الدكتورة الغالية سحر طلعت السلام عليك ورحمة الله وبركاته.....
أنا صاحبة استشارة السعادة الزوجية والأفكار الخنفشارية, وأحب يا أمي الغالية أن أشكرك كثيرا على نصائحك الغالية, وكلماتك الذهبية, فحقا ما قلته هو ما تحتاجه أي فتاة لتحيا بسعادة مع زوجها وهو حقا ما بحثت عنه, والآن يا أمي أتطرق لنقطة أخرى مهمة, وأحب أن تساعديني بأفكارك فيها وهي ملخصة بسؤال؟
كيف أجعل علاقتي لبقة مع خطيبي وفيما بعد زوجي إن شاء الله؟ بمعنى أنني لا أحب أن أفرض نفسي عليه ولكنني أشتاق له جدا ولا أراه أكثر من مرتين في الأسبوع وهو يحبني جدا جدا كما أخبرتك والبارحة كان عندنا وعندما حان وقت ذهابه لم أشعر بنفسي إلا وأنا أبكي بشدة لأنني لم أشعر أنني أخذت كفايتي من رؤيته والحديث معه, فحزن جدا وقال لي أنا أمام احتمالين إما أنك لازلت تشكين بحبي لك أو أنك لا تقدرين ظروفي وأنني لا امتلك الآن الوقت الكافي, وقال لي: لا أريد أن أرى دموعك مرة أخرى لأنني أحزن جدا, كم مرة يجب أن أخبرك أنني أحبك..... وقلت له إنني أقدر ظروفك ولكن لا أملك نفسي أنا أحبك جدا وأشتاق لك جدا, فقال لي لا أريدك ضعيفة.....
ماما, أعرف أنه يحبني ولكن لم أعد أشعر باندفاعه السابق مثل أول فترة, إن عمله طويل بالإضافة إلى أنه يجب أن ينتهي من الماجستير في أسرع وقت, إنه يتوقع مني أن أكون العنصر الداعم له، لكنه يفاجأ بي أنني أحمله أكثر مما يطيق, من حيث شوقي له ومحبتي له فقد جعلته يشعر بالذنب....
حتى الاتصالات الهاتفية فغالبا أنا التي تبادر بالاتصال, طبعا هذا في الفترة الأخيرة ولكن عندما يكون مشغولا لا أعاود الاتصال حتى لا أشعر أنني ثقيلة الظل.......
ماما, إن خطيبي يحب المرأة أن تكون قوية وحكيمة وعاقلة وعاطفية, وأنا هكذا لكن ليس دائما فغالبا ما تسيطر علي عواطفي واستسلم لها, هل هذه طبيعة المرأة أم طبيعتي أنا, لا أريد أن أفقد احترامه لي......
ثم أنني مع أي برود في إظهار عواطفه لي, يبدأ شعور قوي يجتاحني بأنه نسيني أو ندم على خطبته لي أو أنه سيتركني, وعندما يسألني أحيانا هل تشكين بحبي لك فأقول له: أحيانا, يحزن جدا ويقول لي انك لا تعرفين كم احبك, ويؤكد عكس ذلك وأنا واثقة به لكن لست أدري لماذا الشك له دور قوي في حياتي..... طبعا لا أشك به من حيث استقامته أبدا فهو إنسان ملتزم ويخاف الله..... لكن أشعر أن متطلباتي العاطفية ضخمة جدا.....
كيف أستطيع أن أملك عليه عقله وليس قلبه فقط........ كيف أكسب احترامه, وأجعله يشعر أنني امرأة قوية خاصة أن هذه الصفة هي التي شدته لي في البداية...
وفي استشارة أرسلتها أختي للدكتور أحمد عبد الله بعنوان حبٌّ أم تعلق : سؤال الماضي والحاضر, تكلم عن التعلق بجملة فقال: والانطلاق مع الحب حتى التعلق يحدث، ولكنه ضار بصاحبه، وضار بالمحبوب وأنا يا أمي أعترف أنني وصلت لهذه الدرجة وإنني أعاني, حيث أن بعده بدأ يشغلني عن دراستي و لا اجد طعما لاي شيئ بعيدا عنه, ربما لانني لم أشعر بحب أحد لي قبله, ولست أعني الرجال بل حتى اهلي, فليس لنا لكما قلت سابقا ام تحب او اب يعطف ولن أتطرق الى هذا الموضوع فقد نوقش بشكل كبير على صفحتكم وأختي هي صاحبة الاستراتيجية يا سيدتي..
المهم, أنا أريد راحة من هذا الاحتدام وهذا التعلق وهذه المخاوف والشكوك, أريد أن أكون زوجة واعية حكيمة, محترمة, لست أريد أن ينظر لي على انني ضعيفة أو أن عقلي صغير أو شيئ من هذا, وأنا عديمة الخبرة بالحياة, والناس والرجال، ساعديني يا أمي ولك جزيل الشكر.
16/01/2004
رد المستشار
بنيتي الكريمة: الله سبحانه وتعالى ميز الإنسان وأكرمه بالعقل، وجعل العاطفة من أرقى وظائف العقل، وميز المرأة فجعل لها هذه العواطف الجياشة فهل العاطفة في حد ذاتها هي سبب ضعف المرأة؟ وهل العاطفة تعني الضعف في كل الأحوال؟ وهل يمكننا أن نعتبر المرأة الواعية التي تنجح بعاطفتها في أن تكسب زوجها ضعيفة؟!!! وهل يمكننا أن نعتبر الأم التي تسوس قياد أولادها بالحب ضعيفة؟
بنيتي إن العاطفة لازمة وضرورة من ضروريات الحياة وبدون العواطف تصبح الحياة قاحلة وباردة برودة الصحراء، فعاطفة المرأة هي سر جمالها وعنوان كمالها، والمشكلة لا تكمن في عاطفة المرأة، ولكن المشاكل تنبع عادة من غياب فهمنا –رجالا ونساءً – لطبيعة المرأة شديدة الخصوصية، وخصوصا لو نشأت في ظروف أسرية خاصة تجعلها تحتاج لعناية وحب أكثر، والمهم أن المرأة في عموم أحوالها تحتاج أن تشعر دوما أنها الأثيرة عند زوجها، ولابد أن يبذل الرجل بعض الجهد لإشعار زوجته بهذا، فهل يفهم الأزواج؟ وهل يعملون بمقتضى هذا الفهم؟.
ولكن من المفيد أن تدركي أنت وكل زوجة أيضا طبيعة الرجل، الرجل لا يحب القيود ويحب حياة الحرية والانطلاق، وذكاء المرأة يكمن في توازن بين أن تحيط زوجها بحبها وحنانها بدون أن تشعره بأن هذه المشاعر هي قيود ضاغطة عليه تحرمه مما يحب، وأفضل ما يعينك على فعل هذا هو أن تتعرفي على اهتماماته وتشاركيه فيها، لأن التشارك في الاهتمام أو خلق اهتمام مشترك يقيم بينكما نوعا من الألفة الدائمة والمستمرة ونوعا من الصداقة اللطيفة بين الزوجين لتصبح بديلا أو مكملا للتعبيرات الرومانسية التقليدية التي يمكن – على جمالها - أن تفقد روعتها بعد فترة لأنها تصبح أشبه بمن يتناول الحلوى اللذيذة في كل الأوقات حيث سيصيبه الزهد فيها.
الأمر الثاني الذي يجب أن تحرصي عليه هو ألا تتركي نفسك نهبا للفراغ وألا تسمحي لنفسك أن تعيشي حياتك كلها في انتظار قدوم زوجك، ولقد فصلت في هذه الجزئية في ردي السابق بعنوان: حواء العربية.... عندما تكون بركة ماء مما شجع إحدى الصديقات أن ترسل لنا تجربتها الشخصية والتي ظهرت بعنوان حواء العربية.. الطاقات المهدرة ونقصان العقل.
بنيتي الحبيبة: قد يكون في الزفاف حلا لمشكلتكما على عكس ما يتصور البعض، وفي هذا الإطار أذكر أن إحدى صديقاتي عقد قرانها في أيام الدراسة، وبعدها بحوالي العام تم زفافها، وعندما سألتها عن أي الأوضاع أفضل بالنسبة للاستذكار – ودراستنا كما تعلمين عملية وتحتاج لبذل الكثير من الجهد – أجابت أن حالها بعد الزواج أفضل لأنها أصبحت أكثر استقرارا، فادرسي هذا الاقتراح من كل جوانبه، فقد يقدم الزواج مع تأجيل الإنجاب حلا لمشكلتك، وعموما دعواتي أن يبارك الله لكما، وأن يبارك عليكما، وأن يجمع بينكما في الخير.