السلام عليكم
عندي مشكلة بدأت منذ أن كنت في سن المراهقة وكبرت معي ووصلت الذروة بعد أن أنهيت الجامعة وعدت للسكن في البيت مع أبي أي منذ عام تقريبا. أخاف من الأمراض جدا جدا وقبل عام عانيت صداعا عنيفا وبعد الفحص الطبي تم تحويلي للطب النفسي وأخذت على أثره دواء إيفيكسر لمدة 6 أشهر وفي البداية رفضت أخذ الدواء وقلت للطبيبة بأني لا أصدقها ولا أصدق أن الصداع سببه نفسي لأني لم أتعرض لحادثة في وقت قريب جعلتني أصاب بالاكتئاب!
وبالرغم من أني عشت في ظروف بيتية صعبة جدا ومنذ أيام الطفولة وذلك بسبب أبي إلا أنني لم أخبر الطبيبة عنها لأني لم أريد لها أن تعرف ولكن ولأني كنت في آخر سنة دراسية في الجامعة فلقد كان لابد لي من تناول العقار لأنجح وهكذا تناولته بعد أسبوعين من الرفض والعناد وأول ما لاحظته هو أني أصبحت أنام بسرعة وبهدوء وهكذا واصلت العلاج ولكني أيضا لم أتحدث عن كل شيء يزعجني بل لم أتحدث مطلقا مع الأخصائي النفسي وكنت أصمت وأبكي فقط بالرغم من أنني أشعر برغبة في التحدث مع أحدهم عن ما مررت به ولكن كأن شيئا كان يمنعني دائما! ربما لأني تعودت على الصمت وربما لأن أمي كانت ومنذ صغري تلقنني قبل الذهاب للمدرسة أن أصمت ولا أخبر أحدا عن مشاكل البيت.
وبعد تلك ال6 أشهر وكنت خلالها أحسن حالا أصبت بحمى شديدة لمدة يومان ولم أخبر أبي ليأخذني للمستشفى وبعد تلك الحمى أصاب جسمي ضعف وبرودة في رأسي ولم تخف إلا بعد 3 أشهر وخلال تلك المدة كلها كنت أوسوس نفسي باني مصابة بمرض خطير وكنت أبكي كل يوم وأتخيل المرض وأتخيل نفسي على فراش المرض عاجزة تماما وأتخيل نظرات الشفقة في عيون أهلي وأمي وكانت كلها خيالات ولكن كنت أصدقها وأظنها حقيقة في لحظة التخيل وأخاف جدا وأقوم الليل كل يوم وأدعو الله بإخلاص وبكاء أن يعافيني من المرض الخطير!!
وفي نفس الوقت لم أخبر أبي برغبتي بالذهاب للمستشفى للفحص وذلك لأن علاقتي بأبي ليست جيدة وأنا أخاف من مواجهته كخوفي من المرض تماما!! وأمي لم تقدر أن تفعل لي شيئا ففي بيتنا لا شيء يحدث إلا بعلم أبي!! وبسبب الخوف والتخيلات كانت تظهر عندي أعراض جديدة كل يوم فمرة حمى ومرة شد في الوجه ومرة تنميل وهلم جرا!!! وكلما ظهر عرض جديد تخيلت مرضا أسوأ من الآخر وهكذا دواليك!!!
فمرة وهن العضلات الوبيل Myasthenia Graves ومرة تصلب متعدد Multiple Sclerosis ومرة مرض في القلب ومرة ورم خبيث ومرة شلل ومرة صرع!!! أخيرا بدأت العمل في شركة وتعرضت لتحرش من أحد الموظفين في أول شهر من بداية العمل ولم أخبر أحدا وكان أبي في تلك الفترة يسئ معاملتي كأكثر ما يكون حين أعود للبيت
وتردت حالتي أكثر من قبل وأصبح عندي حالة ارتعاش دائمة لا تزول وأصبحت أشعر وكأني سأقع على الأرض في أي لحظة وأصبحت أصاب بالرشح بشكل دائم وأصبحت عضلاتي ضعيفة جدا وأي عمل بسيط لا أستطيع القيام به!! حتى في الصلاة ألهث وأشعر بإرهاق كبير وأشعر وكأن نبضا يوجد في جسمي باستمرار وعندما أرفع الملعقة إلى فمي لآكل ترتعش يدي بشكل ملاحظ!! وعندما أصعد السلم ترتعش ساقاي وألهث بقوة وأشعر بنرفزة، ويصل الارتعاش ذروته حين أعود من العمل في المساء حيث أشعر بحاجة ملحة لتناول الطعام وأحيانا لا أجد طعاما لأن أمي تقول أنها ليس لها مزاج لتعد لي طعاما وأنا لا أريد أن اجبر أمي على إعداد طعام لي وفي نفس الوقت ومن شدة الارتعاش والإرهاق لا أقوى على إعداد طعام لنفسي وثم يزداد الارتعاش ويزداد الخوف من المرض!!
كنت كل يوم أحاول أن اقنع أمي بأني بحاجة ماسة لرؤية طبيب أي طبيب وأبكي بشدة كل يوم وكانت أمي تلوذ بالصمت وأحيانا تغضب لأنها تقول بأني أتوهم الارتعاش والمرض وأنا بخير تماما!! مضت 7 أشهر وأنا في صراع شديد وأخيرا حزمت أمري وقررت الذهاب للمستشفى بدون علم أهلي وذهبت وحين كنت عند الطبيب بكيت ولم أعرف ماذا أقول وحين قال أنه يريد مقابلة أي فرد من أسرتي قلت له لا أحد يعلم بأني هنا لأن لا أحد يصدقني! وبعد عمل بعض الفحوصات البسيطة للغدة والجلوكوز أخبرني الطبيب باني بخير وأن سبب الارتعاش نفسي ووصف لي بروزاك! ومجددا لم أصدقه وكنت أفكر لا شك أنه أعطاني البروزاك فقط لأنه رآني أبكي!! وقلت له بأني لن آخذ الدواء مع أني اشتريت الدواء وهو موجود عندي للآن!!
مضت 6 أشهر منذ أن زرت الطبيب وبعد تلك الزيارة شعرت بشيء من الاطمئنان لأن الطبيب بدا واثقا بأني لست مصابة بمرض خطير وهدأت قليلا لفترة شهر ربما وبعد ذلك عدت لدوامة التوهم من جديد خاصة لأن الارتعاش كان لا يزال موجود!!!
لقد تعبت جدا من حالتي هذه ليس عندي أدنى شعور بالأمان في البيت وذلك لأني أخاف من أبي كثيرا أكثر من خوفي من الأمراض لهذا وحتى الآن لم أخبره عن رغبتي بزيارة المستشفى ولهذا فإن خيار التوهم والخوف اليومي هو أفضل من الذهاب للمستشفى مع أبي!! وهكذا أشعر بأني لو مرضت فأن حالتي ستتفاقم ولن أعرف ما هي اللحظة المناسبة لأخبر أبي!!
أحيانا اشعر أن الأمر سخيف فكل ما علي فعله هو إخبار أبي والذهاب معه للمستشفى وفقط ولكن حين أتذكر أبي ومواجهته أتراجع بسرعة! ومنذ شهر ونصف أصبت برشح قوي وسعال شديد وحمى وأيضا لم أخبر أبي وطلبت من ابنة عمتي شراء مضادات حيوية لي وأخذتها وشفيت يومان وعاد المرض من جديد واشتريت مضادات حيوية من جديد وحتى الآن لا يزال هنالك بقايا للسعال!!
وبسبب السعال الشديد المتواصل توهمت بأني مصابة بورم خبيث في رأسي وذلك لأني اشعر بألم في رأسي كلما سعلت! ولابد أن الالتهاب المتكرر لحلقي هو بسبب ضعف مناعتي بسبب وجود ذلك الورم!! ولهذا السبب أرتعش طوال الوقت وأشعر بتعب كبير!!
وهكذا لم أعد أقدر أن أنام ليلا وأستيقظ كل يوم أحاول التأكد بأني لم أفقد القدرة على الرؤية بعد وأن الورم لم يصبني بالشلل! وفوق كل هذا تعرضت لما يشبه الصدمة في أحد الأيام قبل أسبوعين بسبب موقف تعرضت له مع أني حاولت نسيانه لكن بعد ما يقارب الساعة شعرت فجأة بشعور وكأني أموت وكنت خائفة جدا جدا بشكل لا سيطرة لي عليه وشعرت بأن الهواء الذي أتنفسه ساخن وخانق وأطرافي أصبحت باردة تماما وتعرق بغزارة وشعرت بضغط بداخل رأسي وبدأت أتشهد وأهلل وأنتظر ملك الموت!! ذهبت الحالة بعد دقيقة أو أقل وبعد ذلك أصبحت خائفة أن تتكرر الحالة من جديد وأصبح نومي قلقا وأستيقظ قبل الفجر وأنتظر أن تأتيني تلك الحالة وعادت نوبات الكاتبليكسي Catalepsy مجددا بعد أن اختفت مع تناولي عقار ايفيكسر!!! وتكررت الحالة نفسها مرتان بعد ذلك حتى الآن!
ومؤخرا أصبحت لا أستطيع البقاء في وضع الجلوس أو الوقوف إلا مع هز رجلي أو يدي بحركات متتالية وكلما تنبهت لهذا وحاولت إيقاف الحركة أعود من جديد لنفس الحركات!! أنا متوترة جدا وقلقة جدا وأصبحت أعتقد أن سبب التوتر عندي هو وجود جلطة أو انسداد في الرئة أو في شرايين القلب.حالتي تزداد سوءا بمرور الوقت وأخشى لو كنت مريضة بمرض ما وأن يتفاقم المرض ويتطور سواء كان مرض عضوي أو نفسي.
أرجو أن لا تسخروا من مشكلتي وخيالاتي وأوهامي فهي تبدو حقيقة حين تبدأ. كما أرجو أن تجدوا لي حلا.
ماذا أفعل؟ أرشدوني؟ هل اذهب للطبيب من جديد بدون علم أهلي؟ وإذا ذهبت وعملت حادث في الطريق ومت هل سيسامحني أهلي؟ وإذا ذهبت ماذا أقول للطبيب؟ وما الفائدة طالما أني لا آخذ الأدوية التي يصفها لي الطبيب؟ ربما أحتاج لرؤية الطبيب فقط ليعمل لي فحصا وليقول لست مصابة بمرض خطير، فقط من باب الطمأنة! سأشعر باطمئنان لفترة من الوقت بعد ذلك!
هناك جزء مني يقول بأني مريضة عضويا وجزء آخر يقول بأني مريضة نفسيا وأنا حائرة تماما لا أعرف لمن ألجأ؟ أحيانا أقول سأبحث عن صديق ذكر ليكلمني و ليتغزل فيني وليشعرني بالأمان والاطمئنان والحنان مع أني أعرف أن هذا خطأ وبأي حال أنا لا أحب الحديث مع الذكور وأعرف أنهم لا يعنون ما يقولون حين يتحدثون مع الفتيات بكلام رقيق فيه مشاعر أعرف انه سيخدعني وأنا سأخدع نفسي ولكن أليس هكذا يتسلى الشباب في عمري؟ هل سأنسى التوهم والأمراض إذا استبدلتها بشاب يخدعني وأخدعه بالكلام الرومانسي والشاعري في الهاتف أو الماسنجر؟ تبدو أفكار جنونية ولكن هذا ما توصلت إليه مؤخرا!
وأيضا أقوم بجرح يدي بمقص حتى النزف للتنفيس عن مشاعري المكبوتة حين أصل لدرجة كبيرة من الإحباط والقلق أجده الحل الوحيد الذي يريحني!
أنا عمري 25 عاما وأعتذر للإطالة وللاستفاضة ولكن هذه المرة الأولى التي اعترف فيها بأن جزء مني يعرف فعلا أني أتوهم الأمراض والتي أعترف فيها أيضا أن هذا يشكل مشكلة كبيرة في حياتي.
13/10/2006
رد المستشار
أختي المثقفة "ديما" تحية طيبة وبعد؛
نعوذ بالله تعالى من أن نسخر أو نهزأ من معاناة مريض نفسي، وما ذكرته أختي العزيزة ينطبق على اضطراب الوهم المرضي أو "المراقية"، وهو اضطراب يجعل المريض النفسي مصراً بأن لديه مرضاً عضوياً خطيراً مثل الشلل أو الصرع أو السرطان أو الإيدز أو وجود جلطة أو انسداد في الرئة أو في شرايين القلب أو الإصابة "بالفيروس الكبدي سي" أو الفشل الكلوي، وعندما يذهب للطبيب ويجري له الفحوص اللازمة أو يكشف عليه يطمئن لفترة وجيزة، وبمجرد الخروج من عيادة الطبيب تعاوده وساوس الإصابة بالمرض الخطير الذي يظن أنه يعاني منه ويصبح بحاجة لزيارة طبيب آخر أو نفس الطبيب ليطمئنه، وتصبح حياة المريض تسوقاً بين عيادات الأطباء المختلفة، ويصبح لدى المريض ملفاً ضخماً من الفحوص وصور الأشعة والوصفات المختلفة، ولكنه ما يزال مقتنعاً معظم الوقت بإصابته بمرض عضوي خطير يعاني منه، ولذلك فقد يضج الكثير من الأطباء من هذا المريض حتى وإن كان يدفع لهم أجرة الكشف؛ فجزء من سعادة الطبيب في الحياة هو شعوره بتحسن مريضه على علاجه الذي وصفه له.
ويعتبر هذا الاضطراب النفسي من "طيف اضطرابات الوسواس القهري"، لذا نجد لدى مرضاه الكثير من سمات الوسواس القهري مثل قضم الأظافر وحب النظام والترتيب بطريقة معينة والمبالغة في نظافة كل شيء والمبالغة في السرية والتكتم والحرص والدقة ومراجعة الأشياء عدة مرات وبصورة مملة مثل مراجعة إغلاق الأبواب والنوافذ وأزرار الموقد والأضواء العديد من المرات والقيام بـ"عد" كل شيء مثل عد الدرج وحبات الفاكهة وأعمدة الإنارة ولوحات الإعلانات و............
أختي المهندسة الفاضلة لا أنصحك أبدا بأن تسلين نفسك وتعالجينها بالتحدث مع الجنس الآخر عبر التليفون أو الشات، لأنك كما ذكرت عنهم: شباب يتسلون ويضيعون أوقاتهم بتبادل المشاعر الرومانسية الخادعة؛ أما عواقب ذلك فلا يعلم حدودها إلا الله تعالى، ولكنها من خبراتنا غالباً ما تكون مريرة وسيئة وجارحة وأقله غير سارة لأحد الطرفين أو كليهما.
ولا أنصحك أيضاً بالتسوق بين عيادات الأطباء في مختلف التخصصات كي يطمئنوك بسلامة صحتك وعدم إصابتك بأحد الأمراض الخطيرة؛ فهذا ليس حلاً ولا علاجاً بل يزيد من مشكلتك تعقيداً وإرباكاً!.
والآن بعد أن ناقشت أعراض الاضطراب معك وأبعاده يمكنك العودة إلى استخدام الإيفكسور ولو بجرعات أقل من التي كنت تستخدمينها أثناء الدراسة، أو البروزاك حتى يتحسن القلق والتوتر لديك، وأقول أحدهما فقط وليس الاثنان معاً ولمدة طويلة لا تقل عن عام كامل واحتمال أكثر إن استمرت الأعراض لديك، وذلك أضعف الإيمان، ولكن الأفضل أن تراجعي طبيبتك النفسية التي عالجتك من قبل ولا داعي أن تخبري أحداً بذلك فأنت الآن راشدة ومسئولة عن نفسك وعن تصرفاتك، ولك وظيفتك وراتبك، وليس من حق والدك أن يمنعك ويحرمك من العلاج، فالعلاج النفسي ليس رذيلة وليس وصمة كما يظن البعض من الناس، ولكنه علاج كعلاج السكري أو علاج ارتفاع ضغط الدم أو أي مرض عضوي آخر.
واقرأ أيضًا:
وسواس المرض: أشكال وأصناف
وسواس المرض: الاضطراب المراقي
وصمة المرض النفسي: ليست من عندنا!