حبيبي، هل يصلح أبا لأبنائي؟،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أولا أود أن اشكر كل العاملين على هذا الموقع المميز الذي يساعد كثيرا في التوصل لحل الكثير من المشكلات التي تواجه الحائرين.
أنا حبيب صاحبة مشكلة حبيبي، هل يصلح أبا لأبنائي؟، ردا على تفسير حضراتكم للموقف الحادث فأنا عقلي متفق معكم تمام الاتفاق بالرغم من أن العقل يقر أيضا بأنني أحاول أن أقاوم بل وأن أتحمل ما لا يطيق نفرٌ من البشر أن يتحمله!
فأنا أواجه حياة لا يمكن وصفها إلا بالميتة، فأنا مغترب عن عائلتي منذ 7 سنوات، أعيش في مدينة أخرى مع أصدقائي حيث أدرس بأحد الكليات العملية، وأقسم لك بالله أن سبب رسوبي الدائم يرجع أولا وأخيرا إلى رسوبي الدائم أيضا في التأقلم والعيش.
فأنا شيطان رأسي أقوى من كل أبالسة الأرض مجتمعين, فأنا دائما في حالة من الضيق, القلق, التوتر وكل ما هو كفيل بأن يعكر صفو حتى الملائكة في السماء، فأنا دائما في حالة من الموت، دائما أنا الحزين وأنا دائما صاحب دور البطولة في كل أدوار البؤس والشقاء والمعاناة الجادة.
ولكنني برغم كل هذا أحاول وسأحاول دائما في محاولة وإن كانت يائسة في أن أنجح دراسيا وأيضا في أن أسعد قرر عيني والدي ووالدتي و محبوبتي الحبيبة فأنا يا سيدي أستمد سعادتي دائما حينما أنجح في إسعاد أحبابي أما أنا فأكاد أقسم بأن الله سبحانه وتعالى لن يتخلى عنى أبدا لأنه شاهد ومطلع علي وعلى قلبي وبإذنه وحده سأنجح في دراستي وفي ارتباطي بمن أحب، اللهم قدر لنا الخير دائما ثم أرضنا به.
9/10/2003
رد المستشار
الابن العزيز، أهلا وسهلا بك، وشكرًا على روحك الطيبة وأسلوبك المهذب في الرد، وعلى ثقتك بصفحتنا استشارات مجانين.
الحقيقة أن مشاركتك تلك أو ردك على ما قلناه في مشكلة حبيبي، هل يصلح أبا لأبنائي؟، هذا الرد يجعلنا نقف في نفس النقطة التي كنا نقف فيها مع تغيير واحدٍ هو أننا أصبحنا نعرف أن من نتحدث عنه هو شابٌ مهذب ولبق ويحمل عواطف طيبة تجاه أهله، لكننا في نفس هذا الموقف نجد أنفسنا عاجزين عن فهم المشكلة من كافة جوانبها كما سأبين لك:
فأنت تقول: (عقلي متفق معكم تمام الاتفاق بالرغم من أن العقل يقر أيضا بأنني أحاول أن أقاوم بل وأن أتحمل ما لا يطيق نفرٌ من البشر أن يتحمله!)، وإذا ما بحثنا عن ذلك الذي لا يستطيع نفرٌ من البشر تحمله، وما تصفه أنت بالحياة الميتة! نجد أنه كما جاء في كلامك (فأنا مغترب عن عائلتي منذ 7 سنوات. أعيش في مدينة أخرى مع أصدقائي حيث أدرس بأحد الكليات العملية، وأقسم لك بالله أن سبب رسوبي الدائم يرجع أولا وأخيرا إلى رسوبي الدائم أيضا في التأقلم والعيش)، هل نستطيع أن نقول هنا غير أن هذا عذرٌ أقبح من الذنب يا بني!!!
إن لدينا في تصنيفات الطب النفسي ما نسميه باضطراب التأقلم Adjustment Disorder ، وهي حالات من الضيق الشخصاني Subjective Distress، والاضطراب الانفعالي غالبًا ما تسببُ التشويش على النشاط والأداء الاجتماعيين، وتظهر أثناء فترة التأقلم مع تغيرٍ رئيسي في الحياة (مثل انتقالك للعيش في مدينة بعيدة عن مكان إقامة أسرتك)، أو ما غير ذلك من أحداث الحياة المفجعة كموت شخص عزيز على الشخص أو التعرض لحادث ما مسببٍ للكرب.. إلخ..
والاستعداد الشخصي والقابلية للتأثر يلعبان دورًا كبيرًا في احتمال ظهور وتشكيل مظاهر اضطرابات التأقلم، ومع ذلك فإن المفترض لكي يكونَ هذا التشخيص صحيحا هو أن الحالة لم تكن لتحدث لولا حدوث ذلك التغير في الحياة أو الحدث المسبب للكرب، ولكن النقطة المهمة والتي تجعل هذا التشخيص غير منطبق على حالتك أصلا ومن الأساس هي أن الأعراض المميزة لاضطراب التأقلم تبدأ في الظهور خلال شهر من حدوث التغير، ولا تتجاوز مدة الأعراض ستة أشهر، وبعد ستة أشهر ينبغي تغيير التشخيص، وأنت تتكلم عن سبع سنوات!! وليس حتى عن سبع شهور، ثم تصف نفسك بالعبارات التالية:
(فأنا شيطان رأسي أقوى من كل أبالسة الأرض مجتمعين, فأنا دائما في حالة من الضيق, القلق, التوتر وكل ما هو كفيل بأن يعكر صفو حتى الملائكة في السماء. فأنا دائما في حالة من الموت، دائما أنا الحزين وأنا دائما صاحب دور البطولة في كل أدوار البؤس والشقاء والمعاناة الجادة).
ونحن هنا لا نستطيع الكلام إلا عن احتمال وجود أحد اضطرابات الشخصية لديك، فهذا هو السبب الأوجه لعدم قدرتك على التأقلم عندما حرمت من جوار وحضن من كنت تعتمد عليهم، وهذا التشخيص يعني أنك تحتاج إلى مساعدة طويلة من طبيب نفسي متخصص يفضل أن يكونَ قريبا من مكان إقامتك للدراسة.
ونحن رغم الاكتئاب الذي تحويه كلماتك لم نشعر بأن في الأمر ما يسمح بتشخيص اضطراب الاكتئاب الجسيم، أولا لطول المدة، فالاكتئاب غالبا مرض نوبي يظهر ويختفي على مدى السنوات، ولكن ما تعانيه أنت من عجز عن الحياة بعد تغير ظروف المسكن والإعاشة بعيدا عن أهلك الذين يبدو أنهم لم يعدوك لمثل ذلك، لأسباب لا نعرفها، نحن هنا نجد تشخيص أحد اضطرابات الشخصية هو الاحتمال الأقرب في حالتك؛
ولعل هذا هو ما أشرنا إليه في ردنا السابق على حبيبتك والذي لم تفلح إفادتك هذه في تغييره مع الأسف، وذلك رغم قولك: (أحاول وسأحاول دائما في محاولة وإن كانت يائسة في أن أنجح دراسيا وأيضا في أن أسعد قرر عيني والدي ووالدتي ومحبوبتي الحبيبة فأنا يا سيدي أستمد سعادتي دائما حينما أنجح في إسعاد أحبابي).
فأكاد أقول لك ما أعتقد أن غيري من أهلك قالوه، وهو أن المسافة بين أقوالك ونتائج أفعالك شاسعة، وأن المثل المصري: "أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أتعجب" كثيرًا ما ينطبق عليك، لأنك كثيرًا ما تقول كلاما كهذا دون أن يؤثر بأي شكل على نتائج أفعالك. وقد تعرضنا لبعض أشكال اضطرابات الشخصية في عدة استشارات لنا من قبل على صفحتنا استشارات مجانين يمكنك أن تطلع عليها تحت العناوين التالية:
اللامبالاة، هل هيَ اكتئاب؟
أولاً الكذب وثانيا الكذب وليس ثالثًا فقط!
الشخصية المستهينة بالمجتمع "طقوس الإفساد" مشاركة
السيكوباتية المغتربة (الشخصية المستهينة بالمجتمع).
وأما شعورك الدائم بالضيق والقلق والتوتر فهو جزء مما نسميه بسوء المزاج Dysphoria، المصاحب لكثير من اضطرابات الشخصية، وننصحك وأنت في هذه السن التي ربما تسمح بالتغيير أن تلجأ إلى أقرب طبيب نفسي، لكي ينعم الله عليك بالقدرة على التأقلم وتنهي دراستك بنجاح، ونسأل الله أن يجمعك ومن تحب، وأهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.
ويتبع >>>>>>: حبيبي، هل يصلح أبا لأبنائي؟ م