانه، ولكي لا تكون مضطرا للحصول على هذا الحب من مصادر ملوثة.
6- كلما استطعت الاستمرار في التغير نحو الأفضل كافئ نفسك بأشياء تحبها حتى يكون ذلك دافعا للاستمرار.
7- اقترب أكثر من ربك، وألح عليه بالدعاء لكي يعينك على هذا الابتلاء، واقترب من الصالحين من عباده لكي تقوى عزيمتك، وابتعد كل البعد عمن يعيدك إلى الغواية القديمة. وأعدك بالدعاء لك كلما تذكرت معاناتك.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخ السائل الحقيقة أن الزميل المستشار محمد المهدي قد استفاض في تحليله لحالتك كما قدم لك الخطوط العريضة لبرنامج العلاج السلوكي، ولكنني أود فقط أن أنصحك بقراءة الاستشارات السابقة التي تناولت موضوعك والموجودة على صفحتنا استشارات مجانين تحت العناوين التالية:
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة
الميول المثلية ووساوس من فقه السنة م
الميول الجنسية المثلية: الداء والدواء
الشعور بالذنب قد يكونُ مفيدًا!
أريد الشهرة، ولو بالشذوذ!
الجنس الثالث والنفس اللوامة
فيتشية القدم والميول المثلية م
تخيلات أم ميولٌ مثلية بعد الخمسين؟
وفي النهاية نسأل الله أن تنفعك كلماتنا وأن يهديك الله وييسر لك سبيل الزواج، وأهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.