في ظلمة أفكار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
في البداية نشكركم على هذا الموقع المتميز وجعله الله في ميزان حسناتكم.
أنا مهندسة سورية أبلغ من العمر 33 عامًا، تزوجت من دون دخول منذ شهرين من شاب تركي على خلق ودين –ولا نزكي على الله أحدًا- طبعًا بعد علاقة كانت على الماسنجر من خلال أحد مواقع الزواج الإسلامية ذات المصداقية تقريبًا علاقة شرعية غلب عليها طابع التعارف الإسلامي بمعرفة الأهل من بداية العلاقة.
وكانت تتم المحادثات بعضها أمام العائلة، وأنا بكامل الحجاب الإسلامي الشرعي، والآخر في مقهى الإنترنت، حيث كان لنا لقاء أسبوعي، وطبعًا بمعرفة الأهل وبكامل الحجاب الشرعي لعدم وجود كاميرا في البيت.
تعرف الخاطب على أبي وإخوتي من خلال الماسنجر، وبالنسبة لي وضعته في كثير من الامتحانات لاكتشاف معدنه، واستخرت وحمدت الله، وألبسني اللباس الشرعي -وهو الخمار- ولم أعارض ولربما تقولون وأين المشكلة؟
المشكلة أنه متزوج وله ولدان طبعًا كان صريحًا معي منذ البداية وأنا بينت ذلك لعائلتي ورفضوا في البداية، ولكن استعنت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه)) اقتنعوا بعد جهد جهيد.
طبعًا زوجته لم تكن موافقة في البداية ولكنها مقصرة من ناحيتين: ناحية أداء حقه الشرعي في العلاقة الخاصة، والاحترام. وهو متزوج من 5 سنوات منها لكنه -والله شاهد- لم يسئ لها بكلمة طوال معرفتي به، وكان دائمًا يتحدث عنها بخير.
طبعًا في البداية لم يصرح بشكل واضح عن أسباب إقدامه على الزواج الثاني لحيائه الشديد، ولكن بإصرار مني صارحني في الشهر الأخير أنه كلما أراد حضن زوجته نفرت منه، حتى وصل الأمر إلى ركله بقدمها. وقال لها: وهو يبكي دائمًا كان يقول أنتم أمانات الله وإن شاء الله سأعدل بينكم، إنه امتحان كبير أعانني الله عليه، أريد أن أقابل الله عفيفًا كان يخاف أن يقع في الزنى.
أحببته وأحبني وهو يصغرني ب 3 أعوام جاء كما وعد في اليوم الموعود، استقبلناه وكتبنا الكتاب عن طريق إمام الجامع وبحضور أبي وشاهدي عدل، بعد ذلك أصبحت زوجته شرعًا، قبلني من يدي وحصلت بعض المداعبات من طرفه، إلا أنه لم يحصل دخول.
زوجته اتصلت به من تركيا وهي تعلم بمجيئه وتعلم بكل شيء وقالت: إنها تريد الطلاق. وكأنه اهتز. بعد يومين عاد إلى تركيا ووضح لي الأمر قبل العودة. وأنا كأنني زلزلت، لست أدري، هي كانت موافقة في البداية، لماذا بعد أن كتبنا الكتاب انتفضت؟ وقلت لنفسي: مادامت الأمور وصلت إلى هذا الحد لم أعد أأمن جانبها، والظروف التي ستحيط بي، طلبت الطلاق ولكنه يحبني كثيرًا. وقال لي: انتظري لكي أهيئ الظروف من جديد هنا في تركيا. أنا لا أستطيع أن أطلق أي منكما، أحبكما. ولكني أصررت. بدأ يبكي ويبكي وأنا أصر.
بعد ذلك رضخ لي وبعد أسبوع طلقني، وأنا سامحته بالمهر والمؤخر وبكل شيء. ومن يومها يتصل بي على الهاتف ويبكي، يريد أن يرجعني أنا محتارة، ما العمل حيث إن قلبي وروحي معه، وأتاني خطاب بعده ولكنني أرفضهم، هو أول رجل في حياتي وأريد أن يكون الأخير، لأنه والله يشهد أنه على خلق ودين، وزماننا هذا صعب، بل من الصعب أن تجد شاب على خلق ودين. وهو خريج كلية الشريعة الإسلامية، وأنا أتحدث التركية، حيث إنني من أصول تركية. وكانت لنا أهداف دعوية لمشروع زواجنا أفتوني -جزاكم الله خيرًا- هل أعود له أم ماذا؟ أنا لا أريد أن يطلق زوجته -معاذ الله- ولكن هي أجبرته على طلاقي، وأنا أصررت على الطلاق لا لأنني أريد الطلاق، بل لأنه في وضع لا يحسد عليه. فتظاهرت أنني مصرة على الطلاق أرشدوني فإني تائهة.
3/3/2011
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أختي سارة، ذكرتني عبارتك الأخيرة بالقصة العالمية التي تحكي عن حورية البحر التي أحبت أميرًا أنقذته من الغرق، وطلبت من الساحرة أن تحول زعنفتها إلى رجلين لتتزوجه، فوافقت الساحرة وأخبرت الحورية أنها ستفقد صوتها بعد أن تتحول زعنفتها، ووافقت المسكينة...، وبعد كل هذا العذاب، أحب الأمير فتاة أخرى ظنها هي المنقذة وتزوجها، ولم تكشف له الحورية الحقيقة، وضحت بنفسها لأجل سعادته فتحولت إلى زبد البحر وتركته يعيش بسعادة مع من أحبها!!!!!!!!!
قصة سخيفة كانت تشعرني بالاكتئاب والغيظ بعد أن أقرأها أو أشاهدها...، مثل قصة السنونو الذي مات على أقدام تمثال الأمير المغطى بالذهب، ليأخذ قطع الذهب ويعطيها للفقراء، فهاجرت الطيور وبقي في الشتاء يساعد الناس إلى أن مات متجمدًا عند قدمي الأمير!!!!!!!!!
ألا يكفينا مآسٍ يا هذه!!
اسمعي يا سارة، كلٍ زيجة فيها الحلو والمرّ، فإذا كانت إيجابيات هذا الزواج بتقديرك أكثر من سلبياته، فلا تجعلي من نفسك حورية بحر أخرى...، هذا الرجل عاطفي بشكل ظاهر، وزوجته قاسية ومتكبرة، وسواء عليك أتزوجته أم لا فإنه سيبقى معذبًا معها، أعني طلاقك لن ينقذه من وضعه المأساوي، وأظن أنه سيكون أكثر راحة معك، وسيخفت حبها في قلبه بعد أن يحس الفرق...
لن يخلو الأمر من المنغصات، لأن لديه أولادًا منها، ولن يستطيع الانفصال عنها نهائيًا حتى لو طلقها برغبته، ثم إن إنسانة لا يهمها راحة زوجها فلن يهمها راحتك، وعليك أن تحسبي حسابًا لهذا كله، فاسألي نفسك: إن كنت تستطيعين الصبر على القيل والقال، وأمثال هذه المنغصات، فلا تتركي الرجل، أما إن كنت لا صبر لك، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وكوني صريحة معه قبل أن ترجعي بأن عليه وضع الضمانات اللازمة لاستمرار حياتكما في ظل هذه الظروف، فالزواج الثاني ليس بالأمر السهل لا على الرجل ولا على زوجتيه...
وفقك الله لما فيه الخير...