مين صح ومين غلط
الاستشارة حكايتي تبدأ منذ يوم وفاة والدي وتولي أخي الأكبر زمام الأسرة.
نحن أسرة مكونة من ثلاث صبيان وبنت. لي أخ يكبرني بخمس سنوات لكن للأسف منذ أن كان عمري 4 أو 5 سنوات أححست أنه يمارس معي الجنس السطحي! ومن يومها وأنا أحس أن بداخلي شخصيتين، شخصية أحس بها بالتوازن النفسي، وشخصية أخرى أحس فيها بالنشوة الجنسية بدرجة كبيرة!
حتى كبرت في العيلة. وعندما أصبحت بسن الصف الثالث الإعدادي، وعودني أخي أن الجنس شيء جميل وحلو وممتع، وحاول معي أكثر من مرة حتى حدث ما حدث! وعندما علمت أمي بهذا كانت توبخني أنا، وتقول لي: أنتي السبب، وأنتي التي دفعتيه لهذا..!! حتى كرهت أخي.
علاقتي بأمي ضعيفة لا يوجد بها احتواء أو حب أو عاطفة أمومة!
ولن أنكر أن يوما سمعت لها حديثا مع أبي - وأبي كان يلومها- على حبها لأخينا الأكبر الذي يحمل مسؤوليتنا حاليا. وهو أكبر مني بـ 10 سنوات لكنه يختلف اختلافا كبيرا عن أخي الذي يكبرني بخمس سنوات. قمة العقل والرزانة والحب والعاطفة، يحمل مسؤوليتنا جميعا حتى الآن.
ذات يوم بعد وفاة أبي نهرني أخي الكبير الذي يكبرني بـ 10 سنوات، نهرني على شيء فعلته، لا أعرف ماذا أصابني بعدها بيوم وتركت المنزل؟!
تركت المنزل وعدت مرة أخرى لكن فقدت عذريتي، وكأنني أنتقم من أهلي! كان هذا شعور داخلي... لكن لا أعرف لماذا أريد أن أنتقم؟
حاليا مقيمة مع أهلي بعد أن عدت للمنزل. أمارس حياتي على النت. أعمل بمجال الدعم الفني للمواقع والمنتديات، إلى جانب إذاعة أنشأتها على النت، وأبث منها برامج إذاعة. واستضافتني مرة قناة النيل لنجاحي بمشروع الإذاعة وشهرتها.
أحسست أن لي كيان مالي من عملي بمجال الدعم الفني إلى جانب كيان آخر جميل أحسه من خلال بث برامجي الإذاعية، استرديت ثقتي بنفسي وأحسست بجمال شخصيتي من خلال ذلك.
ذهبت مع أمي لعمرة رمضان آملة من الله أن يغفر لي. وأعيش حاليا حياة هادئة مع أهلي، ولكن ما يضايقني هو أنني أشعر دوما أنه يتم معاملتي كأي شيء آخر غير كلمة (بني آدمة) أو إنسانة فقط آكل أشرب وأنام وأشتغل على جهازي. لكن لا أملك أن أذهب إلى أي مكان وحدي أشتري أي شيء، وعلى هذا النمط لفترة 4 سنوات كاملة!
أنا أحسست أني قد تغيرت تماما من داخلي للأحسن، لكن سرعان ما يزول أي نجاح حققته أو أي شيء جميل بنيته بداخلي عندنا أحس بنظرات ترقب من حولي عندما أطلب أن أخرج لأشتري شيء ويرفضون، ويقولون لي: (خدي ماما معاكي أو أخوكي غير كده لأ)!!!
أحسست أني محبوسة... لكن إلى متى؟ أنا الآن في سن 31 سنة إلى متى سأظل محبوسة؟؟
وكيف هم يقنعوني أنهم يبحثون لي عن عريس، وفي نفس الوقت لا يوافقون لي أن أخرج لأشتري شيء، كيف؟؟؟؟
أريد أن أعيش حياة طبيعية، حياة إنسانية، لأن حياة الأكل والشرب والنوم هذه تطلق فقط على حياة الحيوانات.
أريد أن أرتاح لكن لا أجد حل لمشكلتي.
أريد أقنعهم أني تغيرت (ومش عارفة) تعبت بجد من حياتي.
17/02/2011
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
ما حكاية تعبت من الحياة؟ ما زال الوقت مبكرا على هكذا قول!.
بعض من الشرح قد يهدئ نفسك، ويزيد قدرتك على التعامل مع مجريات الحياة.
يميل المجتمع للوم الأنثى على أي انحراف أخلاقي، وكأنها ترتكبه وحدها، بينما عدالة الشرع جعلت العقوبة لهما واحدة سواء كانا من المحصنين أو غير المحصنين.
ولكن الشرع أيضا قدم في خطابه لموضوع الزنا المرأة على الرجل، وهذا هو الباب الذي يجعل الناس يعلقون العفة في عنق المرأة أكثر من الرجل، ولكن هذا الرأي لا ينطبق تماما على حالتك، فحتى وإن استفز سلوكك أو لباسك أخيك فهو مسؤول أكثر منك، فقد كنت أقرب للطفولة منك للرشد، بينما كان هو راشدا بالفعل.
ولكن ما حدث قد مضى، تجاوزيه من ضمن الكثير من تناقضات الحياة، والناس من حولنا، فالدولة حاملة لواء الحرية والديمقراطية أكبر منتج ومصدر للسلاح كوسيلة القمع الأسهل.
لم يكن سلوكك وفقدانك لعذريتك انتقاما من أهلك، ولكن نتيجة طبيعة لارتفاع سقف المطالب الجسدية مع تراكم التحرشات بك من جهة، ومن جهة أخرى دليل على شخصيتك الاندفاعية التي تتصرف دون حساب لنتائج السلوك عليها وعلى غيرها، تماما كقرار خروجك من المنزل.
يدرك أهلك اندفاعك هذا، وقد يكونوا عانوا منه كثيرا قبل اتخاذ قرار الحجر عليك، واتخاذ موقف العقل عنك. ولذا يجب أن يكون هدفك ليس الحرية كما تظنين بل تجاوز أزمة الثقة بينك وبينهم. فرغم تقييد حريتك أنت -ما شاء الله- منجزة، وحياتك مثمرة، ولكن ثقتهم بك ضرورية لتشبعي حاجتك للتقدير والاحترام.
يمكنك البدء بمحادثة صريحة مع صاحب الأمر الذي وصفته بالطيبة والاهتمام والعقل بأنك قد تعلمتي درسك من الحياة جيدا، ونضجت، وأصبحت قادرة على التفكير في نتائج السلوك قبل الاندفاع دون حساب، وكيف أنك مع النضج تخلصتي من أنانيتك، وستضعين أثر سلوكك عليهم دائما من أولوياتك.
اشرحي لأخيك أن كبت الحريات يولد الانفجار، ولا يقدم سوى ضبطا خارجيا يسهل التمرد عليه، فالقيمة الحقيقة هي في الضبط الداخلي من الإنسان لنفسه في ضوء ضميره، وخشية الله، وحب الذات، والحرص عليها من المهانة والاستغلال.
اسأليه ما السبيل، والمطالب التي تجعله يطمئن بأنك لن تعرضيهم مرة أخرى للهوان الاجتماعي قبل أن تؤذي نفسك أيضا في الدنيا والآخرة ونفذيها، ولا تتوقعي منه أن يستجيب بسهولة، ولكن تأكدي أن طريقتك في النقاش ستظهر لهم حقا مدى تغيرك، ونضجك أكثر من مجرد إعلانك بأنك نضجت وتغيرت.
اعلمي أن مراقبتهم لك تكلفهم، وتسبب لهم المعاناة، وهم مثلك يتمنون لو يستطيعون استعادة ثقتهم بك. اجعلي اكتساب ثقتهم واسترجاع كرامتك وحريتك قضية حياتك التي تدافعين عنها بالعقل والتروي.