السلام عليكم،
بارك الله فيكم على هذا الموقع المبارك..
أنا متزوج والحمد لله، عندي 3 أبناء والحمد لله، عمري 34 سنة، مستمتع تماما جنسيا مع زوجتي، وإن كانت اللقاءات قد قلت بعد إنجاب الأولاد، وأقوم حاليا بدراسة الدكتوراه.
مشكلتي غريبة جدا لم أسمع بها من قبل وأخجل من التحدث بها أمام أي مخلوق، وهي أنني أثار جنسيا جدا عندما أسمع أو أشاهد امرأة قوية بدنيا، أو تستطيع أن تتغلب على الرجل في أي لعبة بدنية، مثلا بمجرد سماعي بأن أول مباراة ملاكمة مختلطة فازت بها امرأة شعرت بنزول المذي مني، وظلت الفكرة تراودني طوال اليوم!! ويومها بحثت كثيرا في الإنترنت (مع العلم أنني ملتزم إلى حد كبير، ولا أتصفح هذه المواقع إلا في حالات ضعف تعد على أصابع اليد) على المصارعة والملاكمة المختلطة وكمال الأجسام للسيدات... وتكون قمة إثارتي عندما أجد تفوق المرأة بدنيا على الرجل وخاصة في المصارعة.
وقد وجدت في أحد المواقع للمصارعة أنثى تتباهى بأنها تهزم الرجال الأقوى والأكثر حجما منها، بأنها تحدث متصفح الموقع على أنه رجل وعنده فضول لمعرفة الجنس المقابل الأقوى منه، ولا يستطيع أن يبوح بذلك!! وكأنها قرأت أفكاري، فهل هذا الشعور موجود عند الرجال ومعروف لدى النساء؟
هذه المشكلة بدأت معي منذ أيام المراهقة الأولى حيث كنت أتوهم مباراة في كرة المضرب مثلا بيني وأي فتاة، وأحاول أن أنهزم أمامها لتبدأ غريزتي في الإثارة التي كنت أفرغها بالعادة السرية والتي ولله الحمد تخلصت منها قبل الجامعة تقريبا. وكنت أتخيل أنني أجلس في حجر امرأة وتقوم بهدهدتي ورفعي بيديها ومداعبة عضوي الذكري!!
هل أنا مريض نفسيا؟ هل أشعر بذلك لأنني لست قويا جسمانيا بالدرجة الكافية؟
وما الحل للتخلص من هذه الأوهام التي لا تزال تداهمني حتى بعد الزواج؟
20/4/2006
رد المستشار
الأخ الكريم، مشكلتك تقع داخل إطار التخيلات الجنسية، وليست مرضًا نفسيا كما تخاف، كما أن الأمر لا علاقة له في معظم الأحوال بتكوينك الجسدي، بل بمنظومة معرفية خاطئة وقعت فيها وأنت في سنين المراهقة، ولكنها لم تكن قوية التأثير على نموك وتطورك النفسجنسي وسأبدأ أولاً بشرح المقصود بالتخيلات الجنسية Sexual Fantasies، ثم أشير إلى الشذوذات الجنسية Paraphilias التي تخاف أن تكون مريضًا بإحداها:
- التخيلات الجنسية: المفروض في التخيلات عموما بغض النظر عن محتواها أنها خبرة بشرية عامة وطبيعية، وتعتبر جزءًا من عملية التفكير أي أن لها وظيفة معرفية مهمة، والمفروض فيها أيضًا أنها تقوم بوظائف نفسية مهمة؛ فالتخيلات قد تشبع بعض الحاجات النفسية للإنسان، وتقوم بنوع من التعويض لنقص موجود في الواقع، وما دامت هذه التخيلات في حدود تحكم الفرد، وتقوم بوظيفتها فإنها تقع في النطاق الطبيعي للتفكير البشري، إلا أنها إذا زادت عن الحد الذي يسمح للشخص بأداء دوره في الحياة لأنها تشغله مثلاً أو لأنه لا يستطيع أن يفرق بين ما هو من التخيلات وما هو من الواقع فإنها تصبح علامة على وجود اضطراب نفسي يحتاج إلى علاج.
وأما التخيلات الجنسية بالتحديد فلا بدَّ أنها ككل أنواع التخيلات أي أنها ليست استثناء ما دامت في الحدود الطبيعية، بمعنى أن لها وظيفة معرفية، كما أن لها وظيفة نفسية لإشباع الحاجات التي لا يسمح الواقع بإشباعها إلا أنها في مجتمعاتنا العربية لا يمكن أن تؤخذ بهذه البساطة؛ لأن الكثيرين من الناس يعتبرونها حرامًا ويسرفون في محاسبة أنفسهم عليها رغم أنه روى عن النبي عليه الصلاة والسلام –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"عُفي عن أمتي ما حدّثت به نفوسها ما لم تتكلم به أو تعمل به" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول للحفظة إذا همّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها فإن عملها فاكتبوها" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن الكثيرين في مجتمعاتنا أيضًا يرجعون التخيلات الجنسية للشيطان (الوسواس الخناس) أي أنهم يدخلونها من باب الوساوس الشيطانية التي تستلزم الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ونادرًا ما يرجعها أحد إلى وسواس النفس؛ لأنه عيب طبعًا أن يعترف المؤمن التقيُّ أمام نفسه حتى بأن نفسه توسوس له بوساوس جنسية، رغم أنها غالبًا ما تكون من وسوسة النفس ما دامت لا تحمل في محتواها إلا متعلقاتٍ بالرغبة الجنسية الطبيعية التي لا تصطدم برغبات النفس، وإنما بالقيمة الدينية التي تحثُّ المسلم على العفة، ولذلك يمكن في مجتمعاتنا أن يعرض على الطبيب النفسي من يشكو من مثل هذا النوع من التخيلات الجنسية، خاصة من الشباب غير المتزوجين وهم كثرةٌ! لأنه يرى فيها ما لا يتناسب مع إيمانه وتمسكه بدينه، أي أنه لا يريدها بينما يرحب معظم الغربيين بهذه التخيلات بل ويعتبرونها من التخيلات الممتعة والمحفزة للأداء الجنسي.
الشذوذات الجنسية أو الخطل الجنسي Paraphilias:
إلا أن هناك إلى جانب ما نعتبره تخيلاتٍ جنسية سوية تحدث لكل بني آدم توجد أنواع من التخيلات الجنسية غير السوية على الأقل حسب مفاهيم ومعتقدات الشخص نفسه، ونستطيع اعتبار هذه التخيلات غير السوية ذات علاقة إما بالشذوذات الجنسية Paraphilias إلا أنها تكون ضعيفة، وغير مكتملة التكون والثبات في نفسية الشخص بحيث لا تصل إلى الحد الذي يجعل منها اضطرابًا نفسيا كما سأوضح بعد قليل، أو تكون هذه التخيلات متعلقة بالجنسية المثلية التي يرفضها الشخص السوي، لكنها لا تصل إلى مرحلة الوساوس أو الأفكار التسلطية التي تعيق أيضًا عن الأداء.
أما بالنسبة لحالتك أنت فإن التخيل الجنسي الذي يثيرك فيه نوع من أنواع التخيلات المختلفة عن الشكل المعتاد للتخيلات الجنسية الذكرية، ففيها تخيل لامرأة قويةٍ تتغلب على الرجال، ومن الواضح أن هذا التخيل الجنسي قديم معك ويحمل أبعادًا مازوكية Masochism (لأنها تحتوي وتوحي بنوع من أنواع تخيل الضعف أو الذل أمام المرأة كمثير للشهوة الجنسية عند الرجل) فقد قلت في وصف مشكلتك: (وهي أنني أثار جنسيا جدا عندما أسمع أو أشاهد امرأة قوية بدنيا أو تستطيع أن تتغلب على الرجل في أي لعبة بدنية) أو تحمل أبعادًا مما يسمونه حديثًا بالطفالة Infantilism.
فقد قلت أيضا في وصف بدايات مشكلتك أثناء المراهقة (وكنت أتخيل أنني أجلس في حجر امرأة وتقوم بهدهدتي ورفعي بيديها ومداعبة عضوي الذكري!!) وسواءً كانت المازوكية أو الطفالة فكلاهما نوع من أنواع الشذوذات الجنسية Paraphilias، وصحيح أن هذا ما توحي به تخيلاتك أو ما تحتويه في خلفيتها إلا أنك بعيد عن درجة المرض النفسي! فكل ما لديك هو تخيلات جنسية غير سوية تستثار أحيانًا عند سماعك عن امرأة تتفوق على الرجال، ليس أكثر!
وليست المازوكية والطفالة هي كل أنواع الشذوذات الجنسية، فهناك على سبيل المثال لا الحصر -لأنها لا تحصر- الفيتشية Fetishism (وهي الاعتماد على شيء غير حي واعتباره منبها للإثارة الجنسية والإشباع الجنسي وكثير من الأشياء الفيتشية هي من الملابس أو الأحذية بحيث يكون وجود هذا الشيء ضروريا لحدوث الإثارة أو الإرجاز).
وهناك البصبصة Voyeurism وهي أن يستحيل الوصول إلى الإشباع الجنسي إلا من خلال التلصص على شخص أو أشخاص يمارسون الفعل الجنسي أو أي من الأفعال الخصوصية كتغيير الملابس أو الاستحمام.
وهناك أيضًا الاحتكاكية أو التزنيق Frotteurism وهي أن يستحيل الوصول إلى الإشباع الجنسي إلا من خلال الاحتكاك بالضحية في مكان ضيق أو مكان عام كالباص أو المترو (ولا بد من تفريق ذلك أيضًا عما يفعله الشاب الذي يعاني من الحرمان أحيانًا كسلوكٍ طائش أو قليل الحياء حيث يضايق الضحية في مثل هذه الأماكن، لكن هذا لا يعتبر شرطًا بالنسبة له للوصول إلى الإثارة).
وهناك أيضًا الاستعراء Exhibitionism، وهو عرض الأعضاء التناسلية أمام ضحية غير متوقعة لمثل هذا الفعل، وهناك أيضًا ما هو أغرب وأعجب من ذلك مثل استخدام الخنق أو نقص الأوكسجين كمصاحب للإثارة الجنسية، وهناك من لا يستطيع ممارسة الجنس إلا مع الموتى، والكثير مما تقشعر له الأبدان، لكن الذي يجعل الأمر يصل إلى درجة الاضطراب أو المرض هو أن يحل ذلك الفعل المتخيل محل الفعل الطبيعي أو أن يستحيل الفعل الجنسي بدونه.
وأنا أرجو أن تنتبه جيدًا للكلمات لأنني قلت إن حالتك توحي بــ أو تحتوي على نوع من أنواع كذا أو كذا، لكن من المهم أن تدرك أن حالتك لا تصل إلى مستوى الاضطراب النفسي؛ لأن وجود هذا التخيل الجنسي لديك لم يقف عائقًا أبدًا أمام زواجك وعلاقتك الجنسية بزوجتك؛ فقد قلت في رسالتك أنك مستمتع تماما جنسيا مع زوجتك، وشرط اعتبار التخيل الجنسي مرضًا نفسيا واقعًا ضمن الشذوذات النفسية هو أن يستحيل على الشخص الوصول إلى المتعة الجنسية في غياب ذلك التخيل، وهذه ليست حالتك، كما هو واضح من رسالتك، وكما أحاول هنا أن أشرح لك.
ففي حالة الرجل المصاب بالمازوكية مثلا يكون إظهار المرأة لخشونتها وتفوقها الجسدي على الرجل بضربه أو سبه أو إهانته بشكلٍ أو بآخر شرطًا لا غنى عنه لكي يتمكن الرجل من ممارسة الجنس معها والوصول إلى الإرجاز الجنسي، والإرجاز هو الاسم الصحيح لما يسمى بالشبق.
وفي الحالة المسماة بالطفالة عند الرجال يكون من اللازم أن يلبس الرجل حفاضةً مثلاً وأن تقوم المرأة بهدهدته وإطعامه ربما بالبزازة! فإن لم تفعل فهو لن يستطيع أن يمارس الجنس معها ولا أن يصل إلى الإرجاز، ولو كنت أنت كذلك -لا قدر الله- لما استطعت الزواج ولا الإنجاب، وما وصفت علاقتك الجنسية بزوجتك بأنها ممتعة تمامًا، إذن ما هي المشكلة، وما حدود مسئوليتك كمسلم عما يحدث؟ هذا هو السؤال.
وجزء من الإجابة ذكرته أنا بالفعل في مقدمتي عن التخيلات الجنسية عموما، وعن حكمها الشرعي مستندًا إلى أحاديث سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، ولكن ما يترتب على ذلك من أفعال تقوم بها عندما تدخل على الإنترنت وتقوم بتصفح المواقع الخاصة بلاعبات كمال الأجسام والمصارعة النسوية لكي تستكمل إثارتك الجنسية وربما أكملت بالاستمناء، فهنا تبدأ مسئوليتك! لماذا؟ لأن بمقدورك ألا تفعل إذا أردت أن تطيع الله وألا تقع في الحرام، ومن هو في مثل وضعك ومسئوليتك كدارس للدكتوراه، وكزوج مسؤول عن زوجة وعن أولاد لا بد أن في حياته الكثير مما يستطيع شغل نفسه به، لا أن يستسلم لمجرد حدوثِ ما يذكره بمثيرات أيام المراهقة أو ما يستثير فيه الرغبة في تحقيق تخيل غير سوي.
تأكد يا أخي أن التخيلات الجنسية سواءً كانت سويةً أو غير سوية هي أمر منتشر إلى حد كونه قريبًا من الطبيعي؛ ولذلك لا نحاسب عليه، لكن استسلامنا لتلك التخيلات وقيامنا بأفعال تغضب الله بسببها هو ما يحاسبنا الله عليه، والشيء نفسه بالنسبة لجميع أنواع الخيالات الجنسية؛ فالخيال شيء، والاستسلام له شيء آخر.
إذن أنت لست مريضًا نفسيا ولست منحرفًا، وكل ما تحتاج إليه هو أن تقاوم نفسك في ميلها للاستسلام والاستجابة لهذه التخيلات بفعل حرام، أسألك لماذا لا تحاول الاتصال الجنسي بزوجتك في هذه اللحظات؟ جرب هذا الأمر فهذه أوامر الرسول عليه الصلاة والسلام!
وأما سؤالك (فهل هذا الشعور موجود عند الرجال ومعروف لدى النساء؟) فإن الرد عليه هو: لا. ليس هذا موجودًا إلا عند البعض القليل من الرجال وبدرجات مختلفة كما يمكن أن تستنتج من كلامي السابق، وليس معروفًا لدى النساء، باستثناء بعض الغربيات الموجودات على الإنترنت؛ لأن هناك كما قلت لك رجالا مرضى بالمازوكية ونساء مريضات بالسادية (وهي نوع من الشذوذات الجنسية نستطيع فهمه سطحيا بأنه عكس المازوكية).
ومن المتوقع والعادي في المجتمعات الغربية أن يعبر الرجل المازوكي عن رغبته في ممارسة الجنس مع امرأة من لاعبات المصارعة فهي بالتالي تعرف أن بعض من يتصفحون موقعها على الإنترنت إنما يبحثون عن ذلك، إذن فهي لم تقرأ أفكارك كما توقعت، ولكنها تخاطب المرضى الذين يرغبون في ممارسة هذا النوع من الشذوذ، وإياك والرضوخ لنفسك حتى لو تعرضت لمثل هذه المثيرات مرة أخرى. وتابعنا بأخبارك.